يؤدي الطلاق دائماً الى نتائج وخيمة على حياة الزوجين وعلى سعادة أطفالهما، لكن له ضريبة اضافية عندما يكون بطلا القصة ممن يتعاطون الغناء أو التمثيل أو غيرهما من المهن الفنية. ومعروف أن طلاق الفنانين والفنانات الغربيين خصوصاً هو ظاهرة تجمع بين الالم والطرافة في آن. فأهل الفن كثيراً ما يتسرعون في الاقدام على الزواج كما يبدو، ثم لايلبثون أن يجدوا أنفسهم في مأزق لاخلاص منه إلا بالانفصال. لكن العكس كان صحيحاً في بعض الاحيان، فاليزابيت تايلور مثلاً تزوجت من الممثل الراحل ريتشارد بورتون بعدما طلقته. وبينما عاد فنانون قليلون الى عش الزوجية من جديد مع مطلقاتهم، فان كثيرين من "أبناء الكار" طلقوا غير مرة طلاقاً نهائياً وعددهم الكبير الى ازدياد. ويذكر في هذا السياق الرواد الذين حققوا أرقاماً قياسية، مثل ميكي روني 9 مرات و اليزابيت تايلور 8 مرات وكلارك غيبيل 6 مرات وهمفري بوغارت 5 مرات وريتا هيوارث 5 مرات وشارلي شابلن 4 مراتوبريجيت باردو 3 مرات. ويذكر أن الفاتنة صوفيا لورين لم تتزوج سوى مرتين ومن الرجل ذاته : المنتج السينمائي الايطالي كارلو بونتي. ولزواجيهما قصة طريفة كاد بونتي يفقد بسبها حريته لفترة من الزمن. فهو عقد قرانه عليها في المكسيك أول الامر، مع انه كان متزوجاً من سيدة من خارج الوسط الفني. وكاد يدخل السجن لأن القانون الايطالي يحظر الزواج من امرأتين في الوقت نفسه، فاضطر الى طلاق زوجتيه ثم عقد قرانه على صوفيا لورين من جديد. أما في مصر فحوادث الطلاق شغلت معشر الفن وجمهورهم طويلاً. وتتصدرالفنانة تحية كاريوكا التي تزوجت 12 مرة - حسب "موسوعة الممثل في السينما المصرية" لمحمود قاسم ويعقوب وهبي - قائمة طويلة. وبينما طلّق رشدي أباظة زوجته الاجنبية وبعدها الفنانة سامية جمال ثم المطربة صباح، وقع الطلاق بين فاتن حمامة وعز الدين ذو الفقار أولاً ثم انفصلت عن عمر الشريف. وتم الطلاق بين نيللي و حسام الدين مصطفى، و نادية الجندي وعماد حمدي، وكمال الشناوي وشادية. حوادث الطلاق التي شهدها الوسط الفني في لبنان كثيرة وسجلت رقمها القياسي صباح التي دخلت القفص الذهبي 8 مرات. واذا كانت السيدة فيروز نجحت والفنان الراحل عاصي الرحباني في تطويق آثار انفصالهما الفنية بفضل مكانتهما الفذة، فربما كان طلاق الفنانة وداد من الموسيقار توفيق الباشا سبباً أساسياً في غيابها التام. و كان طلاق المطربة نجاح سلام من الملحن محمد سلمان بمثابة الحكم بالاعدام على مرحلة خصبة في حياتهما الفنية. وفيما واصلت المطربة صباح والفنان وسيم طبارة نشاطاتهما بعد الطلاق كل على حدة، شأنهما شأن الممثل احسان صادق والمطربة الراحلة نزهة يونس، فإن انفصام العقد العائلي بين محمد جمال وطروب أدى الى انهيار الثنائي الغنائي الذي شكلاه وكان وراء شهرتهما، قبل أن يرحل كل منهما في اتجاه. ولعل ابرز حوادث الانفصال التي وقعت منذ سنوات كانت"فك الارتباط" بين الفنانة الكبيرة صباح، التي تزوجت لاحقاً، والمسرحي وسيم طبارة. والفنان المعروف بالطرافة وحب النكتة اعترف ل "الوسط" بأنه : "اذا أردت أُطلّق خلال اسبوعين، صيت وطالع". ووسيم يكره الحديث عن الحب ولايعتبره من الاسباب التي دفعته للزواج من صباح. وهو لم يخشَ الفنانة التي تزوجت اكثر من مرة، اذ"كانت تهمني اخلاقياتها فلدي مشاغل تكفيني، بحيث لا أشغل بالي بأمور اخرى، وكانت صباح على هذا المستوى نموذجاً للزوجة المريحة المخلصة. وربما تزوجت مراراً، لأن ذلك من طبعها الملتزم مع الرجل وكانت تفضل الزواج منعاً للتأويلات". ويؤكد الفنان الذي يعتبر أول من أدخل الكومبيوتر الى لبنان، أن العمر لم يكن هو الآخر عائقاً أمام سعادتهما الزوجية وانما اختلاف الاهتمامات اليومية: "لم أحاول معرفة عمر صباح وهي لم تنكره علي يوماً، كما ان العمر لم يشكل عقدة في حياتي وليس مقياساً للنضوج. ان اهتماماتي اساساً مختلفة، فصباح تحب الترتيب والاصدقاء والاجتماعات وحفلات الكوكتيل وهذه بمثابة اعداء لي، فأنا اولاً احب الفوضى واذا كان بيتي مرتباً اشعر ان احداً سرقه! و أفضل تمضية ما يتبقى لي من وقت فراغ، مع كل ما له علاقة بالتكنولوجيا والكومبيوتر والالكترونيات درسها ليلاً أو الطب الجيني ... حاولت مع صباح اتباع الحل الوسط خلال وجودنا معاً، تراعي اهتمامي واراعيها بحفلة كوكتيل. لكننا لم نستطع اخفاء أن لكل منا طريقة حياته المختلفة فليس بمقدوري الانسجام مع اية هوايات نسائية، واحب العيش على مزاجي، ومن ستعيش معي ستضحي كثيراً وتكون مظلومة، لذا اتفقنا على الطلاق!". بقي وسيم وصباح أصدقاء بعد الطلاق ولكن في حدود معينة: "عندما طلقنا كنا اصحاباً، وبقيت صداقة واستمرت الاتصالات بيننا وان خفت بالطبع بعد زواجها". وخلال فترة زواجهما نفذ وسيم مع صباح ثلاثة من الاعمال المسرحية المهمةهي "ست الكل"، ثم "حلوة كثير" وأخيراً "شهر العسل!" "الذي انجزته عند طلاقنا". اذا كان وسيم طبارة وصباح فنانين احترفا قبل زواجهما بسنوات طويلة. فإن المطربة نهاد فتوح ابنة الفنانة سعاد محمد وزوجها السابق حسان فخري ارتبطا في بداية مشوارها الفني. اذ تعارفا ابان الحرب اللبنانية في احد الملاهي العربية في لندن، وهي بعد صبية صغيرة خجولة كانت نجحت للتو في مباريات استديو الفن، وهو كان يعمل مندوباً في العاصمة البريطانية لشركة مقاولات. ولاننسى أن الزوج الذي اصبح فيما بعد مديراً لأعمالها، كان جار أهلها في بيروت وصديقاً لأشقائها. الا أن المعرفة القديمة لم تنفع في انقاذ الزواج بعد 14 عاماً رُزقا خلالها بطفلتين. بدأت القصة حين أعجب بجمال صوتها ووجد فيها ملاذاً من الغربة اللندنية، وقال ل"الوسط" ان مودتها أثرت فيه و "لفتني حنانها الكبير عندما ادخلت الى المستشفى اثر نوبة كلى". وهي قدّرت فيه "شهامته واندفاعه، حبه والحاحه ووجدت فيه استقراراً حرمت منه في طفولتي اثر طلاق امي و أبي". وهكذا تزوجا العام 1979، وترك عمله السابق كي يتفرغ لمرافقتها: "حاولت دعمها كي تصل بنجاح الى ما ترغب فيه، وفعلاً برز اسم نهاد واكتسحت اغانيها السوق التي كان لولادة كل منها حكاية في ذاكرتي، مثل "صدقوني"، "توبة"، "يا شوق"، "بالليالي"، "يا حنين" و"خايفة". ويبدو انها لاتزال ممتنة لخدماته، اذ تقول: "اصبح مديراً لاعمالي بكل معنى الكلمة. وكشرقية كان لا بد ان يرافقني في كل خطوة، كان عليّ فقط أن أحفظ الاغنية وأؤديها اضافة الى الاهتمام ببيتي ...كما كان يعطي رأيه ببعض الاغاني كغيره لكن الرأي الاخير كان لي. كسرت اغنياتي السوق لان الاوضاع كانت مختلفة! اما اليوم فتتحكم التجارة باعمال الفنانين ونجاحهم". ساد الهناء حياتهما فترة لكن الامور بدأت بالتراجع، عندما وافق فخري على عرض لتسلم ادارة نادٍ ليلي. غير أن طموحاته المهنية لم تكن السبب الذي جعل حياتهما تحت سقف واحد مستحيلة. ولاتتردد فتوح في الاشارة الى انها لم تكن: "واجهة له استفاد منها للوصول الى عمل، على العكس كان وضعه المهني افضل وربما ضحى بعمله السابق من اجلي. لكن اسباباً كثيرة ساهمت في وصول الزواج الى النفور والطلاق، هفوات صغيرة وتدخلات خارجية شعرت معها ان كرامتي مست، لست من النوع الانفعالي، وصبري طويل واقدس الحياة العائلية، لكني في الآونة نفسها حساسة حتى من الامور التافهة... ولم يكن امامنا سوى المضي كل في طريقه هكذا طلب ووافقت". اما فخري فيقول: "لم تبدأ المشاكل الاّ عند قبولي بعرض ادارة النادي الليلي للفندق، الذي اخذ الكثير من وقتي، فبدأت الامور تتراجع، علماً اني لم اقبل العرض الاّ بعد اطمئناني من ان نهاد باتت معروفة ولا خوف عليها. كما اردت ان أرفع دخلنا وأوفر مورداً آخر .... لم تتفهم عملي الجديد وألحت عليَّ بالتخلي عنه، ولو نفذت مرادها لكنا وقعنا في عجز. و انفصلنا عام 1992". بعد ذلك تزوجت نهاد مباشرة من احد عازفي الفرقة الموسيقية التي ترافقها، بينما لم يتزوج هو. وللصداقة عند كل منهما فهم مختلف فهو يقول : "بحكم وجود ابنتينا استمرت الصداقة بيننا، واحب دوماً سماع الاخبار الجيدة عنها، وان خسرت شيئاً فهي جلستي العائلية وتحديداً مع ابنتي اللتين اتصل بهما يومياً". اما هي فترى أن: "لا صداقة اثر الطلاق ... ولا يربطني شيء بزوجي السابق سوى ابنتينا!".