95 لوحةً فنية ترسم مشاعر طلبة تعليم مكة المكرمة باليوم الوطني    مستشفيات د. سليمان فقيه ضمن قائمة "نيوزويك" لأفضل المستشفيات الذكية لعام 2026    تشكيلة الجولة الرابعة من دوري روشن    مدرب نيوم : فوز مهم وسعداء بالنقاط الثلاث    الشورى.. توصيات بدعم التمويل الجماعي وتوظيف الحلول الرقمية لتلبية الاحتياجات التمويلية    بن شفلوت يرعى إحتفال اليوم الوطني في أحد رفيدة    جامعة الإمام عبدالرحمن أول سعودية تحصد الاعتماد الدولي من الكلية الملكية بكندا    نحو 2030 خالٍ من الأورام.. خبراء يكشفون عن طفرة سعودية في علاج السرطان    محطات الوقود وفوضى الدخول العكسي    الاتحاد ينهي التعاقد مع المدرب لوران بلان    المملكة ترأس جلسة أعمال المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة    المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعداداً للكذب والخداع    المثالية: لعنة النجاح المؤجل!    تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بالمملكة ترتفع إلى 22.8 مليار ريال    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    الفتح يعترض على الأخطاء التحكيمية    المملكة ماضية في جهودها الحثيثة لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة    الشرع: سورية عادت لمكانتها التاريخية الفاعلة بين الأمم    وزيرا الإسكان والإعلام ورئيس «هيئة العقار» في المؤتمر الصحفي الحكومي غداً    جماهير الاتحاد للإدارة والمدرب: ضيعتوا اللبن في الصيف    الناقور يحتفل باليوم الوطني    روشن تعرض مشاريعها السكنية    تعزيز الابتكار والاستدامة.. السعودية تستضيف (يونيدو) للتنمية الصناعية    «زاتكا»: 1511 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية    ضبط 12 متورطاً واحباط تهريب 234 كجم مخدرات    الصليح يحتفل بزواج عمار    وسط مساعٍ أمريكية لوقف الحرب.. 120 غارة إسرائيلية على غزة و52 قتيلاً    أوباما: لا مبرر لقصف غزة وإقامة دولة فلسطينية ضرورة    القادسية يعبر الفتح ويقفز ل «وصافة روشن»    ملتقى سعودي عن الذكاء الاصطناعي في سيئول    16 باحثاً سعودياً ضمن قائمة الأفضل عالمياً    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً في أسبوع    53.6 مليون قاصد للحرمين الشريفين في ربيع الأول    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    الفيحاء يتنفس الصعداء بنقاط النجمة    «قط وكلب» يتسببان في طلاق زوجين    إشكالية سياسة واشنطن بشأن الطائرات المسيرة    ChatGPT يتيح أهم مميزاته مجانا    الملك عبدالعزيز الوحدة والمنهج    كيف قرأ العالم اتفاقية السعودية وباكستان    أزمة قلبية تنهي حياة عريس    قطرات تقلل ألم مرضى الشبكية    خطر خفي لنقص سوائل الجسم    %20 استعادوا النبض بعد توقف القلب    الصقور المنغولية في «الصيد السعودي الدولي»    "الإسلامية" تُقيم خطبة الجمعة في مسجد السلام بسانتياغو    دراسة: كبسولات صغيرة تسعى للحد من التهاب الدماغ    4320 شركة ومكتبا هندسيا في المملكة    ترقب لحركة تداول بعد موجة الارتفاع    57% استجابة البنوك الخليجية لمحادثات العملاء    سماحة المفتي.. رحل وبقي الأثر    محمد بن سلمان.. قائد التحول    تأهيل وادي قناة بالمدينة    رحل من كان أبا للجميع    حماة البيئة    المزاح والضغوط النفسية    محافظ طريب يرعى احتفال مركز الصبيخة باليوم الوطني 95    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يبجّلون ابن خلدون ولا ينتقدونه
نشر في الحياة يوم 22 - 07 - 2013

إذا تصفّحنا المؤلفات العربية الفكرية التي ازدهرت منذ ستينات القرن الماضي سنعثر على عناوين عدة خصصت لدراسة مقدمة ابن خلدون، وإذا أخذنا الأسماء الفكرية العربية الكبرى فإن معظمها خصصّت مؤلّفاً عن ابن خلدون بوصفه منظّراً للعمران وفاحصاً للمجتمعات وعالماً بمفاصل التاريخ وتقلباته ونكباته.
أسماء عدة خصّصت مؤلفاتٍ وصلت إلى حد التبجيل لابن خلدون، مثل علي أومليل ومحمد الجابري ومحمد جابر الأنصاري وعلي الوردي وغيرهم عشرات من المفكّرين الذين أخذوا على عاتقهم بثّ النظرية الخلدونية وحقّ لهم ذلك، بسبب كون هذا العبقري كان سابقاً لعصره في المقدّمة، لقد أسهم بشكلٍ كبير لإثراء البشرية، غير أن أنماط التبجيل عجزت عن نقد فكر ابن خلدون وذلك بغية الإفادة المضاعفة من فكره. وممارسة النقد ضد فكر ابن خلدون هو امتداد للمدرسة الخلدونية نفسها وإلا كنا ضمن الأعطال التي حذّر هو منها. نقد ابن خلدون شرط لممارسة الأدوات الخلدونية النقدية التي تحثّ على التجاوز باستمرار.
طوال العقود الماضية بقي فكر ابن خلدون مقدّساً وكأنه لم يخطئ ببعض مواقفه وأفكاره، غير أن المفكّر الراحل محمد أركون كان سبّاقاً لأن يشرّح ابن خلدون تفصيلياً في كتابه الضخم «نحو تاريخ مقارن للأديان التوحيدية» الذي طبع بعد رحيله، كان ابن خلدون هذه المرة موضع تشريحٍ وذلك ضمن رؤية «نقد النقد» التي استعملها أركون مستمداً إياها من فلسفات «العقل المنبثق الصاعدة»، أو فلسفات ما بعد الحداثة، بحيث يصبح النقد موضعاً للنقد، والأداة تضرب الأداة، وهكذا تعود الأدوات ضد أطرافها إلى ما لا نهاية. سأقف سريعاً مع نقد أركون لابن خلدون وهو نقد يحتاج إلى بحث مستقل.
ثمة نص لابن خلدون أرّق أركون كثيراً لنقرأه: «والملة الإسلامية لمّا كان الجهاد فيها مشروعاً لعموم الدعوة وحمل الكافة على دين الإسلام طوعاً أو كرهاً اتخذت فيها الخلافة والملك لتوجه الشوكة من القائمين بها إليهما معاً، وأما ما سوى الملة الإسلامية فلم تكن دعوتهم عامةً ولا الجهاد عندهم مشروعاً إلا في المدافعة فقط».
يتعجّب أركون من الحال التبجيلية لمقدمة ابن خلدون ويتعجّب أكثر ممن وصل به الحد إلى اعتبار ابن خلدون عالم أنثربولوجيا، أو بأنه «مؤسس علم الاجتماع»، أو أن تتم مقارنته بميكافيللي، ذلك أن هذه العبارات مجرد مبالغات وإسقاطات، وابن خلدون في مقدمته بدا ضمن السياق الديني القروسطي معتمداً الحدود المشتركة للموقف اللاهوتي التقليدي. يكتب أركون: «لا ينبغي أن نبالغ بحداثته كثيراً، أو أن نسقط عليه مواقف الحداثة الفكرية، أي ما ليس فيه»، ويضيف في ختام نقده له بأن ابن خلدون ضمن السياق الأصولي التكفيري.
في الفصل ال24 من المقدمة يكتب ابن خلدون: «في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها»، ثم يبدأ الفصل: «هذه العلوم عارضة في العمران، كثيرة في المدن، وضررها في الدين كثير فواجب أن يصدع بشأنها ويُكشف عن المعتقد الحق بشأنها»، ثم راح يتفّه من هذا العلم ويحذّر ويشترط على قارئ الفلسفة شروطاً لا تختلف عن الشرط الأصولي الحالي للاطلاع على علوم «الكافرين».
حين تنتقد هذه الشخصيات الكبرى يشعر البعض بحالٍ من انتهاك المشروعية الوجدانية، ذلك أن انتماء هذا العالم معنا ضمن الهوية المشتركة والدين المشترك يشعرنا بنوعٍ من الزهوّ بالسبق، غير أن نقد أي شخصية طرحت مشروعاً جزءاً من الهدف العلمي ومن التطور النقدي، وابن خلدون ليس منزّهاً عن النقد وليس بمعزلٍ عنه.
من الضروري تأسيس ورش نقدية لمنتج ابن خلدون ضمن المستجدات العلمية والفلسفية والفكرية التي نعيشها في القرن ال21، وهذا ليس تنقيصاً ولا تبخيساً وإنما لإثراء فكره وللاستجابة لمشروعه العمراني، لعل هياج التبجيل المستديم الذي غرقنا به يخف، ونبدأ بشجاعة لمواجهة مفكرينا ونوابغنا لترسيخ امتدادهم المعرفي، النقد شرط القراءة، والتبجيل موضوع وجداني لا قيمة له علمياً.
www.shoqiran.net


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.