أكدت 16 عاملة سعودية يعملن في فرع مصنع لصناعة «الخيش» في محافظة الخرج التابع لشركة تعبئة ومواد بلاستيكية عريقة، أنهن لم يتسلمن رواتبهن كاملة (3 آلاف ريال) منذ تعيينهن قبل ستة أشهر، وتسلمن على فترات ثلاثة مبالغ تتراوح بين 400 و1200 ريال، ما دعا بعضهن إلى تقديم استقالتهن من العمل. وأوضحت العاملات (تحتفظ «الحياة» بأسمائهن)، أن ثمان منهن يعملن خلال الفترة الصباحية التي تبدأ من الساعة السابعة والنصف وحتى الساعة الثانية والنصف ظهراً، لتبدأ بعدها ثماني أخريات العمل خلال الفترة المسائية حتى الساعة التاسعة والنصف ليلاً، وأشرن إلى أن العاملة الواحدة منهن تنجز ما بين 800 و900 خيشة كبيرة خلال الفترة الواحدة، في حين تنجز ما بين 1200 و1300 خيشة صغيرة في أوقات أخرى، وأن المشرف المباشر عليهن رفض تسليمهن رواتبهن كاملة، باعتبار عدم كفاءتهن في تحقيق النسب المفترضة من الإنجاز والمقدرة ب 1500 خيشة من الحجم الكبير، و2500 خيشة من الصغير، مؤكدات أن ذلك يعد شرطاً تعجيزياً لا يسمح به وقت دوامهن ولا حتى طاقتهن. وقال عدد من العاملات (تحتفظ «الحياة» بأسمائهن): «طلب منا المشرف عدم الحضور إلى العمل لافتقار المصنع إلى كميات من أكياس الخيش وصيانة المكائن، ووعدنا باحتساب الفترة ضمن الراتب، إلا أنه لم يدفع لبعضنا سوى ما بين 300 و400 و500 ريال، وعندما تساءلنا عن حقيقة هذه المبالغ، أفادنا بأنها حصيلة عملنا وتواضع كفاءتنا وتدني إنتاجنا»، ولفتن إلى عشوائية العمل وعدم وجود رقابة على الأداء، أو تدوين لنسبة إنتاج كل واحدة منهن، ولا حتى تسجيل أوقات حضورهن وانصرافهن. وقالت واحدة منهن: «إن المشرفة لا تأتي إلا متأخرة، ما يضطر كل واحدة إلى تدوين حضورها وانصرافها وعدد الأكياس التي تم تنفيذها يوماً»، فيما قالت أخرى: «المشرف أجبرنا على توقيع عقود براتب ثلاثة آلاف ريال، وتألمت كثيراً عندما تسلمت الرسالة النصية الخاصة بالتأمينات الاجتماعية، التي يتضمن فحواها اسمي ومقدار راتبي الذي لم أتسلم منه سوى 400 ريال فقط، وعلى رغم ذلك رفضت المشرفة منحنا صوراً للعقود التي أبرمناها، بحجة أن ذلك الإجراء ممنوع». وأضافت: «أن شعور العاملات بالغبن وهضم الشركة لحقوقهن دفع نحو ست منهن للامتناع عن العمل والاستقالة، بسبب رفض المشرف منحهن ما يثبت فترة التحاقهن وانقطاعهن عن العمل وعدها بمثابة شهادة خبرة لهن»، وأشارت أخرى إلى أن عدم تحديد الشركة لشروط بعينها في مقابل الالتحاق بالعمل شجع الكثيرات على خوض التجربة، ومنح الكثير منهن بارقة أمل للحصول على العمل، إلا أن هضم الحقوق ثبط عزائم العاملات، ولفتت إلى أن المشرفة المباشرة رفضت إعطاءهن أرقام الإدارة العليا للشركة للإفصاح عن معاناتهن، ما اضطرهن إلى نقل شكواهن إلى مكتب العمل منذ بضعة أسابيع. وأوضح نائب مدير الإدارة الرئيسة لمصنع شركة التعبئة والألياف البلاستيكية المحدودة في العاصمة المهندس خالد الريس، أن الكثير من العاملات يفتقرن إلى الوعي بطبيعة العمل، ويجهلن مدى ارتباط نسبة كمية إنتاجهن بمقدار ما يتسلمنه من راتب تبعاً لكفاءة أدائهن ووفقاً لجداول ونسب دورية وأهداف إنتاجية محددة يفترض عليهن تحقيقها بصفة دورية، كما أن الشركة سعت لتوطين الوظائف، والأخذ بيد من هن بحاجة إلى العمل وإلحاقهن به والتعامل معهن بمرونة، على رغم عدم التزام بعضهن بأوقات الدوام بحجة ظروفهن وارتباطهن بمسؤوليات أسرية، بل إن الشركة تعاونت معهن، على رغم تسبب بعضهن في عطل بعض المكائن بسبب جهلهن وتواضع إنتاجهن. وأضاف: «نحن لا نغبن أو نهضم حق أحد من العاملات، ولا يمنع ذلك أننا واجهنا الكثير من المنغصات والعوائق عند شروعنا في افتتاح القسم النسائي، وبما أن الوضع يعد جديداً على الشركة وفي مرحلة تأسيس، فمن الطبيعي أن تكون حلقة الارتباط العمالي بين الشركة والعاملات في طورها الأول، فعمل الموظفات لا يتجاوز كف أطراف الخيش فقط». من جهته، قال مصدر مسؤول في مكتب عمل الخرج: «بعد لجوء العاملات إلينا وتعبئتهن صحيفة الدعوى، عمد قسم التفتيش إلى إرسال خطابات إلى إدارة الشركة، ولكنها لم تستجب، وفي حال عدم استجابتها، سنضطر إلى مخاطبة مكتب عمل الرياض بالوضع الراهن ومن ثم سنعمد إلى إغلاق نظام الحاسب الآلي عليها، ما يترتب على ذلك حرمانها من الكثير من الصلاحيات، مثل استخراج الرخص وغيرها». فيما قال المحامي عبدالله الزمامي ل«الحياة»: «من حق العاملة الحصول على صورة من العقد، أما الحصيلة الإنتاجية لها، فليست له علاقة بالراتب الأساسي لها، بل من حقها تسلم راتبها، وفي حال مضاعفة إنتاجيتها، فلها أن تتسلم مكافأة عن نسبة إنجازها بغض النظر عن راتبها». وأضاف «لا بد من التأكد من حقيقة المسيرات والمستندات الرسمية وسجلات الحضور والانصراف، والتأكد من مدى نظامية العقود، وتطبيقها للقواعد الآمرة في النظام، التي لا يجوز تجاوزها، حتى لو اتفق الطرفان عليها، وتكييف بنود العقد إزاء ذلك، بغض النظر عن توقيع العاملات لمقدار رواتب بما يخالف حقيقة ما يتسلمنه». وزاد: «لا بد من مساءلة الجهات الحكومية ذات العلاقة، كأن تسأل بلدية المحافظة عن ترخيص المنشأة لديها، ومكتب العمل عن طبيعة الإجراءات التي قام بها في هذا الخصوص، والتأكد من مدى حفظه حقوق موظفيه، وكذلك توجيه تساؤل للدفاع المدني عن مدى توفير المصنع وسائل الأمن والسلامة لموظفيه، ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل لا بد من مساءلة وزارة التجارة والصناعة عن حقيقة استخراج القائمين على الشركة ترخيصاً خاصاً بالفرع القائم داخل المحافظة يختلف عن الترخيص الرئيس لمصنع الشركة الأساس في الرياض واستيفائه جل الشروط، إضافة إلى دور مصلحة الزكاة إزاء ذلك». كما أكد أهمية وجود نشرة ولائحة داخلية للمنشأة تفصح عن أوقات الدوام وطبيعة الإجازات ومقدارها، والأمن والسلامة داخلها، ونظام العمل داخلها، ويحق للموظف الحصول على نسخة منها إن أراد ذلك. وعن طبيعة العقوبات المترتبة على الشركة في حال ثبت تقصيرها، قال الزمامي: «يتم إغلاق المنشأة وتعويض العاملات عن حقوقهن منذ بداية التحاقهن بالعمل وحتى آخر يوم عمل، إلى أن يعمد القائمون على المصنع لإثبات أن المنشأة قائمة في شكل قانوني».