اتسعت رقعة الخلاف داخل مركبات الائتلاف الحكومي في إسرائيل في أعقاب التراشق الكلامي العنيف بين زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بينيت ووزير الدفاع، الرجل الثاني في حزب «ليكود» الحاكم موشيه يعالون على خلفية سلوك الحكومة الأمنية المصغرة خلال الحرب على قطاع غزة، وادعاء بينيت أنه لولا إصراره على مواصلة الحرب ورفض الاقتراح الأول لوقف النار لما تمت «معالجة الأنفاق» في القطاع. ويبدو أن التلاسن بين الرجلين عضوي الحكومة المصغرة هو ما دفع بلجنة المراقبة البرلمانية إلى إصدار تعليمات أمس إلى «مراقب الدولة» بفحص القرارات التي اتخذتها الحكومة المصغرة خلال الحرب، وتحديداً استعداد الجيش لمواجهة «تهديد الأنفاق». وسبق للجنة الخارجية والأمن البرلمانية أن أعلنت أنها ستفحص هي أيضاً سلوك المستويين السياسي والأمني خلال الحرب. ويأتي هذا التلاسن في أوج خلاف بين رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير المال زعيم حزب «يش عتيد» يئير لبيد على موازنة وزارة الدفاع للعام المقبل، ورفض لبيد طلب وزارة الدفاع زيادة موازنتها بنحو ثلاثة ملايين دولار. ورأى مراقبون أن هذه الخلاف بين أقطاب الأحزاب التي تشكل الائتلاف الحكومي يعكس أزمة حقيقية داخل هذا الائتلاف التي قد تتسع رقعتها مع استئناف الكنيست أعمالها بعد شهر، مع انتهاء الأعياد اليهودية، إذ يتوقع أن تطالب أحزاب في المعارضة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في الحرب. كما يتوقع أن يطالب لبيد وزعيمة «الحركة»، وزيرة القضاء تسيبي ليفني رئيس الحكومة بتحريك العملية السياسية مع السلطة الفلسطينية شرطاً لبقائهما في الحكومة. ورفض يعالون، خلال حديثه أمام لجنة المراقبة البرلمانية، اتهامات بينيت، وكأن المؤسسة الأمنية لم تكن مدركة لحجم خطر الأنفاق في القطاع، وقال إن الحكومة كلها والحكومة الأمنية المصغرة على نحو خاص كانتا على علم بتهديد الأنفاق قبل بدء الحرب بوقت طويل. وطلب رئيس اللجنة من «مراقب الدولة» بأن يشمل الفحص الذي سيجريه مكتبه في شأن سير الحرب سلوك المؤسسة الأمنية والجيش وهيئات المخابرات والصناعات العسكرية خلال الحرب. وعقدت جلسة لجنة المراقبة على خلفية احتدام النقاش بين يعالون وبينيت الذي بدأ مع اتهام الأول للثاني بأنه تلقى من ضابط كبير في الجيش (الحاخام العسكري السابق الضابط في الاحتياط أفيحاي رونتسكي) معلومات سرية جداً تلقاها من ضباط ميدانيين، رغم أنه لم يُستدعَ للاحتياط، استخدمها (بينيت) لمناكفة وزير الدفاع. واعتبر يعالون أن استخدام بينيت المعلومات السرية «تسبب بضرر بالغ لإسرائيل خلال الحرب»، وأن تصريحات بينيت وعدد من الوزراء خلال الحرب «تسببت في إطالة أمدها وارتفاع الثمن الذي دفعناه». وقال إن تصريحات بعض الوزراء أوحت لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل بأن إسرائيل على شفا الانكسار. كما اتهم يعالون بينيت بأنه ذهب إلى ميدان القتال من دون الحصول على إذن مسبق «لينشر صوره مع ضباط وجنود على صفحته في فايسبوك لينال الإعجاب– لايك». وردّت أوساط بينيت بالقول إن الأخير فخور بنشاطه، وإنه هو الذي قاد حملة تدمير الأنفاق في قطاع غزة، و «كان في الميدان ونام في المستوطنات المحاذية للقطاع، ولم يهرب مثلما فعل يعالون». وأضافت أن المعلومات التي وصلت بينيت أفادته في الإصرار على مواصلة الحرب لتدمير الأنفاق في الوقت الذي وافق نتانياهو ويعالون على وقفها بعد أسبوعين. وزادت أن نشاط الوزير خلال الحرب وتصديه لتقصير الجيش في مسألة الأنفاق «أنقذا سكان المستوطنات المحاذية»، وأنه دعا صباح مساء إلى شن حرب على الأنفاق الهجومية، لكن زملاءه في الحكومة ردوا على تحذيره باستخفاف. واعتبر يعالون هذه الأقوال «أكاذيب وأساطير» يراد منها تمجيد دور بينيت. وتلقى بينيت الدعم لموقفه من الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي «شاباك» يوفال ديسكين الذي اتهم نتانياهو ويعالون بالتفرد في كل قرارات الحكومة الأمنية المصغرة، وأنهما لم يطلعا أعضاءها على جميع المعلومات التي بحوزتهما، «ما حدا ببينيت إلى الذهاب إلى الميدان ليجمع معلومات أفادته في مناقشات الحكومة، وتحدى بها رئيس الحكومة ووزير الدفاع». واستنكر ديسكين تسريب معلومات عسكرية لبينيت، لكنه أضاف أنه «توجب على رئيس الحكومة إشراك وزرائه بجميع المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لتكون مشاركتهم في النقاش مثمرة». وشكك ديسكين في رواية يعالون بأن المؤسسة الأمنية كانت على علم بخطورة الأنفاق، وقال إن هذه المسألة لم تطرح قط خلال عملية «عامود السحاب» قبل أقل من عامين، وأن نتانياهو ويعالون مالا إلى وقف الحرب الأخيرة من دون القيام بعملية برية لتدمير الأنفاق».