ثبّت فريق مولودية وهران الجزائري مقولة ان مسابقة كأس الكؤوس العربية لكرة القدم تقليد لعرب أفريقيا دون غيرهم حتى اشعار آخر اثر احتفاظه باللقب. ووضع حداً لطموح فريق الجيش السوري الفتي حين فاز في المباراة النهائية للنسخة التاسعة للمسابقة التي استضافها النجمة اللبناني، بنتيجة 2-1، وجاء حسمه للموقعة الاخيرة بهدف ذهبي على غرار ما فعله في مباراة الدور نصف النهائي امام القادسية الكويتي. وكان مولودية ادخل الاندية الجزائرية الى السجل الذهبي للمسابقة العام الماضي في الاسماعيلية، وبات الفريق الخامس الذي يحمل لقبها منذ فوز الملعب التونسي بالبطولة الاولى العام 1989، والاولمبيك البيضاوي المغربي 1991 و1993 و1994و1996 بعدما تحوّل اسمه الى أولمبيك خريبكة اثر عملية دمج عدد من الاندية في المغرب، والاهلي المصري والافريقي التونسي العام 1995 نظّم الاتحاد العربي بطولتين في موسم واحد. جاء تأهل الفريقين الى المباراة النهائية منطقياً، وتميّز مولودية بخبرته فظهر ان المفاجآت التي يحققها تنم عن حسن امساكه بمفاتيح اللعب والاحتفاظ بذخيرة احتياطية لوقت الضيق، وقدم فريق الجيش نقلة نوعية للكرة في سورية، وكان جديراً بحمل اللقب، باعتراف افراد مولودية انفسهم من لاعبين وجهاز فني، لكن يبدو انه لم يكتسب بعد الخبرة الكافية. وهذا ما أدى الى تبخّر آماله بأنتزاع اول لقب كروي عربي لكرة القدم السورية، بسبب خطأ فادح ارتكبه حارس مرماه محمد بيروتي نجم عنه اهتزاز شباكه من ضربة حرة مباشرة، أحرز منها قايد ناصر هدفاً ذهبياً. واللافت ان الفريقين لا يضمان أي لاعب اجنبي. وأوضح مسؤولو مولودية ان الفريق جُمّع على عجل وتحضّر لفترة قصيرة. بينما يسعى الجيش، الذي خاض في بيروت تصفيات المسابقة في حزيران يونيو الماضي وتأهل على حساب الانصار اللبناني بفارق الاهداف، الى استعادة سيطرته على ألقاب كرة القدم السورية. وقد جمع هذا الموسم لقبي الدوري والكأس، ودخل معسكراً مكثفاً في سلوفاكيا قبل بدء المنافسات تحت اشراف مدربه الجديد البرازيلي لويس باولو كاماركو الذي خلف الروماني قسطنطين، بموجب عقد لمدة سنة وبراتب شهري قدره خمسة آلاف دولار. دخل افراد فريق الجيش مباراة القمة بقوة وسعوا الى تسجيل هدف مبكّر، جاء منطقياً في الدقيقة ال11 عن طريق محمد خلف عاكساً حيوية رفاقه وطلعاتهم المنسقة. غير ان لاعبي مولودية عرفوا كيف يتعاملون مع الفورة السورية بكرّ وفرّ بقية دقائق الشوط الاول، وسجل بوكساسه قويدر هدف التعادل في الدقيقة ال 53. وعلى رغم التفوق الجزائري في خط الوسط الذي قاده اللاعب الدولي السابق شريف الوزاني، فإن الحماسة السورية فرضت على المنافسين مبادرات هجومية عدة، في مقابل تحصين مولودية خط دفاعه امام غارات الجيش السريعة. ونجح مولودية في اعتماد اسلوب التمريرات القصيرة وسرعة تناقل الكرة واستفاد من فارق اللياقة البدنية في الشوط الاول الاضافي، فأطبق على مرمى محمد بيروتي، حتى ضمن فوزه. واضافة الى احتفاظه بالكأس، فاز مولودية بالجائزة النقدية الاولى ومقدارها 50 ألف دولار يمنحها الاتحاد العربي لصاحب المركز الاول، في مقابل 30 ألفاً جائزة المركز الثاني للجيش، فيما نال كل من القادسية والنجمة الجائزة الثالثة ومقدارها 20 ألف دولار، كما حجز مولودية والجيش مكاناً لهما في كأس النخبة العربية التي تجمع البطل والوصيف في مسابقتي كأس الاندية وكأس الكؤوس كل موسم. ومنح القادسية الكويتي كأس اللعب النظيف وجمهور النجمة كأس الروح الرياضية، ومنح نجم الجيش سيد بيازيد كأس افضل لاعب في البطولة وزميله محمد بيروتي كأس افضل حارس مرمى، ولاعب النصر الليبي محمد عبدالسلام كأس الهداف وبلغ رصيده خمسة اهداف. وكانت كأس الكؤوس التاسعة فاتحة مسابقات الاتحاد العربي لكرة القدم للموسم الجديد، أول الاختبارات الميدانية لنجاح نشاطاته منذ ان وقّع عقد الرعاية والتمويل مع شركة جان كلود دارمون الفرنسية نحو 17 مليون دولار لمدة خمس سنوات. ومن المتوقع ان تفتح له آفاقاً عالمية، من اولى بوادرها عرض قناة "اورو سبور" الفضائية ملخصاً للمباراة النهائية لكأس الكؤوس مدته 20 دقيقة. ووجد الاتحاد العربي في نادي النجمة خير "سفير تسويقي" لإظهار شعبية اللعبة وتوق الجماهير الى متابعة وقائعها. فالنادي اللبناني يعتبر احد اكبر الاندية العربية شعبية، مما يساهم في اقناع الشركات برعاية البطولات العربية مستقبلاً. ونجح النجمة في حشد اكثر من 30 ألفاً في مباراة الافتتاح التي جمعته والموردة السوداني، وجاء هذا الدفق الجماهيري الغزير ليعزز وضع الفريق الضعيف فنياً قياساً بمستوى مولودية والجيش والقادسية. لذا كان استمرار النجمة في المنافسة رأسمالاً جماهيرياً أنقذ البطولة من استكمال مبارياتها وسط مدرجات شبه خالية، فلولا بضعة آلاف من مناصري الجيش السوري، المقيمين في لبنان والذين حضروا خصيصاً من سورية في مواعيد مبارياته، لما فاق عدد الحضور في المباريات جميعها عشرة آلاف متفرج. وأصدق مثال على ذلك المباراة النهائية، إذ لم يحتشد لمتابعتها اكثر من ستة آلاف متفرج. ويوم كاد النجمة يتعثر امام القادسية في آخر مباريات المجموعة الاولى، خشي المنظمون ومن خلفهم اللجنة المشرفة في الاتحاد العربي ان يصبح الدور نصف النهائي باهتاً، وهي المرحلة الأهم في مختلف المسابقات. الدور الأول لكن الاخوة الرياضية لم تكن صافية الصورة دائماً، فالحساسية الجماهيرية الكروية بين اللبنانيين والسوريين اسفرت عن احداث شغب واصابات وإطلاق نار عقب لقاء الجيش والنجمة. لكن مقاعد مدرجات المدينة الرياضية بقيت سليمة. وفي المباراة النهائية آزرت مجموعة من جمهور النجمة والانصار فريق مولودية. وردّ جمهور الجيش بهتافات معادية للنجمة. وتحامل على جراحه مهنئاً لاعبي مولودية. تصدر النجمة بصفته الفريق المستضيف المجموعة الاولى التي ضمت القادسية الكويتي والنصر الليبي والموردة السوداني. وبصفته حامل لقب البطولة الثامنة تصدر مولودية المجموعة الثانية، التي اعتبرت الاصعب، وجمعته مع الوصل الاماراتي والجيش السوري والطائي السعودي. حقق القادسية فوزين على الموردة 3-1 والنصر 2-1 وتعادل مع النجمة 3-3، فجمع سبع نقاط بفارق نقطتين عن النجمة الذي فاز على الموردة 3-1 في الافتتاح ثم تعادل مع النصر والقادسية. بينما اكتسح النصر الموردة 6-1، وكاد يتأهل للدور نصف النهائي لولا ان النجمة حسم الموقف امام القادسية في اللحظة الاخيرة، على غرار ما سبق ان حققه امام الموردة والنصر، ولولا هذا التعادل لكان النصر انتقل الى دور الاربعة بفارق الاهداف عن النجمة. وبدأ الجيش مشوار المنافسة بفوز بارز على الطائي 3- صفر، وتعادل مع الوصل 1-1 في المباراة الثانية. وتحوّل لقاؤه المثير المرتقب ومولودية وهران اي قمة المجموعة الى لقاء باهت وشكلي، "توافق" فيه الطرفان على الخروج بالتعادل صفر- صفر ليتنطحا بعد 24 ساعة الى مباراتي الدور نصف النهائي. جاءت البطولة في مستهل الموسم الكروي الجديد لتطرح مجدداً موضوع استعدادات الفرق ومستواها العام. صحيح ان مؤشر الاداء سجل تطوراً مطرداً بعد توالي ايام المنافسات، لكن تنظيم مسابقة بمستوى كأس الكؤوس من حيث نوعية الفرق التي تخوض مبارياتها يأتي افضل رونقاً من الناحية الفنية لو اجري في منتصف الموسم او في اواخره. لقد حضرت غالبية الفرق الى بيروت مؤكدة انها تأتي للمنافسة بقوة، واتضح جلياً من خلال بعض العروض المتواضعة، انها تعوّل على هذه المشاركة للاستفادة الاعدادية الفنية فحسب، لاستحقاقات اخرى مقبلة، خصوصاً بطولاتها الرسمية الداخلية. هكذا وجد كل من الطائي والوصل في كأس الكؤوس التاسعة فرصة لاستكمال الاستعداد. واذا كان رئيس اللجنة المشرفة على المسابقة الأمين العام للاتحاد العربي لكرة القدم عثمان السعد قد اعلن ان الفترة التي خصصت للمباريات هي الوحيدة المتاحة للارتباطات الاقليمية والدولية، وأكد ان التنظيم كان جيداً والمستوى العام ايضاً، على رغم ان الفنيات بلغت درجة اعلى في بطولات سابقة، فإن كثيرين من المدربين واللاعبين أشاروا الى ان المباريات في فترة الصيف لا تظهر كل الكفاءات الممكنة. من هنا لم تتخط ابرز العروض درجة فوق الوسط بقليل الا في مرات معدودة، خصوصاً ان بعض اللاعبين اجانب لم يتأقلموا تماماً مع تشكيلاتهم، ولم تستفد فرق مولودية والطائي والقادسية والوصل من "دولييها" لأسباب عدة في مقدمها الاستعداد لكأس العرب السابعة في الدوحة. تحكيمياً، دفع الاتحاد العربي لكرة القدم بمجموعة من الحكام الجدد الى جانب آخرين متمرسين في مثل هذه المناسبات، واذا كان الحكام قد شربوا من معنويات النجاح العربي في مونديال فرنسا 1998، فما ينطبق على ساحة كأس العالم لا ينطبق دائماً على المنافسات العربية، فقد اثرّت بعض القرارات التحكيمية - عن غير قصد طبعاً - في النتائج، ولا سيما في الدور الاول. فمن اجل تطبيق مبدأ اللعب النظيف كثرت البطاقات الصفراء لكن الحمراء كانت قليلة، بعضها في غير محله. وكان الأمين العام للاتحاد العربي أعلن انه حفاظاً على سير البطولات العربية وانجاحها ومن باب تحصين المسابقة، فإن العقوبات التي ستوقع على اللاعبين والمدربين والاداريين ستبلّغ بها الاتحادات القارية والدولية، وبالتالي فإن اي توقيف او عقوبة سيسري مفعولهما في المسابقات الافريقية والآسيوية. وأشار المشرف على لجنة الحكام جاسم مندي الى ان الاتحاد العربي لمس تطور مستوى الحكام وان كان بعض المشاركين لا يزال يحتاج الى فرص اكثر داخلياً وخارجياً. ولفت الى ان الهدف الاساسي والغاية المرجوة ان يتفادى الحكام الاخطاء في المرات المقبلة. لذا عكفت اللجنة بعد كل مباراة على دراسة اشرطة الفيديو الخاصة بها، وفي ضوء ذلك يُعدّ تقرير للمناقشة في اجتماع نظري وعملي. النجمة: نجاح تنظيمي تنظيمياً نجح النجمة على الاصعدة كافة، مما حدا بأعضاء اللجنة المشرفة الى القول ان نهائيات كأس الكؤوس العربية التاسعة كانت تواصلاً للنجاح التنظيمي الذي شهدته الدورة العربية الثامنة العام الماضي، والتي جاءت بعد انحسار المناسبات الرياضية العربية الكبرى عن لبنان بسبب الاحداث. واعتبر رئيس نادي النجمة عمر غندور ان المخلصين للنادي وهم متطوعون تجاوز عددهم 200، افادوه وساهموا في الاخراج المناسب لحسن سير البطولة على صعيدي التنظيم والاستقبال والضيافة. وأضاف غندور انه حين سعى النجمة الى اقامة البطولة التاسعة كان يهدف الى أمرين، الاول: جمع الاشقاء العرب، والثاني: وطني وأكبر من النجمة وقاعدته وعراقته وكرة القدم. إذ اردنا ان نظهر ان وطننا عاد كالسابق يحتضن كل المناسبات وقد دخل بثبات مسيرة الانماء والاعمار. ويبقى امامنا الآن العمل على تطوير المستوى الفني للفريق. وهو حالياً افضل من السابق. نملك تشكيلة واعدة بعد التغييرات الجذرية. وشارك بعض اللاعبين للمرة الاولى بعضهم من الاجانب، وبعضهم لم يختبر جيداً بعد. ولم يكن بالامكان توفير هامش اوسع للاعداد منذ نهاية مسابقتي الدوري والكأس وخوض كأس النخبة والمسابقة العربية بعد المعسكر في الاسكندرية ويعاني ثمانية لاعبين من اصابات متفاوتة، وقد ألغينا الاجازة بعد انتهاء كأس الكؤوس لتسريع برنامج التدريب خصوصاً أننا مقبلون على تصفيات كأس الكؤوس الآسيوية"