"سدايا" تدعم الدور المحوري للمملكة    الرئيسان السوري والفرنسي يبحثان مستجدات الأوضاع في سوريا    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على غزة إلى 71    صفقة من العيار الثقيل تدعم هجوم أرسنال    عبد المطلوب البدراني يكتب..عودة الأنصار مع شركة عودة البلادي وأبناءه (أبا سكو)    اقتران هلال صفر 1447 بنجم "قلب الأسد" يزيّن سماء الحدود الشمالية    201 رحلة يوميا بمطارات المملكة    ترقب عالمي لتأثير الفائدة على أسعار الذهب    اتفاقية التجارة الأمريكية اليابانية تثير التساؤلات    العنوان الوطني شرط لتسليم الشحنات البريدية    القيادة تعزي رئيس روسيا الاتحادية في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب بمقاطعة آمور    ولادة "مها عربي" في محمية عروق بني معارض    أغلقته أمام عمليات تفتيش المنشآت.. إيران تفتح باب الحوار التقني مع «الطاقة الذرية»    واشنطن تحذر من المماطلة.. وجوزيف عون: لا رجوع عن حصر سلاح حزب الله    وسط تحذيرات من المخاطر.. 1.3 مليون سوداني عادوا من النزوح    ترحيب سعودي بإعلان ماكرون العزم على الاعتراف بدولة فلسطين    تمكيناً للكفاءات الوطنية في مستشفيات القطاع الخاص.. بدء تطبيق قرار توطين مهن طب الأسنان بنسبة 45 %    47 اتفاقية بقيمة 24 مليار ريال.. السعودية.. دعم راسخ للتنمية المستدامة والازدهار في سوريا    الأهلي يخسر ودية سيلتيك بركلات الترجيح    الاحتراف العالمي الجديد    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. الفنلندي Serral يتوج بلقب StarCraft II    بلازا يعلن قائمة "أخضر الصالات" المشاركة في بطولة القارات    مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية يزور جمهورية تركيا    نور تضيء منزل الإعلامي نبيل الخالد    تدشين مبادرة "السبت البنفسجي" لذوي الإعاقة    المرور: تجاوز الأبعاد المسموح بها يزيد احتمال الحوادث    أليسا وجسار يضيئان موسم جدة بالطرب    وفاة الفنان زياد الرحباني.. نجل فيروز    أحمد الفيشاوي.. "سفاح التجمع"    "سوار الأمان".. تقنية لحماية الأطفال والمسنين    ذوبان الهويات المناطقية تحت المجهر العقلي    هلال صفر يزين سماء المملكة    القيادة تهنئ رئيسي المالديف وليبيريا بذكرى يوم استقلال بلديهما    6300 ساعة تختم أعمال الموهوبين بجامعة الإمام عبدالرحمن    رحيل زياد الأسطورة    الباحة: ختام مسابقة الدرمحي لحفظ القرآن والسنة النبوية    سباق الأندية يشتد في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    خطيب المسجد الحرام: التشاؤم والطيرة يوقعان البلاء وسوء الظن    إمام المسجد النبوي: الرُسل هم سبيل السعادة في الدنيا والآخرة    عسكرة الكافيين في أميركا    بتقنية الروبوت الجراحي HugoTM️ RAS .. مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يجري عمليتين ناجحتين    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب    ضبط شخصين في المدينة المنورة لترويجهما (10) آلاف قرص من مادة الإمفيتامين المخدر    رئيس أركان القوات البحرية يلتقي عددًا من المسؤولين الباكستانيين    أمير الشرقية يعزي أسرة الثنيان    سورية: لا تقدم في تنفيذ الاتفاق مع «قسد»    التقارب السعودي السوري.. والتعليم بوابة المستقبل    نائب وزير الرياضة يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته لمدة أربع سنوات    غزة تواجه مصيرا كارثيا بعد انهيار مفاوضات وقف الحرب    ترحيل 11183 مخالفا للأنظمة خلال أسبوع    المدينة المنورة تحيي معالم السيرة النبوية بمشروعات تطويرية شاملة    آل معنتر مستشاراً لسعادة المدير العام للتعليم بمنطقة عسير    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَنْ يئد ذاكرة المدن؟
نشر في الحياة يوم 25 - 01 - 2012

بعد أيام يخرج دوّار «الفلك» من ذاكرة جدة إلى الأبد، وستتدحرج «الدراجة الكبيرة» من موقعها إلى مجهول «الأمانة»، تلك الدراجة التي حلمنا بقيادتها واللعب بها، على رغم حجمها الضخم، وكيف كان خيالنا الواسع ونحن صغار يتصور أن عملاقاً كبيراً يأتي إلى جدة كل مساء ليلعب بها في الشوارع الخالية بعد أن ننام.
ما يحدث يسير ضمن «غيبوبة» تعرية المدن من ذاكرتها، بوعي أحياناً ومن دون وعي أحياناً أخرى، وهو ما حدث نفسه بلا «انتباه» منا، في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والطائف والرياض وأبها والأحساء، وبقية مدننا العتيقة، عندما اختفت مساجدها وأسوارها وقبابها وحدائقها وأسواقها وآبارها المقدسة، في أقسى تجريد لذاكرة الإنسان والمكان، وهو أمر يتكرر، مع الأسف، مرة أخرى في ميادين جدة، وفي ساحة البحار في «أبها» اليوم.
كلنا نعرف تماماً الفرق بين أن تحل مشكلة تنموية، وبين أن تقضي على ذاكرة الناس، المشكلة الحقيقية أننا جميعاً نخلط بين حاجاتنا الملحة، وبين عدم مراعاتنا لجارنا التاريخ، حبيبتنا الذاكرة، وقريبتنا المشاعر. وهل من المهم أو من الضروري أن نسير بلا تاريخ؟ وأن المشروع الذي فكرنا به «اليوم» لا يقوم وينشأ إلا بهدم وإزالة حي «الأمس»، أو مسجد شريف، أو ماء مقدس، وقصر منيف، وشجرة عتيقة؟
كلها أمور لا نعرف، مع الأسف، كيفية التعامل معها والتحايل بكل علوم الأرض من أجل إبقائها، لكي نكحل أعيننا بها، ونميل بقلوبنا إليها عندما يزيد الحنين ويكثر الشوق، في العام 82، قامت بلدية الطائف بوضع أنياب بلدوزاراتها في حي السليمانية العتيق، وانتزعت روح الطائف بلا رحمة، هدمت الخانات والشوارع والأزقة والحمامات العامة، قتلت ذاكرةً حملت آهات الناس وأحلامهم وأفكارهم التي التصقت بجدران الحي وحجارته على مدى مئات السنين.
كانت الفكرة الملحة وقتها هي هدم الحي فقط، لم يكن هناك من حلول حقيقية وبديلة، اليوم وبعد 30 عاماً لا يوجد حي السليمانية، فقط برحة واسعة لم يُبنَ فيها شيء، وإن بُني فهو نزر يسير، لا ينتمي للفكرة التي بررت الهدم وقتها.
ولنقل إن ذلك الهدم جاء نتيجة حماسة الطفرة الأولى، وفي غفلة من «قدسية الذاكرة»، لكن لماذا نكرر ذلك الهدم من جديد، أين ما تعلمتموه يا مهندسي بلدياتنا، أين تصاميمكم المبتكرة لإبقاء تاريخنا كما هو من دون هدم، لماذا نلجأ لأسهل الحلول، نهدم الجبل لنبني حياً مستوياً، فقط لأننا لا نريد أن نتعامل مع تضاريس الجبال، على رغم أن الله خلق الجبل وخلق السهل، وعلى رغم أن كل أمم الأرض، ومن ضمنهم أجدادنا، تعاملوا مع الجبال باعتبارها مكاناً يمكن التعامل معها والتعايش والإبداع فيها، بينما نحن، وعلى رغم إمكاناتنا المهولة، لم نجد غير أن نسويها بالأرض.
لنعد إلى دوّار «الفلك» بجدة، ومن قبله دوّار «الصاروخ»، ودوّار «السفن»، وكل إيقونات جدة التي اختفت، بدءاً من «أهلّة» جدة، التي زينت طريق الحرمين، ولنسافر للغرب لنجد مطعماً عمره 1000 عام، أو جسراً يقوم منذ 2000 عام، أو زقاقاً مر بها شاعر أو عازف من القرن الرابع الميلادي، لكنهم حفظوها، داروا حولها، تجنبوا خنقها وقتلها، أبقوها لأبنائهم وأحفادهم، بينما نحن نضيق بها ونئدها قبل أن تبلغ الحلم.
هلا تركتم لنا ولأبنائنا شيئاً نتبادل به الحكايات والذكريات معهم، ونحكي قصصاً خيالية عنها، وإذا ضاق بنا الحاضر لجأنا إليها نُقبل فيها أيامنا وقصصنا القديمة.
[email protected]
twitter | @dad6176


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.