حين يصل صوت المؤذن إلى مسامع أسرة حسن عبدالله الدخيل معلناً إمكان الإفطار، فإن هذه الأسرة المكونة من تسعة أبناء، لا تجد غير الماء الحار لتفطر عليه، فلا شيء في هذا المنزل المعدم يمكن أن يصلح ليكون إفطاراً، ويفطر أفراد الأسرة لاحقاً، ولكن على بقايا ما تركه المصلون في المسجد. ولم يستطع الدخيل (70 عاماً) الحديث عن حاله السيئة والعوز والفقر والمشكلات الصحية التي تلفه وأسرته وأسرة ابنه المريض عبدالله وزوجاته وأبناءه التسعة، محاولاً إخفاء دموعه عن أبنائه، ولكن واقع الحال يغني عن السؤال، فالمنزل الذي تسكنه الأسرة يقع في أحد المواقع المهجورة، ويفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، وعلى رغم ذلك يعيشون فيه منذ 20 عاماً، في غُرف من الصفيح المتهالك. ولا يعرف الدخيل من هو صاحب الأرض، ولكنه يعرف بأنه سيكون «مشرداً» مع أبنائه، في حال طلب صاحب هذه الأرض إخلاءها. وقال: «منذ أربعة أشهر تعطل مولد الكهرباء، وتعيش أسرتي من دون كهرباء، ويشربون المياه الساخنة في عز الصيف وهم صيام، إضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، ما أفقدنا لذة النوم والعيش في رخاء». في حين تقول أم نورة، وهي زوجة الابن: «إن زوجي مريض، ويعاني من مشكلات صحية، وتوجد تقارير طبية تؤكد ذلك»، مضيفة: «نعيش على الله ثم على مبلغ الضمان الاجتماعي، الذي بالكاد يسد جزءاً قليلاً من حاجاتنا، فيما تراكمت الديون على زوجي من كل حدب وصوب». وتمسح أم نوره دموعها وهي تشاهد أطفالها لم يشتروا كسوة العيد، متسائلة: «ما هو ذنبهم ليعيشوا في هذه الصفائح المعدنية، إذ تتقاطر علينا المياه في فصل الشتاء، فلا نستطيع النوم من شدة البرودة، أما في فصل الصيف فنبلل بعض القماش ونضعه على أجسامنا كي نشعر بالبرودة، لعل وعسى نستطيع النوم، ولو ساعة». وأضافت: «نذهب إلى المساجد كي نأخذ بقايا الأكل منها»، مؤكدة بأن «العشة» التي يسكنونها، وهي من الصفيح، «تهاجمها الكلاب والزواحف في المساء، و ننام ونخشى من وقوع كارثة». وجالت «الحياة» في أرجاء الموقع، وتأكدت من استحالة عيش البشر في هذا المكان، الذي يفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، حتى الباب كُتب عليه من البلدية «سيتم الإزالة بسبب الأوساخ والقاذورات في الموقع».