عبدالعزيز بن سعود يرعى حفل تخريج 1935 طالبًا من كلية الملك فهد الأمنية    انطلق بمشاركة 100 كادر عربي وأوربي.. أمين الرياض: «منتدى المدن» يعزز جودة الحياة ويقدم حلولاً مشتركة للتحديات    حفل خريجي «المنشآت التدريبية» برعاية أمير تبوك.. غداً    عبدالعزيز بن سعد يشهد حفل تخرج جامعة حائل.. غداً    405 مليارات إجمالي إيرادات الربع الأول.. 80 مليار ريال توزيعات أرباح «أرامكو السعودية»    5.6 % نمو "غير النفطية".. ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي    ديوانية الأطباء تكرم البحرينية بثينة عجلان    كبرى شركات النفط تستعد لأوقات عصيبة مع تأثر المنتجين بانخفاض الأسعار    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء «غرفة الأحساء»    السعودية تقود المشهد من حافة الحرب إلى طاولة التهدئة    "اعتدال" و"تليجرام" يزيلان 16 مليون مادة متطرفة في 3 أشهر    بعد 50 عامًا في المدار… سقوط مركبة سوفيتية فاشلة    دبلوماسية الحسم    سياسيون ل«الرياض».. زيارة ترمب تفتح آفاق المستقبل للعلاقات الدبلوماسية    القادسية ل" الثالث".. والرائد إلى" الأولى".. الاتحاد يقترب من " روشن".. والشباب يعبر الأهلي    سورلوث مهاجم أتلتيكو يتفوق على ميسي ورونالدو    تحضيرًا لجولتي الحسم في تصفيات مونديال2026.. الشرقية تجهز الأخضر لمواجهتي البحرين وأستراليا    أسرة الجهني تحتفي بزواج عمّار    احتفال آل برناوي وآل سيامي بعقد قران حمزة    91 % نسبة رضا المستفيدين عن أداء الموظفين بديوان المظالم    «المظالم» يُسجّل قفزة في رضا المستفيدين    عودة «عصابة حمادة وتوتو» بعد 43 عامًا    أمريكية وابنها يحصلان على الماجستير في اليوم نفسه    الهروب إلى الخيال..    بتنظيم من وزارة الشؤون الإسلامية.. اختتام تصفيات أكبر مسابقة قرآنية دولية في البلقان    المملكة تواصل ريادتها الطبية والإنسانية    أبشر.. أكثر من 33 مليون عملية إلكترونية في مارس    العميد على بعد خطوة من التتويج    الاحتلال الإسرائيلي اعتقل 770 طفلًا من الضفة منذ بدء حرب الإبادة    نادي القادسية يتوّج بكأس وزارة الرياضة لكرة الماء    دوليون يستكشفون إرث المملكة الحضاري ونهضتها    «الدرعية لفنون المستقبل» و«سكاتاريلا أسوسياتي» يفتتحان «البصمة الخفيفة»    القادسية يحسم لقب الدوري الممتاز لكرة القدم تحت 17 عامًا    لوران بلان: الاتحاد لا يخشى أحدًا!    جراحة روبوتية لإنقاذ طفل مصاب بفشل كبدي بالرياض    جدة تستضيف بطولتي العالم للبلياردو والماسترز للسنوكر يوليو وأغسطس 2025    22.6 مليون ريال تعويضات عام لانقطاعات الكهرباء    زيلينسكي يرحب بعرض بوتين ويشترط وقفا شاملا للنار    الأمير سعود بن نهار يطلع على الخدمات المقدمة للحجاج في مطار الطائف    الحج بتصريح.. نظام يحفظ الأرواح ويعظم الشعائر    احتفاء باليوم العالمي للمتاحف    بدء فصل الخدمات عن مبان آيلة للسقوط في جدة    سحب سامة تحاصر 160 ألف شخص في منازلهم    السعودية: ندعم حق الدول باستغلال ثرواتها الوطنية    جوازات مطار المدينة تستقبل أولى رحلات الحجاج القادمين من نيجيريا    من أعلام جازان.. اللواء الركن أحمد محمد الفيفي    الانتهاء من تطوير واجهات مبنى بلدية الظهران بطراز الساحل الشرقي    مستشفى الرس ينقذ طفلا تعرض لاختناق قاتل    ‫دعم مستشفى عفيف العام بأجهزة طبية حديثة وكوادر تخصصية    الأمير ناصر بن محمد يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه نائبًا لأمير منطقة جازان بالمرتبة الممتازة    "فرع الإفتاء بعسير"يكرم القصادي و الخرد    جامعة الإمام عبد الرحمن تكرم الفائزين ب"جائزة تاج" للتميز في تطوير التعليم الجامعي    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 2.0% خلال شهر مارس 2025    سمو ولي العهد يجري اتصالًا هاتفيًا بسمو أمير دولة الكويت    "الشؤون الدينية" تكلف 2000 كادر سعودي لخدمة ضيوف الرحمن.. 120 مبادرة ومسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية للحجاج    انقطاع النفس أثناء النوم يهدد بالزهايمر    تعزيز الأمن الدوائي    «تعليم الرياض» يفتقد «بادي المطيري».. مدير ثانوية الأمير سلطان بن عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبادي ل «الحياة»: لا يمكن توحيد الفتوى في جميع قضايا الأمة الإسلامية
نشر في الحياة يوم 31 - 07 - 2009

حذر الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة الدكتور عبدالسلام العبادي من استمرار تصدي غير الفقهاء لعملية الفتوى، نظراً لافتقارهم إلى بناء علمي عميق في أسس وقواعد العلوم الشرعية، خصوصاً الفقه وعلم الأصول، حتى لا يتحول إفتاؤهم إلى عمليات إنشاء وعبارات غير دقيقة في صياغتها ويفهمها كل شخص كما يريد وتصبح بذلك مشكلة.
وطالب العبادي من خلال لقائه مع «الحياة» ب «مأسسة الفتوى الفاعلة، حتى لا تكون بمجهود شخصي محدود، لأن المأسسة عبارة عن بناء إداري متكامل يتعامل مع المواضيع التي نتصدى لها بعلمية وموضوعية، وتخرج من إطار الارتجال والسطحية».
واشار إلى أنه «لا يمكن توحيد جهة الفتوى في الأمة في جميع القضايا، فالقضايا كثيرة وجهات الفتوى يجب أن تكون متعددة، والعمل جار على احترام مجمع الفقه الإسلامي الدولي باعتباره مرجعية فقهية للأمة، وجميع الفتاوى التي صدرت عن المجمع تلقتها الأمة بالقبول». في ما يأتي نص الحلقة الأولى من الحوار.
منذ قيامكم بتسلم منصب الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي في جدة ما أبرز ما قمتم به؟
- مر مجمع الفقه الإسلامي بمراحل عدة أدت إلى إبراز دوره المميز خلال فترة تزيد على ربع قرن من الزمان، حقق فيها إنجازات كبيرة، من خلال نظرته في كثير من المستجدات والقضايا المعاصرة، اذ بين فيها الحكم الشرعي من خلال منظومة الاجتهاد الجماعي التي تصدت لهذه القضايا بنظر سديد واستدلال قويم، بحيث لقيت اجتهاداته قبولاً في العالم الإسلامي، ودخلت في كثير من التشريعات والأنظمة في القضايا المعاصرة، ووجدت طريقها إلى التطبيق والممارسة على نطاق واسع.
وبلغ مجموع القضايا التي تصدى لها المجمع ما يقارب 140 موضوعاً متنوعاً في مجالات طبية واقتصادية وسياسية واجتماعية وفكرية، أخذ فيها المجمع 174 قراراً كما أن هذه القرارات قامت على العديد من الأبحاث والمناقشات التي دارت حولها عند النظر فيها في مجلس المجمع، ونشرت في مجلة المجمع التي تعتبر موسوعة فكرية معاصرة بلغ عدد مجلداتها ما يزيد على 54 مجلداً.
وقد رغب مؤتمر القمة الإسلامي بدءاً من المؤتمر العاشر في ماليزيا في تطوير هذا المجمع وتفعيل أدائه سنة 2003، وكان ذلك بناء على اقتراح ومبادرة وفد المملكة العربية السعودية الذي ترأسه في تلك الفترة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد، وقدم وفد المملكة تصوراً لتطوير المجمع، ليكون مرجعية فكرية للأمة على نطاق واسع في إطار مسيرته المميزة، وعلى ضوء ذلك صدر عن المؤتمر قرار يكلف الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بإعداد نظام أساسي جديد للمجمع من خلال لجنة شكلت لهذه الغاية، وأُعد النظام وتم اعتماده في المؤتمر الإسلامي لوزراء خارجية دول المنظمة الذي عقد في باكو سنة 2006.
وفي مطلع عام 2008 تم اختياري أميناً للمجمع، وكان من القرارات الأولى التي أصدرتها وضع هيكلة جديدة للمجمع شملت إدارات عدة من أهمها إدارة الدراسات والبحوث وإدارة الفتوى وإدارة الموسوعات والمعاجم وإدارة المؤتمرات والندوات وإدارة التشريعات وإدارة التخطيط والمتابعة والعديد من الإدارات التي تتعلق بالعلاقات العامة والشؤون الإدارية والإعلامية والمالية، ونستطيع القول اننا أمام مؤسسة فاعلة ومتطورة لديها آليات عمل متعددة.
وبدأ المجمع نشاطاً كبيراً وواسعاً في الآفاق، التي تصدى لها النظام الأساسي الجديد، ففصّل النظام القول في الأهداف والوسائل، لتكون الصورة واضحة أمام إدارة المجمع، للانطلاق في آفاق عمله المميز، الذي تحتاجه الأمة في هذه المرحلة من تاريخها، خصوصاً أمام التحديات الكبيرة التي تواجهها على مختلف الأصعدة.
وكانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين بتبني مؤتمر القمة لهذا التوجه، خطوة ضرورية وملحة في هذه المرحلة من تاريخ الأمة، ومن هنا يحمل المجمع مسؤوليات كبيرة، وعكسنا ذلك في خطة قدمت لاجتماعات اللجنة الاقتصادية الثقافية الاجتماعية، التي عقدت في منظمة المؤتمر الإسلامي في شهر نيسان (إبريل) 2009، والتي تمثل جميع الدول الأعضاء في المنظمة، وقدمنا مشروع خطة لتطوير المجمع شاملة، وتغطي كل الآفاق التي تحدث عنها النظام الأساسي الجديد، وقدم فيها العديد من المشاريع التي يجب أن يبادر المجمع للقيام بها، سواء كان ذلك على مستوى موازنة المجمع العادية التي تمولها الدول، أو على مستوى المشاريع التي ستجد التمويل من تبرعات الدول والمؤسسات والمحسنين في العالم الإسلامي.
ضريبة التطوير
لذلك فإن كلفة هذه الموازنة على مستوى موازنة المجمع، سترتفع إلى أرقام كبيرة وستتضاعف، وسيكون هناك تمويل من العديد من الجهات الراغبة في دعم هذه الأعمال في العالم الإسلامي، ليقوم هذا المجمع بأداء دوره الكبير بطريقة منظمة.
يوجد العديد من المشاريع في خطط التطوير تتعلق بموضوع التنسيق بين جهات الفتوى، واستكمال مسيرة بيان الحكم الشرعي في كثير من القضايا التي ما زال يسأل عنها المسلمون في أنحاء الأرض، سواء العالم الإسلامي أو الأقليات في خارج العالم الإسلامي، ووضع الخطط لاستكمال البحث في هذه القضايا، من خلال الندوات المتخصصة أو اللجان الفرعية، أو من خلال المؤتمر العام الذي يعقد سنوياً.
كثرت المجامع الفقهية حتى أضحت في البلد الواحد نحو ثلاثة منها، ماذا يعني ذلك؟ وهل ثمة تضارب؟
- الواقع أن المجامع الفقهية هي عبارة عن مؤسسات كبرى للاجتهاد الجماعي، وهي أمر آخر غير مجالس وهيئات الفتوى التي يكون عدد العلماء فيها محدوداً غالباً لا يزيد على 15 عالماً، وغالباً المجالس والهيئات تنشئها الدول لتكون عملية اقتراب من الاجتهاد الجماعي في ما يعرض للدولة من قضايا وأمور تتطلب المعرفة الشرعية على مستوى الدول، لكن المجامع تتصدى للقضايا الكبرى، وتوجد في السعودية هيئة كبار العلماء تندرج في ما يسمى هيئات أو مجالس الفتوى، أما المجامع فهي اثنان المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي رعته المملكة، وسعت لتطويره وإعادة هيكلته ليكون مرجعية فقهية للأمة، وهو تابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ممثلة فيه جميع الدول الإسلامية فيه ممثلون لأكثر من 50 دولة من الدول الإسلامية، والمجمع بموجب نظامه له الحق في أن يزيد الأعضاء بما لا يتجاوز ثلث الأعضاء الممثلين للدول، وذلك من الفقهاء والعلماء المسلمين بصفتهم الشخصية، أو من الجاليات الإسلامية خارج دول المنظمة، أو من المنظمات الإسلامية التي تخدم أهداف المجمع، شريطة ألا يكون لأي جالية أو منظمة أكثر من عضو واحد، وذلك لإثراء مسيرة المجمع، والعلماء يختارون من مختلف أنحاء الدول الإسلامية والجماعات الإسلامية في الدول غير مسلمة، وبعض العلماء من أميركا وأوروبا الحقوا بمجمع الفقه الإسلامي، لإعطاء المجمع هذه الصفة التمثيلية الواسعة للمسلمين.
ويعتبر مجمع الفقه الإسلامي في مكة تابعاً لرابطة العالم الإسلامي، أما مجمع الفقه الإسلامي في جدة فهو تابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهناك تنسيق بين المجمعين، فالقضايا التي يتصدى لها هذا المجمع لا يتصدى لها المجمع الآخر إلا من باب تأكيد أهمية الأحكام في بعض الحالات، وهناك توزيع للعمل، نتيجة للتنسيق المستمر بينهما.
ووجود مجمع في الهند أو أميركا أو بعض الدول الأخرى يثري المسيرة، وعمل هذه المجامع من خلال ما تقدمه من نشاطات ودراسات وآراء شرعية مدعمة بالأدلة، والتنسيق والتعاون بين هذه المجامع ضروري حتى لا يتم تكرر الأحكام أو يصبح هناك ازدواجية للجهود المبذولة، ووجودها مهم نتيجة كثرة القضايا التي تحتاج إلى دراسات واستقصاء، لأن حركة المجتمع الإنساني حركة نامية، وهناك حاجة باستمرار لمواكبة هذه الحركة بأحكام شرعية تتعامل معها.
كيف تنظر لتوسيع هيئة كبار العلماء في المملكة؟
- كل الإجراءات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين في مجال هيئة كبار العلماء والمجلس القضائي تدل على وعي للتحديات المعاصرة وضرورة تفعيل وتوسيع المتصدين لهذه القضايا، وبالتالي الإجراء كان متميزاً وسيكون له آثار كبيرة على مسارات العمل في القطاعين بل وعلى مستوى عالمي.
المجالس الفقهية في أميركا وأوروبا واستراليا تفتي بغير ما تفتون مع أن الإسلام واحد والقبلة واحدة، لماذا؟
- لم يحدث خلاف في بيان حكم أو إفتاء في كثير من القضايا، وما حدث مجرد خلاف في إطار تعدد الاجتهاد، وكثير من المنظمات الإسلامية في أوروبا وأميركا قصدوا مجمع الفقه الإسلامي الدولي لما يتمتع به من صدقية، فأذكر أن مجمع الفقه الإسلامي الدولي في وقت باكر سنة 1986 في دورته الثالثة التي عقدت بعمان عاصمة الأردن كان هناك مجموعة كبيرة من الأسئلة وجهها المعهد الإسلامي العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن للمجمع لبيان حكم الشريعة، وقد أجاب المجمع عن هذه الأسئلة بإطالة وتوسع، والتقينا في معظم الإجابات مع جهات فقهية أخرى، لكن إذا وجد خلاف يدخل في إطار تعدد وجهات النظر والذي يرجح فيه على أساس قوة الدليل وتحقيق المصلحة الشرعية. المعتبرة
هناك من يطالب بإيجاد المرأة في المجمع الفقهي، ما رأيك؟
- شروط عضوية مجمع الفقه الإسلامي تتعلق بأمور موضوعية وأهمها العلم والمعرفة، ولم يشترط فيها الذكورة واستبعاد الإناث، وشروط آليات الترشيح تراعى من الدول عند ترشيح ممثليها، والمجال مفتوح للدول لترشيح من تراه مناسباً، فالقضية ليست تمثيل رجال أو نساء بقدر ما هي تمثيل للمعرفة العلمية العميقة، وإثراء مسيرة العلم مطلوب ومدعو إليه إذا وجد العلم المميز فيهن تقديراً لعلمهن، وهو مرحب به متى توافرت الشروط قال تعالى: «فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (التوبة: 122). فلم تشترط الآية غير التفقه والنفرة للعلم والمعرفة من دون تمييز لذكورة أو أنوثة، وكذلك يؤكد ذلك قوله: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين». وقد تجلى ذلك في تاريخنا العلمي الطويل وفي سلفنا الصالح، فكان هنالك علماء كبار من الجنسين، بدءاً من عهد الصحابة رضوان الله عليهم، ويكفي هنا أن نشير إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فقد تلقى عنها العديد من الرجال والنساء، وقد استعنا خلال نشاطاتنا بعدد كبير من المتخصصات بعلوم الشريعة المتعددة عند بحث المسائل.
وهناك عدد كبير من اللواتي قدمن البحوث في دورة الشارقة الماضية وشاركن بالنقاش والحوار الذي جرى، وهن يتصفن بصفات العلم والمعرفة في القضايا المطروحة.
وقصدت إدارة المجمع في قضية العنف الأسري أكثر من أخت من المتخصصات في موضوع الأسرة وفقهها، وأيضاً في موضوعات أخرى في مجال إعمار أراضي الأوقاف وفق نظام البناء والتشغيل والإعادة، وهناك بحوث مقدمة من عدد من العالمات المميزات في هذه المجالات وغيرها.
لا يوجد عضوات أو عاملات في المجمع الآن لأنه لم يتم ترشيح أحد من الدول، ولكن ليس في الأمر استبعاد للنساء بدليل أن النساء في كثير من القضايا عبر مسيرة المجمع شاركن في البحث والحوار والنقاش ومعرفة الحكم الشرعي.
ما رأيك بعمليات التشهير التي تحصل لباحثينا وعلمائنا، وماذا على المجتمع فعله؟
- لا يجوز التشهير ولا اللمز ولا الغيبة لعلمائنا وباحثينا، وأخلاقنا وديننا اعتبرت غيبة الإنسان لأخيه كأكل لحمه، وهذا نص واضح في القرآن الكريم.
ويعتبر التشهير بالعلماء جريمة مضاعفة لأنه يعتبر تشهيراً بما يمثل وما يدعو إليه، أما إذا كان هناك خطأ من شخص أو مخالفة شرعية ونبهت وبينت أن هذه مخالفة فلا ضير ولا حرج، بل هذا واجب عليك، لأن الدين النصيحة، لكن من دون تشهير أو إساءة أو خروج عن قواعد الأدب في النقد والبيان.
فلا بد أن نبين الحكم الشرعي من دون الإساءة للأشخاص، وعلى ذلك يكون النقد العلمي السليم القائم على الاستدلال الشرعي الدقيق مرحباً به ومدعواً له .
تقنيين الفتوى حل لفوضى الإفتاء، إلى ماذا وصلتم فيه؟
- المطلوب هو ليس تقنيين الفتوى في مجال مواجهة فوضى الإفتاء، وقد كلف المجمع في نظامه الأساسي بالتنسيق بين جهات الفتوى وقرار القمة يؤكد ضرورة التصدي لفوضى الفتوى، ويكون ذلك بتقديم الفتاوى السليمة القائمة على الاستدلال الصحيح، لأن المتميز يطرد الخبيث والرديء.
وعندما نقول أن هناك فوضى لا بد من طرح البديل، بتقصي الآراء السديدة في القضايا التي يسأل عنها الناس، ولا تترك الأمور لمن يرتجلون ومن يتصدون للقضايا وهم لا يملكون المعطيات المطلوبة، وعلى الدول أن تضبط هذا القطاع وتضع ما يمنع الفضائيات أن تلجأ للأشخاص غير المؤهلين، لأن هذه العملية فيها تغرير كبير بقطاعات كبيرة من الناس، فعندما يتم تقديم شخص على أساس أنه عالم وهو ليس لديه مؤهلات أمر في غاية الخطورة، وقد حذر الرسول عليه الصلاة والسلام تحذيراً مباشراً فقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله تعالى لا ينتزع العلم من صدور الناس بعد أن يعلمهم إياه، ولكن ذهابه قبض العلماء، فيتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فيسألون فيقولون بغير علم، فيضلون ويضلون».
ومجمع الفقه دوره في الواقع تقديم المعالجات الشافية في هذا المجال، كما نص على ذلك مشروع التطوير، ويدخل ذلك في إطار التنسيق بين جهات الفتوى، وهي كالتالي:
أن نقيم على الإنترنت مواقع متخصصة على مستوى العالم تعرض جميع الفتاوى، بحيث أن أي أمر يحتاج أن يسأل عنه المسلم فما عليه إلا أن يدخل الموقع ويبحث عن الجواب الشافي الواضح القائم على الدليل، وبخاصة في القضايا اليومية التي يكثر السؤال عنها كقضايا الأسرة والزواج والطلاق والصيام والحج والصلاة وغيرها، وهذا يسهل عليه الوصول للفتوى الصحيحة، وسيتم التنسيق فيه مع العديد من الفضائيات للاستفادة من هذا المخزون إضافة للكتب والنشرات، وجهات الفتوى في العالم الإسلامي.
القضايا التي لم يتم البت فيها لا بد من وضع خطة عاجلة للإجابة الصحيحة عليها حتى لا تترك للارتجال والسطحية.
عقد اللقاءات العلمية المتخصصة التي تجمع جهات الفتوى لتبادل الخبرات والتنسيق.
التأهيل والتدريب بإعداد كوادر مؤهلة على مستوى العالم الإسلامي تتصدى لقطاع الفتوى، وهذا يقتضي التنسيق مع الجامعات والكليات المتخصصة بعلوم الشريعة لإعداد كوادر مؤهلة لتولي هذا القطاع الحيوي التي تحتاج له الأمة، وهناك اقتراحات بوضع تخصصات تمكن من تخريج متخصصين بالفتوى معتمدين في دراستهم على معرفة الفقه الإسلامي، لأن الفقه الإسلامي والفتوى يؤخذان من مشكاة واحدة، باعتبار أن الفقه بيان حكم الله في القضايا العملية التي يتعرض لها الناس، والمفتي يعلم بهذا الحكم، وهذا دوره.
ولا بد في الواقع أن يكون في الساحة وبقدر كاف متخصصون مدربون ومؤهلون، لأن المفتي هو الذي يحسن التعامل مع القضايا المطروحة ببيان الحكم الشرعي فيها، ولا بد أن يكون لديه قدرة على الترجيح بين الآراء، ومعرفة ما رجحته المجامع وبينته، ومعرفة بالأحكام التي اعتمدها المفتون من كبار العلماء، وهذه الأمور تحتاج إلى جهود وتمويل وخطط وبرامج.
هناك من يرى ضرورة تفعيل المذاهب الأربعة في الفتوى؟
- هذا صحيح، فيجب الاستفادة من المذاهب الأربعة، بل يجب الاستفادة من كل رأي فقهي يقوم على دليل شرعي قوي يحقق المصلحة الشرعية المعتبرة للمسلمين، وكثير من الآراء من كبار العلماء تم ترجيحها من فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم. فالفتوى يجب أن ترتكز على أساس ودليل قوي يحقق المصالح الشرعية، والدعوة للاجتهاد في إطار المذاهب الأربعة خير يجب التأكيد عليها والاستفادة من آرائها القوية الدليل، فأينما يكون الدليل شرعياً قوياً فالأصل تبنيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.