«الحياة»، رويترز، أ ف ب - أعلن «الجيش السوري الحر» الاربعاء انسحاب عناصره من منطقة الحفة في محافظة اللاذقية التي تعرضت للقصف خلال الايام الثمانية الماضية، فيما اكدت السلطات السورية «تطهير» المنطقة من «المجموعات الارهابية». وقال «الجيش السوري الحر» في بيان اصدره «المجلس العسكري في المنطقة الساحلية» تنفيذ «انسحاب تكتيكي» من الحفة وقراها. وأورد البيان الذي حمل توقيع العقيد المنشق عبدالعزيز كنعان، قائد المجلس العسكري في المنطقة الساحلية، «اعطينا (الجيش الحر) اوامرنا للعناصر كافة في المدينة (الحفة) وريفها بالانسحاب المنظم وإخلاء المدينة من الجرحى والشهداء والنساء والاطفال والمقاتلين». وأضاف ان «الانسحاب تم بنجاح ونعدكم بجولات قادمة»، معلناً الحفة وريفها «منطقة منكوبة». وعزا «الجيش السوري الحر» انسحابه هذا الى «الحرص على عدم ارتكاب المجازر بحق ما تبقى من سكان المنطقة»، وخوفاً «من عدم الوقوع في فخ الحرب الاهلية التي يسعى اليها النظام». وتعرضت منطقة الحفة للقصف منذ الخامس من حزيران (يونيو) في موازاة اشتباكات عنيفة عند اطراف المدينة وفي بعض القرى المجاورة بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين. ويتحصن في الحفة وجبل الاكراد المجاور مئات المقاتلين المعارضين. وكان مدير «المرصد السوري لحقوق الانسان» رامي عبدالرحمن قال لوكالة «فرانس برس» صباحاً نقلاً عن ناشطين في المنطقة على اتصال مباشر مع المقاتلين ان «الثوار المقاتلين انسحبوا من الحفة والقرى المجاورة لها فجراً». وأوضح عبدالرحمن ان «الانسحاب كان تكتيكياً من اجل تأمين سلامة وحماية السكان» لافتاً الى ان «القوات النظامية اقتحمت المنطقة عقب انسحاب الثوار المقاتلين» منها. وأكد ان القوات النظامية تكبدت «خسائر فادحة» ما اسفر عن سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح. الى ذلك، أشار المرصد الى مقتل مواطنين اثنين الاربعاء من حي الرمل الجنوبي كانا يتواريان في قرية الكبانية بجبل الاكراد. في المقابل، أكدت السلطات السورية الاربعاء انها «طهرت» منطقة الحفة في محافظة اللاذقية من «المجموعات الارهابية المسلحة»، وفق وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا)، التي لفتت» الى ان السلطات السورية «أعادت الامن والهدوء الى منطقة الحفة بعد تطهيرها من المجموعات الارهابية المسلحة التي روعت المواطنين واعتدت عليهم وقامت بتخريب وحرق عدد من الممتلكات العامة والخاصة». وأضافت الوكالة ان «الجهات المختصة واصلت ملاحقة فلول المجموعات الارهابية في القرى المحيطة واشتبكت مع عدد من الارهابيين ما أدى الى مقتل بعضهم والقاء القبض على الآخرين، كما اسفرت الاشتباكات ايضاً عن استشهاد واصابة عدد من عناصر الجهات المختصة». وتمت مصادرة كميات كبيرة من الاسلحة المتطورة التي استخدمتها «المجموعات الارهابية في اعتداءاتها وترويعها للاهالي ومن ضمنها صواريخ كوبرا وقناصة وبنادق آلية وعبوات ناسفة وهاون وقواذف ار بي جي وكمية كبيرة من الذخيرة» بحسب المصدر نفسه. ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية لم تسمه ان الوزارة دعت المراقبين الدوليين صباحاً الى زيارة الحفة والاطلاع على الاوضاع فيها «بعدما قامت المجموعات الارهابية بعمليات قتل وترهيب المواطنين الابرياء وسلب ونهب وحرق الممتلكات العامة والخاصة». وتندرج هذه الدعوة، بحسب المصدر، في اطار مهمة المراقبين المتمثلة «بالتحقق مما يجرى على الارض ومعاينة ما قامت به تلك المجموعات الارهابية». وتعرضت الثلثاء ثلاث سيارت تقل مراقبين دوليين لدى توجههم الى مدينة الحفة الى اطلاق نار بعد ان تصدت لهم «حشود غاضبة احاطت بسياراتهم ومنعتهم من التقدم» لدى محاولتهم الوصول الى المدينة، وفق ما افادت المتحدثة باسم البعثة سوسن غوشة. من جهة اخرى، ردت الخارجية السورية الاربعاء على ما اعلنه مسؤول في الاممالمتحدة الثلثاء مؤكدة ان «سورية لا تشهد حرباً أهلية بل تشهد كفاحاً لاستئصال آفة الإرهاب ومواجهة القتل والخطف وفرض الفدية والتفجيرات والاعتداء على مؤسسات الدولة وتدمير المنشآت العامة والخاصة وغيرها من الجرائم الوحشية التي تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة». وشددت على ان «الحديث عن حرب أهلية «لا ينسجم مع الواقع ويتناقض مع توجهات الشعب السوري». وفي أنطاكيا (تركيا) قال معارضون، فروا الى تركيا ان طائرات الهليكوبتر ودبابات الحكومة السورية تقصف بلدة الحفة والقرى المحيطة بها التي تقع في غرب البلاد بينما تقوم قوات برية باعتقال الرجال وصغار السن وتنهب المنازل. ووصف مقاتل جريح من الجيش السوري الحر، يُعالج في مستشفى بمدينة أنطاكيا هجوم القوات الحكومية على الحفة وكيف ضرب بالرصاص وهو يحاول انقاذ الجرحى. وقال محمد (25 سنة) أصيب برصاصة في الكتف «أولاً هاجمت طائرات هليكوبتر القرى وفي وقت لاحق هاجمت الدبابات ثم في النهاية دخل جنود المنازل ونهبوها وأشعلوا النار فيها». وذكر معارضون في اقليم هاتاي بجنوب تركيا انه تم تهريب 50 جريحاً على الاقل من الحفة عبر الحدود الى تركيا خلال الايام القليلة الماضية لكن كثيرين غيرهم محصورون في قتال ضار ومن يحاول الهرب تطلق عليه قوات الاسد النار. وحذرت الولاياتالمتحدة هذا الاسبوع من «مذبحة محتملة» في الحفة بعد تقارير اشارت الى عمليتي قتل جماعي في اقليمين مجاورين في الاسابيع الثلاثة الماضية. ويصعب التحقق من الروايات في شأن ما يحدث داخل سورية لان الحكومة تفرض قيوداً صارمة على دخول وسائل الاعلام الاجنبية. وقال مراقبو الاممالمتحدة الذين وصلوا الى البلدة الثلثاء للتحقيق في الاحداث ان دخول البلدة ينطوي على مخاطر شديدة. وتذكر محمد اللحظة التي أصيب فيها وهو مثل كل المعارضين الآخرين أعطى اسماً واحداً فقط خوفاً من انتقام قوات الاسد من اقاربه. وقال وهو يشير الى كتفه الذي وضعت عليه أربطة وضمادات «كنا نحاول اخراج الجرحى لكنني أصبت من الامام وخرجت الطلقة من الظهر». وقال محمد الذي أطلق لحية كثيفة سوداء أصبحت العلامة المميزة لكثير من المعارضين ان قوات الاسد تقوم باهانة الاسر السنية اثناء عمليات التفتيش. وأضاف: «القوات تعتقل الرجال وتنزع الحجاب من على رؤوس النساء. وهم يعلمون ان هذه اهانة لنسائنا». وفي السرير المجاور لمحمد كان هناك جريح آخر يعاني وهو يحاول تغيير وضعه. وقال بالاشارة انه يشعر بتعب شديد يجعله غير قادر على الكلام. ويصف من أنقذوهما كيف قاموا بتهريب الرجلين عبر التلال الاحد وعبر الحدود التركية التي تبعد نحو 25 كيلومتراً عن الحفة. ويقولون انهم تركوا كثيرين وراءهم. وقال فايز وهو معارض آخر «تم احضار بين 40 و50 جريحاً عبر الحدود في الايام القليلة الماضية لكننا اضطررنا الى ترك كثيرين هناك. وأصيبت امرأة بجروح وتعين حملها طوال ثلاثة ايام. وهي الآن في مستشفى بتركيا.» وأضاف: «أصبح نقل الجرحى عبر الحدود بالغ الصعوبة حقاً». وزرعت القوات السورية ألغاماً على امتداد الحدود مع اقليم هاتاي التركي خلال الشهور القليلة الماضية لمنع المعارضين من الدخول والمدنيين من الهرب. وخلال الاسبوع الماضي أحرقوا مناطق غابات عند نقاط العبور الرئيسية لاخراج الناشطين ولكي يسهل رصد المعارضين الجرحى والمدنيين واللاجئين الذين يعبرون الحدود الى تركيا منذ بدء الانتفاضة. ويقيم أكثر من 28 الف سوري الآن في مخيمات داخل تركيا وفقاً لاحصاءات منظمة الكوارث والطوارئ التابعة للحكومة. ويجري علاج نحو 150 شخصاً حالياً في المستشفى. وفي مستشفى آخر قريب بأنطاكيا قال يوسف (18 سنة) انه جرح اثناء الاحتجاج ضد الحكومة في قرية كفر نبودة بالقرب من مدينة حماة وهي من البلدات التي تحملت عبء الحملة التي يشنها الاسد. وأضاف: «كانت هناك تظاهرة منذ 15 يوماً ودخلت عربتان تابعتان للامن القرية. في البداية بدأت العربتان اطلاق النار على الحشد ثم اتجه قائدا العربتين صوب الناس». ويقف شقيقه الاكبر آصف (22 سنة) بجوار سريره ويشرح كيف هرب من الخدمة بالجيش السوري قبل تسعة اشهر مضت لانه شاهد الجيش يقتل المدنيين. ويقول آصف، الذي اصبح الآن عضواً في الجيش السوري الحر، انه يختبئ في الجبال مع معارضين آخرين ويأتي للدفاع عن القرى عندما تدخلها قوات الاسد. وأضاف: «جميع القرى المحيطة بحماة تحاصرها قوات الامن التابعة للاسد. وعندما يكون هناك أي نوع من التظاهرات تدخل هذه القوات». واستطرد قائلاً «انهم يدخلون القرية ويتجولون فيها واذا أعجبهم شكلك يتركونك وشأنك لكن اذا لم تعجبهم فانهم يأخذونك معهم. وهم يهدمون منزلك ويحرقون حقلك».