ارتكبت إسرائيل أمس جريمتين جديدتين ضد الإنسانية، عندما قتلت 15 مدنياً وأصابت 200 آخرين في قصف استهدف مدرسة تابعة لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» تؤوي نازحين عن منازلهم في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، والثانية تتمثل في نشر صور فلسطينيين «حفاة عراة» اعتقلتهم من القطاع. وفي ظل تعثر مفاوضات التهدئة، حتى الآن، كثفت قوات الاحتلال غاراتها الجوية والبرية والبحرية أمس لليوم السابع عشر على التوالي، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 90 فلسطينياً وجرح عشرات آخرين، فيما يشهد قطاع غزة تدهوراً إنسانياً كبيراً، في ظل انقطاع التيار الكهربائي معظم فترات الليل والنهار، وانقطاع المياه عن أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 1.8 مليوناً، ونفاد مواد غذائية أساسية وأدوية. ولا تزال إسرائيل ترفض، حتى الآن، كل العروض من الأممالمتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ل «تهدئة إنسانية» تمكِّن الفلسطينيين من انتشال جثامين الشهداء وجمع رفاتهم وأشلائهم من ميدان المواجهة، في ظل انتشار روائح كريهة، تُنذر بكارثة صحية جراء تحلل الجثث، خصوصاً على طول الحدود الشرقية. وأطلقت قوات الاحتلال أمس النار على المدنيين العزل إبان «تهدئة إنسانية» في بلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، على رغم إبلاغها اللجنة الدولية بموافقتها عليها. واتهم الناطق باسم حركة «حماس» سامي أبو زهري إسرائيل ب «الكذب» من خلال «الادعاء بتوفير تهدئة إنسانية». وقال أبو زهري في بيان، إن الاحتلال «لم يلتزم وأطلق النار على المواطنين الذين أرادوا مغادرة منازلهم المحاصرة خلال التهدئة المعلنة، كما اعتقل عدداً من المواطنين والجرحى من داخل سيارات الإسعاف». وانتقد اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي «لا تقوم للأسف بأي دور لفضح جرائم الاحتلال ونقضه اتفاقات التهدئة الإنسانية وتعريض حياة المدنيين للخطر نتيجة عدم احترامها». وأضاف أن «هناك مجزرة بشعة مستمرة في خزاعة، مع وجود عدد كبير من الشهداء والجرحى المتناثرين في الشوارع الذين يمنع الاحتلال السماح بنقلهم حتى الآن، بينما يكتفي بنشرالأكاذيب بأنه وافق على تهدئة إنسانية في المكان». وأعلنت «أونروا» أمس تعرض مدرسة تابعة لها للقصف من قبل الاحتلال، وهي ثالث مرة تتعرض فيها مدارس تابعة للأونروا للقصف خلال العدوان، مستنكرة هذا الاعتداء. من جهته، حذر رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي فرج الغول، من أن «تفقد المقاومة الفلسطينية صبرها اتجاه الامتناع عن استهداف المدنيين الصهاينة»، مندداً بمواصلة الاحتلال «ارتكاب جرائمه في حق المدنيين في انتهاك صريح وواضح لقواعد الحرب واتفاقات جنيف». ودعا الغول في تصريح صحافي أمس، المجتمع الدولي ومؤسساته الإنسانية والقانونية إلى التحرك من أجل «محاسبة الاحتلال ووقف عدوانه فوراً». وأكد أن مجازر الاحتلال «تستوجب جلب قادة الاحتلال لمحكمة الجنايات الدولية ومحاكمتهم كمجرمي حرب». بدوره، قال موقع «واللا» العبري أمس، إن جيش الاحتلال «اعتقل الأربعاء 150 غزياً» من القطاع بدعوى مشاركتهم في أعمال المقاومة. وأضاف الموقع انه «تم نقل المعتقلين إلى داخل إسرائيل ووُضعوا في مركز اعتقال تحت تصرف الشرطة العسكرية» في الجيش الإسرائيلي جنوب إسرائيل. ونشر الموقع صوراً للمعتقلين «يظهرون بها وقد جرّدوا من ملابسهم، وتحت حراسة مشددة» من قوات الاحتلال. وانتقد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس ذلك، ووصفه بأنه «عمل لاإنساني»، واعتبر فارس في بيان أن «إسرائيل تهدف من وراء نشر تلك الصور البشعة إلى التغطية على فشل جيشها وخيبته، وتكوين انطباعات لدى المجتمع الإسرائيلي بأن الجيش يحقق إنجازات، وأن هذه الصور لمقاتلين من قلب المعركة، فيما المستهدف هم من المدنيين فقط». ميدانياً، ارتكبت قوات الاحتلال مساء أمس جريمة حرب جديدة في مدرسة تابعة ل «أونروا» وترفع علم الأممالمتحدة وتُستخدم مركز إيواء لمئات النازحين عن منازلهم في بلدة بيت حانون شمال شرقي القطاع. واستشهد نتيجة القصف 15 شخصاً بينهم أربعة أطفال وسيدة وأصيب أكثر من 200 بينهم 20 على الأقل في حال الخطر. وأعلنت وزارة الصحة في غزة أنه بذلك ارتفعت «حصيلة إجمالي شهداء العدوان الإسرائيلي إلى 777 شهيداً، بينهم 166 طفلاً و 67 سيدة و37 مسناً، فيما جُرح 4750، بينهم 1213 طفلاً و687 سيدة و161 مسناً». ووصف «الميزان» هذه الجريمة بأنها «الأخطر من نوعها، نظراً لكون المدرسة تعرضت لقصف مباشر، ما أوقع هذا العدد الكبير من الضحايا». ووصف الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم المجزرة بأنها «جريمة حرب بشعة واستباحة للمؤسسات الدولية وتجرؤ خطير على الدم الفلسطيني». وتعهد برهوم في بيان مقتضب بأن لا تمر الجريمة من دون حساب، فيما اعتبر أبو زهري أن صمت المجتمع الدولي على المجزرة «يجعله شريكاً في المسؤولية عن الجريمة». واستشهد منذ فجر أمس 82 فلسطينياً، وأصيب عشرات آخرون في عشرات الغارات على منازل المدنيين والمؤسسات والاغتيالات المركزة. وتركز القصف على مدينة غزة وبلدتي بيت حانون وخزاعة، التي انتشلت الطواقم الطبية منها جثامين سبعة شهداء، بينهم خمسة من عائلة أبو دقة سقطوا خلال اليومين الماضيين، بعد السماح للطواقم الطبية بالدخول إليها. ولا تزال أعداد كبيرة من سكان البلدة يستغيثون طلباً لإخلائهم من منازلهم التي تحاصرها قوات الاحتلال على الأرض، أو من خلال نيران كثيفة. وشهدت البلدة وبيت حانون والقرارة ورفح وحيي الشجاعية والتفاح اشتباكات عنيفة جدا أمس، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال، حسبما أعلن عدد من فصائل المقاومة. وأعلنت «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس» أمس، أنها لا تزال تخوض معارك عنيفة مع قوات الاحتلال المتوغلة في المناطق الشرقية والشمالية من القطاع، وأن مقاتليها تمكنوا من التسلل خلف القوات المتوغلة شرق حي التفاح «وأجهزوا على 8 جنود، كما دمروا ناقلة جند من نوع بقذيفة آر بي جى 29». كما أعلنت أن مقاتليها «اشتبكوا مع قوات الاحتلال على محورين شمال بيت حانون، كما قصفت مطار بن غورين بصاروخي أم 75». وأعلنت «سرايا القدس» الذراع العسكرية ل «حركة الجهاد الإسلامي» عن مواصلة قصف مدن ومستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية بالصواريخ والقذائف، والتصدي لمحاولات التوغل على الحدود في إطار معركة «البنيان المرصوص». وقصفت السرايا مدينة عسقلان بصاروخي «غراد» أمس، وقصف مدينة تل أبيب بصاروخي «براق 70» ليل الأربعاء الخميس، ما أدى إلى إصابة أحدهما مبنى وجرح أربعة إسرائيليين. وقالت السرايا إنها قصفت المدن والمستوطنات والمواقع بأكثر من 1500 صاروخ وقذيفة منذ اليوم الأول للمعركة وحتى الآن. الى ذلك، قالت القناة السابعة الإسرائيلية إن ستة جنود أصيبوا فجراً في اشتباكات دارت في القطاع، وتم نقلهم إلى مستشفى «سوروكا» في بئر السبع و «هداسا» في القدسالمحتلة.