يقولها الأقوياء عندما يضعف الآخرون وتخور الهمم وتتراجع الشجاعة، أمل قوي يضيء السماء الملبدة بالحزن وتشرق له النفس المكتوية بالألم... لنبدأ من جديد لا يقدر عليها عامة الناس بل هي ميزة لأناس مميزين بالعزيمة ورباطة الجأش، تهديهم مبادئهم إلى النهوض من جديد إلى المسير قدماً، وتجاهل الواقع المملوء بالهزيمة والاندحار والخيبة، فلا بد من واقع مرير وانصهار قوي وتحدٍ سافر لمعادننا كبشر، لمشاعرنا كنفوس تخوض غمار هذه الحياة وتلك الظروف لتخرج إما منتصرة وإما مهزومة تزيدها الهزيمة غوصاً في أوحال الهموم واليأس. كم تزخر الحياة على اتساع بلدان العالم وتنوع شعوبه واختلاف ثقافته بهؤلاء الأقوياء الذين خرجوا بانتصار ومعنويات شامخة هيأت لهم حاضراً سعيداً ومستقبلاً زاهراً، فلا يزال يذكرهم التاريخ كقادة، ويعرفهم العالم اجمع كعلماء، ويعرفهم الشرف والرفعة كقادة صانوا شرف أمتهم وأوصلوها إلى الرقي والصمود، ونعرفهم من تجارب الحياة العادية لأناس بسطاء تحدتهم ظروفهم وعركتهم الأيام، قبلوا التحدي ولم يستسلموا للشعور بالضعف والهزيمة، وواجهوا العواصف بإيمان وثقة وصبر حتى تلاشت أمام عزيمتهم الصلبة وإيمانهم الراسخ وكفاحهم كل العوائق. فكم من امرأة قامت بدور الرجال ونالت أوسمة الشرف في رحلة تربية الأبناء ورعاية الأجيال والثبات على المبدأ إذا ما تزلزلت من تحت قدميها الأرض بكل سلبيات العمر والحياة وسيئات الآخرين وقسوتهم، كم من أم بذلت كل غالٍ ونفيس لتوصل هذه أولادها إلى بر الأمان ومراتب الشرف والنجاح، زاخرة هي الحياة بأمثلة كثيرة لهؤلاء الأقوياء، إذ وفقهم الله تعالى إلى الوصول إلى المرحلة الأخيرة، إذ الأمن والسلام والنصر على ضعف النفس واضطراب المشاعر. وربما نتساءل هل نقدر على أن نكون مثلهم يوماً ما، هل نزيح الغبار عن جواهر عميقة من القوة في أعماقنا لا نكتشفها إلا عندما يحين وقتها، قد لا تكون المآسي هي الدافع إلى ظهورها واستحضارها ولكننا نحتاجها أيضا للمحافظة على مكاسبنا الحاضرة، فلا نزال نحتاج إلى قوة متجددة لانتصاراتنا الحاضرة ومكتسباتنا عندما نلمس من الآخرين أي مساس بالكرامة وتجاهل للمشاعر عندها نستعين بقوتنا كأقوياء لنقول لا... لنبدأ من جديد إذا وقعنا في مساومة تستهدف مشاعرنا ومبادئنا واحترامنا لذواتنا كي نسلم من دوامة لا تنتهي واستنزاف لا يتوقف إلا بقوة نجدها راسخة في أعماقنا، تنهي حاضراً مريضاً وتبشر بمستقبل صحيح، نبدأه بعزيمة ورفض للسلبيات وعلى اختلاف الوسائل لنترجم فعلياً هذا المبدأ من جديد، إذ نتنسم عبير الانتصار. هند هرسانى - الرياض