الإعلان عن موعد مباراتي نصف نهائي كأس الملك 2025-2026    البرلمان العربي يؤكد دعمه التام لوحدة اليمن    الفتح يكسب الأهلي بثنائية في دوري روشن للمحترفين    أرتيتا يأمل في أن لا يكرر التاريخ نفسه أمام برايتون    سلوت يكشف عن النصائح التي قدمها لمهاجمه إيكيتيكي    القبض على باكستانيين في الشرقية لترويجهما (الشبو)    عمداء تقنية المعلومات ومدراء الميزانية وكفاءة الإنفاق بالجامعات السعودية يزورون الواجهة الثقافية في جامعة أم القرى    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    حائل.. وجهة سياحية متكاملة بفرص استثمارية واعدة    الجبيل تستعرض مقوماتها في مسار الاعتماد العالمي كمدينة صحية    «الصحة» تطلق جولات رقابية لتعزيز الامتثال الصحي في مراكز فحص العمالة    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    السديس: حقوق العباد من أخطر أبواب الظلم ومواقع التواصل بيئة خصبة للبهتان    القاسم: استباق الخيرات دليل علو الهمة وكثرة الجدل تصرف عن الطاعة    سعيد بن قزعة أبو جمال في ذمة الله            هيئة محمية الملك سلمان الملكية تدشّن مبادرة الإصحاح البيئي في "وادي نايلات" بحائل .    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    رياح نشطة و سحب ممطرة على عدة أجزاء من مناطق المملكة    يايسله يرحب برحيل لاعب الأهلي    غيابات عديدة في النصر أمام الأخدود    الفتح ينهي استعداداته قبل لقاء الأهلي    ارتفاع سعر الذهب الى 4501.44 دولار للأوقية    برعاية أمير منطقة جازان.. مهرجان جازان 2026 يستهل مشواره بانطلاقة كرنفالية كبرى    120 صقارًا يدشنون أشواط نخبة المحليين في انطلاق مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    آل الشيخ: جائزة طارق القصبي نموذج وطني لدعم البحث والابتكار في الهندسة المدنية    المطر والحنين    روسيا تنفي التقارير حول عزمها تعديل الخطة الأمريكية للتسوية في أوكرانيا    الرئيس التركي يلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني    رئاسة الشؤون الدينية تدعو قاصدي الحرمين إلى الالتزام بآداب وفضائل يوم الجمعة    واشنطن مُهددة في سباق الذكاء الاصطناعي    الاتفاق يكسب الرياض بثنائية في دوري روشن للمحترفين    من البحث إلى التسويق الجامعات في فخ التصنيفات العالمي    برعاية وزير التعليم جامعة أم القرى تفتتح ورشة "تبادل التجارب والممارسات المتميزة في كفاءة الإنفاق لمنظومة التعليم والتدريب"    جمعية التنمية الأهلية بأبها تحتفي باليوم العالمي للتطوع واختتام مشاريع 2025 ضمن "رواية عقد"    «أرفى» تكرّم الجهات الداعمة لمسيرة العطاء مع مرضى التصلب المتعدد    ‏نائب أمير منطقة جازان يستقبل نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين    مدير عام فرع الشؤون الإسلامية في جازان يتفقد جوامع ومساجد العيدابي ويفتتح مسجد النور    د. مريم الدغيم تحصل على براءة الاختراع الأمريكية    إنفاذ يشرف على 75 مزادا عقاريا لتصفية وبيع أكثر من 900 أصل في مطلع 2026    نائب أمير منطقة جازان يلتقي أيتام "إخاء"    جولة ميدانية للوقوف على جاهزية الواجهة البحرية بقوز الجعافرة استعدادًا لانطلاق المهرجان الشتوي    السعودية: تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة تمت دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف    تطبيق علاج وقائي للحد من تطور السكري    نقاشات أمنية وسياسية تسبق لقاء نتنياهو وترامب.. حدود جديدة لإسرائيل مع غزة    الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة إستراتيجية جديدة.. الداخلية السورية تتهم «قسد» بالتجنيد الإجباري في حلب    لوحات مجدي حمزة.. تجارب من واقع الحياة    صندوق الطائرة الأسود قرب أنقرة.. تركيا تعلن العثور على جثة رئيس الأركان الليبي    هندية تصلح عطلاً برمجياً في حفل زفافها    المملكة في صدارة الدول بالترفيه الرقمي ب34 مليون مستخدم    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير المملكة بنيبال    40 ألف متدرب مخرجات الأكاديمية الصحية    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    ارتفاع النفط والذهب    الإطاحة بطبيبة المشاهير المزيفة    النيكوتين باوتشز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدب عالمي - جون أبدايك يُحوّل شخصيات إغريقية... إلى مواطنين أميركيين
نشر في الحياة يوم 02 - 11 - 2013

القنطور هو كائن خرافي من الميثولوجيا الإغريقية نصفه إنسان ونصفه حصان، لكنه في رواية جون أبدايك، التي تحمل اسمه عنواناً (صدرت بطبعة جديدة عن دار Knopf)، تحول إلى مواطن من القرن العشرين يعيش في ولاية بنسلفانيا الأميركية عام 1947، ويلتقي يومياً بشخصيات أسطورية ارتدت ثوب الحداثة والعصرنة.
في روايته التي جلبت له الكثير من الانتقادات، على رغم أنها الأقرب إلى قلبه، أسقط أبدايك خصائص آلهة اليونان والرومان على حياة البشر، فتجسد القنطور النبيل «شيرون» في شخص مدرس مادة العلوم جورج كالدويل، ليكون مثالاً للتضحية، بينما تجسدت أفروديت بتلك المرأة الجميلة التي تهوى الغواية يساعدها على ذلك جسدها المصقول لكونها مدربة رياضة.
هكذا تكرّ السبحة، فيتمثل الميكانيكي البارع بالإله الإغريقي فولكان، إله النار والحدادة، ومدير المدرسة الصارم الذي يمارس سلطته على الآخرين بكبير الإلهة زيوس، أما الرجل السكير والعدواني الذي يسير في شوارع بنسلفانيا المظلمة ويكيل الشتائم للمارة فيتماهى تماماً مع ديونيزوس، إله الكرمة. هؤلاء، إلى جانب 56 إلهاً إغريقياً وشخصية أسطورية أخرى تحولوا إلى مواطنين أميركيين معاصرين لثلاث ليال شتوية فقط، هي الإطار الزمني المختصر الذي حدده أبدايك لروايته.
تتمحور الرواية حول جورج كالدويل، الرجل الأربعيني الذي يشعر أنه عالق في حياة ليست له، لم يختر تفاصيلها، ولم يرغب فيها على الإطلاق. المجد الذي عاشه كنجم لامع في كرة القدم، ومن ثم كجندي شجاع عائد من الحرب العالمية الثانية، تلاشى تماماً ليجد نفسه مجرد مدرس فاشل لمادة يكرهها الطلاب، وزوجاً لا يرقى إلى طموحات زوجته، وأباً لشاب انطوائي يهوى لوحات فيرمير ويحلم بمغادرة مدينته.
يستهزئ جورج بنفسه لأنه لم يتمكن من تحقيق الكثير، يؤكد مراراً أنه يتوق إلى الموت ولا يخشى الورم الذي يشعر به في أحشائه. فهو لم يختر مهنته قط، وإنما عرضت عليه في فترة الكساد فتلقفها من دون أن يدري أنه سيصبح أسيراً لها ولمدير المدرسة الذي لا يكف عن انتقاده ومضايقته. حياته الزوجية بالكاد متماسكة ويجد أنه مجبر على البقاء مع زوجته فقط من أجل ولده بيتر. الأخير يملك إمكانات كبيرة «وكان ليكون طفلاً لامعاً لو أن له أباً آخر».
قد تبدو القصة اعتيادية بعض الشيء، لكن جون أبدايك بث فيها روحاً مختلفة عندما حاك أحداثها بنسيج الأسطورة. فجاءت قصة المدرس جورج كالدويل لتكون أسطورة شيرون القنطور الحكيم، مُعلّم الآلهة الإغريقية والأبطال، ولكن بما يتلاء مع متطلبات العصر ولغته وأجوائه القاتمة. ولأن أبدايك كاتب يعشق التفاصيل، نجده على سبيل المثل، يستعير من الأسطورة اليونانية حادثة إصابة كاحل شيرون بسهم مسموم أطلقه هرقل من طريق الخطأ، ليصبح بالنسخة المعاصرة مجرد سهم حديد صغير رماه أحد التلاميذ لينغرس في قدم كالدويل ويزيد من آلامه واحتقاره لنفسه.
وفق الأسطورة فإن شيرون، سيد فنون الشفاء، عجز عن مداواة نفسه من السهم المسموم، وكان ألمه شديداً، حتى أنه توسل إلى الآلهة الوثنية أن ترحمه من عذابه وتخلصه من خلوده ليموت، لكن أمنيته لم تتحقق إلا عندما قابل بروميثيوس. علاقة شيرون ببروميثيوس مبنية على التضحية تماماً كما علاقة جورج بابنه بيتر. فقد سرق بروميثيوس النار من الآلهة ليقدمها إلى البشر، فكان عقابه بتقييده على خشبة في أعالي الجبال لتقوم الغربان بأكل كبده في النهار، وفي الليل تتعافى جروحه لتبدأ حلقة عذاباته مجدداً في اليوم التالي. وحدث أن هرقل قابل بروميثيوس وحاول بجهد فك قيوده لكنه فشل، وعندما سأله عن وسيلة استرداد حريته والخلاص من ذلك العذاب الأبدي، أجاب بروميثيوس: «يجب على أحد الخالدين أن يتنازل عن خلوده ويحل محلي»، وهكذا فعل شيرون المعذب.
في رواية «القنطور» يحاول جورج كالدويل المعذب أن يجنب ابنه ما مر به من صعاب، فيشجعه على الرحيل ويحمّل نفسه مسؤولية كل أخطاء بيتر وعقده النفسية، كما أنه يتمنى الموت ليريح عائلته من فشله وعذاباته التي لا تنتهي. ويمعن أبدايك في التفاصيل، لنجد أن الجراح على جسد بروميثيوس هي نفسها الندبات التي يخبئها بيتر على ظهره وكتفيه جراء مرض الصدفية.
في الواقع، لا يمكن اختصار رواية «القنطور» بكونها استعادة لأسطورة شيرون عبر شخصية جورج كالدويل، فمن الواضح أن جون أبدايك كان ينقل صورة معتمة وبلا أمل للولايات المتحدة في منتصف القرن الماضي، وهكذا يجمع بطل الرواية في شخصه ثلاثة جوانب، فهو مدرس علوم في الثانوية، وقنطور حكيم، ورمز لحقبة الكساد والتدهور.
ليس من قبيل المصادفة أن يُسمى القرن العشرون «العصر الأسطوري»، فقد شكلت العودة إلى الأسطورة سمة بارزة لحركة الحداثة في بداية القرن الماضي، وهكذا جاءت رواية «القنطور» لتنضم إلى قافلة روايات مشابهة كرواية «عوليس» لجيمس جويس، «السيد ومارغريتا» لميخائيل بولغاكوف، «غلغامش» لغيدو باخمان، «دكتور فاوست» لتوماس مان.
أثارت رواية «القنطور» مواقف متناقضة لدى النقاد والقراء، بعضهم أشاد بقدرة أبدايك على مزج حيثيات الأسطورة بتفاصيل الحياة الواقعية ضمن توليفة مثيرة للاهتمام، بينما انتقده بعض آخر بحدة، معتبراً أن المضمون لا يرقى إلى مستوى رواياته السابقة وربما يكرس بداية معاناة أبدايك مع الزهايمر. ولكن على رغم هجوم النقاد العنيف، أصبحت الرواية من أكثر الكتب مبيعاً وحازت جائزة الكتاب الوطني للرواية لعام 1964.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.