لم تصمد المناهج الدراسية طويلاً بعد عام 2003 على حال واحدة، فطوال السنوات الماضية تعرضت إلى تغييرات كثيرة بعضها تعلق بطبيعة المواضيع المطروحة، وبعضها الآخر تركز على لغة التدريس نفسها. فمادة الرياضيات الحديثة للمرحلة الإعدادية أدخلت عليها تعديلات في لغة التدريس فاعتمدت الإنكليزية في بعض الفصول، كما بدأت المدارس تدريس الإنكليزية وبقية اللغات الثانوية في المراحل الابتدائية. والتاريخ الحديث هو المادة الأكثر عرضة للتغيير في المناهج العراقية، فالحوادث والانقلابات والثورات غالباً ما تمثل جزءاً مهماً من فصول هذه المادة التي تتأقلم التغيرات فيها مع أهواء الحكومات وميولها. وزارة التربية العراقية سبق وأجرت الكثير من التعديلات على منهج التاريخ الحديث في المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية بعد 2003، كما أجرت تعديلات شاملة على كتاب التربية الوطنية في المراحل ذاتها. لكن الخطة التي تضمنها تغيير المنهج ركز على إضافة فصول جديدة حول الثورات العربية وتغيير الأنظمة. وأعلنت الوزارة في السابق أنها ستضيف فصلاً جديداً إلى كتاب التاريخ المدرسي، لكن ضيق الوقت تسبب في تأخير إنجاز ذلك وفي إرجاء توزيع الكتب على الطلاب إلى العام الدراسي المقبل خصوصاً أنها تدخل ضمن مراحل نهائية تخضع لامتحانات مركزية. وسيكون سقوط الأنظمة الدكتاتورية في البلدان العربية ورياح الحرية فصلاً أساسياً في هذا الكتاب، ولو أن بعض المتخصصين في المناهج الدراسية يتوقعون أن تأتي التغييرات طبقاً للميول السياسية والأهواء الحكومية التي تحكم المناهج. ويميل المراقبون إلى الجزم بأن التعامل مع الثورة الليبية والتونسية في المناهج سيكون مختلفاً عن التعامل مع الثورة السورية التي تتخذ الحكومة العراقية منها موقفاً مختلفاً ومسانداً للنظام الحاكم. ولا تتعدى التغييرات التي ستجرى في المناهج المقررة للتاريخ الحديث إضافة فصل عن الثورات العربية والربيع العربي الذي اجتاح المنطقة وأطاح بأنظمتها لكن الإضافة لن تخلو من تحيز وتفضيل طرف من دون الآخر. فالتجارب السابقة في تغيير مناهج التاريخ عقب سقوط نظام صدام حسين بدأت بتمزيق صورة صدام حسين من المناهج القديمة وشطب الفصول الخاصة بالحرب العراقية – الإيرانية، ثم انتهت بتغيير بعض العبارات المستخدمة في المنهج مثل «العدو الفارسي» التي تحولت إلى «جمهورية إيران الإسلامية الجارة» وتغيير فصل «أم المعارك» إلى «غزو الكويت» ثم إلغاء الفصول التي تتحدث عن الثورات التي قامت بمساندة حزب البعث وإبراز دور الحكم الملكي وبداية الحكم الجمهوري في العراق على غيره من المراحل التي حكم فيها البعث. التغيير السابق امتد ليطاول أكثر من نصف المنهج الدراسي، أما التغيير المتوقع في الكتب الحديثة والذي سيتم قبل نهاية العام الحالي فيقتصر على إضافة فصل واحد حول التحولات السياسية في البلدان العربية. الكتاب الآخر الذي تعرض للتغيير هو كتاب التربية الوطنية الذي بات يتحدث عن الديموقراطية والمجالس البلدية والحياة العامة والسياسية بدلاً من تكريسه الاتجاهات القومية كما كان سائداً، أو تخصيص فصول كاملة منه للحديث عن ثورات البعث.