تشهد حالياً دول كثيرة منتجة للنفط وأعضاء في منظمة «اوبك» زعزعة استقرار امني او سياسي تطرح اسئلة على مستقبلها النفطي. في طليعة الدول العربية المنتجة في «اوبك» التي تعيش عدم استقرار خطير العراق وليبيا. فالعراق الذي يطمح للتوصل الى انتاج بين 6 الى 9 ملايين برميل في اليوم قبل نهاية العقد الحالي هو على وشك حرب اهلية يقوده اليها رئيس حكومته نوري المالكي الذي سيطر على المال والقوة في هذا البلد وفق كل المصادر الغربية والعربية المتابعة للتطورات في العراق. فعندما زار وزير الخارجية الاميركي جون كيري نظيره الفرنسي لوران فابيوس، كانت نقطة الاتفاق بينهما ان المالكي يجر بلده الى ديكتاتورية جديدة. فقد سيطر على الوزارات المهمة كالدفاع والامن وعيّن وزراء بالوكالة اذا لم يحصل على موافقة البرلمان. وقد فجر الفسيفساء العراقية بعد ان غادر الوزراء السنّة الحكومة وانسحب الاكراد. وكان المالكي استفاد من التوازن الذي حاول الرئيس جلال طلباني المساهمة فيه قبل غيابه عن الساحة بسبب المرض. والتوتر الطائفي حالياً في العراق في ذروته والمالكي مسؤول عنه. وكان الجانب الكردي تفاوض مع الحكومة حول الموازنة وتوصلا الى تفاهم شبه نهائي، لكن المالكي عاد ورفض كل شيء من دون احترام توزيع العائدات على الاكراد. والعراق على وشك حرب بسبب سياسة المالكي الذي عمد الى الاعتماد على ايران، منذ الخروج الاميركي من العراق. فالتوتر الطائفي وأيضاً الخلاف مع الاكراد قد يؤديان الى حرب اهلية. وإنتاج النفط وتصديره مهددان في مثل هذه الظروف، والعراق ينتج حالياً ما يقارب 3 ملايين برميل في اليوم ويصدر اكثر من مليونين ونصف مليون برميل. الا ان الامور غير مستقرة فيه. كذلك الامر في ليبيا حيث غياب الامن والفوضى يحول دون عمل الشركات العالمية لتطوير الحقول النفطية على الارض كونها، بسبب غياب الامن، قررت عدم ارسال موظفيها الى البلد الذي لا تسيطر عليه الحكومة بل مجموعات مسلحة غير مضبوطة. وإنتاج ليبيا الذي يقدر بحوالى اكثر من مليون ونصف برميل من النفط مهدد أيضاً بغياب الامن عن الحقول وموانئ التصدير وسيطرة الجماعات المسلحة. أما الوعكة الصحية التي تعرض لها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة فلم تحدث قلقاً إزاء انتاج الجزائر من النفط والغاز لأن الجميع يعرف ان مجموعة الجنرالات فيها هي التي تمسك بزمام الامور وبإمكانها ترشيح خلف له بسرعة لو كانت هناك حاجة الى ذلك. فإنتاج الغاز والنفط لن يتأثر في الجزائر اذا غاب رئيسها عن السلطة لأن لدى المجموعة العسكرية دائماً بدائل. اوضاع سياسية اخرى تطرح تساؤلات على بعض دول غير عربية منتجة للنفط، منها فنزويلا حيث خلف هوغو شافيز ووريثه قد يسبب المزيد من عدم الاستقرار الامني في هذا البلد مع المزيد من التدهور لقطاعه النفطي. وإيران حيث سياسة النظام ادت الى مقاطعة دولية لنفطه ومنعته من تطوير صناعته النفطية. ونيجيريا ايضاً عضو آخر في «اوبك» يمنع غياب الامن فيها والحروب شبه اليومية تطوير قطاعها النفطي في شكل جيد. فكل هذه الاوضاع في «اوبك» تطرح الاسئلة حول ما يثار من تكهنات حول وجود عرض نفطي فائض في الاسواق وأن العالم الصناعي سيكون بغنى عن نفط «اوبك». ان عدم استقرار هذه الدول غير مريح للدول المستهلكة، علماً ان الدول الخليجية وحدها وفي طليعتها السعودية بإمكانها تأمين استقرار الامدادات للأسواق العالمية. لكن التطورات في اكثر من دولة في «اوبك» هي احد اسباب بقاء سعر النفط عند مستوى مئة دولار للبرميل حتى لو كان الركود الاقتصادي عالمياً. فالدول تحتاج الى الوقود وزعزعة استقرار مزوديها هو عامل قلق لها. وهذا يشير الى ان مصير دول «اوبك» والتطورات السياسية فيها عامل اساسي في سعر برميل النفط في الاسواق العالمية.