قبيل توقيع الاتفاق الأردني - الاسرائيلي في حزيران يونيو الماضي، دشنت الشركة العربية للبوتاس، وهي شركة أردنية، توسعة مصنعها المجاور لمصنع احدى الشركات الاسرائيلية في الطرف الجنوبي للبحر الميت، وذلك برفع انتاجه من 1.4 الى 1.8 مليون طن سنوياً، وبتكلفة تصل الى 125 مليون دولار. ويأتي هذا التطوير في اطار خطة وضعتها الشركة الأردنية للحاق بالانتاج الاسرائيلي، خصوصاً، وانها تنوي طرح مناقصة في العام المقبل لتوسعة جديدة، بحيث يرتفع انتاجها تباعاًَ الى 2.2 مليون طن عام 1998. وتنتج شركة أعمال البحر الميت "ديد سي ووركس" الاسرائيلية والمنافسة لپ"البوتاس" الأردنية 2.2 مليون طن سنوياً من البوتاس "كلوريد البوتاسيوم". وتخطط لتوسعات في انتاج بعض المواد الثنائية تفوق توسعات الشركة الأردنية. مع العلم ان الفارق الزمني لعب دوراً في ذلك، إذ ان الشركة الاسرائيلية بدأت انتاجها في مطلع الخمسينات، فيما بدأ انتاج البوتاس الأردنية في الربع الأول من الثمانينات. وكانت "البوتاس" حققت 22 مليون دينار 31.6 مليون دولار صافي أرباح في العام الماضي وهي تأمل زيادة اجمالي اسهمها بنسبة 10 في المئة تقريباً في آب اغسطس المقبل من خلال اكتتاب عام يتيح شراء نصيب الحكومة في الشركة. غير انها تواجه منافسة متزايدة اذا رفعت اسرائيل انتاجها، أو بدأت الشركات الفلسطينية العمل في الضفة الغربية بالاستفادة من ثروات البحر الميت في الجزء الشمالي قرب أريحا. وتنبع الأهمية الاقتصادية للبحر الميت من نسبة الاملاح المرتفعة التي تحتويها مياهه اذ يتركز فيه نحو 43 بليون طن من الاملاح تصل نسبتها الى 32 في المئة مقارنة بنسبة 13 في المئة لمياه البحر المتوسط. بيئة وطاقة وتحلية لقد استغلت اسرائيل ثروات البحر الميت بعد تطوير مشاريعها خلال العقود الأربعة الماضية، وهي تطرح هذه الثروات مجدداً على طاولة مفاوضات السلام من اجل تنفيذ مشاريعها الحديثة والمتطورة التي تتناسب مع امكاناتها الكبيرة من خلال تعاونها الدولي الواسع مع الدول الصناعية الكبرى. وعرضت في هذا المجال خلال مفاوضاتها الاخيرة مع الأردن مشروع "قناة البحرين" الشهير الذي يهدف الى ربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الميت، لكن الأردن عارض هذا المشروع وقدم مشروعاً مخالفاً يرمي الى انشاء قناة لربط البحر الأحمر بالبحر الميت، بكلفة تقديرية تصل الى 1.5 مليار دولار. وفي رأي الخبراء الاردنيين ان تنفيذ هذا المشروع سيؤدي الى رفع منسوب مياه البحر الميت الى وضعه السابق ويحمي معالم البيئة في المنطقة، إضافة الى توليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر. ولا تستبعد مصادر أردنية موافقة الجانب الاميركي في المفاوضات على المشروع الأردني كونه اكثر واقعية وأقرب الى التطبيق، فضلاً عن توفيره نسبة ارباح كبيرة وفوائد اقتصادية واسعة. وتجدر الاشارة الى ان البحر الميت يقع بين الاردن وفلسطين، وتبلغ مساحته 1050 كيلومتراً مربعاً، واقصى طول له يبلغ 76 كيلومتراً. ويقسم البحر الى حوضين شمالي وجنوبي بواسطة اللسان الموجود على الساحل الشرقي منه. والبحر محاط من شرقه وغربه بجبال يصل ارتفاعها الى ما بين 700 و800 متر. ويبلغ مستوى انخفاضه عن سطح البحر المتوسط حوالي 392 متراً، وهو أقصى انخفاض عن سطح البحر في الكرة الأر ضية. والحوض الشمالي يختلف عن الحوض الجنوبي لجهة العمق والمساحة، اذ يبلغ عمق الحوض الشمالي حوالي 390 متراً، ولا يزيد عمق الجنوبي عن 3.6 أمتار. وبسبب شدة الحرارة فيه، وانخفاضه البالغ عن سطح البحر تزداد نسبة الاملاح والمعادن سنة بعد سنة، خصوصاً ان كمية المياه المتبخرة من البحر لا تعوضها كمية المياه المتدفقة من نهر الأردن. لذا بلغت نسبة الملوحة في مياه البحر 30 في المئة عند السطح. وتصل الى 33 في المئة عند الاعماق. واذا كانت هذه الاملاح والمعادن تسببت في انعدام الحياة لأي نوع من الثروة البحرية، فإنها شكلت ثروة اقتصادية هائلة، جعلته محط أنظار الكثير من الباحثين والاختصاصيين والمستثمرين العرب والاجانب، وهو الآن محور بند رئيسي من بنود مفاوضات السلام وتحت عنوان "تطوير خطة اسرائيلية - فلسطينية - أردنية مشتركة لتنسيق استغلال منطقة البحر الميت". ويأتي هذا المشروع من ضمن المشاريع الاقليمية الكبرى التي تحرص اسرائيل على الاستفادة منها عن طريق تمويلها بأموال عربية. وفي هذا المجال يحذر الأمين العام لاتحاد الغرف العربية برهان الدجاني من ضغط سيمارس على دول عربية ومؤسسات عربية اقليمية من اجل تمويل بعض المشاريع مثل مشروع أنابيب النفط والغاز والمجمع البتروكيماوي، وقناة غزة - البحر الميت، ومحطة نووية لتحلية المياه، ووسائل المواصلات والاتصالات.