الصفحة: 5 - السياسية تسارعت الجهود المصرية للتعاطي مع أوضاع فرضها تدفق عشرات الآلاف من الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مدن شمال سيناء، وكشفت مصادر رسمية أن اتصالات مع اطراف عدة جرت أمس للحيلولة دون قيام إسرائيل بفرض أمر واقع يقوم على فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وكذلك لتجنب مواجهة مع حركة"حماس"التي قالت المصادر انها بعثت بإشارات إلى القاهرة ثمنت فيها موقف الرئيس حسني مبارك من قضية الحاجات الانسانية الاساسية لمواطني القطاع والسماح لهم بالتدفق والوجود في المدن المصرية عبر الحدود. وأعرب مبارك عن رفضه لمحاولات الزج بمصر في الخلافات بين الفلسطينيين ومحاولات افتعال الأزمات مع قوات الأمن المصرية في رفح، وقال في كلمته أمس خلال الاحتفال بعيد الشرطة إن"مصر تعي تماماً اعتبارات أمنها القومي، ولن تفرط فيها، ولن نسمح لأحد بأن يقترب منها أو يحاول اختراقها"، مؤكدا أن أحداً لا يملك المزايدة على مصر في دعمها لهذا الشعب الصامد وقضيته العادلة:"نحن نبذل أقصى الجهد في تحركنا واتصالاتنا لإنهاء معاناته ولرفع إجراءات العقاب الجماعي الإسرائيلية وعودة إمدادات الوقود والكهرباء والمساعدات الإنسانية لقطاع غزة". وأوضح أن جهود السلام لم تعد تحتمل فشلاً آخر، وأن مصر لن تسمح بتجويع الفلسطينيين في غزة، أو بأن يتحول الوضع في القطاع لكارثة إنسانية، داعيا الفلسطينيين من الفصائل المختلفة الى أن يضعوا معاناة شعبهم فوق كل اعتبار. وجاء كلام مبارك في وقت صارت فيه العلاقة بين القاهرة و"حماس"على المحك بسبب ما جرى من تفجير للسور الحدودي، وسط معلومات عن محاولات لتصدير الخلافات العربية إلى مصر، ومعلومات عن تنسيق بين جماعة"الإخوان المسلمين"والحركة من أجل تسيير التظاهرات في الشارع المصري. واتهم مبارك"حماس"ضمنا، باعتبارها المسيطرة على منطقة الحدود من الجانب الفلسطيني، بافتعال الأزمات مع الأمن المصري. وفيما حذر وزير الداخلية المصري اللواء حبيب العادلي من الاستغلال السياسي لأحداث غزة من جانب بعض القوى الداخلية بقصد التهييج، يترقب المصريون ما ستؤول إليه الأحوال في خصوص التظاهرات الحاشدة التي دعت إليها قوى مختلفة، أبرزها جماعة"الإخوان"عقب صلاة الجمعة لنصرة أهالي غزة بعد أن اعتقل المئات الاربعاء في تظاهرات وسط القاهرة. وقال العادلي لجريدة"روزاليوسف":"يمكن لمن يشاء أن يعبر عن استنكاره لما يجري في غزة ورفضه للعدوان من خلال الاحتجاج المنظم وفق إجراءات مسبقة، لكننا لن نسمح بأي استغلال أو تهييج للمشاعر في الشوارع والمساجد". ورفض مرشد جماعة"الإخوان المسلمين"محمد مهدي عاكف تفسير العادلي لتظاهرات الاربعاء، وقال:"نحن لا نفتعل شيئا... قمنا بواجبنا الذي يمليه علينا ضميرنا تجاه أهلنا في غزة"، وسألته"الحياة"هل ما تزال جماعة الإخوان تعتزم القيام بتظاهرات اليوم بعد صلاة الجمعة في ظل تحذيرات وزير الداخلية، فأجاب:"لا شأن للإخوان بالأمر، الشعب المصري بكل قواه السياسية هو من اتفق على تنظيم هذه الفعاليات منذ الاثنين الماضي، وسيقوم الشعب غدا اليوم بما يراه عليه من واجب". وقالت مصادر رسمية ل"الحياة"إن القاهرة أجرت اتصالات مع الجهات الراعية لعملية السلام أوضحت فيها أن محاولة اسرائيل فصل قطاع غزة"يضرب عملية السلام"و"ينهي تفاهمات أنابوليس"، مشيرة الى أن الوعد الاميركي بالدولة الفلسطينية يعني الضفة والقطاع معاً وليس قسماً منها، وأن فصل القطاع وتخلي اسرائيل عن التزاماتها السياسية والانسانية تجاه السكان هناك، سيفرغ المفاوضات من مضمونها. وكشفت المصادر أن التعامل مع"حماس"يتم بحذر ومن دون تمكين أطراف أخرى بالفوز بمكاسب على حساب المصريين والفلسطينيين في آن. ورأى مراقبون أن"حماس"التي حققت نجاحاً خلال اليومين الماضيين بإجبار المصريين على فتح حدودهم، لا يمكن في الوقت الحالي أن تتخذ مواقف معادية للقاهرة. ورأت المصادر أن ضغوطاً قد تمارس على الحركة من جانب أطراف أخرى إيران وسورية مثلاً لتصعيد التوتر مع القاهرة إذا ما حقق الايرانيون والسوريون انتصاراً سياسياً في معركة الرئاسة اللبناينة، لن تؤتي ثمارها إذا ما اتخذت حركة"حماس"مواقف"براغماتية".