دعا مجلس الشورى في حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة في تونس، إلى إطلاق حوار وطني مع جميع الأطراف السياسية المعارضة للوصول إلى حل للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي في الخامس والعشرين من تموز (يوليو) الماضي. وعقد مجلس شورى «النهضة» اجتماعات بدأت السبت وعلى مدى يومين شهدت نقاشات مطولة واختلافات بين أعضاء المجلس حول سبل الخروج من الأزمة السياسية. والمجلس أهم مؤسسة في الحركة الإسلامية التونسية ولها صلاحية اتخاذ القرارات المصيرية. في السياق نفسه جدد المجلس تمسك «النهضة» بما جاء في تصريحات راشد الغنوشي رئيس الحركة الخميس الماضي التي أكد خلالها تمسك حركته بحكومة سياسية يرأسها القيادي النهضوي علي العريض بالإضافة إلى رفض مطلب المعارضة بحل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الذي تطالب به المعارضة المعتصمة في باردو في العاصمة التونسية منذ اغتيال النائب البراهمي. وجاءت قرارات مجلس الشورى بعد يومين من لقاء استثنائي بين الغنوشي ورئيس حركة «نداء تونس» المعارضة الباجي قائد السبسي (يعتبره أنصار الإسلاميين من فلول النظام السابق) في باريس الخميس الماضي، واتسم بالسرية المطلقة ولم يعلن عنه إلا قبل اجتماع مجلس شورى «النهضة» السبت. وعلى رغم تصريحات قياديين في «النهضة» وفي «نداء تونس» عن إيجابية اللقاء وأهميته، إلا أن قرارات مجلس الشورى جاءت أقل من مستوى ما انتظره بعض القوى السياسية، باعتبار تمسكه بحكومة علي العريض ودعوته إلى استئناف عمل المجلس التأسيسي دون تقديم تنازلات معلنة. لكن الجديد الذي اسفرت عنه الاجتماعات هو تفويض المكتب التنفيذي للحركة القيام بالمشاركات مع كل الأطراف السياسية والنظر في المبادرات التي من شأنها ان تساهم في تجاوز الأزمة السياسية وهو ما اعتبره مراقبون «فسحة» تسمح ل»النهضة» بهامش التحرك أثناء المفاوضات. وقال رئيس مجلس شورى «النهضة» فتحي العيادي ل»الحياة» إن حركته «لا تنطلق من شروط مسبقة وتدعو في المقابل قوى معارضة إلى الجلوس إلى طاولة الحوار من دون شروط مسبقة»، مشدداً على أن النهضة «منفتحة على جميع المبادرات الجدية التي تجنب البلاد الأزمة السياسية مع الحفاظ على المؤسسات الشرعية التي يمثلها المجلس التأسيسي» وفق قوله. من جهة أخرى انعقد مساء الأحد اجتماع المجلس المركزي لحزب «التكتل الديموقراطي» المشارك في الحكم، حيث جدد تمسكه بمبادرة رئيسه مصطفي بن جعفر (رئيس المجلس التأسيسي) الداعية الى تشكيل حكومة «كفاءات غير متحزبة» مع المحافظة على المجلس التأسيسي لإنهاء الفترة الانتقالية قبل نهاية العام الجاري. وأكد مصطفى بن جعفر في الاجتماع أن المجلس التأسيسي لن يعود إلى العمل قبل التوصل إلى توافق بين مكونات الساحة السياسية. في السياق، جدد الاتحاد من اجل تونس (تحالف أبرز مكونات المعارضة الليبرالية واليسارية) أمس الإثنين خلال اجتماع أمنائه العامين، بمبادرة جبهة الإنقاذ الداعية الى إسقاط الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي. كما التقى الغنوشي مع حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) لمواصلة التشاور حول سبل خروج من الأزمة، وهو اللقاء الثاني من نوعه منذ انطلاق الأزمة السياسية التي مر بها البلاد منذ قرابة الشهر. وعلى رغم استمرار تباعد وجهات النظر بين مكونات الغالبية الحكومية من جهة والمعارضة من جهة أخرى، إلا أن مراقبين يتوقعون أن تتجلى تسريبات لقاء الشيخ راشد الغنوشي بالباجي قائد السبسي قريباً حيث فسر البعض التكتم على ما جاء في اللقاء بسعي كل طرف إلى الحفاظ على علاقته المتينة مع حلفائه.