إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية مرتفعة    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو الأوروبي    انخفاض أسعار النفط في أكبر خسارة أسبوعية في ثلاثة أشهر    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    "الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    اليوم المُنتظر    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    «الأونروا»: الصراع في غزة مستمر ك"حرب على النساء"    عقد المؤتمر الصحفي لبطولة "سماش السعودية 2024" في جدة    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    أبها يتغلب على الاتحاد بثلاثية في دوري روشن وينعش آماله في البقاء    المملكة وأذربيجان.. تعاون مشترك لاستدامة أسواق البترول ومعالجة التغير المناخي    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام أبها    إدانة المنشأة الغذائية عن حادثة التسمم الغذائي وإغلاق فروعها بالرياض والخرج    ميتروفيتش: لم نحسم لقب الدوري حتى الآن    بعد نحو شهر من حادثة سير.. وفاة نجل البرهان في تركيا    توسيع نطاق الاستثناء الخاص بالتصرف العقاري    31 مايو نهاية المهلة المجانية لترقيم الإبل    نمو الغطاء النباتي 8.5% بمحمية "الإمام تركي"    مدير «الصحة العالمية»: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى «حمام دم»    غداً.. منع دخول المقيمين لمكة دون تصريح    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على التعاون    «الدفاع المدني» محذراً: التزموا البقاء في أماكن آمنة وابتعدوا عن تجمُّعات السيول    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين في معهد الدراسات السياسية بباريس    الفوزان: : الحوار الزوجي يعزز التواصل الإيجابي والتقارب الأسري    جامعة الإمام عبدالرحمن تستضيف المؤتمر الوطني لكليات الحاسب بالجامعات السعودية.. الأربعاء    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    الجمعية السعودية للإعاقة السمعية تنظم "أسبوع الأصم العربي"    الصحة العالمية: الربو يتسبب في وفاة 455 ألف إنسان    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    قصة القضاء والقدر    كيفية «حلب» الحبيب !    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق شامل عن الخدمات المصرفية الخاصة . طريق المصارف من دمشق الى جنيف
نشر في الحياة يوم 01 - 11 - 1993

تكاد الخدمات المصرفية الخاصة تكون قديمة قدم دمشق التي شهدت ولادة هذه الخدمات قبل الميلاد بقرون عدة. لكن قلة من المصارف ترفض القيام بمزيد منها حالياً. فما هي؟ ولماذا تحظى بهذا الرواج كله؟ وكيف يستطيع الزبائن ان يستفيدوا من آخر موجات الحماس المتفشي في الصناعة المصرفية؟
تقدر شركة ميريل لينش الاميركية للاستثمار والخدمات المالية التي تمارس اعمالها المصرفية الخاصة خارج اميركا بنشاط، ان هناك حوالى مليوني شخص في العالم يملك كل منهم ما يزيد على 250 ألف دولار على شكل موجودات مالية اوفشور. وهؤلاء جميعاً مرشحون للاستفادة من الخدمات المصرفية الخاصة.
وتعتقد شركة ميريل لينش أن 700 الف من هؤلاء الزبائن المحتملين يملك الواحد منهم ما يزيد على مليون دولار على شكل موجودات مالية اوفشور، ما يجعل الحجم الاجمالي لسوق الخدمات المصرفية الخاصة اكثر من 3 ترليونات دولار اي 3 وعلى يمينها 12 صفراً! ويقول المدير الاداري المصرف "ميريل لينشش الدولي بن لورينز ان ما يزيد على 15 في المئة من هذا المبلغ أو حوالى 500 بليون دولار يأتي من الشرق الاوسط.
ويرتفع حجم السوق الاجمالي وفق تقديرات اخرى فيصل الى 7 ترليونات دولار، ما يعني انها مجال عمل كبير بمعايير هذه الأيام.
وهي ليست كبيرة فحسب، بل نامية ايضاً. ويشكل التطور الاقتصادي السريع مصدر ثروة هائلة بالنسبة الى عدد كبير من الاشخاص في شرق آسيا ومناطق اخرى كانت تعتبر فقيرة في الماضي. وفيما تنمو بعض اجزاء الشرق الاوسط نموا سريعاً يواصل الاوروبيون والاميركيون الاستفادة من الازدهار الاقتصادي الذي لم يسبق له مثيل في الثمانينات. والخدمات المصرفية الخاصة مثل بيوت رعاية العجزة والمسنين هي "صناعة نمو" تمتاز باتساع "قاعدة الزبائن" المطرد.
وتجنى المصارف، التي حققت سمعة مرموقة في ميدان الخدمات المصرفية الخاصة، ثمار عراقتها. فمثلاً، بوسع مصرف جي. بي. مورغان الاميركي انتقاء الزبائن الذين يقدم لهم خدمات مصرفية خاصة فلا يوافق على ادارة موجودات تقل قيمتها عن 30 مليون دولار. ويقدر احد محللي الاستثمارات ان 60 في المئة من ارباح المصرف الشهير "يونيون بنك اوف سويتزرلاند" UBOS اتحاد المصارف السويسرية في العام الفائت كانت لقاء خدماته المصرفية الخاصة. وبفضل سمعته الطبية التي حظى بها عن جدارة وهو يعتبر الأقوى بين المصارف السويسرية الكبيرة.
ويقودنا رواج الاعمال المصرفية الخاصة الى الجذور الأولى للصناعة المصرفية في دمشق التي شهدت ظهورها اول الامر في القرن السابع قبل الميلاد. ففي عهد الملك سنحاريب 681 - 705 ق.م عاش في دمشق مصرفي اسمه ايجيبي دأب على الاحتفاظ ببيان لقروضه نقشه على ألواح حجرية، احدها معروض حالياً في المتحف البريطاني. وبعد هذا الدمشقي القديم ازدهرت الصناعة المصرفية في اليونان القديمة.
وكانت الاعمال المصرفية بالنسبة الى الرائد الدمشقي واليونانيين القدماء اشبه بخدمات استشارية يقدمونها للاغنياء. ومع ان تلك كانت "خدمات مصرفية خاصة"، فمن الاكيد ان ايجيبي لم يطلق عليها هذا الاسم ابداً. كما لم يعرف ان ما بدأه سيغدو اكثر انواع الاعمال رواجاً بالنسبة الى عدد من اكبر مصارف العالم.
والرائج في الاعمال المصرفية يعود الى البروز بانتظام، كما هو الامر مع الموضة في اي مجال آخر، اذ حظيت الخدمات المصرفية الخاصة برواج واسع لدى الايطاليين في القرن الخامس عشر، كما تمتعت بشعبية كبير في جنيف منذ اكثر من مئة عام، حتى ان المدينة اخترعت النمط الحديث لهذه الخدمات. وعلى شواطىء بحيرة جنيف، وخلف عدد قليل من الأبواب الانيقة المزدانة بألواح نحاسية منضدة بعناية تختفي ردهات وغرف كثيرة ما زالت تدار منها ثروات اغنى عائلات اوروبا والشرق الأوسط في سرية تامج منذ عشرات السنين. وفي هذا النمط من الخدمات المصرفية الخاصة الذي اشتهرت به جنيف عناصر اساسية محددة هي:
* ادارة المحفظات المالية هي بمنزلة القلب من الخدمات المصرفية الخاصة كلها. وهذه الادارة متوافرة على اساس "حرية التصرف" اي ان المصرف يتخذ القرارات بخصوص استثمار اموال الزبون وفق خطوط عريضة يتم الاتفاق عليها معه مسبقاً - او عدمها - تصدر كل القرارات التي تتعلق بالاستثمارات عن الزبون ذاته.
* الكتمان امر مهم ايضاً، اذ يرغب معظم الاغنياء باحاطة شؤونهم المالية بالسرية، وعدم اطلاع جيرانهم عليها. وفي هذا السياق، يفخر احد مصارف جنيف الخاصة بأن بين زبائنه شقيقين عربيين لا يعرف اي منهما ان لاخيه حساباً في الفرع ذاته الذي يتعامل معه. ويسعى الزبون عادة الى الحصول على خدمات مصرفية خاصة في دولة لا يعيش فيها ليطمئن الى ان شؤونه المالية ستبقى طي الكتمان.
* تقديم المشورة بخصوص تجنب الضرائب فن دفع الحد الادنى من الضريبة التي ينص عليها القانون هو ايضاً جزء مهم من هذه الخدمات التي يتلقاها الزبون. وقد يغدوا اجتناب الضرائب امراً في غاية التعقيد يتطلب ايداع اموال الزبون الثري في صناديق اوفشور في مراكز مثل ليشتينشتاين او جيرسي.
* القدرة على الاحتفاظ بالموجودات في مكان أمين وجود أقبية لايداع الذهب والمجوهوات، مثلاً. وكذلك القدرة على متابعة الاوراق المالية وجمع العائدات او الفوائد في وقت استحقاقها.
* تقدم المصارف ايضاً الخدمات المصرفية الشخصية العادية - الودائع والقروض والعملة الاجنبية والأموال التجارية - مثلاً. الا ان قيمة الودائع والقروض، الخ... التي تزود بها هذه المصارف المتعاملين معها تكون اكبر بكثير من تلك التي يحصل عليها المرء من مصرف عادي.
يتحمل المصرفي الخاص عادة مسؤولية الاحتفاظ بثروات زبائنه في مأمن من آفة التضخم وبطش الضريبة. الا ان مهمته لم تعد في السنوات الاخيرة تقتصر على الاحتفاظ بالثروات بل صار معنياً، الى درجة ما، بتأمين الثروات، اي ان من الضروري الاقدام على مجازفة اكبر وتوظيف الموجودات في مشاريع احتمالات الخسارة فيها تفوق غيرها: الأسهم والمشاريع وتمويل اسواق جديدة.
حتى ان مصرف "بيكتيت وشركاه" المرموق أقام صندوقاً خاصاً لزبائنه الراغبين بتوظيف موجوداتهم في اسواق جديدة. ويعتقد انه الصندوق الوحيد من نوعه الذي استثمر في سوق البورصة الاردنية.
الحوافز
اضفى السويسريون طابع "الخصوصية" على الخدمات المصرفية الخاصة فلم يحجبوها عن الاخرين بل تركوها في عهدة افراد يملكونها. ولا تزال ملكية المصارف السويسرية الخاصة المعروفة منذ زمن طويل تعود الى افراد وليس الى شركات مساهمة. وهؤلاء الافراد الشركاء مسؤولون شخصياً عن التزامات المصرف عن ودائعه ويختلف الامر بالنسبة الى عدد من المصارف الضخمة المتعددة الجنسيات التي تقدم ما تسميه "خدمات مصرفية خاصة".
وعملياً، لا يجازف مصرفيو جنيف بالضرورة مجازفة خطيرة حين يعملون من خلال شراكات خاصة يعقدها افراد عدة. ذلك ان الخدمات المصرفية الخاصة معنية اساساً بادارة موجودات الاثرياء لقاء اجور معينة. والثروة التي تدار بهذه الطريقة لا تظهر، عموماً، كدين على بيان موازنة المصرف الذي يديرها.
وهذا احد الاسباب الرئيسية التي تدفع المصارف الى الاكثار من الاعمال المصرفية الخاصة. وتكسب معظم المصارف اموالها من الفروق بين الفوائد التي تدفعها لقاء الودائع والفوائد التي تتقاضاها لقاء القروض. وعندما تعجز عن استرداد هذه القروض تتكبد خسائر فادحة. وهذا ما حصل مطلع الثمانينات حين لم تتمكن دول نامية البرازيل والمكسيك خصوصاً من تسديد ديونها، وفي التسعينات عندما اخفقت المصارف في استعادة القروض التي قدمتها لشركات عقارية عالمية ضخمة مثل "اوليمبيا" و"يورك" التي انشأت "باتيري بارك" في نيويورك.
اما الخدمات المصرفية الخاصة فهي وسيلة لكسب اموال على شكل اجور يتقاضاها المصرف من دون الاقدام على مجازفات كتلك التي ينطوي عليها العمل المصرفي التقليدي الذي يشمل تقديم القروض. ولذا، يقول كبير الموظفين الماليين في مصرف لويدز البريطاني، ان هذه الوسيلة تمثل "جوهرة العمل المصرفي". وهي اعمال تتحكم بها سويسرا ايضاً، يعتقد ان مصارف سويسرية تدير حوالى 40 في المئة من اصل 3 ترليونات دولار تمثل القيمة الاجمالية للخدمات المصرفية الخاصة. ويعني ذلك ان هناك حوالى 200 الف دولار لكل واحد من سكان الدولة الجبلية الصغيرة. وساهمت حرب الخليج واضطرابات اوروبا الشرقية والفوضى السياسية في ايطاليا في تعزيز النفوذ السويسري في هذه الصناعة.
وجاذبية سويسرا لا تكمن اساساً في جمال جبالها او في البراعة المالية التي يتمتع بها أبناؤها، بل في قوانينها المتعلقة بالكتم والقناعة السائدة لدى الاجانب بأن البلاد ستقف الى جانبهم مهما كانت العواقب.
لكن هذه ليست قوانين مطلقة، كما تقول الخرافات. و"الحساب المرقم" السيء الذكر ليس مجهولاً تماماً، اذ ينبغي ان يكون المستفيد من الحساب المرقم معروفاً لدى اثنين على الاقل من موظقي المصرف.
والطريقة التي عالجت بها سويسرا مسألة السرية اثناء حرب الخليج عززت سمعتها. كما ان المملكة المتحدة، منافسة سويسرا الرئيسية كمركز للاعمال المصرفية الخاصة، حظرت اجراء تحويلات من اي حساب شخصي كويتي او عراقي في بريطانيا دون الحصول على موافقة المصرف المركزي: بنك انكلترا. ومع ان القصد كان منع العراق من نهب مزيد من الموجودات الكويتية، فإن هذا الاجراء ازعج، عملياً، عدداً كبيراً من الزبائن العرب في لندن الذين امتعضوا مما وصفه مصرفي خاص ب"أوامر بنك انكلترا".
اما سويسرا، فخولت كلاً من مصارفها باتخاذ الاجراءات المشروعة التي يراها مناسبة لحماية مصالح زبائنه. وتم احياناً رفض طلبات هاتفية لتحويل مبالغ غير عادية، حين لم يستطع المصرفي التأكد من ان زبونه لم يقدم الطلب مضطراً تحت الضغط.
السوق
لا تكفي زيارة المصرف وتوقيع عدد من الاوراق للحصول على خدمات مصرفية خاصة مثلى. فقد اقبلت المصارف في الماضي على بيع خدماتها بحماس واصرار فائقين. وأوحي القائمون عليها آنذاك ان اجتناب المصارف لا يقل سوءاً عن اجتناب النظافة، اذ كان جل همهم هو اقناع العالم كله بحسنات الحساب المصرفي ودفتر الشيكات وبطاقة الائتمان والاستدانة.
تلك كانت مرحلة ولت نهائياً، اذ ادركت المصارف صعوبة كسب المال من خلال تقديم قروض ضئيلة القيمة لافراد فقراء، كما اكتشفت سابقاً ان منح القروض لشركات عقارية ودول نامية لا يعود عليها بالربح.
والمصارف الخاصة ترغب بجعل الخدمات المصرفية، مرة اخرى، متاحة لفئة معينة دون غيرها. "جي. بي. مورغان" هو اشدها حماسا لهذه الفكرة، مع ان المصارف كلها لا تفتح حساب خدمات مصرفية خاصة اذا كانت تقل عن مئة دولار انظر المخطط رقم 1. واضافة الى ذلك، ترغب المصارف بالتعرف على زبائنها والتحقق من "سلامتهم". وهي لا تقوم بذلك تحقيقاً لغايات ذاتية، بل لأنها تتعرض الى ضغوط تفاقمت في السنوات الاخيرة بهدف دفعها الى المساعدة على ايقاف عمليات غسل عائدات تجارة المخدرات العالمية غير المشروعة.
والقانون يلزم المصارف السويسرية، مثلاً، بالتأكد من هوية المالك الحقيقي لحساب تزيد قيمته على 25 ألف فرنك سويسري، ما يضطر صاحب الحساب الجديد الى توقيع بيان خطي يصرح فيه باسم مالك الاموال.
وفيما كان بعض المصارف يسعى للوصول الى السوق الواسعة تبين لعدد منه انه فقد التواصل مع زبائنه الاثرياء. ووجدت دراسة فرنسية حديثة ان الزبائن الميسورين هم اكثر ميلاً الى طلب المشورة المالية من محاسبيهم او محاميهم بدلاً من المصرفيين الذين يتعاملون معهم. وغدا المصرفيون اشبه بعاملين في حانوت يتهالكون فيه على تأدية الخدمات التي يطلبها حشد الزبائن الذي يترددون عليه.
وقول معظم المصرفيين ان تزكية الزبائن الحاليين للبنك هي الوسيلة الافضل لحصوله على زبائن جدد. الا ان المحامين والمحاسبين والوسطاء المحترفين يمثلون مصدراً جديداً للزبائن الجدد تزداد اهميته باطراد.
وتعتمد المصارف ايضاً على تعاون أقسامها المختلفة التي تشجع الزبون على التعامل مع احد هذه الاقسام. وفي هذا الصدد يقول جوليان هيلينغ، رئيس قسم تطوير الاعمال الدولية في مصرف "كلاين ورت بينسون" الخاص: "من الطبيعي تشجيع رجل الاعمال الذي يطلب المشورة من كلاين ورت بينسون حول موارد مالية مشتركة، مثلاً، على الانضمام الى زبائن المصرف".
المؤسسات
خلال نزهة في حي المصارف في جنيف، الواقع الى الشرق من مصب البحيرة في نهر رون، يمكنك ان تقسم المصارف، على نحو تقريبي، الى ثلاثة انواع: الكبير والمتوسط الحجم والصغير.
وبين المصارف الكبير والمتوسط الحجم والصغير.
وبين المصارف الكبيرة "سيتيبنك" و"تشيس مانهاتن" و"جي.بي. مورغان" و"بنك اندوسويز" و"لويدز"، وكلها تعتبر ان من الضرورة بمكان اقامة شبكة دولية واسعة لخدمة زبائن لا تنتهي طلباتهم هذه الايام. اما المصارف الصغير فتشمل الاعضاء الخمسة في جمعية سبانكويرز بريفز": بوردير وشركاه، دارير، هنتش وشركاه، لومبارد، اودير وشركاه، ميرابود وشركاه وبيكتيت وشركاه. ويعتقد هؤلاء ان نوعية الخدمة الشخصية هي ما يعول عليه. ويقول ميشال يفشي المسؤول عن قسم الشرق الاوسط في مصرف "لومبارد اوديير" لم ادع زبوناً واحداً يتركني ويذهب الى مصرف اميركي".
ومع تقدم التكنولوجيا الحديثة يعتبر مسؤولو المصارف الخاصة الصغيرة ان بوسعهم المساهمة بفعالية في اي سوق، بغض النظر عن الزمان والمكان، وبامكانهم ايضاً الاجتماع الى زبائنهم اينما كانوا وحينما يشاؤون بفضل طائرات هذه الايام. الا ان انتقالهم السريع الى اي مكان في العالم عاد عليهم بلقب "مصرفيي الشنطة" الذي ابتكره منافسون اقل "حركة".
غير ان المصارف الصغيرة تتعرض الى ضغط متزايد كي تصبح متوسطة الحجم والامكانات، ما يؤهلها لمنافسة اللاعبين الكبار القادمين الى سوق هذه الاعمال. ففي نهاية أيلول سبتمبر الفائت اعلن مصرف خاص قديم ومشهور في جنيف، هو: تاردي دي واتيفيل وشركاه" ان مصرفاً اكبر في زيوريخ هو "فونتوبل" اشتراه، وجاءت هذه الصفقة اثر سلسلة من الاندماجات وانضواء مصرف صغير تحت مظلة آخر كبير في سويسرا، الا انها لن تكون الاخيرة كما يقول محللون.
ولا تستطيع سويسرا ان تنام مطمئنة الى امجادها. اذ تتسابق دوماً المراكز المالية كلها على اقتناص اعمالها المصرفية الخاصة المربحة. وفيما ترغب قلة من الاثرياء بالاحتفاظ بكل ما لديها من البيض في سلة واحدة، كما يقول المثل، يلجأ الآخرون الى وضع محفظاتهم المالية في عدد من المصارف. حتى انهم يلجأون في شكل متزايد الى غير مركز مالي في مناطق عدة، خصوصاً تلك القريبة من بلدانهم والاكثر ملاءمة بالتالي.
ويصف عضو المجلس التفيذي في مصرف "كريدي سويس" هانس بيتر سورغ هذا السلوك الشائع حديثاً بقوله: "في الماضي اعتنت وحدات مصرفية خاصة في سويسرا، عموماً، بزبائن يعيشون في الخارج، وقامت بادارة موجوداتهم. لكن المستثمرين الدوليين لا يكتفون هذه الايام بذلك، بل يريدون من مستشاريهم المصرفيين الخاصين ان يبدوا تفهماً خاصاً للاوضاع المحلية لا يمكنهم ابداؤه الا اذا كانوا يعملون في مناطق المستثمرين ذاتها".
ولذا تحظى مراكز مثل البحرين بمكانة ادفع في عالم الاعمال المصرفية الخاصة. ومع ان منطقة الخليح شهدت حربين بين مطلع الثمانينات ومطلع التسعينات، ما جعل الاثرياء العرب خصوصاً يفضلون التعامل مع مصارف اجنبية بعيدة، استطاع مصرف البحرين الوطني ان يلمس تغيراً حديثاً في اعماله، اذ يقول رئيس قسم الاعمال المصرفية الخاصة فيه جون بوير ان "الاثرياء العرب يريدون ان يحتفظوا بجزء من اموالهم في الخارج، لكنهم يرغبون ايضاً بالبقاء قريباً من اموالهم". ويضيف ان بعض المصارف العربية ادت عملياً مزيداً من الاعمال المصرفية الخاصة خلال حرب الخليج.
لكن السلام يوفر بالطبع ظروفاً افضل لأعمالها. تتوقع مصارف البحرين اتساع رقعة وحجم اعمالها المصرفية الخاصة اذ ترسخ الاستقرار السياسي في المنطقة بعد الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي. ويمكن لبيروت ايضاً ان تنتظر عودة مزيد من اموال المنطقة الى مصارفها... وهي عودة بدأت سلفاً.
الثمن
الخدمات المصرفية الخاصة التقليدية هي اعمال لا تتأثر بارتفاع او هبوط كلفتها، اذ لا يأبه الزبون بالأجر الذي يدفعه لقاء هذه الخدمات ما دامت جيدة تفي بالمطلوب. لكن هذا المبدأ يتغير تدريجاً في ايامنا، اذ يؤكد المدير العام ل"البنك السعودي، السويسري" والتر سبيس ان اهتمام الزبائن بالثمن يفوق، من دون شك، اهتمامهم بالأجر الذي كانوا يدفعونه لقاء الخدمات ذاتها قبل خمس سنوات.
لكن الخدمات المصرفية الخاصة تمتاز في الحقيقة، عن غيرها من الصناعات في ان الثمن يأتي في نهاية قائمة اولويات الزبون. الا ان هناك تغيرات اساسية في الطريقة التي يتم من خلالها تحديد ثمن هذه الخدمات. وكان الزبون عادة يدفع رسماً ضئيلاً بالاضافة الى عمولة يتم تقديرها وفقاً لعدد المبادلات التي أجريت نيابة عنه. ولذا دأبت المصارف على الاكثار من بيع وشراء الأوراق المالية باسم الزبون، رغبة منها في الحصول على مزيد من العمولة.
وبسبب احتجاجات الزبائن الذين أبدوا مزيداً من الضيق نتيجة ل"العبث" بحساباتهم تخلت المصارف عن الثمن المزدوج وحددت اجراً واحداً لقاء خدماتها كلها، لا يزيد عادة على واحد في المئة من قيمة الموجودات التي تديرها. ويتم تحديد هذا الثمن بغض النظر عن حجم الأعمال التي ينفذها المصرف على حساب زبونه.
وفيما يحدد ربع المصارف الخاصة اجوره وفق هذه الطريقة، فان ثلثيها يتقاضى الاجر ذاته اضافة الى عمولة ضئيلة تتناسب مع رقم المبيعات. وهناك مصارف تتقاضى اجورها على شكل عمولة فقط، وهذه تمثل عشرة في المئة من المصارف الخاصة.
ويتعرض المصرفيون الذي يقدمون الخدمات الخاصة الى ضغوط لم يواجهوها من قبل، لكي يثبتوا من خلال ادائهم انهم يستحقون الاجور التي يتقاضونها. ولذا، يعمد مزيد منهم الى نشر احصاءات تبين كيفية ادارتهم للموجودات. ويقول والتر سبيس، المدير الاداري للبنك السعودي، السويسري، الذي يشكل السعوديون اغلبية ساحقة بين زبائنه، ان هولاء الزبائن لا يتابعون اداء حساباتهم بدقة فحسب، بل يتفقدونها مراراً "ما يعني انهم توصلوا الى القدرة على استشراق مستقبل اقرب".
الاختيار
كيف يستطيع الزبائن ان يختاروا مصرفاً خاصاً، وهم غير قادرين على مقارنة اداء مصرف معين بأداء المصارف الاخرى كلها؟ هناك على الأغلب، ثلاثة اشياء ينبغي البحث عنها في سياق هذا الاختيار نتناولها هنا بدءاً بالأهم:
1 - العمل المصرفي الخاص هو امر شخصي للغاية، ما يفسر سبب توظيف مصرف "روبرت فليمنغ" شخصاً مثل قائد القوات البريطانية في حرب الخليج، الجنرال سير بيار دي لابيليير، بغية الحصول على مزيد من زبائن الشرق الاوسط. ومن الامور الفائقة الاهمية وجود علاقة حسنة بين الزبون والشخص والاشخاص المسؤولين عن حسابه. ومن الاسئلة الجيدة التي يمكن طرحها في البداية: كم عدد الحسابات التي يشرف عليها كل واحد من موظفي المصرف؟ وقد يتراوح هذا العدد بين 20 و200 حساب.
2 - التكنولوجيا مهمة ليس بسبب ما تقدمه للزبائن في اسواق مالية تضج بالحركة فحسب، بل لأنها ايضا تحرر الموظفين الذين يديرون الاموال، وتمكنهم من تكريس مزيد من الاهتمام الشخصي لكل زبون.
ولم تعد احدث الوسائل التكنولوجية تظهر اول الامر في طوكيو وكاليفورنيا. فقد كان البنك العربي ومصرف "سيتيبنك" سباقين الى اصدار بطاقات ائتمان تحمل صور اصحابها على سبيل الحيطة. كما ان مصرف البحرين الوطني دشن خدمات "الحساب الهاتفي" يتعامل الزبون مع مصرفه عن طريق الهاتف وحده العام الفائت قبل مصارف كثيرة تقدم هذه الخدمات حالياً. وبواسطة الرقم الرباعي الشخصي يمكن للزبون
ان يطلع على تفاصيل حسابه هذا عن طريق الهاتف، ما يسهل عمل المصرف و"يغنيه عن الحاجة الى اقامة شبكة من الفروع" كما يقول المتحدث باسم المصرف احمد محمود. وهذه ميزة حسنة للغاية في الخليج، حيث المصارف الاجنبية لا تلقى الترحيب دوماً.
3 - المنتجات المصرفية والافكار المبتكرة: تمثل غالبية زبائن المصارف الخاصة الى الآراء التقليدية المحافظة في ما يتعلق بثرواتهم، لكنه مع ذلك يأملون ان يتحلى مصرفهم بالابداع والخلق وان يتمكن من استشراف المستقبل بما يخدم مصالحهم. مثلاً، اقام مصرف اندوسويز صندوقاً ذا رأسمال مضمون ووظف مبالغ كبيرة في الاسهم، فلم يقلق زبائنه ومعظمهم من العرب المتحفظين الذين لم يكونوا ليوافقوا على الدخول في هذه المغامرة لولا الضمانة.
وجرب عدد من المصارف الاخرى تقديم منتجات اسلامية جديدة، اذ هناك قرابة 70 مؤسسة مالية اسلامية تعمل في ما يزيد على 40 دولة مختلفة في كل انحاء العالم انظر النبذة عن بنك فيصل الاسلامي في البحرين. كما ان بعض المصارف الغربية تقدم حالياً منتجات وفق الطريقة الاسلامية. ومن هذه المصارف: باركليز وسيتيبنك وكريدي ليوني.
وعلى رغم أهمية هذه العوامل الثلاثة، يبقي السبب الأول لتفضيل مصرف معين على غيره هو، على الاغلب، التزكية الشخصية، الى التأكد من ان قريباً او صديقاً ودوداً سعيد بالخدمة التي يقدمها له المصرف ذاته الذي يفكر المرء بالتعامل معه. وهذا السبب قديم قدم ايجيبي الا انه بقي على حاله تقريباً دون تغير يذكر على امتداد كل هذه القرون.
أكبر عشرين مصرفاً في العالم
1- سوميتومو بنك اليابان
2 - داي - إلشي كانفيو بنك اليابان
3 - فوجي بنك اليابان
4 - سانوا بنك اليابان
5 - كريدي أغريكول فرنسا
6 - ساكورا بنك اليابان
7 - يونيون بنك أوف سويتزرلاند سويسرا
8 - ميتسوبيشي بنك اليابان
9 - باركليز بنك المملكة المتحدة
10 - دويتش بنك المانيا
11 - كومباني فينانسيير دو باري فرنسا
12 - كريدي ليوني فرنسا
13 - ناشيونال ويستمنيستر بنك المملكة المتحدة
14 - أندستريال بنك اوف جابان اليابان
15 - بنك ناسيونال دو باري فرنسا
16 - بنك اوف تشاينا الصين
17 - ابن - امرو بنك نيوزلاند
18 - سويس بنك كوربوريشن سويسرا
19 - اندستريال ان كوميرشال الصين
بنك أوف تشاينا
20 - توكاي بنك اليابان
* تصنف البنوك على أساس مقدار الرأسمال الذي يقف خلفها. ولمقارنة مصرف بآخر يجب تحويل هذه المقادير الى الدولار. ولذا فإن قوة الين الياباني ازاء الدولار، مثلاً، تؤثر في عدد المصارف اليابانية الموجودة في القائمة اعلاه.
المصارف التجارية الكاملة في البحرين
اسم المصرف رقم الهاتف
ابن - أمرو بنك 255420
البنك الاهلي التجاري 244333
البنك العربي 255988
بنك ملي ايران 259910
البنك السعودي البحريني 211010
بنك البحرين والكويت 253388
بنك صادرات ايران 210003
بنك دي كايرو 254454
بنك باريبا 253119
البنك البريطاني للشرق الاوسط 242555
سيتيبنك 257124
بنك كرندلز البحرين 250805
بنك حبيب 271811
بنك البحرين الوطني 258800
بنك الرافدين 255456
مصرف "ستاندارد تشارتيرد" 255946
يونايتد بنك 254032
المصدر: وكالة البحرين النقدية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.