عندما تقع أشعة الشمس على الجلد فإن خلايا الميلانين ترد عليها بإفراز صباغ أسمر وظفته الدفاع عن البشرة ضد أخطار أشعة الشمس واضرارها، ومن هنا اللجوء الى دهن الجسم بالكريمات الواقية. منذ فترة ظهرت موضة جديدة للحصول على وقاية أكبر ضد أشعة الاسمرار أي الاشعة الشمسية، تتمثل في استعمال الحبوب أو بالأحرى الأقراص الدوائية الشمسية، ولا نبالغ إذا قلنا ان رواج هذه الأقراص كان سببه اعطاء الضوء الأخضر من قبل معظم الأطباء المختصين بالأمراض الجلدية، فما هي هذه الأقراص؟ بدأت القصة في العام 1968، عندما قامت الباحثة الاميركية ميشلين ماتيوس روت من جامعة هارفارد باعطاء صباغ "بيتا كاروتين"، لعدد من المرضى الذين يعانون من داء السماقية الجلدية مرض يظهر غالباً بعد التعرض للشمس فكانت المفاجأة ان استطاع هؤلاء تحمل اشعة الشمس ثلاث مرات أكثر. من هنا ولدت فكرة استعمال مركبات الكاروتينيدات لتمكين الجلد من مواجهة اشعة الشمس وذلك بقنص الجذور الكيماوية الخطرة التي تنتج عن اختراق الاشعة لطبقات الجلد، وبناء على هذا فإن وصف الأقراص الدوائية الشمسية يهدف الى إبعاد اضرار اشعة الشمس خصوصا الضربة الشمسية والحروق والسرطان. ان مادة بيتا كاروتين تنتمي الى عائلة كبيرة لها حسب ونسب هي عائلة الكاروتينيدات المسؤولة عن اعطاء اللون الأصفر أو البرتقالي أو الأحمر للخضروات والفواكه، وتشمل هذه العائلة طائفة واسعة يصل عددها الى 600، وتعتبر مواد بيتا كاروتين، الفا كاروتين، لوتئين، زياكزانتين، الليكوبين الأهم بينها. ان الكاروتينيدات لا تفيد فقط في حماية الجلد من أضرار اشعة الشمس، بل هي تفيد في وقاية القلب والعين وابعاد شبح الاصابة بالسرطان، فالكاروتينيدات تمثل الصديق الودود للعضلة القلبية إذ أنها تقف عائقاً أمام اكسدة الكوليسترول السيئ الذي يعتبر أصل المشكلة في حدوث التضيقات والجلطات الوعائية المثيرة للأزمات القلبية، وفي هذا النطاق أشارت أبحاث عدة الى أن الأشخاص الذين يملكون مستويات عالية من الكاروتينيدات في أجسامهم هم أقل تعرضاً للاصابة بالأمراض القلبية الوعائية مقارنة بأولئك الذين يملكون مستويات أقل. أكثر من هذا فقد لاحظ الباحثون ان المدخنين الذين اصيبوا سابقاً بأزمات قلبية كانوا أقل عرضة للانتكاس في حال شحن أجسامهم بمركبات الكاروتينيدات. أما على صعيد العين فهناك دلائل تبين أهمية الكاورتينيدات في وقاية العين من اثار الجذور الحرة التي تساهم في اطلاقها الاشعة الشمسية، فهذه الجذور تحدث تحولات عميقة في منطقة البقعة الصفراء لشبكية العين مؤدية الى فقدان الرؤية المركزية نهائياً. لقد بينت التحريات ان شبكية العين تعج بمادتين مهمتين من الكاروتينيدات هما: اللوتيئين والزياكزانتين، والعلماء يقولون ان هاتين المادتين تعملان على تصفية اشعة الشمس من الضوء الأزرق المتهم الأكبر في اثارة داء الاستحالة الشبكية المسؤول الأول عن حدوث العمى عند البالغين. وفي ما يتعلق بالسرطان فالمعلومات المتوافرة حتى الآن تقول ان الكاروتينيدات لها دور بالغ الأهمية في الحماية من شر هذا المرض. المعروف ان الجذور الكيماوية الحرة هي مركبات غير ثابتة مذبذبة همها الاول إثارة الفوضى في المادة الوراثية للخلية ما يدفع بها للاتجاه في مسار غير سليم يقود الى السرطان، وهنا تلعب الكاروتينيدات دورها في تحويل الجذور الحرة غير الثابتة الى مركبات مستقرة تحول دون الحاق الأذى بغيرها، خصوصاً المادة الوراثية. لكن السؤال الذي يطرح هو: ماذا عن سرطان الجلد الذي استفحل في السنوات العشر الأخيرة؟ وهل تفيد الأقراص الدوائية الشمسية في الحماية منه؟ الحقيقة ان لا أحد يستطيع الاجابة على ذلك بشكل جازم، خصوصاً ان دراستين ظهرتا أخيراً أكدت نتائجهما ان لا فرق في عدد حالات الاصابة بسرطان الجلد بين الذين يأخذون كثيراً من مادة بيتا كاروتين والذين يتناولون كميات أقل. وبالمختصر المفيد، هناك بوادر تدل على أن بعض المركبات لها فائدة في حماية الجلد من أخطار اشعة الشمس والحصول على البشرة البرونزية، لكن يجب أن تؤخذ هذه المركبات قبل التعرض للشمس بأسابيع، والأبحاث حول هذا الأمر كشفت ان لا فرق بين الكاروتينيدات المختلفة للوصول الى هذه الغاية، فأفعالها متشابهة مع بعضها بعضاً. رب سائل قد يسأل: هل يمكن الاستعاضة عن الاقراص الدوائية الشمسية بالأغذية؟ الجواب: نعم، اذ ليست هناك أي دراسة تؤكد أفضلية الأقراص الدوائية على الاغذية ولهذا ينصح باتباع نظام غذائي قبل فترة من أخذ الحمامات الشمسية، وهذا النظام يجب أن يكون عماده الأساسي الخضار والفواكه والجوز والحبوب الكاملة والشاي الأخضر، وفي هذا المجال أظهر بحث علمي ان التهام 40 غراماً من صلصة البندورة يومياً والمدججة بزيت الزيتون لمدة عشرة أسابيع يخفف من حدة التعرض لخطر الضربة الشمسية بنسبة أربعين في المئة