فرصة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    بناءً على ما رفعه سمو ولي العهد خادم الحرمين يوجه بإطلاق اسم الأمير بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق الرياض    كاميرات سيارات ترصد العوائق بسرعة فائقة    33 ألف منشأة تحت المراقبة استعدادًا للحج    الصمعاني: دعم ولي العهد مسؤولية لتحقيق التطلعات العدلية    أمير الرياض يرعى تخرج المعاهد والكليات التقنية    جامعة "المؤسس" تعرض أزياء لذوات الإعاقة السمعية    "أكنان3" إبداع بالفن التشكيلي السعودي    وصول أول فوج من حجاج السودان    الخريجي يشارك في مراسم تنصيب رئيس السلفادور    أمير تبوك يعتمد الفائزين بجائزة المزرعة النموذجية    السعودية و8 دول: تمديد تخفيضات إنتاج النفط حتى نهاية 2025    «التعليم» تتجه للتوسع في مشاركة القطاع غير الربحي    «نزاهة»: إيقاف 112 متهماً بالفساد من 7 جهات في شهر    المؤسسات تغطي كافة أسهم أرامكو المطروحة للاكتتاب    الطائرة ال51 السعودية تصل العريش لإغاثة الشعب الفلسطيني    نتنياهو.. أكبر عُقدة تمنع سلام الشرق الأوسط    السفير بن زقر: علاقاتنا مع اليابان استثنائية والسنوات القادمة أكثر أهمية    محمد صالح القرق.. عاشق الخيّام والمترجم الأدق لرباعياته    اكتمال عناصر الأخضر قبل مواجهة باكستان    عبور سهل وميسور للحجاج من منفذي حالة عمار وجديدة عرعر    نوبة «سعال» كسرت فخذه.. والسبب «الغازيات»    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب وسط اليابان    في بطولة غرب آسيا لألعاب القوى بالبصرة .. 14 ميدالية للمنتخب السعودي    الكعبي.. الهداف وأفضل لاعب في" كونفرنس ليغ"    رونالدو يغري ناتشو وكاسيميرو بالانضمام للنصر    القيادة تهنئ الشيخ صباح الخالد بتعيينه ولياً للعهد في الكويت    الحجاج يشيدون بخدمات « حالة عمار»    ..و يرعى حفل تخريج متدربي ومتدربات الكليات التقنية    نقل تحيات القيادة وأشاد بالجهود الأمنية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يدشن مشروعات «الداخلية» في عسير    حجاج الأردن وفلسطين : سعدنا بالخدمات المميزة    حجب النتائج بين ضرر المدارس وحماس الأهالي    بدء تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    سائقو الدبَّابات المخصّصة لنقل الأطعمة    ماذا نعرف عن الصين؟!    الاحتلال يدمر 50 ألف وحدة سكنية شمال غزة    مزايا جديدة لواجهة «ثريدز»    انضمام المملكة إلى المبادرة العالمية.. تحفيز ابتكارات النظم الغذائية الذكية مناخيا    الصدارة والتميز    هذا ما نحن عليه    هنأ رئيس مؤسسة الري.. أمير الشرقية يدشن كلية البترجي الطبية    إطلاق اسم الأمير بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق مدينة الرياض    9.4 تريليونات ريال ثروة معدنية.. السعودية تقود تأمين مستقبل المعادن    الأزرق يليق بك يا بونو    توبة حَجاج العجمي !    "فعيل" يفتي الحجاج ب30 لغة في ميقات المدينة    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات تحت مسمى "رالي السعودية 2025"    تقرير يكشف.. ملابس وإكسسوارات «شي إن» سامة ومسرطنة    أمير نجران يشيد بالتطور الصحي    نمشي معاك    أمير الشرقية يستقبل رئيس مؤسسة الري    11 مليون مشاهدة و40 جهة شريكة لمبادرة أوزن حياتك    الهلال الاحمر بمنطقة الباحة يشارك في التجمع الصحي لمكافحة التدخين    مسبار صيني يهبط على القمر    «طريق مكة».. تقنيات إجرائية لراحة الحجيج    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم معالي رئيس جامعة القصيم السابق    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتفالات في بروكلين بالاستقلال ... وكآبة في مسجد أبي بكر . عبد الرحمن في السجن الى ما لانهاية اذا لم يبعد الى مصر أو السودان القاهرة استعدت قضائيا وأمنيا ... وترحيب وحرج في الخرطوم

احتفل الأميركيون الاسبوع الماضي، في الرابع من تموز يوليو الجاري، بعيد استقلالهم، بإرسال مئات "الصواريخ" النارية الى سماء مدنهم لتنفجر محدثة اشكالاً بديعة وسط صيحات الشباب والشابات. ولم تشذ نيويورك عن هذه العادة السنوية على رغم حديث شبكات التلفزيون عن احتمال وقوع أعمال ارهابية يشنها أنصار الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن الذي اعتقل قبل يومين من عيد الاستقلال.
غير أن الحديث عن الارهاب سرعان ما اختفى من نشرات الأخبار اذ مرت الاحتفالات بسلام ولم يعكرها سوى حوادث لا تحصل عادة إلا في أميركا مثل سقوط منطاد فوق سطح مبنى، ومحاولة شاب اقتحام محطة تلفزيون لأنه يريد ان يتحدث في أحد البرامج، اضافة الى موجة الحر الشديدة التي حملت الأميركيين على التخفيف من ملابسهم بسعادة ظاهرة.
جو من الكآبة
اجواء الفرح هذه لم تشمل المصلين في مسجد أبي بكر الصديق في بروكلين ومعظمهم من المهاجرين المصريين، اذ أدى اعتقال الشيخ عمر الى اضفاء جو من الكآبة على المسجد خصوصاً المقربين من عبدالرحمن الذين ازعجهم تجاهل حتى بعض المسلمين اعتقال الشيخ. وليس سراً ان كثيرين من مسلمي المنطقة شعروا بالراحة لاختفاء الشيخ "الذي أراد ان ينقل مشاكل مصر الينا"، كما قال مهاجر يعمل في احدى شركات التأمين. ويأمل هؤلاء ان يختفي أيضاً الاهتمام الاعلامي بالمسلمين خصوصاً ان الاعلام الأميركي كان منحازاً بوضوح ضدهم، ما أدى الى رفع وتيرة التصرفات العدائية ضدهم في الأحياء والشوارع.
لكن هناك من رأى ضرورة الوقوف مع عبدالرحمن لأن المستهدف "ليس الشيخ وحده وانما الاسلام الذي يمثله... وحتى وان اختلفنا معه يجب ان نقف هذه المرة معه" كما قال ناصر محمود، وهو مهاجر مصري أيضاً ويعمل سائق سيارة أجرة. وأشار الى تجمع للمتشددين اليهود حول مسجد أبو بكر الصديق عندما كان رجال الاعلام ورجال الشرطة يحاصرونه قبل ان يسلم الشيخ نفسه ليل الجمعة - السبت 2 - 3 تموز الجاري، وكان اليهود يرددون هتافات معادية للمسلمين.
واشنطن حسمت
وكانت الحكومة الأميركية حسمت ترددها إزاء الشيخ عبدالرحمن واصدرت وزيرة العدل جانيت رينو يوم الاربعاء 30 حزيران/ يونيو الماضي قراراً بسحب تأشيرة الاقامة في الولايات المتحدة من الشيخ، وكان يمكن القضية ان تقتصر على نواح اجرائية عادية بين محامي عبدالرحمن وإدارة الهجرة، غير أن محاولات إبراز الشيخ زعيماً روحياً للمتهمين في قضية تفجير مركز التجارة العالمي ومحاولة تفجير مبنى الأمم المتحدة وسلسلة أخرى من الأعمال الارهابية، اضافة الى مطالبة الحكومة المصرية بتسليمها الشيخ... كل ذلك أدى الى إضفاء الطابع السياسي على القضية، على رغم نفي المسؤولين الأميركيين ذلك.
ويبدو ان القضية لن تنتهي عند هذا الحد، فالشيخ الضرير موجود في سجن فيديرالي والتهمة الوحيدة الموجهة اليه هي مخالفته قوانين الهجرة، ومعها قضايا هامشية يستطيع أي محام قدير أن يتجاوزها. والمعروف ان الشيخ الذي قدم مرتين الى المحاكمة في مصر برىء تماماً من كل التهم الموجهة اليه وأهمها التحريض على اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.
خطأ وبلبلة
وذكرت مصادر وزارة العدل الأميركية في واشنطن ان قرار النائب العام اعتقال الشيخ يتوقع أن يؤدي الى ترحيله الى الخرطوم. إذ أن دائرة الهجرة تسعى الآن الى الغاء الإذن بإقامته الدائمة بدعوى أن التأشيرة التي دخل بها الولايات المتحدة منحت له نتيجة خطأ ارتكبته القنصلية الأميركية العامة في الخرطوم.
وكان عبدالرحمن ضمن قائمة تضم أسماء الأشخاص الممنوعين من دخول الولايات المتحدة، لكنه حصل على تأشيرة دخول من القنصلية نتيجة تعطل جهاز الكومبيوتر فيها. ولدى وصوله الى أميركا حصل لاحقاً على بطاقة الاقامة الزرقاء اللون نتيجة بلبلة بيروقراطية في شأن اسم عائلته، ذلك ان التأشيرة صدرت باسم "عبدالرحمن" فاعتقد المسؤولون الأميركيون ان اسم عائلته هو "رحمن". ولهذا فتشوا عن اسمه تحت حرف "الراء" بدلاً من حرف "الألف" - أي "A" التي تسد بالانكليزية مسد حرف العين. وحتى صحيفة "واشنطن بوست" التي ليس لها أي مراسل عربي أو مسلم في واشنطن تشير اليه باسم "الشيخ رحمن".
وإذا قبلت محكمة أميركية الرد إيجاباً على القرار المصري بطلب استرداد الشيخ عبدالرحمن فإن من المرجح أن يستأنف ضد القرار ما يعني أن العملية القضائية ستستغرق أشهراً عدة.
ويذكر ان أمر الطرد الذي أصدرته المحكمة في ولاية نيوجيرزي، وهي الولاية المجاورة لنيويورك حيث يعيش الشيخ عمر يقتضي إعادته الى وطنه الأصلي مصر. لكنه رفض ذلك. ولكن نظراً الى أنه وصل الى أميركا من السودان فإن محكمة أخرى يمكن أن تأمر بإعادته الى السودان. وفي وسع البعثة السودانية في الأمم المتحدة مثلاً أن تمنحه جوازاً سودانياً للسفر ما يعني إعاقة امكان عودته الى مصر.
ولكن في وسع أي شخص في أميركا يتعرض لاحتمال الطرد أن يختار الذهاب الى أي بلد يقبل به شريطة ألا يكون هناك أمر يطالب بتسليمه الى دولة معينة. والمعروف ان كندا والمكسيك، جارتي الولايات المتحدة، وافقتا على عدم قبول أي مبعد إذا لم يكن من رعايا الدولتين.
السجن الى ما لا نهاية؟
وإذا رفض الشيخ مغادرة الولايات المتحدة بعد صدور أمر بطرده، وبعد أن يفشل استئنافه ضد أمر الطرد فإنه يمكن احتجازه في السجن من دون تهمة ومحاكمة الى ما لا نهاية إذا اعتبرته السلطات خطراً على الأمن العام، أو رأت أنه يمكن أن يختفي. وعلى سبيل المثال احتجزت السلطات الأميركية أحد أعضاء منظمة الجيش الجمهوري الايرلندي في أحد سجون نيويورك لمدة ثماني سنوات حين رفض العودة الى ايرلندا.
إذن ما هو طول "ما لا نهاية"؟
قضت المحكمة العليا أن صحفياً أودع السجن لتحقيره المحكمة من خلال رفضه كشف هوية مصدر معلوماته السرية، لا يجوز اعتقاله أكثر من ستة أشهر. وهناك قضية أخرى ستفصل فيها المحكمة العليا في جلستها المقبلة التي تبدأ يوم الخميس الأول من شهر تشرين الأول اكتوبر. إذ ستقرر هل ان أوكرانياً صدر أمر بابعاده يمكن إيداعه السجن الى ما لا نهاية لرفضه العودة الى روسيا بعدما رفضت بلاده اوكرانيا قبوله على أساس انه لم يعد مواطناً أوكرانياً وبالتالي فهو من دون جنسية.
وتصف وزارة العدل الأميركية ومكتب التحقيقات الاتحادي إف. بي. آي. الشيخ عبدالرحمن بانه الزعيم الروحي للجماعة التي تزعم أنها فجرت مركز التجارة العالمي. ولجماعة أخرى تزعم السلطات الأميركية انها خططت لحملة من التفجيرات في نيويورك. لكن السلطات لا تتهمه بالتواطؤ في أي من القضيتين أو بأي تهمة أخرى في الواقع، وإنما هناك أمر بابعاده بسبب الأخطاء المتصلة بالتأشيرة التي حصل عليها وبطاقة الاقامة.
وفي هذه الأثناء قال كارل ستيرن الناطق باسم النائب العام لمجلة "الوسط": "سنرسله الى أي بلد يقبله. لكن الولايات المتحدة ربما لا ترغب في ابعاده الى أي مكان في المستقبل القريب"، ما يشير الى أن المحققين ربما رغبوا في إبقائه شاهداً في قضيتي التفجير. ومعنى ذلك أنه سيظل في أحد السجون التي تتوافر فيها المرافق الملائمة للتعامل مع مشكلات سجين ضرير.
وقد نقل الشيخ من الزنزانة الخاصة التي وضع فيها في سجن اوتيسفيل على بعد 120 كيلومترا من نيويورك، الى مستشفى السجن ليسهل رصد حاله الصحية كونه مصابا بداء السكري. وكان اخضع اثر توقيفه لتفتيش روتيني بحثا عن اسلحة ومخدرات.
وأكد محاميه مايكل وارين انه سيعارض قضائيا تسليمه الى السلطات المصرية، لأن ذلك يعرضه للخطر المزدوج اذ ليس هناك اتفاق لتبادل الملاحقين بين مصر والولايات المتحدة. وأضاف ان عدم وجود مترجم أوجد مشكلات وصعوبات بين الشيخ وطبيب السجن.
لا اتفاق تبادل
ويذكر ان ليس هناك اتفاق لتبادل المجرمين بين مصر والولايات المتحدة. ولا يجوز بمقتضى القانون الأميركي ابعاد أجنبي من الولايات المتحدة وإرساله الى موطنه لارتكابه ما لا يعتبر جرماً أو جناية في القانون الأميركي. وبالمثل لا يجوز تعريض مثل هذا الأجنبي ل "خطر مزدوج" ما يعني أنه لا يجوز اعادة محاكمته بعد التبرئة إذ أن باب استئناف الحكم يجوز للمتهم لا لهيئة الاتهام.
وتسعى مصر الى استدعاء عبدالرحمن قضائياً بموجب اتفاق قديم ابرم بين الولايات المتحدة والامبراطورية العثمانية. وقد تستمر الاجراءات القضائية شهوراً إذا حاول الشيخ عمر اثبات عدم قانونية أمر الاستدعاء والابعاد. وتأمل إدارة الرئيس بيل كلينتون أن يقبل الشيخ بابعاده الى السودان تفادياً لبقائه شهوراً وشهوراً في غياهب سجن أميركي.
ترحيب أم حرج في الخرطوم؟
وصرح ناطق باسم السفارة السودانية في واشنطن بأن بلاده ترحب بالشيخ في أي وقت اذا رغب في السفر اليها. لكن الحكومة السودانية أبدت قلقها من تفاقم الأزمة، ورأى مسؤول سوداني بارز ان الخرطوم ستواجه حرجاً كبيراً إذا أبدى الشيخ رغبة في الانتقال اليها.
وقال ل "الوسط" مسؤول آخر هو السيد عبدالعزيز شدو وزير العدل والنائب العام ان الشيخ سافر الى نيويورك من الخرطوم بعدما حصل على التأشيرة من القنصلية الأميركية في السودان في صورة شرعية. وكان حضر الى الخرطوم كمواطن مصري خرج من بلاده علناً وفي صورة عادية. وغادر السودان الى أميركا بالطريقة نفسها.
وأضاف شدو انه لا يوجد قانون في العالم يلزم مواطناً الانتقال الى بلد غير بلده، معلقاً بذلك على سؤال ل "الوسط" عن احتمال ان تقرر السلطات الأميركية اعادة عبدالرحمن الى السودان. ونبه الى ان عبدالرحمن مواطن مصري وليس سودانياً، ورفض التعليق على احتمال طلب الشيخ الحضور الى السودان مكتفياً بالقول "هذا سابق لأوانه".
وصرح محامي عبدالرحمن السيد منتصر الزيات بأن موكله رفض عرضاً ايرانياً باستقباله في طهران، قبل الاحداث الاخيرة، كما رفض التوجه الى السودان لتحاشي احراج الخرطوم.
وقال ان الشيخ سيطلب اللجوء السياسي الى بريطانيا اذا رفضت الولايات المتحدة طلبه البقاء في اراضيها لاجئاً سياسياً. الا ان مسؤولين بريطانيين ابلغوا "الوسط" ان سلطات الهجرة في وزارة الداخلية ستنظر في طلب الشيخ، اذا كان لديه ما يثبت انه سافر الى الولايات المتحدة عبر احد الموانئ البريطانية. وأشار المسؤولون الى ان امر ابعاده الى بريطانيا او الى بلده الاصلي يعود الى السلطات الاميركية وحدها.
وأوضح هؤلاء ان وزارة الداخلية البريطانية ستدرس طلب الشيخ وتعطي جوابها في ضوء ما يتقدم به من براهين تؤهله للحصول على حق اللجوء السياسي حسب المواثيق الدولية.
وكانت اوساط بريطانية اخرى ذكرت ان الولايات المتحدة بعثت برسالة الى دوائر بريطانية تبلغها فيها ان عبدالرحمن وصل الى اميركا عبر احدى مطاراتها الرئيسية.
سيناريو في مصر
وفي القاهرة أكدت دوائر أمنية وقضائية ل "الوسط" ان السلطات على استعداد كامل لتسلم عبدالرحمن الذي أصدرت محكمة أمن الدولة العليا في الفيوم أمراً بتوقيفه ليمثل أمامها في القضية المتهم فيها مع 48 من اتباعه وهي إثارة الشغب والاعتداء على رجال الأمن والمواطنين وحيازة أسلحة ومتفجرات من دون ترخيص، وكلها أحداث وقعت في العام 1989.
وقالت الدوائر المصرية ان سيناريو الاجراءات القانونية والقضائية التي ستتخذ في حال وصول عبدالرحمن الى مصر سيتم وفقاً للترتيبات الآتية:
- ضبط عبدالرحمن فور وصوله الى مطار القاهرة وفرض حراسة مشددة عليه ونقله الى سجن خاص.
- تنفيذ قرار محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في الفيوم والقاضي باحضاره وتحرير محضر الحبس واخطار هيئة المحكمة ومصلحة السجون بالتنفيذ.
- ترحيل عبدالرحمن وهو مقيد الى مدينة الفيوم لحضور جلسات المحاكمة باعتباره المتهم الأول في القضية الرقم 258/89 حصر أمن دولة عليا.
- الكشف في كومبيوتر وزارة الداخلية عن كل القضايا التي اتهم فيها أثناء غيابه في الخارج سواء الخاصة بالتحريض واصدار الفتاوى، أو التمويل الخارجي، أو الاشتراك في عمليات عنف ولو بطريقة غير مباشرة، خصوصاً في قضايا اغتيال الكاتب فرج فودة اصدار فتوى باباحة قتله وقضية اغتيال رئيس مجلس الشعب رفعت المحجوب تمويله اعضاء فريق التنفيذ وقضية ضرب السياحة.
- كشف كل الأرصدة السرية الخاصة به في البنوك المصرية وكذلك أرصدة زوجاته وابنائه.
وأشارت هذه الدوائر الى اجراءات استثنائية ستتخذ من بينها: صدور قرار عن اللواء حسن الألفي وزير الداخلية باعتقال عبدالرحمن كإجراء وقائي لضمان عدم اخلاء سبيله، اذا صدرت احكام قضائية ببراءته، وكذلك خضوعه لعمليات استجواب أمنية للوقوف على دوره في حوادث العنف في الداخل والخارج ومواجهته ببعض قيادات "الجماعة الاسلامية" والعائدين من افغانستان أخيراً ومن بينهم صفوت عبدالغني وممدوح علي يوسف وعزت السلاموني وعلاء أبو النصر طنطاوي.
ليس مجرماً
وقال المحامي الدكتور عبدالحليم مندور رئيس لجنة الدفاع عن الشيخ ل "الوسط" ان عبدالرحمن "ليس مجرماً، وليس من حق أي حكومة أن تقبض عليه الا بحكم نهائي صادر عن القضاء. فهو حصل على حكم بالبراءة في القضية التي يعاد محاكمته فيها حالياً ووصفته هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم بالبراءة بأنه عالم جليل وداعية اسلامي يدعو الى الشريعة الاسلامية".
وأكد الدكتور مندور ان أحداً لا يستطيع توقع ما يمكن أن يحدث في حال تسليم عبدالرحمن الى مصر، "ونخشى ان تلفق له الحكومة المصرية الاتهامات أو ان يعدم لأي سبب، ولذلك فإنه فضل أن ينأى بنفسه عن المتاعب. يمكن ان يكون رد الفعل عنيفاً الى درجة غير متوقعة".
ورأى السيد منتصر الزيات محامي الدكتور عمر عبدالرحمن "ان أجهزة الأمن والحكومة في مصر لم تكن ترغب سابقاً في احضار عبدالرحمن الى القاهرة، الا ان زيادة تحركات زعيم الجماعة الاسلامية وبروزه اعلامياً ومناهضته النظام بقوة وتعامل أجهزة الاعلام الأميركية معه أثناء زيارة الرئيس حسني مبارك للولايات المتحدة أخيراً وإظهاره نداً للرئيس مبارك كل هذه الأسباب دفعت الحكومة المصرية الى الاسراع في طلب تسلمه لاتخاذ اجراءات ضده".
دور الاعلام
وأكد ان الاعلام الأميركي لعب دوراً ضد عبدالرحمن "ولكن لا شك في أن الشيخ يزن الأمور بطريقة جيدة لكنه واضح تماماً في معارضته النظام في مصر، بل مناهضته إياه، ولا تختلف هذه الصورة سواء كان عبدالرحمن داخل مصر أو خارجها. وهو لا يعمل حساباً للتبعات التي يمكن أن تترتب على تصريحاته، ولم يسع الى الاعلام الأميركي أو الغربي لأنه لا يثق به ويعلم جيداً المقاصد الحقيقية لوسائل الاعلام الغربية".
ولا يتوقع الزيات ان تسلم أميركا عبدالرحمن الى مصر، وقال: "النظام في أميركا مختلف عنه في مصر فإذا كانت مصر سلمت أبو حليمة بسهولة الى الولايات المتحدة، فإن المؤسسات وأجهزة الرقابة هناك تمارس دورها بصرامة، وعدم وجود معاهدة لتسليم المتهمين بين البلدين سيجعل من مسألة تسليمه الى مصر أمراً صعباً. ان الولايات المتحدة تعلم ان الدكتور عبدالرحمن زعيم ديني بارز وتسليمه الى مصر يعرض مصالحها لخطر ويضعها في مواجهة مع الشعوب الاسلامية".
وأكد ان عبدالرحمن "سيواجه أزمة حقيقية إذا سلم الى القاهرة، خصوصاً ان حالته الصحية غير سليمة وان النظام في مصر حالياً في أقصى مراحل المواجهة مع الجماعات الاسلامية وقد يؤدي هذا الى النيل من عبدالرحمن باحالته على محكمة عسكرية".
وانتقد سعد حسب الله، أحد المحامين الموكلين للدفاع عن الشيخ الأمر الذي أصدرته محكمة الفيوم بالقبض على عبدالرحمن وقال: "ان الحكم منعدم لأنه صدر عن قاض لا ولاية له على الدعوى" مشيراً الى أنه كان "قدم صباح اليوم الذي صدر فيه الحكم طلباً برد القاضي المستشار أحمد عزت العشماوي الذي كان يتعين عليه الا يصدر قراراً في الدعوى الا بعد الفصل في طلب الرد. كما ان عبدالرحمن لم يبلغ رسمياً موعد الجلسة بلاغاً قانونياً صحيحاً على رغم انني أبلغت هيئة المحكمة عنوانه في الولايات المتحدة بالتفصيل".
اجراءات أمنية مشددة
وعلى الصعيد الأمني فإن السلطات المصرية كانت اتخذت اجراءات أمنية مشددة إثر اعلان تسليم عبدالرحمن نفسه في نيويورك وصدور قرار محكمة الفيوم بالقبض عليه. إلا أن المصادر الأمنية المصرية تؤكد ان وصوله الى القاهرة لن يغير في الأمر شيئاً، على المستوى الأمني، وان الخطة التي تتبعها وزارة الداخلية حالياً كفيلة بحفظ الأمن والنظام والسيطرة على نشاط الارهابيين.
وقال اللواء محمود عنتر مدير الأمن في أسيوط، وهي أكثر المحافظات التي شهدت أعمال عنف ارتكبها أنصار عبدالرحمن من أعضاء "الجماعة الاسلامية"، ان الشرطة نجحت في الفترة الماضية في القبض على معظم قيادات الجماعة من الصف الأول وحتى الصف الثالث والعناصر الطليقة ليست لديها القدرة على ارتكاب اعمال عنف بالقدر الذي كان يحدث في الماضي.
وأكد ان قوات الأمن في أسيوط قادرة على السيطرة على الموقف وان وصول عبدالرحمن الى مصر "لا يمثل تحدياً أمنياً لأنه سيحاكم في اطار قانوني".
أما اللواء محمد صادق غنيم مدير الأمن في مدينة الفيوم التي يقع فيها منزل الدكتور عبدالرحمن وتجرى محاكمته أمام محكمة أمن الدولة العليا في المدينة نفسها فرأى ان قوات الأمن "لديها القدرة تماماً على حفظ النظام وتأمين محاكمة الشيخ وردع أي محاولة ارهابية للنيل من أمن البلاد. ان معظم اعوان عبدالرحمن هم رهن الاعتقال حالياً على ذمة قضايا ارهابية ومسألة عودته لا تمثل قلقاً أمنياً على الاطلاق".
وكانت الأجهزة الأمنية شنت حملة اعتقالات للتحفظ على عشرات من عناصر "الجماعة الاسلامية" في الفيوم، بعدما هدد متطرفون مصريون بتنفيذ سلسلة من الاغتيالات لعناصر أجنبية اذا تعرض عبدالرحمن لأذى.
وذكرت مصادر أمنية في الفيوم أنها عثرت على أكثر من دليل على وجود علاقة وثيقة بين الشيخ الضرير ومواطن مصري يحمل الجنسية الأميركية يدعى زكريا محمود التوني كان قبض عليه أخيراً في الفيوم وفي بيته كميات ضخمة من الأسلحة ومواد شديدة الانفجار ونقد أجنبي.
وأكدت المصادر ان شقيقة التوني التي تقيم في الولايات المتحدة كانت قدمت تسهيلات لدخول عبدالرحمن نيويورك صيف 1991. وتوقعت ان تكثف "الجماعة" هجماتها على تجار الذهب الاقباط لتوفير تمويل لعناصرها، بعد توقيف الشيخ في نيويورك حيث كان يعتبر أهم مصادر التمويل لجماعته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.