بتخريج 63 متدربًا من برامج الدبلوم العالي بأكاديمية الأمير نايف بن عبدالعزيز    استدعاء 88 ألف شاحن أنكور لاحتمالية نشوب حريق    موجز    تمديد إلغاء الغرامات الضريبية    ضغوط أمريكية ومطالب مصرية بخطة واضحة.. تحركات دبلوماسية مكثفة لوقف حرب في غزة    السعودية ترحب وتثمن مساعي واشنطن والدوحة.. اتفاق سلام تاريخي بين رواندا والكونغو    ميزة ذكية من "واتساب" لتلخيص الرسائل دون فتحها    فنربخشه وجهته المقبلة.. " دوران" يقترب من مغادرة النصر    الإصابات تعقد مهمة الهلال أمام مانشستر سيتي    في دور ال 16 من كأس العالم للأندية.. سان جيرمان يصطدم بميسي.. وبايرن ميونيخ يواجه فلامنغو    1587 حالة ضبط في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    الثلاثاء.. بدء التطبيق الإلزامي لخدمة "تصريح التوصيل المنزلي"    حادث جديد بمصر بعد أقل من 24 ساعة على مأساة "صبايا العنب"    «درجة الغليان» بين منة شلبي وعمرو سعد    شركة الدرعية ضمن قائمة مجلة التايم لأكثر 100 شركة تأثيرًا في العالم لعام 2025    «سلمان للإغاثة» يوزع (3.220) كرتون تمر في مديرية الوادي بمحافظة مأرب    جون سينا يحافظ على بطولة "WWE" بعد فوزه على بانك    وزير الدفاع يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية    تخريج 63 متدربًا من أكاديمية نايف بن عبدالعزيز لمكافحة المخدرات    وكالة الطاقة تدعو لمزيد من الاستثمار لضمان الوصول الشامل للطاقة    «الملك سعود» و«المنتجين».. تعاون فني وثقافي    الاكتتابات في السوق المالية بين تضخم الأسعار وتخمة المعروض    «السجون» تحتفل بالاعتماد الأكاديمي العسكري    المملكة تحارب السموم.. وطن بلا مخدرات    رونالدو: ولي العهد أهم شخصية مؤثرة في التطور الناجح للمملكة    الأخضر السعودي يواجه المكسيك صباح اليوم الأحد    تدريب منتسبي الجهات الحكومية والخاصة على الإنعاش والإسعافات الأولية    13.400 طالب يعززون مهاراتهم العلمية والمعرفية    «الإسلامية» تُنفذ زيارات رقابية في الزلفي ونجران    الترويج للطلاق.. جريمة أمنية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينهي معاناة «ثلاثينية» مع نوبات صرع يومية بجراحة نادرة ودقيقة    تجديد اعتماد «سباهي» لمركزي المربع وشبرا    إطلاق مبادرة «توازن وعطاء» في بيئة العمل    اختتام منافسات الجولة الأولى من بطولة السعودية لصعود الهضبة 2025    في ثالث أيامه.. معرض حرس الحدود التوعوي يواصل فعالياته في عسير    وكالة الشؤون النسائية بالمسجد النبوي تُطلق فرصًا تطوعية لتعزيز تجربة الزائرات    ولي العهد.. الجانب الآخر    "الخط السعودي" يتزين في نادي جدة الأدبي    ولي العهد صانع المجد وافي الوعد    إيران مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع أميركا    موجة حارّة تلفح أوروبا    استشهاد 615 رياضيًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    "الغروي" مديرًا لإدارة جودة الخدمات بتعليم جازان    مشروع "واجهة زان البحرية".. يعزز القطاع السياحي والترفيهي والاستثماري بجازان    أسواق الطيور تجربة سياحية رائعة لعشاق الحيوانات الأليفة في جازان    تكليف الدكتور مشعل الجريبي مديرًا لمستشفى الملك فهد المركزي بجازان    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن «تقسيم» السُلطة؟
نشر في الحياة يوم 18 - 12 - 2012

في مطلع القرن ال20، عرّف كارل شميت «السيادة» بأنها «القدرة على اتخاذ القرار في لحظة الاستثناء». وقبله بقرون كان الفرنسي جون بودين مشغولاً بتصميم مفهوم السيادة عندما وصفها بأنها «سلطة عليا فوق المواطنين والرعايا لا تحدّ بالقانون». ولإن كان بودين - وبعده هوبز- نظرا للسيادة باعتبارها سيادة الأمير المتفرد الذي يحكم أوروبا آنذاك - إذ وصف بودين أمراء عصره بقوله: «لا يوجد في الدنيا، بعد الله، أعظم من الأمراء الأسياد» - فإن جان جاك روسو سينقل السيادة من الفرد إلى إرادة الأمة العامة.
تجسدت نظرة روسو هذه في الثورة الفرنسية وخصوصاً في المادتين الثالثة والسادسة من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي، إذ تنص المادة الثالثة على أن «مبدأ كل السيادة ينبع من الأمة، ولا يحق لأية جهة أو فرد ممارسة أي سُلطة لم تنبع مباشرة من الأمة». أما المادة السادسة فتعرف القانون بهذا الشكل: «القانون هو التعبير عن الإرادة العامة».
ويصف فينسنت السيادة في كتابه «نظريات الدولة» بأنها «كأن تُرى على أنها ضرورية لأي دولة وأنها بحكم التعريف: مطلقة دائمة شاملة غير قابلة للانقسام». والسيادة كانت مصدر القانون على رغم أنها لا تحدد به». ما يهمنا في هذا التنظير كله هو هذه الفكرة الرئيسة، وهي أن السلطة واحدة غير قابلة للانقسام.
هذه الرؤية تم تحديها سابقاً من الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو الذي نادى بفصل السلطات عن بعضها. ولإن كان مونتسكيو يقصد بالسلطات كلاً من سلطتي التشريع والتنفيذ، مستلهما بذلك النماذج اليونانية والرومانية قديماً والإنكليزية المعاصرة له، فإن مفهوم الفصل بين السلطات الثلاثة - التشريعية والتنفيذية والقضائية - يعود حصراً لأحد الآباء المؤسسين وهو جون آدامز في كتابه: «أفكار في الحكومة».
وكما يقال لنا فإن الثورة الأميركية أنتجت الدستور الذي يحدد الدولة التي تقوم على انقسام السلطات إلى ثلاث سلطات، تقوم كل منها بلجم الأخرى. ومنذ ذلك اليوم تم التعامل مع «فصل السلطات» باعتباره فضيلة ومؤشراً على عدالة الحكم، فكلما تركزت السلطات كلما كان هذا يعني «استبداداً»، وبالتالي نزوعاً تلقائياً للظلم والتعسف، وكلما كان هناك انفصال بين السلطات، كلما كان هذا يعني «ديموقراطية» وبالتالي نزوعاً نحو العدل وتحكيم القانون...إلخ.
لكن، هل هذا صحيح؟ هل يمكن للسلطة أو السيادة أن «تنقسم» داخل دولة مثل الدولة الحديثة؟ في كتابه «السلطة الرئاسية» يقول نيوتسادتس- مؤسس كلية جون كيدي للعلوم السياسية في جامعة هارفارد- إنه «كان يفترض بالدستور الأميركي أن ينشئ حكومة مفصولة السلطات، إلا أنه لم يفعل ذلك بقدر ما كان كل الذي فعله هو أنه أنتج حكومة ذات ثلاث مؤسسات منفصلة تقوم ب(تشارك) هذه السلطات».
فلو نظرنا لصلاحيات الرئيس الأميركي - أحد هذه المؤسسات الثلاثة - لوجدنا أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو من يرشح القضاة الفيديراليين ووزراء حكومته، وهو من لديه سلطة عزل الأخيرين، إضافة إلى أن القوانين الصادرة من الكونغرس- المؤسسة الثانية - لا تصبح قوانيناً إلا إذا وقّع عليها الرئيس، وله حق نقضها وإرجاعها للكونغرس. هذا الحق الأخير هو ما عناه الرئيس الأميركي آيزنهاور عندما قال: «أنا جزء من السلطة التشريعية». كما أن للرئيس حق إصدار عفو عام عن أي من السجناء، كما وأنه يستطيع إصدار «أوامر تنفيذية» تقوم بتفسير نصوص القوانين الصادرة من الكونغرس، والتي عادة ما تكون عامة وفضفاضة كونها نتيجة تسوية بين مصالح متناقضة. هذه السلطات كلها التي تتوفر للرئيس لا يمكن اختصارها بالقول إنه يمثل السلطة التنفيذية فقط.
بل لننظر إلى الجهاز البيروقراطي الذي تم تدشينه في الولايات المتحدة منذ عام 1883. فمنذ تأسيس الجهاز البيروقراطي والجدل دائر حول علاقة «السياسة» ب«الإدارة»، وكانت الفرضية التي تم العمل وفقها هي أنه على رغم ضرورة الفصل بين الإدارة والسياسية، إلا أن على الجهاز الإداري غير المنتخب الخضوع للمؤسسات السياسية المنتخبة. تم تطبيق هذا عبر جعل القوانين التي تعمل وفقها المؤسسة البيروقراطية نابعة من الكونغرس المنتخب، ومسؤولة أمامه وأمام الرئيس المنتخب هو الآخر، وتم توفير مجموعة من الأدوات لكل من الكونغرس للمراقبة والتحكم في هذا الجهاز الإداري كالتحكم بالميزانية والمسائلة والمراقبة...إلخ.
إلا أن الذي حدث على أرض الواقع ومنذ تأسيس الجهاز البيروقراطي هو ظهور ما يسمى ب«المثلثات الحديدية»، وهي عبارة عن تحالف ثلاث مجموعات للسيطرة على المؤسسة البيروقراطية. هذه المجموعات تتألف من جماعة ضغط خارجية والمسؤولين البيروقراطيين وأعضاء لجنة الكونغرس المسؤولة عن متابعة الجهة. هذا التحالف قوي لأنه يستند إلى كون المعلومات التفصيلية حول طبيعة عمل هذه المؤسسة متوافرة لدى هذه المجموعات بشكل أكبر من توافرها لدى المسؤولين المنتخبين الذين لا يتوافرون إلا على نظرات عامة، إضافة إلى ضبابية القوانين التي تصدر عن الكونغرس، وتنظم عمل المؤسسة مما يتيح مجالاً كبيراً للتفسير. ونظراً لمحاولة زيادة كفاءة المؤسسة البيروقراطية، فإن هناك عدداً من الصلاحيات يتم توظيفها لها، كصلاحيات تشريعية وقضائية. كل هذا يؤثر سلباً في مدى شرعية وتمثيلية واستجابة هذه المؤسسات للشعب.
أخيراً، الفصل بين السلطات أقرب ما يكون للأسطورة، والمخيف أن هذه الأسطورة هي ما يتصارع عليه المتصارعون في الأزمة الدستورية المصرية.
* كاتب سعودي.
[email protected]
sultaan_1@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.