مهارة اللغة الإنجليزية تزيد الرواتب 90 %    الهلال يتعادل مع النصر في الوقت القاتل في دوري روشن    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    ترتيب الدوري السعودي بعد تعادل النصر والهلال    رقم جديد للهلال بعد التعادل مع النصر    ضمك يتعادل مع الفيحاء إيجابياً في دوري روشن    نيفيز: الهلال لا يستسلم أبداً.. ونريد تحقيق الدوري من دون أي خسارة    الدفاع المدني ينبه من هطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    العلماء يعثرون على الكوكب "المحروق"    الصين تستعرض جيش "الكلاب الآلية" القاتلة    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    ولي العهد يستقبل الأمراء وجمعاً من المواطنين في المنطقة الشرقية    ضمك يتعادل مع الفيحاء في" روشن"    مستقبلا.. البشر قد يدخلون في علاقات "عميقة" مع الروبوتات    «الدفاع المدني» محذراً: ابتعدوا عن أماكن تجمُّع السيول والمستنقعات المائية والأودية    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 27 جائزة في «آيسف 2024»    طريقة عمل مافن كب البسبوسة    طريقة عمل زبدة القريدس بالأعشاب    طريقة عمل وربات البقلاوة بحشو الكريمة    تأكيد مصري وأممي على ضرورة توفير الظروف الآمنة لدخول المساعدات الإنسانية من معبر رفح إلى غزة    القبض على مقيم ووافد لترويجهما حملات حج وهمية بغرض النصب في مكة المكرمة    الأمن العام يطلق خدمة الإبلاغ عن عمليات الاحتيال المالي على البطاقات المصرفية (مدى) عبر منصة "أبشر"    تدشين أول مهرجان "للماعز الدهم" في المملكة بمنطقة عسير    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    السالم يلتقي رواد صناعة إعادة التدوير في العالم    «هيئة النقل» تعلن رفع مستوى الجاهزية لخدمات نقل الحجاج بالحافلات    مفتي المملكة يشيد بالجهود العلمية داخل الحرمين الشريفين    «تعليم جدة» يتوج الطلبة الفائزين والفائزات في مسابقة المهارات الثقافية    استكمال جرعات التطعيمات لرفع مناعة الحجاج ضد الأمراض المعدية.    المملكة تتسلم رئاسة المؤتمر العام لمنظمة الألكسو حتى 2026    النفط يرتفع والذهب يلمع بنهاية الأسبوع    خادم الحرمين الشريفين يصدر أمرًا ملكيًا بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    الإعلام الخارجي يشيد بمبادرة طريق مكة    ‫ وزير الشؤون الإسلامية يفتتح جامعين في عرعر    قرضان سعوديان ب150 مليون دولار للمالديف.. لتطوير مطار فيلانا.. والقطاع الصحي    بوتين: هدفنا إقامة «منطقة عازلة» في خاركيف    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    رئيس الوزراء الإيطالي السابق: ولي العهد السعودي يعزز السلام العالمي    تراحم الباحة " تنظم مبادة حياة بمناسبة اليوم العالمي للأسرة    محافظ الزلفي يلتقي مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    حرس الحدود يحبط تهريب 360 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    الكليجا والتمر تجذب زوار "آيسف 2024"    فتياتنا من ذهب    الدراسة في زمن الحرب    الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    حراك شامل    ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    مدير عام مكتب سمو أمير منطقة عسير ينال الدكتوراة    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        فوائد صحية للفلفل الأسود    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    كلنا مستهدفون    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الوراثة والبيئة ظواهر وتطورات . الكوليسترول : انخفاض معدله له محاذير وأكل البيض له فوائده

مع تقدم الأبحاث وتزايد الدراسات المعنية بعلاقة الكوليسترول بأمراض القلب، طرأت تطورات مهمة وبرزت حقائق وظواهر غريبة ومثيرة لعبت فيها الوراثة والبيئة دوراً لافتاً من شأنه أن يساعد في تفسير تلك العلاقة وايجاد العلاج.
يجمع أهل الطب على ان انخفاض مستوى الكوليسترول في الدم الى المعدل الطبيعي يساهم في الحد من الأصابة بأمراض القلب القاتلة عموماً. الا ان علامات استفهام عدة ما زالت تحيرهم وتزيد غموض العلاقة بين الكوليسترول وأمراض القلب: فارتفاع نسبة الوفيات بين المرضى الذين يعانون من ارتفاع مستوى الشحوم في دمهم على رغم اتباعهم نظاماً صارماً لخفض مستوى الكوليسترول. وهبوط معدل الفائدة المرجوة من خفض نسبة الكوليسترول بين مرضى التجارب الوقائية الجارية في أنحاء مختلفة من العالم. وظهور أدلة تبين العلاقة بين انخفاض مستوى الكوليسترول وازدياد الوفيات من أمراض أخرى كالسرطان وأمراض الجهازين الهضمي والتنفسي. وعدم تأثر صحة البعض بارتفاع مستوى الكوليسترول، كلها أمور تتفق مع ما أكدته وحذرت منه الجمعية البريطانية لمكافحة ارتفاع مستوى الشحوم في الدم، من عدم وجود قواعد ثابتة تبرر خفض الكوليسترول عند كل الناس، لأن ذلك قد يؤدي الى نتائج سلبية تضر بصحة المرضى عوضاً عن نفعهم، باستثناء بعض الحالات المتوارثة أو الحساسة للكوليسترول الموجود في الطعام، الذي يستوجب خفض مستوى الكوليسترول وضبطه حماية للمرضى.
أدوية تخفيض الكوليسترول
يتناول عدد ضخم من المرضى يقدر ببضعة ملايين من الأميركيين والأوروبيين والعرب وغيرهم الأدوية المخفضة للكوليسترول في الدم من مجموعة "ستاتنز" الكيماوية التي نزلت الى الأسواق منتصف الثمانينات إثر دراسات طبية مكثفة شملت آلاف المرضى في كل من بريطانيا والدول الاسكندينافية. حيث ركزت الدراسة البريطانية على دواء "برافاستاتن" بينما ركزت الدراسة الاسكندينافية الأخيرة والأحدث على دواء "سيمفاستاتن" الذي تصنعه شركة "ميرك" وتسوقه تحت اسم "زوكور". وقد لاقى هذا الدواء رواجاً كبيراً واستحساناً من رئيسة الجمعية الطبية الأميركية الدكتورة سوزان أوباريل لأن آثاره الجانبية ضئيلة جداً مقارنة بدواء "برافاستاتن" ودواء "لوفاستاتن" الذي تسوقه شركة "شارب ودوم" تحت اسم "ميفاكور"، بعد ان أثارت تلك الأدوية ضجة اعلامية في الماضي نتيجة ربط متعاطيها ببعض حوادث العنف وحالات الانتحار.
أما دواء "زوكور" فإنه يعمل من خلال سيطرته على الأنزيمات المكونة للبروتينات الدهنية Lipoproteins وهو لذلك قادر على خفض مستوى الكوليسترول السيء LDL - Cholesterol بمعدل 35 في المئة ورفع مستوى الكوليسترول الجيد HDL - Cholesterol بمعدل 8 في المئة شرط التزام المرضى عدم التدخين واتباع نظام حمية غذائي معتدل. كما بينت الأبحاث ان استخدام دواء "زوكور" لمدة طويلة يقلل من احتمال الوفاة بأمراض القلب بنسبة 30 في المئة.
وفي هذا الجو الذي تتضارب الآراء حول فوائد ومضار الأدوية المخفضة للكوليسترول، يستحسن التركيز على استخدامها في معالجة الحالات الصعبة أو الوراثية المصدر الى حين ظهور نتائج الدراسات الجارية التي ربما اعتمدت عليها توصيات منظمة الصحة العالمية مستقبلاً. وتجدر الاشارة الى ان مسؤولي الصحة العامة والمعنيين بأمراض القلب أشاروا منذ 43 سنة الى أهمية معرفة الناس لمستوى الكوليسترول الكلي في دمهم، والتأكد من نسبة الكوليسترول الجيد فيه لأن ذلك يساعد على التنبؤ باحتمال الاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
بعد نصف قرن من الدراسات التي حذرت من خطورة ارتفاع مستوى الكوليسترول على صحة الانسان وسلامة قلبه، وما رافق ذلك من حملات اعلامية أدت الى هبوط الاستهلاك السنوي للبيض من حوالي 400 بيضة للفرد الى أقل من 235 بحلول العام 1992. وبعد 30 عاماً من حملات التوعية الصحية المطالبة بالحمية الغذائية التي ركزت على ضرورة خفض مستوى استهلاك الكوليسترول اليومي الى أقل من 300 ملغ وعدم تناول أكثر من 4 بيضات في الأسبوع. تتجه آراء بعض خبراء التغذية وأخصائيي أمراض القلب حالياً الى التوصية بأن تستهلك فئة أوسع من الناس كمية أكبر من البيض والقريدس الروبيان وبعض الأغذية الأخرى الغنية بالكوليسترول والفقيرة بالشحوم المشبعة. ويعود ذلك التوجه الى ما كشفته الأبحاث الأخيرة عن تأثير العوامل الغذائية والوراثية على مستوى الكوليسترول داخل مجرى الدم. بعدما كانت الدراسات السابقة التي أجريت على ألوف الناس في دول عدة، تركزت على العلاقة المباشرة بين مستوى الكوليسترول في الدم وخطورة الاصابة أو الوفاة بأمراض القلب. اذ يبدو ان الكوليسترول المستهلك غذائياً لا يلعب دوراً كبيراً في خطورة الاصابة بأمراض القلب. مع العلم ان المواطن الأميركي أو الأوروبي الذي يستهلك 200 ملغ اضافي من الكوليسترول في اليوم أو ما يعادل بيضة واحدة، يرفع مستوى الكوليسترول في دمه 3 ملغ ويزيد من خطورة الاصابة بأمراض القلب بنسبة 6 في المئة.
الا ان هذا التحليل لا ينطبق على معظم الناس، فالجسم قادر على التصرف بكميات الكوليسترول الاضافية التي يستخلصها من الطعام، اذ يتحكم الكبد بانتاج الكوليسترول وضبطه تبعاً للكمية المستهلكة. فإذا ازدادت كمية الكوليسترول الواردة من الطعام، يمتنع الكبد عن انتاج المزيد من الكوليسترول للمحافظة على توازن مستواه داخل الجسم، كما ان افراز الكوليسترول وسرعة التخلص منه تزداد بازدياد الكمية الموجودة في الطعام.
وكانت احدى الدراسات الأميركية أظهرت ان تناول البيض يومياً من قبل بعض الناس يرفع مستوى الكوليسترول الجيد في الدم أو ما يعرف بالكوليسترول ذي البروتينات الدهنية المرتفعة الكثافة HDL - Cholesterol الذي يساعد في تنظيف الأوعية الدموية من ترسبات الكوليسترول الضارة. غير ان اخصائي التغذية في جامعة جورج واشنطن الدكتور وين تحلاواي يصر على ضرورة التزام الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي وراثي للاصابة بأمراض القلب وارتفاع مستوى الكوليسترول، بنظام حمية غذائي بحيث لا يتعدى استهلاكهم اليومي للكوليسترول الپ300 ملغ أو أقل من ذلك.
وكان الدكتور كريغ واردن وفريق من الباحثين في جامعة كاليفورنيا أثاروا شكوكاً حول ما اذا كان الكوليسترول الجيد يحمي فعلاً من الاصابة بأمراض القلب، بعدما بيّنت نتائج الدراسة التي اجروها على مجموعة من الفئران انها عانت من ازدياد الاصابة بمرض تصلب الأوعية الدموية على رغم ارتفاع مستوى الكوليسترول الجيد لديها. وأشار الدكتور واردن الى وجود علاقة معقدة بين مستوى الكوليسترول وأمراض القلب، اذ ان هناك عائلات تفتقد الى وجود الكوليسترول الجيد في دماء أفرادها ومع ذلك فهم لا يصابون بأمراض القلب.
أما وراثياً فيمكن تقسيم الناس الى ثلاث مجموعات: الأولى، تشمل الأشخاص بالغي الحساسية للكوليسترول الموجود في الطعام ممن يرتفع مستوى الكوليسترول في دمهم الى درجات خطيرة كلما تناولوا طعاماً غنياً به.
والثانية، تشمل الأشخاص الذين لا يتأثرون بتاتاً بالكوليسترول الموجود في الطعام ولا يرتفع مستواه في دمهم مهما كانت كمية الكوليسترول المستهلكة، بل ان مستواه قد ينخفض أحياناً.
بينما تقتصر المجموعة الثالثة على الأشخاص الذين تتراوح حساسيتهم تجاه كوليسترول الطعام بين المجموعتين الأخريين.
وكان الباحثون في كلية طب بومان غراي في ولاية نورث كارولاينا الأميركية تمكنوا حديثاً من التعرف على عملية تحول وراثية تحصّن البعض ضد الكوليسترول الموجود في الطعام وتسمح لهم بتناول 1000 ملغ منه يومياً من دون ان يرتفع مستواه في الدم.
ويشير الباحثون الى ان الاختلافات الوراثية بين الشعوب قد تلعب دوراً في حماية السكان من أمراض القلب، وذلك اثر دراسة تحليلية للوفيات الناتجة عن الاصابة بأمراض القلب في 7 دول أوروبية ومتوسطية على مدى 25 سنة. وان فيتامينات A, C, E, والبيتاكاروتين المضادة لعمليات التأكسد الضارة في الجسم قد تمنع تكوّن الكوليسترول السيء ذي البروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة LDL - Cholesterol، الأمر الذي يدعو الى زيادة استهلاك الخضار والفواكه الغنية بتلك الفيتامينات.
نماذج حية للمؤثرات البيئية والوراثية
في قرية صغيرة على سفح جبال الألب في ايطاليا يعيش 46 من السكان المحظوظين الذين يأكلون ويشربون ما يحلو لهم من دون قلق على صحتهم ومن دون الاهتمام او الالتفات لمستوى الكوليسترول في دمهم، رغم تناولهم الوجبات الدسمة والمعجنات والأجبان بكثرة وبشراهة.
ويعزو الأطباء أسباب ذلك الى ان هؤلاء المواطنين المحظوظين يتمتعون بحماية طبيعية من أمراض القلب بفضل ضربة حظ وراثي. ومن المحتمل ان تؤدي هذه الجينات الموروثة الى نتائج هائلة في مكافحة أمراض القلب، أكبر مسبب رئيسي للوفيات في العالم حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية. وبسبب بروتين خارق للعادة توارثته اجيال عدة من بينها 4 في المئة من سكان ليموني سول غاردا اكتسب هؤلاء بأعجوبة حصانة طبيعية تحميهم من مستويات الكوليسترول المرتفعة في الدم.
وتم هذا الاكتشاف اللافت بمحض الصدفة، عندما واجه الدكتور سيزاري سيرتوري حالة مزعجة لأحد مرضاه، فاليريو دينيولي، الذي تبيّن اثناء فحص روتيني له وجود مستويات خطيرة من الكوليسترول وثوالث الدهون في دمه. وهي مؤشرات تهدد بالاصابة بأمراض القلب وتنذر بتردي الحالة الصحية بشكل خطير وكأن دينيولي مريض على حافة قبره. الا ان الأطباء تأكدوا بأنه في تمام الصحة والعافية.
وأكد البروفسور سيرتوري، خريج الدراسات الصيدلية في جامعة ميلان ان "لدى هذا الرجل مستويات مرتفعة جداً من الكوليسترول، لكنه يبدو في صحة كاملة هو وجميع أفراد أسرته".
وتحول اللغز الى قصة بوليسية طبية محيرة فيما كان البروفسور سيرتوري يجاهد لفك رموزه. وأدى لجوئه الى الزملاء في الخارج لمساعدته على تفسير تلك الظاهرة، الى اعطاء البحث بعداً عالمياً.
لكن الجواب الشافي جاء من ميلان وبالتحديد من البروفسور سيرتوري وفريقه حيث أظهرت البحوث المستفيضة ان دينيولي يحمل نوعاً متطوراً من البروتينات الطبيعية يعرف بپايبوليبو بروتين آ - 1، المسؤول عن تخليص الشرايين من الكوليسترول الذي يلتصق في جدرانها. وكشفت الاختبارات ان هذا البروتين العجيب أكثر فعالية من البروتين الأصلي في غسل جدران الشرايين من رواسب الكوليسترول التي تتسبب بأمراض القلب.
وظهرت مفاجآت اخرى أكثر اثارة اثر احساس البروفسور ان حالة مريضه قد تكون وراثية. لذا شرع بمهمة كبيرة تتضمن تحديد مستويات الكوليسترول لدى سكان القرية بأكملهم فأخذ عينات من الدم من 1000 شخص واكتشف ان 39 منهم يحملون البروتين السحري.
وبعد قضاء اسابيع طويلة في البحث والتدقيق في سجلات القرية التي تبعد 125 كيلومتراً عن مدينة ميلان، لاكتشاف مصدر البروتين العجيب، تأكد البروفسور سيرتوري ان المصدر يرجع الى زوجين هما كريستوفورو بومارولي وزوجته روزا جيوفانيللي اللذين رزقا ولداً عام 1780. ويعتقد البروفسور سيرتولي ان هذا الابن كان يحمل البروتين المتحول والمتطور الذي تم نقله وراثياً الى تسعة أجيال من الأحفاد المحظوظين.
ويقول البروفسور الذي أطلق اسم البروتين الاعجوبة على مدينة ميلان أ - 1 ميلان انه كالبحث عن كنز. فقد أدى رسم شجرة عائلة المريض الى اكتشاف 39 حفيداً يحملون ذات البروتين، اضافة الى 9 آخرين ولدوا منذ ذلك الحين، توفي منهم اثنان فأصبحت المحصلة النهائية حتى هذا اليوم 46 شخصاً محصناً ضد أخطار الكوليسترول وأمراض القلب.
ويشير البروفسور غويدو فرانسيسكيني، اخصائي الكيمياء الحيوية الذي شارك في الاكتشاف المثير، الى كيفية قيام هذا البروتين بحماية حامله المحظوظ مبيناً انه شكل متطور من بروتين عادي آخر هو ايبوليبوبروتين آ - 1 الذي نحمله جميعاً بصورة طبيعية داخل تركيبنا العضوي والذي يقوم عادة بازالة الكوليسترول من جدران الشرايين عندما يتراكم بشكل يعيق تدفق الدم. ومن ثم ينتقل الكوليسترول عبر امدادات الدم الى الكبد الذي يتخلص منه بعد ذلك. ولكن في قرية ليموني سول غارديا، ورث عدد معين من الناس نوعاً غريباً من هذا البروتين، الذي يقوم بصورة غير عادية بمهمة أفضل من البروتين الأصلي.
وعلى رغم ان لدى حاملي البروتين المتطور مستويات عالية من الكوليسترول في مجرى دمهم، الا انهم لا يحملون تخثرات منه في الشرايين، وهي التي تسبب ضرراً حقيقياً. ما يدل على ان البروتين المتطور يساعد في التخلص من هذه الترسبات.
ومنذ لحظة الاعلان عن هذا الاكتشاف تدفق العلماء من جميع انحاء العالم الى القرية الهادئة للاطلاع على المزيد من المعلومات عن هذه الحصانة غير العادية التي يتمتع بها بعض سكان القرية. وقال البروفسور فرانسيسكيني ان الاكتشاف أثار اهتماماً بالغاً بين المجتمع العلمي الدولي. حيث استضافت القرية الصغيرة مؤتمراً عالمياً حول أبعاد هذا الاكتشاف أوائل شهر تشرين الأول اكتوبر.
وعبّر الباحثون عن أملهم في انتاج بروتينات متطورة صناعياً يمكن استخدامها في مكافحة أمراض القلب في جميع انحاء العالم. وبدأت شركة فارماسيا السويدية لصناعة الأدوية، باجراء التجارب لتصنيع نوع صناعي من البروتين، لحقنه في دم الانسان. واذا نجحت التجارب فسوف يتحول العقار الى لقاح ضد امراض القلب التي يسببها الكوليسترول. وقال البروفسور فرانسيسكيني ان التجارب على الأرانب حتى الآن اظهرت انها فعالة في منع تراكم الكوليسترول. واذا ساعد هذا من الناحية النظرية على الأقل في منع أمراض القلب فلا بد وان يساعد على شفائه أيضاً.
ويضيف البروفسور سيرتوري انهم يدرسون حالياً طريقة استعمال الدواء على الانسان وانهم على وشك البدء بالتجارب الطبية.
وبالنسبة الى سكان ليمونه سول غارديا، ساعدت أخبار الأعجوبة الطبية على تزويدهم بتفسير علمي لشيء كانوا يعرفونه دائماً وهو انهم يعمرون طويلاً ويعيشون حياة صحية افضل من غيرهم.
ومن المؤكد ان الموقع الجغرافي لقرية ليموني سول غارديا ساهم ولا بد في الحفاظ على البروتين المتحول، ونقله من جيل لآخر، فقد كانت هذه القرية منذ قرون عدة مكاناً نائياً معزولاً عن العالم بسبب بحيرة غارديا من جهة، وسلسلة جبال دولوميتي من جهة اخرى. وقليل من الغرباء جاؤوا اليها فيما عاش سكانها حياة مغلقة يتزوجون من بعضهم البعض.
ويشير انريكو روسارو مدير جمعية أصحاب الفنادق في القرية انه قبل الثلاثينات كان الطريق الوحيد للوصول الى ليموني سول غارديا بواسطة القوارب. وساعدت هذه العزلة في الحفاظ على البروتين سليماً، اذ لم يغادر السكان القرية الا نادراً وقلما كان الغرباء يأتون اليها.
ويعيش أهالي قرية ليموني حياة صحية للغاية فالمناخ فيها رائع والمياه التي يشربونها انقى مما يمكن تصوره فهي تنساب مباشرة من الجبال. وهناك أيضاً زيت الزيتون الذي يتناولونه مع كل شيء. كما انهم يقطفون الزيتون بأنفسهم ويعصرونه في المعاصر التقليدية.
ومن الواضح ان العديد من أهالي القرية يعيشون بسهولة حتى الپ90 أو الپ100 عام. وقد يعود ذلك الى نقاوة الأجواء وعدم وجود صناعات وملوثات بيئية فيها كتلك المتفشية في عدد من المدن الأخرى.
أما في قرية كامبوديميلي الايطالية التي يرمز اسمها الى "حقل العسل" وتقع فوق تل صخري يبعد 150 كلم جنوب مدينة روما، فإن سكانها الپ850 يتميزن بطول العمر والحيوية الفائقة والشباب المتجدد. اذ يقول رئيس بلديتها باولو زانيلا انه من النادر جداً ان يتوفى أحدهم قبل سن الپ85 سنة وان 40 في المئة منهم قد تجاوز 80 عاماً وما زال في تمام الصحة والعافية.
ولاحظ باحثون من منظمة الصحة العالمية ان أهالي هذه القرية التي يرجع تاريخها الى القرون الوسطى أو القرن الرابع عشر بالتحديد والتي حافظت على مدرجاتها وممراتها الضيقة وميادينها وأروقتها المقنطرة، يتمتعون بمستوى منخفض من الكوليسترول في دمهم يقل عن مستوى الكوليتسرول الموجود في دم الأطفال الحديثي الولادة.
كما لاحظ البروفسور بيترو كوجيني الذي يعمل في مستشفى بوليكلينيكو في روما، خلال دراسته لأهالي القرية التي تشكل جزءاً من مشروع دولي شعاره "من المهد الى اللحد" ويشمل دولاً اخرى عدة هي اليابان ونيبال ورومانيا، انهم يتمتعون بضغط دم متوازن طوال الپ24 ساعة وان قياس الضغط أدنى من المعدل العام لغيرهم من الناس. ويرجح البروفسور كوجيني ورئيس البلدية زانيلا أسباب ذلك الى نمط الحياة الذي يعيشه سكان القرية ونشاطهم الجسدي الذي لا يكل حتى عند بلوغ بعضهم الپ100 عام. وهذا اضافة الى تناولهم أنواعاً معينة من الغذاء المتوافر داخل القرية مثل القواقع الحلزونية والفطريات البرية والحبوب القطانية كنبات العدس الأبيض.
ان التعمق في دراسة البروتينات الدهنية الموروثة التي تحصّن البعض ضد اخطار الكوليسترول وتحميهم من الاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لا بد وان يجني ثماره على المدى القريب أو البعيد اذا تمكن الباحثون من حل لغزها وكشف أسرارها. كما ان التأكد من الأسباب المؤدية الى تمتع بعض الناس طبيعياً بمستوى منخفض من الكوليسترول، لا بد وان يساعد على ايجاد وسيلة علاجية أو دوائية تمكن الانسان من المحافظة على مستوى صحي من الكوليسترول في دمه.
والى ان يتحقق ذلك تبقى اساليب الوقاية المتعارف عليها مثل ممارسة التمارين الرياضية والمحافظة على الرشاقة البدنية وتناول الأغذية الغنية بالألياف والسمك وزيت الزيتون والفستق والأفوكادو التي تساعد على افراز نسب عالية من الكوليسترول الجيد HDL Cholesterol، واتباع نظام مدروس للحمية الغذائية مع أكل الثوم والامتناع عن التدخين، من أفضل الوسائل المتوافرة للمحافظة على سلامة القلب والأوعية الدموية.
حقائق عن الكوليسترول
- الكوليسترول موجود في الجسم بصورة طبيعية. ويقوم الكبد بتوفير 60 الى 80 في المئة مما يحتاجه الجسم، بينما يستخلص الباقي من الكوليسترول الموجود في وجبات الطعام.
- الكوليسترول ضروري لانتاج فيتامين D وهورمونات الأنوثة والذكورة الايستروجين والتستوستيرون.
- الكوليسترول ضروري لانتاج الأحماض الصفراء التي يستخدمها الجسم لامتصاص الشحوم.
- البروتينات الدهنية المرتفعة الكثافة HDLs تنقل الكوليسترول الزائد من الأوعية الى الكبد لتخزينه والخلاص منه. لذا يطلق عليها اسم الكوليسترول الجيد، فازديادها يعني انخفاض مستوى الكوليسترول الشامل في الجسم.
- البروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة LDLs تنقل الكوليسترول الى خلايا الجسم حيث يتم امتصاصه وتراكمه، لذا يطلق عليها اسم الكوليسترول السيء، فازديادها يعني ازدياد تراكم الكوليسترول في أوعية الجسم وخلاياه.
- الانخفاض الكبير في مستوى الكوليسترول يمكن ربطه بأمراض السرطان والجهازين الهضمي والتنفسي.
- الارتفاع الكبير في مستوى الكوليسترول يمكن ربطه بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- انخفاض مستوى الكوليسترول الجيد HDL - Cholesterol يسبب ضيق الشرايين وتصلبها.
المواد الغذائية الغنية بالكوليسترول
كمية الغذاء كمية الكوليسترول فيه ملغ
بيضة واحدة 200 - 250
القريدس أو الروبيان 80 ملغ 127
لحم الغنم 80 ملغ 85
الحليب 225 مليليتراً 34
ملعقة زبدة كبيرة 12


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.