لعبت الإنترنت ومواقعها ومنتدياتها في جمع ملايين العرب في قارة جديدة سميتها قبل سنوات «القارة السابعة»، كانت بداية معظم العرب غير موفقة عند هجرتهم الى هذه القارة، حيث نقلوا أمراضهم الاجتماعية والنفسية والثقافية، وانهمكوا في تأسيس المنتديات الفارغة للتسلية والدردشة وبث عبارات الشوق الملتهبة والشكر المملة، وانخرطوا في صراعات وشتائم وتصفية حسابات وأفرغوا ما لديهم من سموم وآهات وزفرات مكبوتة. يبدو أن ذلك كان بداية طبيعية ومنطقية لأغلب العرب في القارة الجديدة إذا ما أخذنا في الاعتبار مواصفات الإنسان العربي الخائف والمكبوت والمقهور، لكننا الآن أمام إنسان عربي جديد! عليك أن تتخيل انتقال ملايين العقول العربية إلى قارة جديدة واسعة سواء للتواصل أو الانتشار أو العمل أو التجارة... وعليك أن تتخيل كذلك انهماك ملايين العرب في القراءة المكثفة والدقيقة والمتابعة في صفحات ومواقع لا تحصى كل يوم... تخيل التأثر والتأثير. تخيل حجم التقارب والتفاعل بين العرب أنفسهم ومع العالم. تخيل حجم المعلومات المتدفقة والمنهمرة على رأس الإنسان العربي كل يوم. تخيل حجم الآفاق والفرص. تخيل حجم الاستفادة المعرفية والمعلوماتية. تخيل عدد المثقفين الذين تخرجوا من «القارة السابعة». جاء الفايسبوك، وغيره من الشبكات الاجتماعية، ليحدث ثورة معلوماتية وثقافية واجتماعية جديدة ويسهل تواصل ملايين العرب بشكل أسرع، ولاحظنا دوره الفاعل في انطلاق وإشعال الثورات العربية والحفاظ على ديمومتها. اليوم ترى ملايين العرب مسلحين بالفكر واللغة والمعلومة والتقنيات والشبكات الاجتماعية والإعلامية والإخبارية ولوحة المفاتيح ويقفون بكل ثقة واقتدار في الخندق الأول يتابعون قضايا أمتهم، ويقاتلون في صفوفها، ويدافعون عنها وعن مستقبلها، ويُثقفون ويستنهضون أبناءها، ويثرون المحتوى الرقمي العربي في الأثناء. الإنترنت هو نعمة الله على العرب. لقد ساهمت «القارة السابعة» في دخولهم عصر التفكير والتنوير. إنه العصر الذهبي للعرب والتنكي لأجهزة استخباراتهم!