قتل وجرح عشرات العراقيين في سلسلة عمليات ضربت امس مدناً عدة، خصوصاً بغداد، بعد اقل من 48 ساعة على فرار معتقلين معظمهم من «تنظيم القاعدة» من سجن تكريت. بدأت سلسلة الهجمات في ساعات الصباح الاولى أمس، وشملت تفجير 13 سيارة مفخخة وعبوات ناسفة وهجومين مسلحين في تسع مدن بينها بغداد، على ما أكدت مصادر امنية وعسكرية وطبية، سقط خلالها أكثر من 32 قتيلاً ومئة جريح. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع العقيد ضياء الوكيل ل «الحياة» إن «التفجيرات رسائل من الارهابيين مفادها أنهم موجودون على الارض ويعملون بحرية لكنهم على عكس ذلك مطاردون لا يستطيعون البقاء في مكان واحد». وأشار الى ان قواته نفذت «الشهر الماضي عمليات واسعة النطاق في محيط دجلة وشمال الفرات استهدفت خلايا نائمة لتنظيم القاعدة واتباعه. وهذه العمليات ستتواصل في شكل مكثف حتى القاء القبض على هؤلاء». ولا تحمل التصريحات والبيانات الامنية الرسمية جديداً في نظر اوساط سياسية وبرلمانية ترى ان «وقوع تفجيرات متزامنة وبهذه الدقة تكشف هشاشة الوضع الامني وضعف الخطط، وقلة خبرة القائمين على الملف الامني»، على ما قال عضو لجنة الامن والدفاع عن «التحالف الكردستاني» النائب شوان محمد طه. وفي مقابل تركيز القوات العراقية على حملات الدهم والإعتقال في مناطق مختلفة يفترض انها «حاضنات» للمجموعات المسلحة، تبدو الاطراف التي تخطط لشن الهجمات واقتحام السجون اكثر «هدوءاً» و «اطمئناناً» من كونها «مطاردة». وكان تنظيم «القاعدة» نجح في «تحرير» العشرات من قادته، بعضهم محكوم بالاعدام من سجن تكريت المركزي ليل الخميس–الجمعة في هجوم «معد» من داخل السجن وخارجه. ولم تتمكن قوات الامن التي اطلقت حملة لملاحقة الفارين من العثور على الكثير منهم، فيما طرح مسؤول امني في اتصال مع «الحياة» علامات استفهام كبيرة حول استمرار المواجهات المسلحة داخل السجن لمدة 8 ساعات قبل وصول قوات خاصة من بغداد، ما يشير الى غياب التنسيق بين الاجهزة الامنية. وقال هذا الضابط ان القيادة الامنية تعتمد بشكل متزايد على «قوات سوات» وهي فرقة خاصة تابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي لمواجهة الاحداث الكبيرة في انحاء العراق، على رغم انتشار مئات الآلاف من الجنود والوحدات العسكرية والامنية في المدن والبلدات. وقال النائب شوان طه ان «الحكومة تعتمد القوة في فرض الامن والتفرد في القرارات، من دون اشراك باقي الكتل السياسية، وهذا من ابرز التحديات التي تواجة البلاد حالياً» وأشار الى ان «استمرار التفجيرات فيما عديد قوات الامن مئات الألوف من المقاتلين يستدعي مراجعة الوضع برمته». وتترجم عبارة «مراجعة الخطط الامنية»، في ظل الهجمات المتواصلة قرارات بتغيير قادة الشرطة او نشر المزيد من الجنود في المناطق التي تستهدفها التفجيرات، فيما الخلل الاساسي في بنية الاجهزة التي تخوض حرباً مع «اشباح» تساهم المعلومات الشحيحة عن تحركاتها وخططها وافكارها في تنفيذ هجمات من موقع اكثر استقراراً من الاجهزة الامنية نفسها.