تحسم المحكمة الدستورية العليا في مصر غداً مصير مجلس الشورى الذي يتولى سلطة التشريع موقتاً، في وقت تعيش البلاد «مأزقاً دستورياً» خلّفه قرار المحكمة نفسها بإلزام الدولة السماح للعسكريين بالاقتراع، ما أثار جدلاً سياسياً. وكانت المحكمة الإدارية العليا أحالت دعوى تطالب بحل مجلس الشورى على المحكمة الدستورية العليا للنظر في دستورية القانون الذي تم بموجبه انتخابه ومجلس الشعب الذي تم حله قبل انتخاب الرئيس محمد مرسي، بسبب حرمان المستقلين من المنافسة على ثلثي مقاعده المخصصة للقوائم الحزبية، في حين تم السماح للأحزاب بالمنافسة على ثلث المقاعد المخصصة للمستقلين. وأوصى تقرير هيئة مفوضي المحكمة بعدم قبول الدعوى بعدما حصّن الدستور الجديد مجلس الشورى ومنحه سلطة التشريع لحين انتخاب مجلس النواب الجديد. في غضون ذلك، بدا أن السلطات لم تُحدد بعد «خريطة طريق» للتعامل مع أزمة تصويت العسكريين. ورفضت جماعة «الإخوان المسلمين» وغالبية القوى الإسلامية «محاولة إقحام المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، وجرها إلى المعترك الذي من المفترض أن تكون بعيدة منه»، في حين تراوحت آراء المعارضة بين القبول والرفض. وأظهر المنسق العام ل «جبهة الإنقاذ» الدكتور محمد البرادعي تأييداً لاقتراع العسكريين. وقال في تدوينة على حسابه على موقع «تويتر»: «معظم الديموقراطيات: جنوب افريقيا والبرازيل والهند وروسيا وأميركا وأوروبا وحتى إسرائيل تمنح قواتها المسلحة حق التصويت.. الديموقراطية فكر متكامل». وكان وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي أطلق تصريحاً فُهم منه أنه يُعارض تصويت أفراد الجيش، إذ قال بعد قرار المحكمة: «القوات المسلحة لن تُسيس أو تتحزب وستظل مؤسسة وطنية مسؤولة عن مصر وشعبها، وهذا الأمر لن يتغير أبداً». وأحالت المحكمة الدستورية قانون الانتخابات متضمناً ملاحظاتها عليه إلى مجلس الشورى الذي يواجه «مأزقاً» في التعامل مع تلك الأزمة، إذ لا يُتوقع أن تُغيّر المحكمة الدستورية قرارها، كما أن معارضة المؤسسة العسكرية والقوى الإسلامية تصويت العسكريين تحول من دون إقراره، وإذا ما أغفل المجلس قرار المحكمة ومرر القانون من دون النص على حق العسكريين في الاقتراع، فإن البرلمان المقبل سيكون مهدداً بعدم الدستورية. وقالت مصادر مطلعة إن قرار المحكمة الدستورية «وضع الجميع في مأزق، فبعيداً عن التداعيات والآراء السياسية بخصوص القرار، فإن تطبيقه على أرض الواقع يحتاج إلى وقت طويل، إذ أن إضافة مئات آلاف العسكريين وأفراد الشرطة إلى قاعدة بيانات الناخبين يحتاج إلى عمل شاق سيستغرق وقتاً طويلاً، فضلاً عن أن هناك مناصب حساسة يشغلها أفراد لا يمكن إدراج بياناتهم في كشوف انتخابية، فضلاً عن الكيفية التي سيدلي بها العسكريون بأصواتهم، وهل ستُخصص لهم لجان انتخابية خاصة أم لا؟ ... كل تلك الأمور ليست واضحة»، مضيفاً أن هذا القرار سبب معضلة يحتاج حلها إلى دراسة تجارب دول أخرى قطعت شوطاً في هذا المضمار.