تحول مقتل جنديين وهما يحاولان منع انتحاري من تفجير نفسه وسط مواكب حسينية في بلدة البطحاء التابعة لمحافظة ذي قار الخميس إلى بطلين ورمز للوحدة الوطنية. وعلى رغم أن الهجوم الانتحاري قتل وجرح نحو 150 شخصاً كانوا في طريقهم إلى كربلاء لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين، إلا أن انتماء الملازم نزهان صالح حسين الجبوري ونائب العريف علي أحمد سبع، وهما سنيان قدما مع وحدات الجيش من الموصل وديالى هجما على الانتحاري وهو يحاول تفجير نفسه فقتلا. وكانت أحياء الناصرية (ذي قار) شهدت تشييعاً مهيباً للجنديين شارك فيه الأهالي والسياسيون ووحدات عسكرية. وقال حسن علي: «ليت السياسيين يحترمون دماء هذا الرجل المصلاوي (وهو لقب شعبي يطلقه العراقيون على أبناء الموصل) والآخر ابن ديالى ويكفون عن خداع الناس بالطائفية». وأضاف أن «أهالي المدينة نسوا ضحاياهم وراحوا يتداولون قصة بسالة هذا الضابط والجندي فما أن تلتقي أحداً من أهالي الناصرية إلا ويبادرك بالسؤال : هل سمعت ماذا فعل المصلاوي؟». ويجمع سياسيون وقادة أمنيون عراقيون على أن التفجيرات التي تركزت أخيراً في أحياء شيعية من بغداد وامتدت إلى البطحاء تهدف إلى استعادة أجواء الحرب الأهلية واستدراج ردود فعل مشابهة لتلك التي أعقبت تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء العام2006. رزوقي الكعبي الذي شارك في إخلاء الضحايا روى ل»الحياة» المعلومات التي أدلى بها مصابون، فقال:»كان الانتحاري يرتدي بزة عسكرية ومعه حقيبة معلقة برقبته، اقتحم المواكب من الخلف وكان مرتبكاً وسرعان ما لفت انتباه الملازم نزهان فهرول إليه ليسأله فهرب منه باتجاه السرادق لكنه لم يتمكن من سد الطريق عليه ومنعه فسانده الجندي علي أحمد سبع وما إن امسكا وارتميا فوقه حتى فجر القنبلة التي كانت في الحقيبة». وتابع: «إلى الآن لم نتمكن من تحديد منطقة سكن الضابط وهي محصورة بين كركوك والموصل. لكن الكل يتحدث عن رجل موصلي بطل. المهم انهم ترجموا الوحدة العراقية بالشهادة، والبطل الآخر من أهالي ديالى». ومع الحديث عن بطولة الملازم وجنديه كدليل على عدم وجود النزعة الطائفية لدى العراقيين يتحدث الأهالي بغضب عن الإرباك الذي صاحب عمليات إخلاء ضحايا الحادث، وقال جعفر حسين، وهو مفوض في الشرطة «كنت مع مدير دائرتي نخلي جرحى إلى المستشفى العام ومررنا بالمشرحة للاطلاع على الشهداء وحين سحبت إحدى الثلاجات سمعت أنيناً داخلها فهممت بالتحري ووجدت أن شخصين حيين تم الزج بهما في المشرحة. ولو لم ننقذهم لتجمدوا». وتناقلت المواقع الإلكترونية المحلية في الناصرية روايات أخرى عن العثور على ناجين في المشرحة. محمود عبد (31 سنة) موظف في وزارة النفط نجا من الهجوم وشارك في إخلاء الضحايا، قال:»قمت مع آخرين هبوا لنجدتنا بإخلاء عدد من الجرحى إلى مستشفى البطحاء الذي يبعد حوالى 10 كلم من موقع الحادثة وما إن وصلنا حتى رفضوا استقبالهم بحجة عدم توافر الإمكانات». وزاد: «كنت قد تركت السردق قبل بضع دقائق وغادرت باتجاه الناصرية وما هي إلا عشرات الأمتار حتى دفعني عصف عنيف، وعندما عدت لإنقاذ الضحايا وجدت نيراناً مشتعلة وجثثاً متناثرة مزقتها كرات فولاذية، وشاهدت بقايا ثلاثة جثث لعسكريين مرمية على الأرض في شكل مثلث عرفت بعدها أنها للانتحاري والضابط والجندي اللذين حاولا إيقافه».