سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    15.07% نمو صادرات التجارة الدولية    فرص امتياز في معرض أبها    تعزيز استدامة المنشآت العائلية    الخريف خلال مؤتمر صحفي بحضور وزير الإعلام: 465 مليار ريال استثمارات في المدن الصناعية    ضبط أحزمة ناسفة وصواريخ.. تفكيك خلية تابعة ل«داعش» في إدلب    تعزيزاً لمكتسبات رؤية 2030.. المملكة مقراً إقليمياً لبرنامج قدرات المنافسة    تصعيد عسكري في كردفان.. الجيش السوداني يستهدف مواقع ل«الدعم السريع»    مدربا ميلان ونابولي: مواجهتنا صعبة والتركيز سيمنحنا بطاقة العبور لنهائي السوبر الإيطالي    رئيس قسم الإعلام الخليجي والقطري ل «البلاد»: نبارك للأولمبي السعودي التتويج بكأس الخليج    استاد لوسيل يحتضن نهائي كأس العرب.. اللقب بين حلم الأردن بأول تتويج وتأكيد تفوق المغرب    "الغامدي"يتوّج الجواد "يهمني"بكأس وزارة التعليم في موسم الطائف الشتوي    «الجيولوجية»: الهزة الأرضية بالشرقية ضعيفة وبدون خسائر    «الأسير» يعيد هند عاكف بعد غياب 16 عاماً    خالد عبدالرحمن يصدح في «مخاوي الليل»    جلسة "منتجات سعودية مؤثرة" تستعرض نماذج نجاح وطنية ذات امتداد عالمي    الكلية التقنية بجدة تنتزع لقب بطولة النخبة الشاطئية للكرة الطائرة 2025    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    رئيس الأكاديمية الأولمبية السعودية "بن جلوي"يشهد تكريم خريجي دبلوم الدراسات الأولمبية    حنان الغطيمل تحصد جائزة عالمية وضمن 100 قيادية    البكري تحذر من الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي    تفوق رقمي للأفلام مقابل رسوخ محلي للكتب والمكتبات    الفتح يتعادل إيجابياً مع النصر ودياً    أمسية شعرية سعودية مصرية في معرض جدة للكتاب 2025    باريس سان جرمان يحرز كأس القارات للأندية «إنتركونتيننتال»    الخريف: مضاعفة الناتج الصناعي إلى 895 مليار ريال بحلول 2035    القبض على 7 إثيوبيين في عسير لتهريبهم مواد مخدرة    ضبط 952 كيلو أسماك فاسدة ببيشة    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    موسكو ومسارات السلام: بين التصعيد العسكري والبعد النووي للتسوية    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة الإمارات في ختام مشاركته بكأس العرب    أبو ملحة يشكر أمير عسير    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    أمير جازان يدشّن انطلاق التصفيات الأولية لمسابقة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم    إعفاء متبادل من التأشيرات لحملة الجوازات الدبلوماسية بين السعودية والهند    أمير حائل يستقبل قيادات شرطة المنطقة    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء جمعية "تعافي"    محافظ الأحساء يرأس اجتماع برنامج المدن الصحية    "البيئة" تحذّر من الاحتطاب الجائر وتؤكد: عقوبات رادعة لحماية الغطاء النباتي    لقاء ديوانية جمعية أكابر لكبار السن بمنطقة عسير لعام 2025م    الشؤون الإسلامية بالمدينة تشارك في البرنامج التوعوي "إنما يعمر مساجد الله من آمن" بمحافظة ينبع خلال شهر جمادى الآخرة    الشؤون الإسلامية بجازان تُنفّذ (555) جولة فنية في الجوامع والمساجد خلال شهر نوفمبر 2025م    نائب أمير منطقة مكة يستقبل وفد من أعضاء مجلس الشورى    أمير منطقة الجوف يرأس اجتماع المحافظين الأول للعام 1447ه    المساحة الجيولوجية : الهزة الأرضية المسجلة اليوم بالمنطقة الشرقية لم تحدث خسائر    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    المملكة تفوز برئاسة اتحاد إذاعات الدول العربية    «هيئة الحرمين» توفّر سوارًا تعريفيًا للأطفال    مظلات المسجد النبوي.. تُحف وإبداع معماري    العلاقات السعودية - القطرية.. رؤية وشراكة    أمير نجران يُدشِّن مبادرة النقل الإسعافي للمرضى المحتاجين    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يفتتح أحدث مركز للطب النووي والتصوير الجزيئي    تعليق الدراسة.. قرار تنظيمي تحكمه إجراءات ومعايير واضحة    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    إطلاق برنامج «خبراء التطوير المهني» التعليمي    ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجدداً بشبهة التلاعب بالشهود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدين و الأخلاق
نشر في الحياة يوم 05 - 11 - 2013

ما حال من يدعي التدين وهو على النقيض من التحلي بأخلاق الإسلام وقيمه، إلا كمن يهتم ويعتني بتنظيف ظاهر الكأس ويترك باطنه متسخاً؟ وكالقبور المجصصة، ظاهرها جميل، وباطنها عظام نخرة، هي أزمة حقيقية نعيشها في مجتمعاتنا حينما نعيش ذلك التناقض الصارخ بين فعل التدين من جهة ومردوده الأخلاقي على المجتمع من جهة أخرى التي أسهم الخطاب الديني في صورة رئيسة في خلقها وتفشيها، فكل مراقب ومتابع يدرك أن خطابنا الديني في المنابر والمساجد وشاشات التلفزة وغيرها وعلى مدى عقود من الزمن قد كان جل همه وتركيزه هو تحقيق التدين والسمت الظاهري في المجتمع في وقت همش فيه في شكل واضح للجوانب الأخلاقية والروحية، على رغم أن الدين الإسلامي أعلى كثيراً من منزلة الأخلاق والتعامل بين الناس، حتى أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق»، وأن أحب الناس وأقربهم منه منزلة يوم القيامة هي لأحسنكم أخلاقاً، ولم يجعل مثل ذلك الفضل الكبير في تحقيق الهدي الظاهري كاللحية وغيرها من أعمال السلوك الظاهري للرجل أو المرأة.
فشل هذا الخطاب في بناء منظومة أخلاقية متماسكة في نفوس أفراد المجتمع، بحيث يكون لها أثرها في الواقع الملوس، بل فشل قبل ذلك أصلاً في مجرد التنظير والطرح النظري لها والاعتناء بها، فقد كان اهتمام الخطاب الديني وما زال يرتكز في معظمه فحسب على حقوق الله تعالى من الناحية العقدية أو العبادية، فجل اهتمام العالم في فتواه أو الخطيب أو الداعية في منبره هو مجرد الدعوة والأمر إلى امتثال أوامر الله والزجر على اجتناب نواهيه والانشغال بدقائق تلك الأمور وتفاصيلها وضرورة الالتزام بها وذلك على صعيد الرجل والمرأة، على رغم أن جميع تلك الأمور تبقى في حيز الإطار والجانب الشخصي في العلاقة بين العبد وربه، وأما العناية والاهتمام بالجانب الأخلاقي والتحلي بصفات الصدق والأمانة والعدل والمراقبة والتحذير من نقيض ذلك، وحسن التعامل مع البشر كافة (مسلمين وغير مسلمين) وغرس ذلك في نفوسهم وضمائرهم، بحيث يكون ذلك منهج حياة لهم في بيوتهم وأعمالهم ومع زوجاتهم وأولادهم وفي السر والعلن، فقد كان من أواخر الاهتمامات في هذا الخطاب، وأن أدعو ذلك، فهي مجرد دعاوى لا برهان يصدقها من الواقع العملي، حتى صنعنا من خلال ذلك تديناً مغرماً بالمظاهر والأشكال، ولا صلة له بالمضمون الأخلاقي والروحي السامي لفكرة التدين.
أصبحنا نرى حينما تتصاعد حدة وتيرة النقاشات والجدل تجاه عديد من القضايا الجدلية في المجتمع من حين إلى آخر، وخصوصاً حينما يكون الأمر متعلقاً بقضايا المرأة، نلحظ في شكل واضح وجلي من أقوال بعض المعارضين لها، سواء أكانوا دعاةً أم وعاظاً أم من دون ذلك ممن ينتهجون ويلجأون إلى شرعنة الشتم والبذاءة والإسفاف، أي إباحة تسويغ استخدام الألفاظ البذيئة والسلوكيات العنيفة ضد من يختلفون معهم لمجرد الانتصار لموقفهم، وهم على دراية وعلم بأن الإسلام يُدين البذاءة وسوء الخلق والفجور في الخصومة والفحش في القول والعمل، وأصبحت تلك النقاشات في شبكات التواصل الاجتماعي تنضح بمختلف أنواع وألفاظ الشتم والاتهام والتحريض ضد من يختلف معهم في صورة تنافس محموم على أقذع المفردات والألفاظ، وكأن تدينهم لا يكتمل إلا بممارسة الشتم لمن يخالفهم في آرائهم وتصوراتهم، وهو ما يجعلنا نؤكد مراراً القول أننا لسنا بحاجة إلى مزيد من جرعات التديين، فما لدينا قد فاض به الكأس، وإنما نحن بحاجة ماسة إلى جرعات مكثفة على مستويات عدة في التخليق وتهذيب النفوس، فنحن نعيش في مجاعة وقحط أخلاقي في مقابل تخمة دينية في كل مكان.
نحن في حاجة إلى جهود متكاتفة وخطاب يكون قادراً على بناء شخصية المسلم من جوانبها الروحية والخلقية والنفسية كافة، والاستفادة في ذلك من العلوم المعاصرة في علم النفس والاجتماع، وعلى تحويل القيم الأخلاقية إلى واقع ملموس ومشاهد.
* كاتب سعودي.
[email protected]
@hasansalm


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.