«أسرار» هو عنوان المعرض الأول للفنان التشكيلي زمان جاسم في الرياض، الذي تستضيفه قاعة «الفن النقي»، برعاية الأميرة عادلة بنت عبدالله. واختار الفنان السعودي 50 عملاً منوعاً في اللون والفكرة والخامة، لعرضها، بينها لوحات حديثة وأخرى سبق عرضها. يعتبر جاسم العرض في الرياض بمثابة «نقلة نوعية لمشواري الفني». ويقول: «ثمة دعوات عدة تلقيتها سابقاً للعرض هنا، لكنني تريثت في خطوة كهذه، لأنني أعتبر الرياض مدينة حساسة. وحين جاءتني دعوة من الفنانة التشكيلية الأميرة أضواء بنت زيد ومؤسسة قاعة الفن النقي، وجدت أن التوقيت مناسب لتزامنه مع المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية، وهي فرصة مميزة للتواصل مع مرتادي هذا الحدث الوطني». يقدم المعرض تجارب جديدة ضمن مشوار جاسم الفني، منها 8 لوحات منفّذة بتقنية «الفايبر غلاس»، مضافة إليها معادن ومواد كيماوية حارقة، سمّاها «تجربة الساتلايت»، أو «أطباق الدش». وعن هذه الأعمال يقول ل «الحياة»: «حين شاهدت من على سطح أحد المنازل عدداً ضخماً من أطباق الدش، فكرت كيف يمكن كل تلك الأطباق أن تغذي سكان هذه المنازل بأفكارها المختلفة المتنوعة، خصوصاً أنها تنقل مقداراً هائلاً من المعلومات التي قد تنشئ جواً حميماً بين أهل البيت الواحد والبلد الواحد، أو قد تسبب حروباً...». ويضيف: «أعتقد أن أكبر مشكلات العالم وليدة بعض وسائل الإعلام. حين أسافر إلى أي بلدٍ أو منطقةٍ ما، أجد تقبلاً من الطرف الآخر، لكنني على مستوى الإعلام، أجد تضاداً يوجد في العلاقات الإنسانية حروباً ومشادات». ويلفت إلى أنه يحاول من خلال لوحات «أطباق الدش»، تحويل المنظر العشوائي الى جمالي، فأضاف إلى بعضها أيقونات بوذية، متأثراً بإقامته في الهند ثلاث سنوات. ويذكر جاسم أن عمله يحاول «إيجاد وسيلة تواصل بيننا وبين الآخر، والتأكيد أن لا فارق بيننا»، كما أراد التعريف بهوية «المواطن السعودي المُبدع المتسامح الذي ينتمي إليها بكل فخر واعتزاز». ويقول: «هذه هي اللحمة التي نطمح إليها، ففي العالم رسالة تتخطى المحلية إلى ما هو أبعد منها». نفّذ جاسم الأعمال الأخرى المعروضة على القماش وعلى لوحات ورقية، علماً أن لكل منها خصوصية وأسلوباً مميزاً في تجربة الرسم. ويتضمن المعرض تجارب جديدة، وأخرى قديمة. لكن جاسم تعمد عرضها في «أسرار» لجمهور الفن التشكيلي في الرياض، ليتعرف الناس على حصيلة أعماله، كما يؤكد. المعرض الذي يعود 20 في المئة من ريعه إلى جمعية «إنسان»، هو «عناق الجمال لمشكلات الإنسان وهمومه»، بحسب جاسم الذي يعتبر أن على الفنان ألا يعترف بالمستحيل، وأن يبقى مشغول الذهن وفي حال بحث دائم عن الفكر والفن والجمال. ويضيف: «أكثر ما يسعدني مشاركة أحلامي الواقعية لأحلام نومي. وأنا أعتبر نفسي فناناً عنيداً في تطوير الخامة ومنهج الفن الذي أسلكه». أما أمنيته فهي «ترك بصمة للآخرين في زمنٍ لن أعيش فيه. لقد أعطيت الفن التشكيلي جلّ وقتي وطاقتي، ومنحني في المقابل الكثير. وما عدت أحلم بشيء لنفسي، بقدر حلمي بالعطاء للآخر، وبناء جسر من التواصل معه لإيصال رسالتي، فأينما أجد سعادة الإنسان أكون حاضراً بالقلب والروح وجمال الفن التشكيلي».