قطر والإمارات والكويت تدين قرار إسرائيل احتلال قطاع غزة    المملكة ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان    خطط أرامكو السعودية التوسعية في النفط والغاز والتكرير تعزز زيادة تدفقاتها النقدية    الفيحاء يتعاقد مع "الخيبري"لمدة 3 سنوات    وزير الخارجية يتحرك دبلوماسياً لوقف الانتهاكات في غزة    برشلونة يعيد شارة القيادة لتير شتيغن    بيع صقرين ب 180 ألف ريال في الليلة الأولى لمنصة المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور    جمعية فضاء العالية للتنمية الشبابية تختتم برنامج ماهرون الصيفي    ضبط 4 باكستانيين وهندي في الشرقية لترويجهم (32) كجم «لشبو»    السعودية توزّع 847 قسيمة غذائية في عدة محافظات بالأردن    فيصل بن فرحان ووزير خارجية ألمانيا يبحثان التطورات الأخيرة في قطاع غزة    صقارون دوليون يثمنون تسهيلات نادي الصقور في نقل واستضافة الصقور    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 .. ختام ربع نهائي بطولة Rainbow Six Siege X    النصر يتحرك لضم جناح منتخب فرنسا    البرازيل «تستنكر» ضغوط أميركا على القاضي المكلف بقضية بولسونارو    مواهب الذكاء الصناعي تضع المملكة ضمن أفضل 20 دولة    "القرني" يختتم دورة تدريب المدربين    أمير جازان يرعى ملتقى أبحاث السرطان 2025 بجامعة جازان    الشيخ أسامة خياط: يدعو لغرس قيم البر والتقوى في الأسرة والمجتمع    الشيخ عبدالباري الثبيتي: سورة قريش تُجسّد أعظم النعم .. الطعام والأمان    المصالح الوطنية السعودية    الخلاف يزداد بين برشلونة وحارسه شتيغن    النفط يتكبد خسارة أسبوعية حادة    سفير جمهورية مالطا لدي المملكة يزور قرية جازان التراثية    الربيعة: تطبيق "نسك" متاح مجانًا دون استهلاك بيانات الإنترنت    أنواع فيتامين D وجرعاته الصحيحة    النصر يكسب ودية "رايو آفي" البرتغالي برباعية    %83 من القراء هجروا المجلات    ضبط مواطن لارتكابه مخالفة رعي في "محمية الإمام تركي الملكية"    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    «المساحة الجيولوجية»: رصد زلزال في الإمارات بقوة 3.4 درجات    (عشان نصور،،،،،،!)    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    سبعة آلاف خطوة تعزز الصحة    بهدف تطوير الخدمات الرقمية وتعزيز جودة الحياة.. أمانة منطقة عسير توقّع مذكرة تفاهم مع "بلدي" بحضور وزير البلديات والإسكان    نائب وزير الحرس الوطني يطلع على برامج الإرشاد والتوجيه لتعزيز الوعي الديني والفكري    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    رئيس وزراء موريتانيا يغادر المدينة المنورة    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    العطش يلتحق بالجوع في غزة وتحذيرات من توسيع إسرائيل عملياتها    موسكو تدرس تقديم تنازلات لترمب بشأن أوكرانيا    ديوان المظالم يفتح باب التقديم على التدريب التعاوني لطلبة الجامعات والمعاهد السعودية    المجلس الاستشاري لمركز صحي المرابي يناقش احتياجات الأهالي مع تجمع جازان الصحي لتعزيز الخدمات الطبية    2 مليون دولار لتأمين «ابتسامة» نجمة هوليود    طهران تعدم متهماً بالتجسس لصالح إسرائيل    استهداف (أبو سلة) بطائرات مسيّرة.. اشتباكات بين الجيش اللبناني ومطلوبين في بعلبك    احتفال الفرا وعمران    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    الأرصاد: أمطار متفرقة حتى منتصف أغسطس    أم ومعلمة تقتحمان مدرسة لسرقة «امتحانات»    فتح باب التقديم لدعم المشاريع السينمائية    إنجاز طبي في الأحساء.. زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي لمريض    فريق سفراء الإعلام والتطوع" يزور مركز هيئة التراث بجازان    الأمير فهد بن سلطان يطلع على نتائج القبول بجامعة تبوك.    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحجي ل«الحياة»: من الصعب تصديق التهديد الإيراني بإغلاق مضيق هرمز بسبب العقوبات على نفطها
نشر في الحياة يوم 14 - 01 - 2012

هوَّن كبير الاقتصاديين في شركة «إن جي بي» الأميركية الخبير الاقتصادي الدكتور أنس بن فيصل الحجي، من تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز في حال فرض عقوبات اقتصادية على صادراتها النفطية، وقال إن طهران قد تلجأ إلى إعاقة الملاحة في المضيق في حال هجوم عسكري عليها، ولكن ليس في حال فرض عقوبات اقتصادية، ومن الصعب تصديق التهديد الإيراني بغلق المضيق بسبب تلك العقوبات.
واعتبر الحجي في حوار ل«الحياة» أن من الصعب أن تغلق المضيق لأسباب عدة، منها اتساع المضيق الذي يبلغ عرضه 35 كيلومتراً، ولكن أقصى ما تستطيع القيام به هو إعاقة الملاحة في المنطقة، والذي سينتج منه تأخر ناقلات النفط من جهة، وارتفاع تكاليف التأمين عليها من جهة أخرى، مشيراً إلى أنه حتى لو تبنت الدول الأوروبية حظراً على واردات النفط الإيرانية فإن هذا يؤثر في 15 في المئة فقط من إجمالي صادراتها على أكثر تقدير. ورأى الخبير النفطي أن تأثير إغلاق إيران لمضيق هرمز في السعودية - في حال حدوثه - سيكون بسيطاً، والكمية التي ستضطر السعودية إلى نقلها عبر أنابيب إلى البحر الأحمر قليلة، موضحاً أن توجه مستوردي لضخ 14 مليون برميل في حال إغلاق المضيق غير كاف للسيطرة على أسعار النفط، وذلك لأنها تغطي نحو ستة أيام من صادرات النفط الإيرانية، بينما يستغرق وصول النفط من الدول المصدرة الأساسية إلى الأسواق أكثر من شهر.
وحول مدى تأثر الاقتصاد السعودي بانخفاض أسعار النفط، أكد الحجي أن الاقتصاد السعودي لن يتأثر بانخفاض أسعار النفط بسبب وجود فوائض ضخمة يمكن لمؤسسة النقد والحكومة أن تستخدمها لتغطية أي عجز في الموازنة قد ينتج من انخفاض أسعار النفط.
وبشأن كيفية خفض دول الخليج الاعتماد على صادرات النفط كمصدر رئيسي للدخل، قال إن الحل الوحيد هو زيادة الاعتماد عليه وعلى مصادر الطاقة الأخرى، لأنه مهما حاولت دول الخليج تنويع مصادر دخلها فإن النفط، بسبب حجم احتياطاته وأهميته العالمية، سيظل يلعب دوراً رئيسياً في اقتصاداتها. ودعا دول الخليج إلى احتضان النفط لتعزيز قوتها من جهة، وبناء اقتصاد معرفي من جهة أخرى، لأن دول الخليج صغيرة، ولا يمكنها بأي شكل من الأشكال أن تكون «كل شيء» في آن واحد، ولا يمكنها أن تصبح رائدة في مجال ما بعد وجود عشرات الدول الرائدة في المجال نفسه، لهذا فإنه من المنطقي أن تتبنى الخيار الذي يميزها ويعزز من قوتها وهو خيار النفط. وشدد على أن الخيار الاستراتيجي لدول الخليج هو تصنيع تكنولوجيا الطاقة عموماً والنفط خصوصاً، ثم تسويقها في شتى أنحاء العالم، الأمر يضمن وجود اقتصاد معرفي، ويؤدي إلى تنويع مصادر الدخل، ويسهم في تحقيق تنمية مستدامة، وهذه التكنولوجيا والصناعات المرتبطة بها ستسهم في بناء الموارد البشرية بشكل يجعلها مرغوبة في شتى أنحاء العالم.
وحضَّ الحجي دول الخليج على أن تنظر إلى تكنولوجيا الطاقة «الوطنية» وخبراء الطاقة «الوطنيين» على أنهم سلع عالمية تسهم في تنويع مصادر الدخل، وأن تصدّر تكنولوجيا وخبراء الطاقة للخارج بدلاً من استيرادهما.
وهنا نص الحوار:
كيف ترون تأثير تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز - في حال فرض عقوبات اقتصادية على صادرتها النفطية - في أسعار النفط؟ وما تأثير ذلك في السعودية؟
- الأدلة التاريخية تشير إلى أن العقوبات الاقتصادية لا تجبر الدولة المستهدفة على تغيير موقفها. وفرض حظر على صادرات النفط الإيرانية لا يعني توقف صادراتها، ولكن تغّير جهة هذه الصادرات. وعموماً فإن أثر الحظر الاقتصادي في إيران يؤثر في أسواق النفط العالمية على المدى الطويل بشكل أكبر من التأثير في المدى القصير، إذ إنه يؤثر في عمليات الاستثمار والتمويل، كما أنه يمنع وصول بعض قطع الغيار المهمة، الأمر الذي يعني انخفاض نمو إنتاج النفط، وربما انخفاض الإنتاج نفسه.
ومن الصعب تصديق التهديد الإيراني بغلق مضيق هرمز بسبب العقوبات، لأن العقوبات قد تخفض صادرات النفط قليلاً، ولكن إغلاق المضيق يعني توقف صادرات النفط الإيرانية تماماً، الأمر الذي يعني أن الحكومة الإيرانية تخنق نفسها بنفسها.
ويرى الخبراء أن إيران قد تلجأ إلى إعاقة الملاحة في المضيق في حال هجوم عسكري عليها، ولكن ليست في حال فرض عقوبات اقتصادية. كما يجمع الخبراء على أنه لا يمكن لإيران أن تغلق المضيق لأسباب عدة، منها اتساع المضيق، إذ يبلغ عرضه نحو 35 كيلومتراً، ولكن أقصى ما تستطيع القيام به هو إعاقة الملاحة في المنطقة، والذي سينتج منه تأخر ناقلات النفط من جهة، وارتفاع تكاليف التأمين عليها من جهة أخرى. وتأكيداً لما سبق، فإن البيانات تشير إلى أن إيران لا تصدر النفط إلى الولايات المتحدة، وأن أقل من 15 في المئة من صادراتها يذهب إلى الدول الأوروبية. وهذا يعني أنه حتى لو تبنت الدول الأوروبية حظر واردات النفط الإيرانية فإن هذا يؤثر في 15 في المئة فقط من إجمالي صادراتها على أكثر تقدير.
في حال إغلاق المضيق هل ستتجه السعودية إلى تشغيل خط أنابيب الشرق الغرب بكامل طاقته البالغة نحو 4.5 مليون برميل يومياً، وذلك للتصدير عبر البحر الأحمر؟
- نظراً لقرب تشغيل خط الأنابيب الجديد في الإمارات والذي يتجاوز مضيق هرمز، فإن التأثير في السعودية بسيط، والكمية التي ستضطر السعودية إلى نقلها عبر أنابيب إلى البحر الأحمر قليلة، وعلى رغم تأخر افتتاح أنبوب الإمارات، إلا أنه علينا أن نتذكر أنه تم أيضاً تأخير القرار الأوروبي بشأن إيران.
تحدثت مصادر ديبلوماسية عن توجه الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والدول المستوردة لضخ 14 مليون برميل يومياً من مخزونات النفط المملوكة لها، في إطار خطة طوارئ في حال إغلاق مضيق هرمز، كيف ستؤثر تلك الخطة في سوق النفط العالمية؟ وهل هي كافية؟ وإلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا الضخ؟
- ضخ النفط من هذه المخزونات في حال الإغلاق التام أو الجزئي لمضيق هرمز يتناسق تماماً مع هدف التخزين. فالهدف هو استخدام المخزون الاستراتيجي في حالات الطوارئ التي يتم فيها انخفاض إمدادات النفط. وهناك خلاف كبير بين الخبراء حول فعالية استخدام المخزون في حال الطوارئ لا مجال لذكره هنا، إلا أن هناك أدلة كافية تشير إلى أن استخدام المخزون الاستراتيجي يوقف ارتفاع الأسعار ضمن شروط معينة أهمها ألا يكون الاحتياطي الاستراتيجي بديلاً عن الاحتياطي التجاري الذي يملكه القطاع الخاص. وبغض النظر عما إذا كان استخدام الاحتياطي الاستراتيجي فعالاً أم لا فإنه ضرورة سياسية في حال ارتفاع أسعار النفط. وسواء تم إغلاق مضيق هرمز أو وقف صادرات النفط الإيرانية فإن 14 مليون برميل غير كافية للسيطرة على أسعار النفط، وذلك لأنها تغطي نحو ستة أيام من صادرات النفط الإيرانية، بينما يستغرق وصول النفط من الدول المصدرة الأساسية إلى الأسواق أكثر من شهر.
كيف تؤثر تطورات أسواق النفط في الاقتصاد السعودي وسوق الأسهم فيها؟ وكيف يمكن التقليل من تلك التأثيرات في حال تراجع أسعار النفط؟
- ارتفاع أسعار النفط يترجم في النهاية إلى زيادة الإنفاق الحكومي، والذي بدوره يدعم النمو الاقتصادي. إلا أن هذه الزيادة في الإنفاق تسهم في رفع معدلات التضخم، والتي تؤدي بدورها إلى خفض القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود، والذي يسهم في خفض الاستهلاك الحقيقي، والذي يسهم في النهاية في التخفيف من معدلات النمو الاقتصادي.
وعلى رغم أنه لا يتوقع انخفاض أسعار النفط بشكل كبير، فإن الاقتصاد السعودي لن يتأثر بانخفاض أسعار النفط بسبب وجود فوائض ضخمة يمكن لمؤسسة النقد والحكومة أن تستخدمها لتغطية أي عجز في الموازنة يمكن أن ينتج من انخفاض أسعار النفط. أما عن سوق الأسهم فإن التحليلات الاقتصادية والإحصاءات أثبتت أنه لا علاقة لها بتغيرات أسعار النفط.
كيف ترون مخاطر استمرار اعتماد السعودية على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، خصوصاً أن خطوات تنويع مصادر الدخل في المملكة تسير بخطى بطيئة؟
- في رأيي أن الحل الوحيد للتخفيف من الاعتماد على صادرات النفط هو زيادة الاعتماد عليه وعلى مصادر الطاقة الأخرى. فمهما حاولت دول الخليج تنويع مصادر دخلها فإن النفط، بسبب حجم احتياطاته وأهميته العالمية، سيظل يلعب دوراً رئيسياً في اقتصاداتها. ومهما حاولت هذه الدول تنويع مصادر دخلها، فإن العالم كله سيظل ينظر إليها على أنها دول نفطية. ومهما حاولت التخلص من «سمعة» النفط فإنها تدرك أن مصدر «القوة» و«الاحترام» هو «النفط».
لهذا فإنه بدلاً من الهروب من النفط، فإن الأفضل لهذه الدول هو احتضانه وتبنيه لتعزيز قوتها من جهة، وبناء اقتصاد معرفي من جهة أخرى. إن دول الخليج صغيرة، ولا يمكنها بأي شكل من الأشكال أن تكون «كل شيء» في آن واحد، ولا يمكنها أن تصبح رائدة في مجال ما بعد وجود عشرات الدول الرائدة في المجال نفسه، لهذا فإنه من المنطقي أن تتبنى الخيار الذي يميزها ويعزز من قوتها وهو خيار النفط.
بناءً على الحقائق المذكورة أعلاه يتضح أن الخيار الاستراتيجي لدول الخليج هو تصنيع تكنولوجيا الطاقة عموماً والنفط خصوصاً، ثم تسويقها في شتى أنحاء العالم. إن تكنولوجيا الطاقة متقدمة ومعقدة للغاية، الأمر يضمن وجود اقتصاد معرفي، ويؤدي إلى تنويع مصادر الدخل، ويسهم في تحقيق تنمية مستدامة، لأن هذه التكنولوجيا مترابطة بكثير من الصناعات الأخرى التي تنمو مع نمو هذه الصناعة، ولأن هذه التكنولوجيا والصناعات المرتبطة بها ستسهم في بناء الموارد البشرية بشكل يجعلها مرغوبة في شتى أنحاء العالم.
كثر الحديث عن عمر النفط، وأنه على وشك النفاد، ما العمر المتبقي للنفط السعودي؟ إذا ما استمر معدل الاستهلاك الحالي، أم أن هناك زيادة بنسبة 5 في المئة سنوياً؟
- عمر النفط بحسب معدلات الإنتاج الحالية لا معنى له، إن نهاية عصر النفط لن تكون بنضوب الاحتياطات، وإنما بالاستغناء عنه لمصلحة مصادر الطاقة الأخرى، وقد يحصل ذلك قبل نضوب النفط بعقود عدة من الزمن إذا قامت الدول المنتجة بخفض الإنتاج ورفع أسعار النفط بشكل كبير. إن مصلحة الدول المنتجة وأجيالها القادمة تقتضي ضمان استمرار الطلب على النفط، الأمر الذي يتطلب سياسة إنتاجية قائمة على وجود طاقة إنتاجية فائضة وزيادة الإنتاج لمنع الأسعار من الارتفاع بشكل كبير يهدد مستقبل الطلب على النفط. مرة أخرى، العبرة ليست في عمر الاحتياطيات، وإنما في عمر الطلب عليها! ما فائدة الحفاظ على النفط للأجيال القادمة إذا لم يكن هناك طلب عليه؟
وإذا نظرنا إلى العمر الافتراضي للنفط في السعودية والعالم والولايات المتحدة، خلال ال20 سنة الماضية، نجد أنه لم يتغير نسبياً طوال هذه الفترة، على رغم إنتاج بلايين البراميل. ففي السعودية تم إنتاج نحو 59 بليون برميل خلال تلك الفترة، ومع ذلك بقي عمر النفط فوق 75 عاماً، وبلغ في العام 2009 نحو 88 عاماً. أما في الولايات المتحدة فعلى رغم إنتاج أكثر من 40 بليون برميل خلال تلك الفترة فإن عمر الاحتياطات ارتفع من نحو 9.7 سنة إلى 11 سنة. وبقي عمر النفط في العالم ثابتاً في التسعينيات، ثم ارتفع منذ العام 2003 ووصل إلى أكثر من 50 سنة أخيراً، على رغم إنتاج 465 بليون برميل منذ العام 1991! نعم، قرابة نصف تريليون برميل! بقي أن نذكر أن عمر النفط السعودي حالياً هو العمر ذاته الذي كان في عام 1983 على رغم استنزاف 73 بليون برميل.
ما السعر العادل للنفط حالياً؟ وما العوامل التي تحدد هذا السعر؟
- مفهوم «السعر العادل» ضبابي، على رغم كثرة استعماله من المسؤولين ووسائل الإعلام. فإذا كنا نتكلم عن السعر الذي يرضي المنتجين فإنه من الواضح أن أسعاراً بحدود 90 دولاراً للبرميل مرضية لكل دول منظمة «أوبك» وغيرها، وذلك لأنه يغطي الإنفاق العام في هذه الدول، وقد يحقق فائضاً لبعض الدول. المشكلة أن هذا السعر قد يكون مضراً على المديين المتوسط والبعيد، لأنه يخفض الطلب على النفط، ويشجع على التنقيب في مناطق منافسة مثل كندا والبرازيل والولايات المتحدة.
ما حجم تأثير عودة الإنتاج الليبي إلى مستواه السابق في إيرادات السعودية النفطية، خصوصاً أن 90 في المئة منها يأتي من النفط؟ ومتى يمكن أن تعود ليبيا إلى مستوى إنتاجها السابق؟
- إذا نظرنا إلى تجارب الدول النفطية المختلفة التي عانت من اضطرابات سياسية مثل إيران والعراق والكويت وروسيا ونيجيريا نجد أن إعادة بناء الطاقة الإنتاجية يستغرق على الأقل ثلاث سنوات. وبالنظر إلى الوضع في ليبيا فإن العودة إلى مستوى إنتاج ما قبل الثورة يتطلب نحو ثلاث سنوات ونصف.
وكما يعلم الجميع، فإن السعودية زادت إنتاجها بشكل كبير للتعويض عن النفط الليبي، لذلك يتوقع أن تقوم السعودية بخفض الإنتاج تدريجياً مع زيادة النفط الليبي. وبما أن هذا التغيير في إنتاج السعودية نتج من متطلبات السوق العالمية وليس لحاجتها للإيرادات، فإن الأمر لن يؤثر في الاقتصاد السعودي أو نموه.
يتردد بين وقت وآخر حديث عن تسعير النفط بسلة عملات بدلاً من الدولار، كيف تقيمون ذلك؟ وأيهما أفضل لدول الخليج استمرار التسعير بالدولار أم بسلة عملات؟
- ليس هناك بديل عن الدولار. فكرة السلة نظرية فقط وغير عملية. أولاً، سيظل الدولار هو العملة المسيطرة في السلة. وثانياً، فكرة السلة تتطلب مرونة كبيرة لمحتويات السلة حسب تقلب العملات العالمية ومعدلات التضخم في الدول الصناعية واتجاهات التجارة الخارجية في دول أوبك. وإدارة هذه السلة في هذه الحالة مكلف جداً وهذه التكاليف أعلى من منافع وجود عملات أخرى في السلة غير الدولار. ثالثاًَ، وهو الأهم، اختلاف شركاء أوبك التجاريين واختلاف نسبة الواردات من هؤلاء الشركاء، ما يعني أن السلة ستفيد بعض دول أوبك بينما ستضر دولاً أخرى، الأمر الذي يجعل الاتفاق على سلة أمراً مستحيلاً. لذلك فإن الحل الوحيد هو الاستمرار في تسعير النفط بالدولار مع زيادة تنويع مصادر الواردات.
نشرتم عديداً من المقالات في الماضي ترفضون فيها فك ارتباط الريال السعودي بالدولار على رغم الانخفاض المستمر للدولار، وارتفاع معدلات التضخم المستورد في السعودية، كما ترفضون ربطه بسلة من العملات، ما أسباب هذا الرفض؟
- أولاً، ليس هناك بديلاً عن الربط بالدولار لأن فك الارتباط يعني تذبذب قيمة العملة السعودية مع أسعار النفط، الأمر الذي يزيد من ذبذبة عديد من القطاعات الاقتصادية ويعرض الاقتصاد السعودي لهزات عنيفة. لذلك فإن الخبراء يتحدثون عن رفع قيمة الريال، وليس فك الارتباط.
ثانياً، عيوب ربط الريال بعملة أخرى مثل اليورو لها نفس عيوب الربط بالدولار.
ثالثاً، الدولار سيحتل الجزء الأكبر من السلة، الأمر الذي يجعل فوائدها قليلة.
رابعاً، منذ العام 2005، ليس هناك علاقة بين التضخم في السعودية وهبوط الدولار، ومصادر التضخم محلية. وعلينا أن نتذكر أنه على رغم ربط الدينار الكويتي بسلة من العملات، إلا أن التضخم في الكويت أعلى من السعودية. وهذا يعني أنه حتى في ظل وجود نظام يربط الريال بسلة من العملات فإن السلة لن تحمي من التضخم.
خامساً، رفع الريال في مقابل الدولار له منافعه ومساوئه، وتشير الدراسات التي قام بها متخصصون إلى أن المساوئ أكبر من المنافع حتى في ظل انخفاض الدولار. لقد تبنت الحكومة خيار تنويع مصادر الدخل كخيار استراتيجي للتنمية الاقتصادية، وأي رفع للريال يعني ضرب القطاع غير النفطي الموجه للصادرات في الصميم، إن أي رفع للريال يعني خسائر ضخمة في قطاع البتروكيماويات، مثلاً.
ما توقعاتكم لأسعار النفط خلال العام الحالي، وحتى العام 2015؟
- إن المحددين الأساسيين للأسعار هما الوضع الاقتصادي في أوروبا وإنتاج السعودية، ولكن هناك محددات أخرى. وبفرض تفاقم الأزمة في أوروبا وتأثر الصين بها، فإن الأسعار ستنخفض بشكل كبير، ولكن يتوقع أن تقوم السعودية بالتعاون مع بعض دول أوبك بخفض الإنتاج بما يتناسب مع الانخفاض في الطلب، الأمر الذي سيبقي أسعار النفط مرتفعة حتى في حال حدوث انكماش اقتصادي، والذي يعد تكراراً لما حصل في النصف الأول من عام 2009. وإذا نظرنا إلى التوقعات المختلفة، خصوصاً توقعات البنوك الاستثمارية، نجد أن معظمها فوق 90 دولاراً لخام غرب تكساس وأكثر من 100 دولار لخام برنت، ولكن هناك من يرى عكس ذلك.
سيرة ذاتية | خبير نفطي وباحث وأكاديمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.