الصين تقتحم بالجينات صناعة الأنسجة البيولوجية

تبرز عند مدخل مختبر «جيانغسو» الرئيسي المخصّص لبحوث تجديد الخلايا العصبيّة، لوحة لقرابة عشرين هِبة حصل عليها المختبر، تصل قيمتها الإجمالية إلى 2.87 مليون دولار على مدار 18 عاماً. يعتبر هذا الأمر رائعاً بالنسبة إلى مختبر مقرّه جامعة «نانتونغ» غير المشهورة نسبياً والواقعة على مسافة بضع ساعات بالسيارة عن شانغهاي. يمتدّ هذا المختبر المتميّز على مساحة 4000 متر مربّع، وهو مُجهّز بمعدّات تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، إضافة إلى احتوائه على مطبخ وصالة ترفيه، وخزائن للملابس ومرافق للاستحمام. تعتبر هذه المُكوّنات خير دليل على نجاح مدير المختبر، غو شياوسونغ، وهو خبير في مجال تجديد أعصاب الدماغ. واشتهر شياوسونغ بسعيه الدؤوب إلى جعل عملية تجديد الخلايا العصبيّة، جزءاً من العمل اليومي لجامعة «نانتونغ».
ومع أخذ معطيات كثيرة في الاعتبار، لا يُعتبر مختبر «غو» فريداً من نوعه، بل يندرج ضمن عشرات المختبرات التي تسلّط الضوء على الجهود التي بذلتها الحكومة الصينية أخيراً لإحراز تقدّم في مجال صنع الأنسجة البيولوجية بواسطة الجينات والهندسة الوراثية، أي ما يُعرف باسم «التقنية البيولوجية» Biotechnology.
ابحث عن المال
في هذا السياق، أشار تسوي فوجاي، وهو اختصاصي في هندسة أنسجة العظام والدماغ في جامعة «تسينغهوا» في بيجينغ، إلى أنّ الزعماء الصينيّين يعتقدون بأنّ هندسة الأنسجة تشكّل مجالاً واعداً للابتكار. وأوضح فوجاي الأمر بالقول: «إنّهم يشعرون بأن هندسة الأنسجة تمثّل مجالاً مهماً بالنسبة إلى الاقتصاد، خصوصاً أن هذه الهندسة تنطوي على تطبيقات واضحة».
في السنوات الأخيرة، تفرّدت برامج الهبات الوطنيّة الصينيّة في تمويل مشاريع الأنسجة الحيوية وصناعتها، إضافة إلى إمساكها بجوانب أخرى من البحوث التي تتناول الموادّ البيولوجيّة، معتبرة أن هذا التوجّه يخدم تحقيق التنمية.
وبحسب تحليل أصدرته أخيراً شركة الاستشارات التكنولوجيّة «لوكس ريسرتش» في واشنطن، خصصت مؤسسات متنوّعة في الحكومة الصينية 80 مليون دولار لتمويل مشاريع هندسة الأنسجة وبحوث خلايا المنشأ Stem Cells في الصين، بين عامي 1999 و2009.
ونظراً إلى أنّ الحكومة غير معتادة على تكريس مجموع المبالغ التمويلية لمجالات بحوث معيّنة، لم تحرِز الاستثمارات الحكومية المتواصلة في بحوث خلايا المنشأ تقدّماً يذكر حتّى عام 2011، على حدّ تعبير ماجون، وهو محلّل لدى «لوكس ريسرتش» في شانغهاي.
وفي ظل مناشدة قطاع تصنيع الموادّ الطبّية الحيويّة الصينيّ زيادة حصّته في السوق العالمية خمسة أضعاف بحلول عام 2050، بات من شبه المؤكد أن هذا النوع من التمويل سيتزايد في العقود المقبلة.
وانطلقت بحوث هندسة الأنسجة في الصّين في تسعينات القرن العشرين، عندما بدأ هذا المجال في الصعود عالمياً. وأسسّ العلماء الصّينيّون مجتمعاً وطنياً لهندسة الأنسجة في العام 1999. وعقدوا خلال السنة ذاتها، أوّل مؤتمر وطنيّ حول هندسة الأنسجة البيولوجية في شنغهاي.