عادت وسائل الاعلام الاسرائيلية الى الحديث عن محاولات حثيثة تقوم بها حكومة بنيامين نتانياهو للافراج عن الجاسوسين الاسرائيليين اللذين يحاكمان في قبرص بتهمة التجسس. وبعد ايفاد الرئيس الاسرائيلي عازر وايزمان مبعوثاً شخصياً الى نيقوسيا بهذا الشأن واستعمال رئيس الوزراء السابق شمعون بيريز، رصيده وصداقاته في الجزيرة الشهر الماضي، اعلن في اسرائيل عن مهمة سرية قام بها المدعي العام الاسرائيلي الياكيم روبنشتاين، لكنه لم ينجح في اقناع نظيره القبرصي اليكوس ماركيديس ببراءة المتهمين اودي ارغوف وايغال داماري. وأكد ماركيديس اللقاء نافياً سريته اذ حصل بوجود 12 شخصاً ولم يفض الى نتيجة. في هذه الاثناء تأجلت جلسات محكمة الجنايات التي يمثل امامها الجاسوسان بعدما طلبت النيابة العامة جعل الجلسة مغلقة ومثول ضابط من قيادة الجيش القبرصي للادلاء بپ"شهادة حساسة قد تمس بأمن الدولة ان ادليت علناً". وعلم ان الضابط المذكور سيشرح للمحكمة اهمية المراكز العسكرية التي كان الاسرائيليان قد أشارا اليها على الخرائط الثمانية التي وجدت في الشقة التي استأجراها على شاطئ الجزيرة الشمالي بالقرب من احدى القواعد البحرية العسكرية. وهذه المراكز العسكرية من الأهمية بحيث لا يعرف بوجودها الا كبار ضباط الحرس الوطني القبرصي اليوناني. يذكر ان نتانياهو الذي تعهد باعادة الرجلين سريعاً الى اسرائيل، كان قد اكد انتماءهما للاجهزة الاستخباراتية ثم نفى مكتبه ذلك. ومع اقتراب موعد الانتخابات يبدو بحاجة الى اي "انتصار" من هذا النوع علماً ان "الموساد" الاسرائيلي لم يعرف في تاريخه من الفشل ما ادركه في عهد نتانياهو. وقد توالت تصريحات مسؤولين اسرائيليين تركز على ان مهمة الجاسوسين لم تكن للتجسس على المنشآت القبرصية وهي ليست لمصلحة الدولة الاسرائيلية ولا لحساب حليفتها تركيا التي تحتل شمال قبرص منذ 1974. وكان آخر التبريرات والاعتذارات قول بيريز ان مهمة الجواسيس كانت "مكافحة الارهاب الاسلامي" في قبرص! الا ان هذه الاعذار الاقبح من الذنب الأساسي، لقيت ردود فعل عكسية كونها مست كرامة القبارصة وأجبرت المسؤولين، الذين كانوا يودون التخلص من هذا العبء بطريقة ما، على الاصرار على المضي قدماً في المحاكمة لاثبات وجود دولة قانون في الجزيرة التي طالما امتهنت سيادتها الاستخبارات الاسرائيلية في الماضي بعمليات عدة منها اغتيال عدد من المسؤولين الفلسطينيين. ولكن الاسرائيليين لم يستسلموا اذ لجأوا الى اسلحتهم التقليدية، ومنها تحريك اللوبي اليهودي الاميركي للضغط على قبرص وتهديدها بدعم الموقف التركي لدى واشنطن، وكذلك تهديد نيقوسيا بتشجيع السياح الاسرائيليين على الذهاب الى القسم الشمالي المحتل من الجزيرة.