حظيت الاحتجاجات في مدينة فيرغسون، بولاية ميسوري الأميركية، بتغطية إعلامية واسعة، ليس على الصعيد الأميركي فحسب، بل الأوروبي والعالمي أيضاً، وبردود فعل دولية، وحتى إدانات من دول استغلت الفرصة للردّ على اتهامات أميركا السابقة لها بانتهاك حقوق الإنسان. وحفل الإعلام الأوروبي بمقارنات بين أحداث فيرغسون وأحداث سابقة في أوروبا، خصوصاً الاضطرابات في باريس عام 2005، التي دامت شهرين، والتي أشعلها تعرّض مراهقين للصعق بالكهرباء، أثناء ملاحقتهم من قبل الشرطة، وأعمال الشغب التي اندلعت في لندن عام 2011، بعد أن قتلت الشرطة مارك دوغان. وركّزت معظم التغطيات الإعلامية في أوروبا على عدم قدرة أميركا على وضع حدّ لإرث التمييز العنصري، رغم وجود أميركي من أصل أفريقي في سدّة الرئاسة، وانتقدت وسائل إعلام فرنسية "عسكرة" الشرطة الأميركية. وجمع موقع "كريستشن ساينس مونيتور" الأميركي مقتطفات من تغطيات صحف أوروبية رئيسية لأحداث فرغسون، حيث استعملت صحيفة "ليبراسيون" اليسارية هذه الأحداث للسؤال عمّا تعلّمته من أعمال الشغب التي وقعت على أرضها في السنوات الأخيرة الماضية، وخصوصاً في ضواحي باريس عام 2005. وكتبت "لا يوجد عدد كاف من السود في الشرطة الأميركية. فهل لدينا ما يكفي من المسلمين في الشرطة الفرنسية؟". أما "لو فيغارو" اليمينية، فكتبت أنه بعيداً عن المسألة العنصرية، ثمة مسألة أخرى أساسية وهي "العسكرة المفرطة" للشرطة الأميركية للحفاظ على النظام. وقارن الإعلام البريطاني أيضاً أحداث فيرغسون بأعمال الشغب في لندن بعد مقتل دوغان، وقالت "ذا سبكتور" إن "الفرق الأساسي هو أنه في بريطانيا، نجح الوجود الكثيف للشرطة في وقف العنف. أما في فيرغسون فيبدو أن المزيد من عناصر إنفاذ القانون كان يثير التوتر". أما صحيفة "مترو" فقد كتبت أن الشغب في لندن أُوقف لأن الشرطة لم تستخدم الرصاص المطاطي، أو الغاز المسيل للدموع، أو خراطيم المياه، بل لأنها لجأت إلى دروع مكافحة الشغب، والهراوات، لتفادي إصابة المارة. وكتبت "فرغسون هو مثال حيّ لضرورة الشعور بالامتنان إلى حقيقة أن هذه التكتيكات لم تُستعمل خلال اضطرابات المملكة المتحدة". أما الإعلام الألماني فكان شديد الإدانة لما جرى في ميسوري، وقال أحد الخبراء الذين حاورتهم مجلة "دير شبيغل": "في الولاياتالمتحدة بدت الشرطة معسكرة جداً. ولكن هذا لن يحصل أبداً في ألمانيا. نحن نحافظ بشدة على ضبط النفس في استخدامنا للسلاح الذي نعتبره الملاذ الأخير". وأضاف أنه "في الولاياتالمتحدة يبدو لي أن الشرطة أسرع بكثير في اللجوء إلى السلاح. فحتى في مرحلة التدريب هناك تركيز أكبر على إطلاق النار"، أكثر من ألمانيا. وفي إسبانيا، كتبت "إل باييس" أن "أحداث فيرغسون تذكّرنا بأن عقود العبودية والتمييز العنصري والتمييز والتهميش لم تنته بعد". وفي السويد، اعتبرت "داغنز نيهيتر" أنها "مفارقة مرعبة" أن أميركيا من أصل افريقي موجود في البيت الأبيض، بينما العديد من الأميركيين الأفارقة "مواطنون من الدرجة الثانية". وخلصت إلى أن "هذا اختبار أخير لإدارة أوباما. والآن لديه كل الأسباب الموجبة للتعامل مع التمييز الموثق ضد السود في الشرطة والقضاء". وإضافة إلى التغطية الإعلامية لاحتجاجات فيرغسون، ونشر صور الشرطة الأميركية المدججة بالسلاح، ثم قوات الحرس الوطني، على شاشات التلفزة العالمية في أنحاء العالم، انتهزت حكومات ضجرت من انتقادات واشنطن، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، أحداث فيرغسون لتذيق أميركا من الكأس نفسه. فحثّت مصر الشرطة الأميركية على "ضبط النفس"، ووصفت إيرانواشنطن بأنها "أكبر منتهك" في العالم لحقوق الإنسان، واقترحت وسائل الإعلام الصينية الحكومية على أميركا أن تنظر في أفعالها قبل أن "تشير بالأصابع للآخرين". وردّت واشنطن على الانتقادات التي وجهتها إليها القاهرة، مؤكدة أن الولاياتالمتحدة تعالج مشاكلها "بنزاهة وشفافية".