غداة الضجة التي أثارتها أوساط سياسية يمينية في إسرائيل احتجاجاً على الانتقادات التي وجهتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للدولة العبرية على خلفية اتساع ظاهرة الفصل بين الرجال والنساء في الجيش والباصات العامة وتشبيهها الوضع بما يحصل في ايران، أكدت تقارير صحافية إسرائيلية أمس تعاظم نفوذ التيار الديني اليهودي المتشدد، خصوصاً «الحرديم» المؤيد للفصل بين الذكور والإناث في المجتمع الإسرائيلي. وذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية في عنوانها الرئيس أمس أن عدد المدارس الرسمية – الدينية التي تفصل بين الذكور والإناث تضاعف في العقد الأخير ثلاث مرات، وأن هناك فصلاً في 65 في المئة من هذه المدارس (البالغ عددها 391 مدرسة). وأشارت إلى أن غالبية المدارس تشهد تطبيقاً تاماً للفصل من خلال تخصيص مبان للذكور وأخرى للبنات. ويحصل ذلك في صفوف الأول حتى السادس، وهناك مدارس يتعلم فيها ذكور وإناث، لكن يتم الفصل بين الصفوف. وعزا المدير السابق للتعليم الديني ماتي دغان تعاظم ظاهرة الفصل إلى «مخاوف مبالغ فيها من جانب المتدينين من نتائج الاختلاط»، وقال إن «المتدينين المتشددين» يعتقدون أنه من خلال هذا الفصل تتم حماية أبنائهم من تأثيرات المجتمع. من جهته، قال نائب وزير التعليم سابقاً الحاخام ميخائيل مالكيئور إن «ثمة مقاربة عامة من التطرف تنعكس في أمور كثيرة أخرى إلى جانب الفصل الجنسوي وإقصاء مكانة المرأة». وأضاف: «نحن إزاء محاولات الحرديم للسيطرة على المضامين من خلال تحجيم قيم إنسانية مثل الديموقراطية ... الجمهور المتدين يجد نفسه أكثر فأكثر في مكان منفصل جوهرياً عن الحيز العام الإسرائيلي، وبعيداً من إمكان خلق مجتمع واحد». من جهتها، كرست صحيفة «يديعوت أحرونوت» صفحاتها الأولى لمظاهر إقصاء النساء في الدولة العبرية، وقدمت أمثلة كثيرة لتؤكد أن المجتمع الإسرائيلي يسير نحو التزمت الديني، بدءاً بالجيش الذي يشهد أخيراً ظاهرة مغادرة جنود احتفالات عسكرية تشارك فيها مجندات في الغناء. ولاقى هذا السلوك تشجيعاً من حاخامات يهود، إذ قال أحدهم انه «يفضل أن يقف في وجه من يطلق الرصاص عليه لإعدامه على أن يسمع امرأة تغني». كذلك ظاهرة تخصيص المقاعد الخلفية في الباصات للنساء كي لا يختلطن مع الرجال، خصوصاً في الأحياء الدينية المتزمتة في القدس. وأشارت الصحيفة إلى أن شركة الباصات العامة استأنفت أمس عملها داخل هذه الأحياء بعد فترة طويلة في أعقاب تعرضها للرجم بالحجارة بسبب نشر إعلانات على جدران الباصات تظهر فيها سيدات. ويرافق أفراد شرطة كل باص يدخل هذه الأحياء لحمايتها. وأبرزت الصحيفة خضوع كبرى مكاتب الإعلان لضغوط المتدينين المتزمتين بإحجامها عن نشر إعلانات تجارية في الشوارع تظهر فيها صور نساء. وقام بعض المكاتب بتغيير إعلانات كهذه ظهرت فيها فنانات إسرائيليات بلباس غير محتشم بنظر المتدينين. ووصف معلق بارز سلوك المتدينين المتزمتين بأنه «قمع للنساء وتنكيل بهن ... إنه قمع يبغي قمع صوتهن وصورتهن ووجودهن في المجتمع العام».