ضبط 4 إثيوبيين في جازان لتهريبهم 33 كجم "حشيش"    النصر يتوصل لاتفاق نهائي مع فينورد لضم هانكو    سعوديات يسجلن حضورًا تاريخيًا في نهائيات كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    للمسؤول … طريق لزمة – الوهابة في انتظار كاميرات ساهر والإنارة    إنقاذ طفلة فلسطينية من قطاع غزة مصابة بورم    توزيع 120 سلة غذائية في ولاية ننجرهار بأفغانستان    "وِرث" و"السودة للتطوير" تطلقان برنامجًا تدريبيًّا لفن القط العسيري    2000 ريال تكلفة كتابة السيرة الذاتية للباحثين عن عمل    موعد مشاركة رونالدو وسيماكان في تدريبات النصر    1.9 مليون مصلٍ بالروضة الشريفة وأكثر من 3.4 مليون زائر للنبي صلى الله عليه وسلم    «التعاون الإسلامي» تدين استهداف الكنائس والمقدسات الفلسطينية    المعيقلي: «لا حول ولا قوة إلا بالله» كنز من كنوز الجنة    حسين آل الشيخ: النميمة تفسد الإخاء وتورث العداوة    حساد المتنبي وشاعريته    ميراث المدينة الأولى    حملات إعلامية بين «كيد النساء» و«تبعية الأطفال»    أبعاد الاستشراق المختص بالإسلاميات هامشية مزدوجة    استقرار أسعار النفط    استشهاد 10 فلسطينيين في قصف على قطاع غزة    رياح نشطة وطقس حار على معظم مناطق المملكة    الجبل الأسود في جازان.. قمم تعانق الضباب وتجذب الزوار بأجوائها الرائعة    "هيئة الطرق": الباحة أرض الضباب.. رحلة صيفية ساحرة تعانق الغيوم عبر شبكة طرق متطورة    إنقاذ مريضة تسعينية بتقنية متقدمة في مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية    جراحة تنهي معاناة مريضة من آلام مزمنة في الوجه والبلع استمرت لسنوات ب"سعود الطبية"    تجمع مكة الصحي يفعّل خدمة فحص ما قبل الزواج بمركز صحي العوالي    "الداخلية" تشارك في ملتقى إمارات المناطق والمبادرات التنموية بالمدينة    "موسم الرياض" يرعى شراكة بين "لا ليغا" و"ثمانية"    شخصيات الألعاب الإلكترونية.. تجربة تفاعلية لزوار كأس العالم للرياضات الإلكترونية    استعداداً لبطولة كوتيف الدولية..الأخضر تحت 19 عاماً يكسب تشيلي    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    نادي الدرعية .. قصة نصف قرن    نادي القادسية يوقع اتفاقية رعاية تقنية مع زوهو لتعزيز الكفاءة وتحسين العمليات    "المزيني"نسعى لتعزيز الحضور الرياضي للطالب الجامعي السعودي عالمياً    معادلة عكسية في زيارة الفعاليات بين الإناث والذكور    مهند شبير يحول شغفه بالعسل إلى علامة سعودية    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    السعودية: نرفض كافة التدخلات الخارجية في سوريا    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    برنامج تطوير الثروة الحيوانية والسمكية يعلن توطين تقنية «فيچ قارد»    المملكة تعزي العراق قيادة وحكومة وشعبًا في ضحايا «حريق الكوت»    تعليم الطائف يختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي لأكثر من 200 طالب وطالبة    صدور بيان عن السعودية و 10 دول حول تطورات الأحداث في سوريا    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    المدينة المنورة تبرز ريادتها في المنتدى السياسي 2025    الأولى عالميا.. التخصصي يزرع جهاز دعم بطيني مزدوج بمساعدة الروبوت    تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بقاتل الدكتور عبد الملك بكر قاضي    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    ضبط 275 كجم مخدرات والإطاحة ب11 مروجاً    د. باجبير يتلقى التعازي في وفاة ابنة شقيقه    " الأمن العام" يعرف بخطوات إصدار شهادة خلو سوابق    بوتين لا ينوي وقف الحرب.. روسيا تواصل استهداف مدن أوكرانيا    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تحرموني رائحته
نشر في الحياة يوم 08 - 01 - 2009

كان على عهد مدعي النبوة"مسيلمة بن قيس"امرأة من بني تميم تسمى"سجاح التميمية"، وقد ادّعت النبوة مثله، وتحدته في منازلة للتناظر، ومن كان منهما على حق تنازل له الآخر، فحار مسيلمة في ما يفعل وكيف يجنب نفسه هذا الفخ، وهو يعلم مسبقاً بكذبه وكذبها، وبأن العاقبة لمن كان لسانه في الإقناع أكبر! وفيما هو كذلك أشار عليه شيخ كبير باستخدام الطيب بقوله:"إذا كان في صبيحة غد اضرب خارج بلدك قبة من الديباج الملون وافرشها بأنواع الحرير، ثم انضحها بأنواع المياه الممسكة مثل الورود والزهر والنسرين والقرنفل والفشوش والبنفسج، فإذا فعلت فادخل تحتها المباخر المذهبة بأنواع الطيب مثل العود القماري والرطب والعنبر الخام والمقصر والمسك، ثم ارخ القبة حتى لا يتسرب خارجها من ذلك البخور شيء، فإذا امتزج الماء بالدخان فاجلس على كرسيك وارسل لها، فإذا اجتمعت بها... أنت وهي، وجالستها وشمت تلك الرائحة انحلت وارتخت وبقيت مدهوشة، فإذا رأيتها على تلك الحالة راودها عن نفسها فإنها تطيعك، فإذا فعلت نجوت من شر قومها"، وقد تم له ما أراد وانتهيا بالزواج، وهو ليس بمستغرب على من سولت لهما أنفسهما ادّعاء النبوة أن يصدر عنهما ما وقع وأكثر، أما مسألة أن تشم المرأة الرائحة فترضى بالمحظور، فهذه مسألة فيها وقف ولا تعمم! إنما الشاهد في القصة فيرتكز على العلاقة بين حاسة الشم وبين المنظمات الكيميائية للجسد، والتي تتأثر عادة بالروائح فترسل بدورها رسائل للمخ بالاستجابة من عدمها تتجاوز وسائل الاتصال الأخرى المحكية والمكتوبة، فرائحة الشخص هي إمضاؤه الشخصي، فإذا قيل إن الأذن تعشق قبل العين أحياناً، فالأولى أن يقال بل ان الأنف يعشق قبل العين والأذن، فالأنف يتذوق أكثر من الفم، وقد يحرك النظر القلب، وقد يثير السمع الأحاسيس، لكن الرائحة المميزة إنما تنفذ إلى أعماق دفينة في النفس، خصوصاً إذا ارتبطت بمناسبة دافئة على المرء! بل يكفي وبعد مضي السنين أن يستنشق الواحد منا ذات الرائحة أو شبيهة لها حتى يستدعي ذكرياته معها وكأنها بالأمس القريب، فليس في الأمر من جديد بقولنا إن الذين لا نحبهم لهم في أنوفنا رائحة عطبة، وكم كره الفرنسيون رائحة الألمان! وكذلك الأمر بالنسبة إلى الألمان تجاه الفرنسيين، أو اليابانيين تجاه الغربيين، وقد يكون بإمكان البشر أن يغمضوا أعينهم أمام القبح أو حتى الجمال، كما يمكنهم عدم الإصغاء إلى الكلام والألحان، لكن ماذا بإمكانهم عمله إزاء رائحة لا يمكن التخلص منها، وللأسف من يسيطر على الرائحة، فإنما يهيمن على المكان.
كلمة أخيرة: تضيف إحدى زوجات المختطفين اللبنانيين بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان وتدعى وداد الحلواني، كيف أنها ندمت حين غسلت قميص زوجها بعد اختطافه والشراشف التي نام عليها بما فيها غطاء مخدته، إذ تنبهت متأخراً أنها بفعلتها تلك قد أضاعت رائحته التي كان من الممكن الاحتفاظ بآثار منها، فارتكبت غلطة لا تغتفر، فكيف وهذا حالنا نكتسب تسامحاً أو احتمالاً أكبر تجاه من حرمنا مجرد قطعة من قماش نستنشق معها أحباءنا ونستحضر من فقدنا منهم! كم يقسو علينا زماننا حين لا يبقى لنا غير رائحة العفن والموت! وكم يلزمنا من العمر حتى تنسى أنوفنا تلك الروائح وما ارتبط معها من صور...! صعب وأكثر من صعب، فما الإنسان إلا مجموعة أحاسيس تعيش فيه وتشكله ونظرته لكل شيء...! يقول ابن حزم الأندلسي: "وما رأيت قط متحابين إلا وهما يتهاديان خصل الشعر مبخرّة بالعنبر مرشوشة بماء الورد لتكون تذكرة عند البين"، قاتلك الله يا إسرائيل لم تبق لنا حتى هذه الخصلة، وسامح الله من كان منّا وأضاع علينا هذه الخصلة.
وقالوا:"أنا الفلسطيني بعد رحلة الضياع والسراب... أطلع كالعشب من الخراب... أطلع من رائحة التراب... أفتح باب منزلي... أدخله... من غير أن أنتظر الجواب... لأنني أنا السؤال وأنا الجواب"نزار قباني.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.