فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    وميض ناري على مذنب    جريمة قتل حامل تهز سكان المنوفية    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    أمير حائل يبحث مع نائب أمير نجران سبل تعزيز التعاون    النفط يتراجع وسط توقعات بفائض في المعروض    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات آسفي    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    10.6% نمو بقيمة الصفقات السكنية    خالد بن سلمان يبحث مع بولس جهود إحلال السلام    أمير نجران يستعرض الخطة التنفيذية للجمعية الخيرية    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    تراجع الدولار وتباين لسياسات العالم النقدية    مبادرة لتأهيل قطاع التجزئة    موعد نهائي كأس العرب بين الأردن والمغرب    الأردن تتغلب على السعودية وتتأهل لنهائي كأس العرب    مُحافظ الطائف يكرّم الجهات المشاركة في فعاليات سرطان الثدي.    بلدية محافظة الشماسية تنهي معالجة آثار الحالة المطرية التي شهدتها المحافظة    تألق ثلاثي دوري روشن في نصف نهائي كأس العرب    القادسية في مفترق طرق.. غونزاليس يغادر ورودجرز قريب من الإشراف الفني    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلّف    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    "إثراء" يحتفي بيوم اللغة العربية على مدار ثلاث أيام    الفريق المشترك لتقييم الحوادث ينفي استهداف معدّة مدنية في باقم    "سعود الطبية" تنجح في إجراء قسطرة علاجية نادرة لطفلة بعمر خمسة أشهر    شفيعًا تشارك في فعاليات جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة لليوم العالمي لذوي الإعاقة بجامعة الفيصل    الدولار يستقر قرب أدنى مستوى له    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    دور إدارة المنح في الأوقاف    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    كايا كالاس: محادثات قرض التعويضات لأوكرانيا "تزداد صعوبة"    قبيلة الجعافرة تكرّم الدكتور سعود يحيى حمد جعفري في حفل علمي وثقافي مهيب    ثلاث جولات في مختلف مناطق المملكة ، وبمشاركة أبطال السباقات الصحراوية    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    ديبورتيفو الكوستاريكي يتوّج ببطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    نجوم القارة السمراء يستعدون لترك أنديتهم.. «صلاح وحكيمي وأوسيمين» تحت المجهر في كأس أمم أفريقيا    موسم جدة 2025 يستعد لإطلاق «ونتر وندرلاند»    "أمِّ القُرى" تعقد لقاءً تعريفيًّا مع التَّقويم والاعتماد الأكاديمي    الخريجي: الحوار البناء أداة تفاهم بين الشعوب    القراءة الورقية.. الحنين إلى العمق والرزانة    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    استضافت اجتماع اللجنة التنفيذية ل«البرنامج التعاوني».. السعودية رائد عالمي في مجال أمن الطيران    السعودية تدين الهجوم الإرهابي.. دمشق توقف 11 عنصراً للتحقيق في هجوم تدمر    مواجهات مع مستوطنين مسلحين.. اقتحامات إسرائيلية متواصلة في الضفة الغربية    صينية تعالج قلقها بجمع بقايا طعام الأعراس    بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولي العهد ووزير خارجية الصين يستعرضان العلاقات الثنائية    أمير نجران يُشيد بإنجازات "الصحة" في جوائز تجربة العميل    دراسة: دواء جديد يتفوق على «أوزمبيك» و«ويغوفي»    في ورشة عمل ب"كتاب جدة" خطوات لتحفيز الطفل على الكتابة    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    نمو أعداد الممارسين الصحيين إلى 800 ألف    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    الغرور العدو المتخفي    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنا العربية المتسلّطة: هل مِن شفاء؟
نشر في الحياة يوم 03 - 12 - 2011

«الديكتاتور من ورائك، والمتزمّتون من أمامك، فأين المفرّ؟»، يردّد كاتب صديق بدأ يفقد حماسته للثورات والتغيير. وقد عرفنا الديكتاتور ولم نجرّب الإسلاميين بعد. الديكتاتور عربيّ بسيط يشبهنا كثيراً. لا هو غريب عنّا، ولا نحن غرباء عنه. نموذج مثالي للأنا العربية التي تسكننا وتعجّ بها مجتمعاتنا. أنا ممجَّدة. متعاظمة. مكابرة. متضخمة. منتفخة. متمدّدة. متوسّعة فوق حدائق الآخرين. لا وجود للآخر في حساباتها، ولا في اعتباراتها. الآخر غير موجود إلا من خلالها، ومن خلال ما يقدّمه لتغذيتها وضمان استمرارها وتوهّجها عبر تبجيلها وتفخيمها الدائمين. فالأنا العربية تعشق التبجيل والتهليل والابتسامات الصُفر، ولون الخوف في عيون المحيطين بها. تعرف كمّ الكذب والنفاق في كلماتهم، وتدمنه، فهو جميل وعذب، يدغدغ مشاعرها ومشجع على الاستمرار فوق الكرسي. وهي تهوى كلّ ما من شأنه أن يضعها فوق كلّ شيء، وفوق كلّ الناس. فلماذا تكون تقارير أهل البلاط مخالفة لما يرغب «سيادته» في سماعه؟ تحضرني قصّة الحاكم المهووس بأناقته وجماله، حين جاءه خياطون يدّعون انهم يحيكون حريراً لا يراه إلا الأذكياء فقط، فكان كلّ من يرى القماش لا يجرؤ على القول إنه لا يرى شيئاً خشية أن يوصف بأنه غبي، بمن فيهم الحاكم الذي ارتدى في نهاية المطاف هذا اللاشيء وخرج الى شعبه مختالاً بعريه. مرّ في شوارع مدينته، ولم يقل له أحد انه يسير بلا ثياب، خوفاً من بطشه وانتقام مرافقيه، إلى ان صرخ طفل: «أنظروا حاكمنا يسير عارياً!». ففضحت براءة هذا الطفل وعفويته، الغباء الجماعي، والتزلّف الرخيص الممهّد للنهايات الموجعة.
يترعرع المواطن العربي ويكبُر وفي نفسه انه أعظم العظماء. أكبر المفكرين. أذكى الأذكياء، وألمع المبدعين. يكبر على أفعل التفضيل وكلّ ما أُلحق به من أفعال المبالغات، قبل أن يفتح فاهه ويقدّم للعالم أيّ إنجاز. فكيف به إذا حالفه الحظ وجلس فوق كرسي يعبق برائحة سلطة، أيّة سلطة. السلطة بحدّ ذاتها أعظم الإنجازات، وإلا لما سعى إليها أصحاب المال!
يتذاكى النقاد الثقافيون على نصّهم لتمرير سطرين فيهما شيء من الحقيقة، غير التبخير المعتاد، فلا يزعل الشاعر أو الروائي صاحب الكتاب موضع النقد، وتحصل القطيعة. كذلك الأمر بالنسبة الى محرري القضايا الفنّية الذين يختارون أسئلتهم بتأنٍ كبير، ويضمّنون مقدماتهم كمّاً لا بأس به من مفردات «التطبيل والتزمير» كي ينالوا الرضا. فللفنانين أيضاً أساليبهم في معاقبة من يتجرأ ويطرح أسئلة مخلّة بمقامهم، تبدأ بمقاطعة الصحافي «المشاغب» وتعميم اسمه على المرافقين الشخصيين ليضمنوا عدم وجوده في أيّ مؤتمر صحافي لهم أو حفلة غنائية يحيونها، وتنتهي بمقاطعة الصحيفة أو المجلّة التي يعمل لديها، وتخصيص كلّ سبق صحافي للمطبوعة أو المحطة التلفزيونية المنافسة. ولم يتأخّر الموسيقار ملحم بركات عن ترك بلاتوه تصوير مقابلات تلفزيونية معه مباشرة على الهواء، ومغادرة الأستوديو، احتجاجاً على سؤال محرج!
فهل من يلوم صدام حسين لعدم تخليه عن السلطة في الوقت المناسب حفاظاً على العراق وأهله، من الاحتلال والنهب والسلب والتخبّط في حروب أهلية؟ وهل من يدّعي انه كان بإمكانه إقناع معمّر القذافي بالرحيل بسلام كي يتجنّب تلك الميتة المشينة له ولولديه؟ وهل مَن يتمنى بعد لو ان حسني مبارك لم يمهّد بإقصائه الكفاءات، وتغاضيه عن الفساد، ومحاولاته المستميتة البقاء على رأس السلطة للضغط في اتجاه تسليم زمامها الى نجله جمال، الى تعاظم قوّة التطرف والمتطرفين في مصر؟
فلنعترف: لا يمكن حاكماً عربياً أو حتى مسؤولاً عادياً في مؤسسة عربية، أن يسلّم سلطة بطيبة خاطر، أو يسلّم بهزيمة، أو بفشل، أو يعترف بعجز أو خطأ، أو يقرّ بالوقت الذي يمرّ وشعبه من دون أمل. فهل من مواطن عربي يستطيع ان يحكم من دون نزعة التسلّط هذه، حتى أولئك الذين يرفعون شعارات مثل الحرية والعدالة والمساواة والتنمية وإقرار الحقّ؟
* نائبة رئيس تحرير مجلة «لها»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.