سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعا 47 نقطة بسيولة تجاوزت 4 مليارات ريال    مجلس الوزراء: زيارة ولي العهد لأمريكا تأتي لتعزيز العلاقات والشراكة الاستراتيجية    نائب أمير القصيم يطّلع على أبرز الجهود الميدانية والتوعوية لهيئة الأمر بالمعروف في موسم الحج العام الماضي    استخراج حصوة بحجم كرة التنس من مقيم يمني بمستشفى جازان العام    جمعية روماتيزم تحصل على الموافقة الأولية للعمل خارج المملكة من مركز الملك سلمان للإغاثة    أمير تبوك يستقبل سفير جمهورية بولندا لدى المملكة    بديل بونو يًسعد إنزاغي    صندوق الاستثمارات يعلن ضخ 200 ألف وحدة سكنية و90 ألف غرفة فندقية    حسن الظن بالله أساس الطمأنينة    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة عسير تقبض على شخصين لترويجهما (7) كيلو جرامات من نبات القات المخدر    مجلس الأعمال السعودي الأمريكي: زيارة ولي العهد إلى واشنطن تعزز الشراكة الاقتصادية بين السعودية وأمريكا    برعاية وزير البلديات والإسكان.. الصحة العامة "وقاية" تسلّم شهادة اعتماد وجهة خزام كوجهة معززة للصحة    "ولي العهد" العنوان الأبرز في الإعلام الأميركي    بنك الخليج الدولي السعودية شريك استراتيجي للبطولة السعودية الدولية للجولف 2025م    القيادة تهنئ رئيس جمهورية لاتفيا بذكرى استقلال بلاده    مفردات من قلب الجنوب    جامعة الملك سعود تنظم فعالية اليوم العالمي للطلبة الدوليين    اقتصاد المعرفة.. نفط القرن الحادي والعشرين    مقتل فتاة بهجوم روسي في شرق أوكرانيا    استمرار برنامج "سُمو" الموجَّه لنزلاء دار الملاحظة    دولة فلسطين ترحب بالقرار الأممي بشأن غزة    في ثاني ودياته استعداداً لكأس العرب.. الأخضر يواجه نظيره الجزائري على استاد الفيصل    بعد خروجه من حسابات كونسيساو.. الاتحاد ينوي إعارة «سيميتش» في الشتوية    مباريات حاسمة في تصفيات كأس آسيا 2027    استشراف آفاق مستقبل العالم في أهم القطاعات.. السعودية رائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي    العقل والآلة    وصول الطائرة السعودية ال73 لإغاثة الشعب الفلسطيني    طالب بدعم الأبحاث العلمية.. الشورى يوافق على نظام براءات الاختراع    «الزائر الغامض» يقترب من الأرض    مدينة أمريكية تتيح سداد المخالفات بمواد غذائية    «التحالف الإسلامي» يطلق برنامجاً لمحاربة تمويل الإرهاب بالنيجر    تعاون سعودي- أوزبكي لتطوير العمل النيابي    شيرين رضا تنضم إلى فريق «وننسى اللي كان»    إثراء يعيد رسم المشهد الإبداعي بالسعودية    انتشار ظاهرة الاحتيال المالي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. هيئة التخصصات الصحية تحتفي بتخريج (12.591) خريجًا وخريجة في ديسمبر المقبل    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم سحر    الزهري الخلقي في أمريكا    الجوال يتصدر مسببات حوادث المرور في الباحة    التجار النجديون في البحرين    العيش بدهشة مرتين    بحيرة طمية    «التخصصي» يعيد بناء شريان أورطي بطُعم من «قلب البقر»    الضمير الأخلاقي أهم مهارات المعالج النفسي    السعودية تعيد كتابة فصول مواجهة السكري    المرأة روح المجتمع ونبضه    أمير القصيم: محافظة عيون الجواء تشهد نموًا متسارعًا في كافة القطاعات    ورحل صاحب صنائع المعروف    المفتي يستقبل وزير الحج والعمرة    ماسك يتحدى أفضل الجراحين البشر    بنزيما: سعيد مع الاتحاد.. والدوري السعودي ينمو بسرعة لا تُصدّق    «الإعلام» تودع «أيام الثقافة المصرية» بحضور كبير..    حياتنا صنيعة أفكارنا    القادسية يتوّج بطلاً للشرقية في الجودو لفئة الكبار ب 18 ميدالية    فيصل بن بندر يطَّلع على تقرير «غرفة الرياض».. ويعزي الشثري    برعاية سمو محافظ الطائف افتتاح متنزه الطائف الوطني وإطلاق 12 كائنًا فطريًّا    عدد من القيادات الحكومية يقدمون التعازي باستشهاد العمور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسماعيل كاداريه بلا نوبل ... «نظرية المؤامرة» الألبانية
نشر في الحياة يوم 24 - 12 - 2013

مع الإعلان عن فوز الكاتبة الكندية أليس مونرو (82 عاماً) بجائزة نوبل للآداب، علّق بعض وسائل الإعلام الألبانية على ذلك سلباً. مع أن هناك أيضاً من رحّب باختيارها باعتبارها اهتمت بالألبان واختارت موضوعاً ألبانياً لإحدى أشهر قصصها الطويلة «العذراء الألبانية» التي نشرتها عام 1994 وصدرت بالألبانية في تيرانا عام 2005. ولكن، كان هناك من تعب من انتظار فوز إسماعيل كاداريه بهذه الجائزة وأعلن بهذه المناسبة عن اكتشاف «نظرية المؤامرة» التي حرمت كاداريه من فوزه بهذه الجائزة!
ولعل كاداريه بات مرشحاً للجائزة منذ 1978، بعد أن غدا اسماً معروفاً في العالم بعد ترجمة روايته «جنرال الجيش الميت» إلى الفرنسية ثم إلى لغات كثيرة في العالم. في ذلك الحين كان كاداريه عضواً في «مجلس الشعب» ومقرباً من أنور خوجا، ولذلك أنفق النظام الشيوعي الكثير من دولارته القليلة على تمويل ترجمة ونشر ترجمات مؤلفات كاداريه إلى لغات العالم. وقد أخبرني الزميل العزيز إبراهيم العريس أمراً لم أكن أعرفه في ما يتعلق بالمنطقة العربية، ألا وهو أنه في ثمانينات القرن الماضي اتصل به شخص من السفارة الألبانية في القاهرة (التي تغطي لبنان) وطلب منه المساعدة على ترجمة عشرة أعمال لكاداريه ونشرها على أن تكون الترجمة من الألبانية، وهو ما لم يتحقق بسبب عدم وجود مترجمين أكفاء من الألبانية إلى العربية.
وجاء الإعلان عن فوز الأم تيريزا بجائزة نوبل للسلام عام 1979 ليشكّل الأساس ل «نظرية المؤامرة» عند بعض الألبان. فقد اعتبر هؤلاء أن الإعلان عن فوز الألبانية الأم تيريزا بالجائزة في الوقت الذي كانوا يتوقعون فوز كاداريه، إنما كان يحقق هدفين معاً: قطع الطريق على كاداريه وإحراج النظام الألباني الشمولي الذي كان أعلن ألبانيا عام 1967 «أول دولة إلحادية في التاريخ». فمع الإعلان عن فوز الأم تيريزا أُحرج النظام الألباني واضطر لاحقاً لمنحها تأشيرة دخول إلى ألبانيا لرؤية أختها وزيارة قبر والدتها هناك!
لكن «نظرية المؤامرة» في نسختها الألبانية أخذت بعداً جديداً مع الإعلان عن فوز الكاتبة الكندية أليس مونرو. ففي النسخة العربية ل «نظرية المؤامرة» غالباً ما يتم التركيز على الأصل اليهودي والتواصل مع إسرائيل والتحامل على الإسلام. وفي هذا السياق لم يقصّر كاداريه، إذ إنه زار إسرائيل مرتين ورفض دعوة لزيارة لبنان الذي نشر له أهم الترجمات العربية لأعماله (من أعاد دورنتين، مدينة الحجر، طبول المطر، الوحش، قصر الأحلام، الجسر)، وبذلك يبقى سجله نظيفاً من زيارة أي دولة عربية، كما أنه «يعادي» انتشار الاسلام بين الألبان وتحول ألبانيا إلى دولة بغالبية مسلمة إذ صرح عشية انتظار الإعلان عن اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب، أن «الإسلام انتشر بالعنف في صفوف الألبان». وبعد الإعلان عن فوز الكاتبة الكندية أليس مونرو بالجائزة برزت عناصر جديدة في النسخة الألبانية ل «نظرية المؤامرة» في مقالة للكاتب الألباني ندريتشيم كولا في الملحق الأدبي للصحيفة الألبانية المعروفة «شكولي» (عدد 17/ 11/ 2013).
وقبل الخوض في تفاصيل «نظرية المؤامرة» هذه لا بد من القول إن صورة كاداريه في العالم الألباني ليست واحدة، حيث إن المعجبين به في كوسوفو ومكدونيا وجنوب صربيا والجبل الأسود أكثر من المعجبين به في ألبانيا حيث لا يزال البعض يأخذ عليه موقعه في النظام الشمولي السابق وتمتعه بامتيازات لم يكن أحد يتمتع بها وسكوته عما لحق بزملائه الكتاب من تعسّف وسجن ونفي ومنع من الكتابة.
استهجن ندريتشيم كولا أن يقوم ناقد كوسوفي بتوجيه نقد إلى أحد أعمال كاداريه، مع أن هذا من أشهر الكتاب والنقاد في كوسوفو (صبري حميدي) وهو عضو أكاديمية العلوم والفنون كما أنه نائب رئيس البرلمان الكوسوفي. وكان حميدي نشر في 2010 في تيرانا كتابه «البويطيقا الألبانية» (الذي فاز بجائزة وزارة الثقافة الألبانية لعام 2010) ونقد قصيدة معروفة لكاداريه في عنوان «الباشوات الحمر» وقال: «في قصيدة كاداريه تتحول المصطلحات السياسية إلى مفاهيم أيديولوجية وعناصر أساسية للنظام الثوري الذي يعيش في صدامات وانهيارات متواصلة».
فمع استهجانه لأن يقوم كاتب كوسوفي بنقد كاداريه يكشف ندريتشيم كولا عن عناصر «نظرية المؤامرة» التي حرّمت كاداريه من جائزة كاداريه حتى الآن: قضية كوسوفو وانشغال كاداريه بها خلال الثلاثين سنة الأخيرة، أي منذ 1981 وحتى الآن. فمع التظاهرات التي انطلقت في ربيع 1981 للمطالبة بالمساواة بين كوسوفو والجمهوريات الأخرى في يوغوسلافيا وما لحق بذلك من تعسف ضد الألبان مع صعود سلوبودان ميلوشيفيتش وإلغائه الحكم الذاتي الواسع الذي كانت تتمتع به كوسوفو في حياة تيتو، تعاطف كاداريه كغيره من المثقفين الألبانيين مع قضية كوسوفو وأيد في 1999 تدخل الناتو لإنقاذ ما تبقى بعد تهجير نصف سكانها، ولذلك استقبل بحرارة عندما زار كوسوفو بعد إخراج القوات الصربية منها، خصوصاً بعد أن تولى صديقه الكاتب إبراهيم روغوفا منصب الرئيس فيها. وبحكم هذه العلاقة كتب كاداريه آنذاك مقدمة لأحد كتب إبراهيم روغوفا التي اعتبرت طبيعية في إطار العلاقة الخاصة التي تربط بينهما.
ومع كل التكريم الذي حظي به كاداريه في زياراته كوسوفو، يكشف الآن ندريتشيم كولا في توضيحه ل «نظرية المؤامرة» أن كاداريه حرم باستمرار من جائزة نوبل بسبب انشغاله بقضية كوسوفو! وهكذا ينطلق كولا من أن كاداريه عندما كتب تلك المقدمة لكتاب روغوفا «علم أنه سيدفع الثمن غالياً في مسيرته ككاتب». ولتوضيح ذلك يقول كولا: «إن غالبية دور النشر في الغرب ووسائل الإعلام التي تشكّل الرأي العام... يتولاها الكتّاب والمثقفون الليبراليون الذين يعتبرون أن قضية كوسوفو لا تستحق أن يتبناها الكتّاب والمثقفون الليبراليون في الغرب، وأن من يتبنى قضية كوسوفو يُنظر إليه باعتباره من عملاء السي آي أي». أما «الثمن الغالي» الذي كان يعرفه كاداريه مسبقاً فهو لا يقتصر فقط على خسارته «عشرات الملايين من النسخ» لكتبه التي كان يمكن أن تطبع وتباع، بل الأهم من ذلك خسارته جائزة نوبل.
هكذا، يوضح كولا ذلك بالقول: «إن الثمن المرتفع الذي دفعه كاداريه بسبب ارتباطه بكوسوفو كان جائزة نوبل. فلجنة التحكيم سيطرت وتسيطر عليها شخصيات لا تنظر بعين الرضا إلى كوسوفو وتعتبرها مصدر حرب غير عادلة بقيادة الناتو... لذلك، فإن انشغال كاداريه بقضية كوسوفو قد أثر في تصويت لجنة التحكيم ضده».
ومع «نظرية المؤامرة» هذه أصبح في وسع كاداريه والمعجبين به في العالم الألباني، على الأقل، أن يتنفسوا الصعداء ويقدّروا (في كوسوفو قبل غيرها) حجم التضحية التي تعرض لها كاداريه في سبيل الألبان!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.