ألاّ تعد خير من أن تملأ الدنيا بالوعود والمحصلة صفر مكعب، الوعد دين غير مدفوع، وهناك وعود لا تعود، وتحيا بالكلمات ليس إلا، وثمة وعود تحيا لتموت، ووعود تحيا لتحيا، ووعود ندفع من أجلها سواء أرزقت بالحياة أم بالموت، إلا أن المفصل في القصة أنه لا يجب نكث العهود مطلقاً. أقف مع مفردة «الوعد» حين قلبت شركة الكهرباء الطاولة المعتادة للقاءنا السنوي معها وذلك على لسان رئيس مجلس إدارتها حين قال بأنه «لا يعد المواطن بعدم انقطاع الكهرباء خلال موسم صيف هذا العام»، ومؤكداً أنه «لا توجد منظومة كهرباء على أرض البسيطة لا تحدث بها انقطاعات»، وفي هذا الاعتراف أيضاً شيء من المشاكسة والمعاكسة البريئة لإعلانات الشركة العام الفائت حين ملأت الصحف بالأرقام والإحصاءات وخطط العمل ونسب المنجز والمتوقع، والقفزات الفعلية للتغطية المحلية، وهو ما منح المواطن المقابل على طاولة الطموحات ثقة في أن المستقبل مضيء ومحفز على أن نتفاءل بالوعود والأرقام والإعلانات ونتجاهل الانقطاعات الاستثنائية ونحسبها زكاة العمل الشاق والمضني. عدم الوعد يحمل ذكاءً وتحولاً في مسار التصريحات الرسمية الكهربائية، فهو يقرأ كجرأة في تقديم الإمكانات الحالية بصورة أقل تلميعاً من ذي قبل، ويمهد الطريق لسهولة تقبل جائزة «الظلام» في أي لحظة، وإحالة مصطلح «الانقطاع الكهربائي» من وجع وصداع موسميين إلى مجرد حال طبيعية متوقعة تُجابه بالترشيد وتدفع بالصبر، ولمن لا يرغب في الحصول على الجائزة الصيفية فلا سبيل له إلا أن يمرر ثقافة الترشيد على القريب والحبيب والجار والجار ذي الجنب، لأن الواقع يتطلب التعامل مع حقيقة صادمة لم تحضر العام الماضي، ولكنها حضرت هذا العام، على رغم أن وعود العام الماضي كانت أكثر حماسة وتفاعلاً ونظرة متفائلة للمستقبل بعينين يقظتين ومدعومتين بتخطيط واسع المساحة والتغطية، ولا يضم في جنباته ولو رائحة لمفردة «انقطاع»، فضلاً عن إحضارها نقية شقية عصية على الفهم والاستيعاب، كما حضرت بلوازمها وتبعاتها القادمة المنتظرة في التصريح الرسمي. أحترم في شركتنا الوحيدة صراحتها غير المعهودة وإيصال رسالة أن الانقطاعات معاناة عالمية، وحادثة تطرأ في أي وقت وعلى رغم أنف الاستعدادات السنوية، ولا أحترم الرسالة إذا حضرت متأخرة أو كرد خجول على مجتمع بات يقرأ جيداً ويفهم كثيراً، وللحق فليس ملزماً من لا يجرؤ أن يفي بالوعد أن يعد مطلقاً. جميل ألا تَعِد شركة الكهرباء بعدم حدوث انقطاعات كهربائية في الصيف خصوصاً في المناطق التي تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة، لكن ماذا عن انقطاعها في المدن الباردة صيفاً؟ وماذا عن الدفع الروتيني في المدن الحارة والباردة لخدمات تنقطع من دون سابق إنذار، عني شخصياً سأستخدم سياسة الشركة الجديدة في أني «لا أعدكم بشيء»! [email protected] @alialqassmi