رئيس الوزراء الإسباني: سنواجه تهديدات إسرائيل    وزير الخارجية في طهران للمشاركة بمراسم تشييع الرئيس الإيراني    النرويج سعيدة بقرارها ومستعدة للقبض على نتنياهو ووزير دفاعه    جديدة عرعر يستقبل أولى أفواج الحجاج القادمين من العراق    السعودية للشحن تعلن استئجار مرافق جديدة في قرية الصيانة التابعة للسعودية لهندسة الطيران    الوطنية للإسكان تختتم أعمال منتدى سلاسل الإمداد العقاري    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير تشيلي غير المقيم لدى المملكة    عبدالعزيز بن سعود يستقبل سفير إيران لدى المملكة    أمير الشرقية يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات التدريب التقني والمهني بالشرقية    وزير الداخلية يدشن هوية بوابة سلامة المطورة في الدفاع المدني    سدايا: المملكة ملتزمة بتعزيز ابتكارات الذكاء الاصطناعي مع ضمان استخدامه الأخلاقي    أمير تبوك يكرم الطلاب والطالبات الحاصلين على المراكز الأولى في المسابقات المحلية والعالمية    تعليم "طبرجل "يقيم حفل ختام الأنشطة الطلابية للعام 1445    نقل مباراة الهلال والطائي إلى ملعب الشباب    مورينيو منتقدًا تقنية ال "VAR": يمكن التلاعب بها    "السعودية نحو الفضاء" .. عام على إنجاز تاريخي    المياه الوطنية تبدأ استقبال طلبات توصيلات المياه في 6 أحياء بجدة    محافظ القطيف يلتقي مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة الشرقية    قصاص مواطن تسبب بانقلاب مركبة آخر ووفاته    3 وزارات و5 مختصين ب"أمناء مكتبة الملك فهد"    القيادة تهنئ الرئيس اليمني بيوم الوحدة    فرص تمويل واستثمار ب"كان" من الصندوق الثقافي    ضيوف الرحمن: المملكة بقلوبنا وشكراً للملك    أمير المدينة يرعى تخريج الدفعة الثالثة من طلاب كليات الريان    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب «المركزي الأمريكي»    آل هادي يزف ياسر وأحمد لعش الزوجية    تخريج الدورة التأهيلية للفرد الأساسي لمجندات الدفعة السادسة في معهد التدريب النسوي    مناطيد العُلا تتزين ب"النمر العربي والحِجر وخيبر"    وصول البعثة الاولى الى المدينة المنورة لأداء فريضة الحج    مجلس الطيران العالمي    مصادر «عكاظ»: يايسله يقود الأهلي الموسم القادم    تسعيني ينال الثانوية قبل وفاته بأيام    منى زكي تجسّد دور «أم كلثوم».. وحفيدها يعترض !    «السعودية للطاقة» الأقل تكلفة لإنتاج الكهرباء من «المتجددة»    700 ألف صك صدرت عبر البورصة العقارية    بتوجيه خالد الفيصل.. نائب أمير مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    أنواع من الشاي الأشهر حول العالم    احذر.. قد يأتيك السرطان من داخل سيارتك !    تلوث الهواء يزيد خطر الإصابة بالخرف !    الأخضر تحت 17 لرفع الأثقال يشارك في بطولة العالم بالبيرو    أمير المدينة يستقبل المشايخ ومديري الإدارات الحكومية المدنية والعسكرية    دبابات الاحتلال تحاصر مستشفيات شمال غزة    ترجمة الهوية    أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-2    اطلاق برامج دعوية لخدمة ضيوف الرحمن    تويتر ينتقل نهائياً إلى«إكس دوت كوم»    نائب أمير الرياض يرعى حفل التخرج بمدارس الملك فيصل    سيدات الشباب يتوجن بلقب بطولة الصالات في نسختها الثانية    الدولة واهتمامها بخدمة ضيوف الرحمن    مذكرة تفاهم لتوفير مياه زمزم لحجاج الداخل    فرضية في طريق الهجرة استعداداً لموسم الحج    استعرض الفرص بقطاع المقاولات..الحقيل: 1,185 مشروعاً باستثمارات 240 مليار دولار    اطلع على برامج التدريب التقني.. أمير القصيم ينوه بدور«الشورى»    هديتي تفاحة    لمرضى الروماتيزم في الحج .. مختص: تناولوا الأدوية في مواعيدها    نائب أمير المنطقة الشرقية يشهد حفل تخريج طلاب كليات الأصالة    أشيعوا بهجة الأمكنة    نيابةً عن وزير الخارجية.. الخريجي يقدّم واجب العزاء في وفاة رئيس إيران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطائرات من دون طيار: أسلحة الحرب الجديدة
نشر في الحياة يوم 25 - 01 - 2013

لعلّ أوّل القرارات الذي يترتّب على المدير الجديد لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون برينان اتخاذه يتعلّق بما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدّة استهداف قادة المجموعات المقاتلة الإسلامية في مالي بواسطة الهجمات التي تنفذها الطائرات من دون طيار - بالطريقة نفسها التي قتلت بها المناضلين الإسلاميين الموجودين بأعداد كبيرة في أفغانستان وباكستان واليمن والصومال وفي أمكنة أخرى على مرّ العقد الماضي. قبل أن تتمّ ترقيته إلى منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، كان برينان كبير مستشاري الرئيس باراك أوباما لمكافحة الإرهاب والمسؤول عن تصعيد الهجمات التي تشنّها الطائرات من دون طيار في باكستان واليمن.
وفيما ازداد الخطر الإسلامي في الساحل خلال السنة الماضية عقب الإطاحة بالرئيس الليبي معمّر القذافي، عُلم أنّ الرئيس باراك أوباما ومستشاريه الأمنيين ناقشوا مسألة وجوب استخدام الطائرات المسلحة من دون طيار في شمال أفريقيا. وبالفعل، لا بدّ أنه تمّ اتخاذ قرار أميركي يقضي باستخدام الطائرات المسلحة من دون طيار لا سيّما عقب الحرب التي شنّتها فرنسا في هذا الشهر ضد المقاتلين الإسلاميين في مالي والهجوم المضاد الذي شنّه هؤلاء على منشأة الغاز جنوب شرقي الجزائر.
وفي ظلّ هذا الجوّ الدولي المضطرب، باتت الطائرات المسلحة من دون طيار الأسلحة الأبرز في الحرب. فبوسع هذه الطائرات مثل الطائرات من طراز «بريداتور» و«ريبر» أن تبقى في الهواء فوق أرض العدو لأكثر من أربع عشرة ساعة قبل أن تضرب أهدافاً غير متوقعة بواسطة الصواريخ التي تتخطى سرعتها سرعة الصوت. كما يقال إنّ الولايات المتحدّة تشغّل نحو 8 آلاف طائرة من دون طيار، علماً أنّ ألفاً منها هي طائرات مسلحة. وتعدّ إسرائيل بدورها مصنّعاً فاعلاً للطائرات من دون طيار. وأشار معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى إنّ 41 في المئة من الطائرات من دون طيار التي تمّ تصديرها بين عام 2001 وعام 2011 صُنعت في إسرائيل.
ويقال إنّ «الأمير» السابق في تنظيم «القاعدة» مختار بلمختار الذي شكّل مجموعته المناضلة الخاصة المعروفة باسم «الموقّعين بالدم» مسؤول عن التخطيط للهجوم الذي شُنّ على منشأة الغاز الجزائرية في مدينة «إن أميناس». وكانت القوات الخاصة الجزائرية قد تخلّصت من أعضاء هذه المجموعة في إطار عدد من العمليات التي بدأت في 16 كانون الثاني (يناير) وقتلت معظمهم. إلا أنّ عدداً كبيراً من الرهائن الجزائريين والأجانب قضوا نحبهم أيضاً. واعتبرت المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت، الهجوم الذي نفّذ على منشأة الغاز الجزائرية إنجازاً كبيراً ودعت إلى شنّ هجمات ضد أهداف فرنسية.
وبهدف تلبية الدعوة التي أطلقتها الحكومة المالية للمساعدة، لم تخفِ فرنسا نيّتها تدمير المجموعات المقاتلة الإسلامية شمال مالي ومساعدة حكومة باماكو على بسط سيطرتها من جديد على كامل أراضي البلد. أما المجموعات التي تستهدفها فهي «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و «الحركة من أجل الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا» وجماعة «أنصار الدين». أرسلت هذه المجموعات الإسلامية متمردي الطوارق إلى شمال مالي في السنة الماضية فاستولوا على القرى الأساسية بما فيها قرية تيمبوكتو ومن ثمّ فرضوا حكمهم الإسلامي الخاص الذي كان عنيفاً في بعض الأحيان. وبما أنّ هذه المجموعات استولت في شكل واسع على أراضي البلد القاحلة التي تضاهي مساحتها مساحة فرنسا، قد تكون المهمّة صعبة وطويلة.
بدت الولايات المتحدة والجزائر مترددتين في الانخراط في النزاع في مالي إلا أنّ الأحداث الحاصلة قد تكون أرغمتهما على التدخّل. كانت الولايات المتحدة برئاسة أوباما تسعى إلى الانسحاب من النزاعات المسلحة مثل الحربين الطويلتين والمكلفتين في العراق وأفغانستان. كذلك بدت الجزائر حريصة على البقاء خارج النزاع في مالي لا سيّما أنها لا تزال تتعافى من جروح الحرب الأهلية المريرة ضد المحاربين الإسلاميين في تسعينات القرن الماضي والتي أدت إلى مقتل حوالى 150 ألف شخص. وكان الإسلاميون في مالي في عدد من الحالات يحاربون في حرب الجزائر الأهلية. وآخر ما كانت تتمناه الجزائر هو إعادتهم إلى أراضيها. إلا أنّ ذلك حصل مع الهجوم الذي شُنّ على منشأة الغاز. لقد انخرطت الجزائر في النزاع سواء أعجبها ذلك أم لا.
ويقال إنّ الطائرات الفرنسية من طراز «ميراج» التي تقصف المقاتلين شمال مالي تنطلق من المطارات في الجزائر والتشاد. فهل ستنضم إليها الطائرات الأميركية المسلحة من دون طيار؟ تحتاج الطائرات من دون طيار على غرار طائرات «ميراج» إلى إذن لدخول المطارات وإلى حق التحليق في الدول المجاورة. كما تحتاج الطائرات من دون طيار إلى مخبرين ميدانيين قادرين على تحديد الأهداف المحتملة وعلى نقل هذه المعلومات الاستخباراتية الدقيقة بواسطة الوسائل الإلكترونية إلى مشغّلي الطائرات من دون طيار. وفي أفغانستان، حيث استخدمت الولايات المتحدّة الطائرات من دون طيار في شكل كبير، ألقت حركة «طالبان» في بعض الأحيان القبض على المخبرين وعذبتهم وقتلتهم بعد أن أرغمتهم على تسجيل أشرطة فيديو يعترفون فيها بأنهم يتجسسون لمصلحة الولايات المتحدة. ويجب أن ننتظر لنرى ما إذا كانت الولايات المتحدّة ستوظّف شبكات من المخبرين في شمال مالي لتنفيذ هذه المهمّة الخطرة.
لا شكّ في أنّ الطائرات من دون طيار فاعلة إلا أنّها مثيرة للجدل أيضاً. فإلى جانب القضاء على الإرهابيين المزعومين، توقع هذه الطائرات ضحايا أبرياء. فقد أشارت الأدلة الواردة في تقرير مشترك صادر عن مكتب الصحافة التحقيقية وصحيفة «صنداي تايمز» إلى أنّ وكالة الاستخبارات المركزية استهدفت عمداً أشخاصاً هرعوا إلى مساعدة ضحايا هجوم. كما تمّ شنّ هجوم على زوجات المناضلين حين كنّ يدفنّ جثث أزواجهنّ. وفي عام 2012، قتلت الطائرات من دون طيار نحو 470 باكستانياً، علماً أنّ 68 منهم ليسوا محاربين. وفي استطلاع أخير للرأي، قال 74 في المئة من الباكستانيين إنّهم يعتبرون الولايات المتحدّة عدواً. كما يرى عدد كبير من الخبراء أنّ الهجمات بالطائرات من دون طيار تولّد إرهابيين أكثر من أولئك الذين تقتلهم.
وفي اليمن، ارتفعت وتيرة الهجمات التي نفذتها الطائرات الأميركية من دون طيار ضد مناضلي تنظيم «القاعدة» جنوب البلد خلال السنة الماضية. كما قتلت الطائرات من دون طيار 185 شخصاً على الأقل في اليمن في السنة الماضية. إلا أنّ تكلفة سياسية تترتب عن هذه العمليات القاتلة لمكافحة الإرهاب. إذ أنها تولّد عدائية كبيرة ليس ضد الولايات المتحدّة فحسب بل ضد قادة اليمن أيضاً الذين يسمحون للطائرات الأميركية من دون طيار بأن تعمل في أراضيهم. ويقال إنّ الرئيس عبد ربه منصور هادي (الذي حلّ في شهر شباط - فبراير الماضي مكان الرئيس علي عبد الله صالح الذي بقي مدة طويلة في سدة الرئاسة) طلب من الولايات المتحدة المساعدة ضد تنظيم «القاعدة».
في أفغانستان وباكستان واليمن، فشلت العمليات الهادفة إلى مكافحة الإرهاب في فرض السلام كما تمنت الولايات المتحدة وزادت الأمور سوءاً. وكي تكون هذه العمليات فاعلة، يجب أن تكون جزءاً من سياسة تفاوض ومساومة وبحث عن حلّ سياسي للنزاعات. وستقدّم مالي الاختبار الأخير على ذلك. لا شكّ في أنّ الخطأ الذي ارتكبته حكومة باماكو يكمن في عدم إعطاء الطوارق شمال البلد قدراً من الاستقلالية. فلو فعلت ذلك، لما كانت المجموعات الإسلامية تملك عذراً للتدخّل.
في إطار تقرير نشره موقع «ديلي بيست» (التابع لمجلة «نيوزويك») في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، نُقل عن السفير الأميركي الأسبق في باكستان، كاميرون مونتر قوله إنّ «مشكلة الهجمات بالطائرات من دون طيار هي التبعات السياسية المترتبة عنها... هل تريد الفوز بمعارك قليلة وخسارة الحرب»؟
* كاتب بريطاني مختص في شؤون الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.