تصدر الشاعرة هدى أشكناني المولودة في الكويت ديوانها الأول «سماء تبحث عن غطاء» عن دار الغاوون 2011 ولا نعرف إن كانت كويتية الأصل، فمنذ فترة طويلة لم نسمع بظهور شاعرة كويتية، وحتى الشاعرة الشابة المتميزة منى كريم توقفت عن النشر. لهذا، لا يُعرف الكثيرعن الحركة الشعرية النسوية في الكويت خصوصاً الأصوات الشابة. ديوان أشكناني الأول لا يختلف كثيراً عن الكتب الشعرية الكثيرة التي تصدر هذه الأيام للشعراء الشباب لكنها في النصوص القصيرة تفلح في تقديم لمحة عن طريقتها في الكتابة قد تتطور في المستقبل ويصبح لها صوتها الخاص على خلاف نصوصها الطويلة نسبياً. مفردات جديدة في هذه النصوص القصيرة، وهي مكتوبة بتقنيات قصيدة النثر تحاول أشكناني الوصول إلى روح النص بكلمات قليلة وغالباً ما تنجح في ذلك كما هي الحال مع هذا النص القصير «شال عقدته/ حولي/ نصف استدارة/ ليمنحني – كما أنت – جنوناً مضاعفاً/ لقد فهمت الآن/ كيف يلف القلب» في نص طويل نسبياً عنوانه «أيناها الحقيقة» وفي نصوص أخرى من الكتاب، تحاول الشاعرة إيجاد مفردات جديدة وأفعال جديدة مثل عنوان هذا النص «أيناها» والمقصود منه كما هو واضح «أين هي الحقيقة» وكذلك فعل «تؤفل» المنحوت من الفعل «يأفل». مثل هذا الأداء اللغوي غير المفكر فيه لا يصنع نصاً كبيراً لأن عملية النحت لا تنجح مع الأفعال كما هو الحال مع الأسماء والصفات. تطرح الشاعرة هدى أشكناني في نهاية كل نص قصير سؤالاً يمكن أن يكون هو الآخر نصاً قصيراً في حال الإجابة عليه: «كيف أحلم بألوان الجنون/ قصائد اللهفة، بالغد القريب/ وحبيبي/ يراقص ظلي في الفراغ». لا يمكن أية حبيبة أن تعيش ألوان الجنون بعيداً من حبيبها فكيف بها وهو يراقص ظلها في الفراغ؟ هذه الأسئلة الشعرية هي التي تأتي بالشعر وبروحه. وهنا سؤال آخر «تلوت حقيقة قلبك الفارغ/ بابتسامة تملأ نصفك يقيناً ونصفك أملاً/ بأنك رهينتي/ ألن تهرب»؟ في مكان آخر يبقى النص مفتوحاً على احتمالات كثيرة يختارها القارئ في النهاية كما في هذا المقطع القصير للغاية «بين شقين/ من عتمة ونور/ تحاول فراشة/ استرداد يقينها». إنها عملية المخاض ذاتها التي نخوضها جميعاً وهنا تنجح الشاعرة بأقل ما يمكن من الكلمات في تقديم صورة شعرية ورؤية متكاملة من خلال هذه اللمحة القصيرة المنفذة بتقنية الهايكو. عندما يعرف الشاعر متى يبدأ النص الذي يكتبه ومتى ينهيه يكون قد أدرك اللعبة الشعرية وبدأت أدواته في الكتابة تتكامل وخبرته تزداد، وهدى أشكناني في نصها القصير هذا يوحي بموهبة ستظهر في المقبل من الأيام. مسألة مهمة جداً ينبغي على كل شاعر معرفتها هي قضية الشكل البصري للنص وتقنيات الكتابة الأخرى في طول السطر الشعري والتنقيط وعملية البياض، هذه التقنيات تساهم في شكل كبير في فهم النص وتمتينه وزيادة عمقه إذا نجح الشاعر في استخدامه في النص. النص الأخير في هذا الكتاب مؤلف من أربع كلمات تحت بعضها بعضاً وعنوان النص هو «أبوابي المقدسة» ذاكرة - بياض - ظل - وجوه. لماذا كتبت الشاعرة هذه الكلمات بهذه الطريقة؟ لأنها أرادت أن تكون لكل كلمة خصوصيتها ومكانها الأثير خصوصاً أن عنوان القصيدة هو «أبوابي المقدسة» فلكل كلمة هنا كما تريد لها الشاعرة هي باب مقدس. هكذا، يكون الشكل البصري للنص كي يفهم بطريقة سليمة ومعبرة.