أمير الرياض يستقبل ابن عياف وسفير كازاخستان    نائب أمير المنطقة الشرقية يشهد حفل تخريج طلاب كليات الأصالة    أمير الحدود الشمالية يرعى حفل تخريج 1,444 متدرباً من منشآت التدريب التقني والمهني    أمير القصيم: دعم القيادة أسهم في منجزات رائدة    «تلبيس الطواقي»..!    مستقبل الطيران السعودي    «إغاثي الملك سلمان» يكرم «إنسان»    ماذا بعد وفاة الرئيس الإيراني ؟    غرور الهلاليين وتواضع الأهلاويين    استدعاء رونالدو لتشكيلة البرتغال في «اليورو»    ولي العهد يطمئن الجميع على صحة خادم الحرمين    تكريم الفائزين والفائزات بجائزة الشيخ محمد بن صالح    أشيعوا بهجة الأمكنة    سالم يشارك بفاعلية في تدريبات الهلال استعداداً للقاء التتويج بلقب الدوري    إسرائيل تخشى أوامر الاعتقال وتستمر في الانتهاكات    إصدار 700 ألف صك عبر البورصة العقارية    القبض على مقيم لترويجه حملات حج وهمية في مكة المكرمة    الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 28 يونيو    «الذكاء الاصطناعي» الأوروبي.. إنفاذ القانون والتوظيف    IF يتصدر شباك التذاكر    الجامعة العربية تؤكد أهمية حوار الحضارات كتنوع ثقافي متناغم    نائب وزير الخارجية يقدم واجب العزاء والمواساة في وفاة رئيس إيران    تعليم الطائف يعلن ترتيب شرائح النقل عبر نظام نور لمعلمي ومعلمات التعاقد المكاني    نائب أمير مكة يستقبل مدير عام الجوازات والوفد المرافق له    من أعلام جازان .. الدكتور إبراهيم بن محمد أبوهادي النعمي    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    غرق 10 فتيات بعد سقوط حافلة بمجرى مائي في القاهرة    مدير مكتب التعليم بالروضة يفتتح العيادة المدرسية بمتوسطة زهير بن أبي أمية    أمير منطقة تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    أخضر الملاكمة بالمعسكر الدولي    ريال مدريد: كروس قرر إنهاء مسيرته الكروية بعد يورو 2024    السعودية تحقق أكبر تحسن إقليمي في قطاع السياحة منذ 2019    سبل تطلق حملة للتحذير من التصيد الإلكتروني    تاج العالمية تفتتح مكتبها في الرياض ضمن 19 موقعا عالميا    أمير القصيم يستقبل ووفداً من أعضاء مجلس الشورى ونائب المحافظ لخدمات المساندة بالتدريب التقني    سيطرة سعودية على جوائز "الفضاء مداك"    وزير الإسكان يشهد توقيع "الوطنية للإسكان" 5 مذكرات تفاهم    إطلاق "مانجا إنترناشونال" للأسواق الدولية    النفط يتراجع والذهب في ارتفاع    طلاب الاحساء يحصدون 173 جائزة لوزارة الثقافة    أكثر من 5.5 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أبريل الماضي    كفاءات سعودية تتحدث الإندونيسية بجاكرتا    حرس الحدود يحبط تهريب 295 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    أمطار متوسطة إلى غزيرة بالجنوب وخفيفة على 4 مناطق    رسميًا.. الاتحاد يعلن رحيل رومارينهو وغروهي    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    5 فوائد للمشي اليومي    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    العجب    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيء عن ملخص اليوم النبوي!
نشر في الحياة يوم 08 - 08 - 2012

كانت وقائع حياته صلى الله عليه وآله وسلم اليومية مشهدًا من مشاهد دلائل نبوته، لا يمكن أن يراها أحدٌ إِلَّا علم أن هذا حال نبيٍّ مرسلٍ من الله، يتنزَّل عليه وحيه، ليس بمتقوِّل في دعواه، ولا طالب حظٍّ لنفسه، وهذا ما أدركه ثُمامة بن أُثال الذي أُتي به إلى المدينة أسيرًا، وما أحدٌ أبغض إليه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يُربط إلى سارية من سواري المسجد، فلما رأى ثمامةُ حالَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يومه وليلته، ورأى مدخله ومخرجه، وحاله مع الناس حوله؛ علم أن هذا نبياً مرسلاً، وليس بمَلِك ولا جبَّار، فلما أمر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بإطلاقه، انطلق فاغتسل، ثم عاد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أشهدُ ألا إله إِلَّا الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله، يا محمدُ، والله ما كان على الأرض وجهٌ أبغَضَ إليَّ من وجهكَ، فقد أصبح وجهُكَ أحبَّ الوجوه إليَّ، والله ما كان من دين أبغضَ إليَّ من دينكَ، فأصبح دينُكَ أحبَّ الدِّين إليَّ، والله ما كان من بلد أبغضُ إليَّ من بلدكَ، فأصبحَ بلدُكَ أحبَّ البلاد إليَّ».
وكذلك كان حال عدي بن حاتم لما أتى النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وهو على نصرانيته، فسار مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الطريق، فاستوقفته امرأةٌ معها غلامٌ، فوقف لهما صلى الله عليه وآله وسلم، حتى قال عديٌّ: «حتى أَوَيْتُ له من طول القيام». ثم قال عديٌّ: «قلتُ في نفسي: أشهدُ أنك بَرِيءٌ من ديني ودين النعمان بن المنذر، وأنك لو كنتَ مَلِكًا، لم يَقُمْ معه صبيٌّ وامرأة طولَ ما أرى. فَقَذَفَ اللهُ في قلبي له حُبًّا». ثم أسلم عديٌّ بعد ذلك المشهد.
يظهر من هذا البرنامج اليومي أن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان يعيش حياة طيبة سعيدة.
أما سعادته الإيمانية؛ فأُفُقٌ عالٍ لم يصل إليه بشر قبله؛ فهو أعرف الخلق بالله وأعظمهم إيمانًا وأصدقهم يقينًا.
وما ظنُّك بمَن رُفع فوق السَّبع الطِّباق إلى مستوى يسمع فيه صَرِيف الأقلام، ورأى الجنةَ رأي عين، حتى هَمَّ أن يتناول منها قِطْفًا، ورأى الكوثرَ الذي أعطاه ربُّه، فإذا طينُه المسك الأَذْفَرُ، وإذا رَضْرَاضُهُ اللُّؤْلُؤُ.
كيف سيكون حال نبي قُرِّب هذا القرب ورُفِع إلى تلك المنزلة حينما يناجي ربَّه ويدعوه ويمجِّده ويُثني عليه!: «إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني».
إن تلذذه بالعبادة وتذوقه لحلاوة الإيمان لا يمكن أن يقرِّبه أو يصوِّره مقارنته بأي لذة من لذائذ الحياة الدنيا.
وهو أيضاً سعيد في حياته الدنيوية، وهذه السعادة تجدها في لفتات حياته كلها، وتستشعر تذوقه لهذه السعادة وعميق امتنانه لربه بها؛ فقد أجاره ربه من الهم والحزن، وأعاذه من سيِّئ الأَسْقام، فعاش في عافية بدنية وعافية نفسية وعافية أُسرية، عاش في عفو وعافية ومعافاة دائمة:
فله صلى الله عليه وآله وسلم الزوجة الوَضِيئة التي يحبها وتحبه، يقاسمها أجمل عواطف المودة والحب.
وله الابنة الطاهرة وابناها ريحانتا دنياه، يُغْدِقُ عليهم أعذب مشاعر الأُبوَّة.
وله الأصدقاء الصادقون: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، يقاسمهما أعباء الحياة، فيُسمع كثيرًا يقول: «دخلتُ أنا وأبو بكر وعمر، وخرجتُ أنا وأبو بكر وعمر، وذهبتُ أنا وأبو بكر وعمر».
وله الصِّهر والنَّسيب القريب في نسبه وداره الذي يحبه ويعلم أن الله في ملئه الأعلى يحبه: أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وله أصهارُ برٍّ ووفاء، حدَّثوه فصَدَقوه ووعدوه فوَفَوْا له: عثمان بن عفان وأبو العاص بن الرَّبِيع رضي الله عنهما.
وله الأصحاب المرضيُّون حتى إن وحي ربه يتنزّل في تزكية سرائرهم وما في قلوبهم: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 18].
فكان سعيدًا بمَن حوله ومَن معه.
ثم عاش حياةً تتدافع الإنجازات الكبار فيها، وأعظم السعادات في الحياة تحقيق الإنجازات، ثم تحقيق الهدف الأكبر له في الحياة، وهو بلاغ رسالات الله، ودخول الناس في دين الله أفواجًا.
لا أستطيع أن أتخيَّل تلك السعادات على قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يرى هذه الجموع في مسجده تكثر، ومساحة الإسلام تتَّسع، والناس يدخلون في دين الله أفواجًا.
بل لا أستطيع أن أُصوِّر مشاعري لمجرد تخيل مشاعره صلى الله عليه وآله وسلم، وهو في حَجَّة الوداع يسمع تلك الجموع حوله من كل أنحاء الجزيرة، تقول بفم واحد: نشهد أنك قد بلَّغت ونصحت وأدَّيت الذي عليك.
إن هذا كله بعض عطاء الله الغامر له يوم قال: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5].
تجد في حياته صلى الله عليه وآله وسلم تذوُّق لذائذ الحياة، واستشعار جمال ما يرى، ولذة ما يتذوَّق، والامتنان لله بالنعمة عليه بذلك، ففي الشَّربة يشربها واللُّقمة يأكلها يتذوق لذَّة ذلك بامتنان عظيم لله: «الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، الحمدُ لله الذي كفانا وأَرْوَانا، غيرَ مَكْفِيٍّ، ولا مَكْفُورٍ، ولا مُوَدَّعٍ، ولا مُسْتَغْنًى عنه ربَّنَا، اللهمَّ إنك أَطْعَمْتَ وأَسْقيتَ وأَغْنيتَ وأَقْنَيتَ وهَدَيْتَ وأَحْييتَ، اللهمَّ فلك الحمدُ على ما أعطيتَ».
في يقظته من نومه يستشعر فضل الله عليه بنومة تتمنَّاها عيون مُؤرَّقة، ثم استيقاظه بعافية وحيويَّة، فيتذكَّر فضل واهب الفضل: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور».
إذا كان هذا في الأَكْلة المعتادة والنومة المعتادة التي يذهب الاعتياد استشعار نعيمها، فكيف بالنعم المتجدِّدة والأَفضال المتتابعة، إنك تستشعر أنه يقف عند كلِّ نعمة، فيتذوقها كاملة، ثم يستشعر فضل الله عليه بها، حتى لكأنك تسمعه يهاتف ربه قائلًا: «الحمد لله الذي مَنَّ عَلَيَّ فأَفْضَل، الحمد لله الذي أعطاني فأَجْزَل، الحمد لله على كل حال».
وإذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يلفت أبصار بصائرنا إلى ما نألفه حتى لا نكاد نحس به؛ المبيت الآمن، مع طعام ليلة وعافية بدن، فيقول: «مَن أصبحَ آمنًا في سِرْبه، معافًى في جسده، عنده طعامُ يومه، فكأنَّما حِيزَتْ له الدنيا».
فكيف كان تذوقه هو صلى الله عليه وآله وسلم لذلك وما هو أكثر من ذلك؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.