بداية أود أن أشير إلى أن الأنظمة العقابية وضعت لكي تحافظ على حقوق الشرفاء وليس لعقاب المجرمين فقط، وهذا يعني أن الأصل في الإنسان البراءة. إن المتأمل من أفراد المجتمع في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم 17/م وتاريخ 8-3-1428ه، الذي ينبغي أن يكون كل فرد من أفراد المجتع على وعي تام به، يدرك ان الهدف الاساس لإصدار هذا النظام كما ورد في مادتيه الأولى والثانية على وجه الخصوص ليس العقاب الانتقامي من مرتكبي هذا النوع من الجرائم، بل الأصل هو السعي بكل الطرق الممكنة لحفظ المجتمع وأفراده من هذه الجرائم الفتاكة، التي أصبحت ظاهرة لا يمكن التغاضي عنها، ونسمع ونرى دائماً عن التشهير بالأعراض عبر الجوالات والحاسب الآلي. ولأن التشريع الإسلامي يهدف إلى تحقيق السعادة العاجلة والآجلة للبشرية، فلم يترك مصلحة حقيقية نافعة إلا وطلبها ولا مفسدة إلا ودفعها، وجميع المصادر العقلية والنقلية دلت على تجريم الاعتداء على حقوق الآخرين، ومنها تقنيات المعلومات من حاسب وجوال وخلافه، اذ إنها تتعلق بحقوق الناس في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وسائر حقوقهم، وما يدل على النهي عن كل فساد أو إفساد في الأرض قوله تعالى:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان""المائدة"، ومنها أيضاً قوله تعالى:"قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق""الأعراف"، وكثير من النصوص القرآنية التي تنهي عن الظلم والفساد وأكل أموال الناس بالباطل. وهناك أيضاً السنة النبوية المطهرة لقول النبي صلوات الله وسلامه عليه:"كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه". ولا شك أيضاً في أن العقوبات ضرورية لتحقيق الأمن والردع وحفظ الفرد والمجتمع. لهذا جاءت بقية مواد النظام لتوضح أنواع هذه الجرائم والعقوبات المترتبة عليها بشكل واضح ومبسط. فحصر النظام هذه الجرائم في المواد من الثالثة وحتى العاشرة وبشكل متدرج، فبدأ بالجرائم ذات العقوبات الأخف فالأشد. ومنها جرائم التنصت على مراسلات هذه الأجهزة وتلك الشبكات من دون إذن مسبق او مبرر نظامي أو التعرض لها بأي شكل كان. وكذلك الدخول عليها من أجل التهديد ونحوه، ولو كان الهدف من هذا التهديد أو الفعل النهائي مشروعاً. وكذلك الدخول غير المشروع على المواقع لتغييرها أو إتلافها ونحوه، والتشهير والإضرار بالآخرين، والاستيلاء على أي أموال أو سندات أو توقيعات، أو حتى مجرد الوصول إلى هذه البيانات بشكل غير مشروع، أو إلغاء هذه البيانات أو بعضها أو تحريفها أو إيقاف الشبكات أو تدميرها، أو حتى إعاقتها بشكل موقت. وكذلك إنتاج كل ما يمس المجتمع في نظامه وقيمه الدينية والأخلاقية العامة والخاصة، أو إنشاء مواقع أو نشرها أو مواد للأفعال الإباحية أو للاتجار بالجنس البشري، أو كل ما يخل بالأخلاق والآداب العامة والخاصة بكل الطرق المعلوماتية. وكذلك المنظمات الإرهابية كعصابات تروج أفكارها أو تمويل أو نشر أو نحوه، أو الدخول لمواقع للحصول على بيانات الأمن الداخلي أو الخارجي للدولة أو اقتصادها الوطني، أو التعاون في ذلك مع عصابة منظمة خصوصاً لمن يشغل وظيفة عامة واتصلت الجريمة بها أو من استغل سلطانه ونفوذه عند ارتكابها أو حتى أعمال التحريض والمساعدة أو مجرد الشروع فيها. وبالتالي يلاحظ العقوبات الواردة في النظام متدرجة بحسب جسامة الفعل المرتكب. بداية من السجن مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال حتى تصل إلى عشر سنوات وغرامة تصل إلى خمسة ملايين ريال. ويعتبر هذا النظام صرخة إنذار بالعقاب بهذه التقنية من حاسبات وجوالات وخلافها، لحمايتهم من الاستعمال غير المشروع لهذه التقنيات والأجهزة، وتوعيتهم بما يحميهم ويحمي وطنهم وأمنهم واقتصادهم والحافظ على العادات والتقاليد وأخلاقياتنا النابعة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وأنه لا تهاون في تطبيق العقوبات في كل من ارتكب فعلاً من هذه الأفعال المجرمة وان هناك من يحمي الشرفاء، وهي الشريعة الخالدة التي تحمي معتنقها من كل ضرر وترفعه إلى أسمى درجات السمو الإنساني والرقي الحضاري. وهذه رسالة إلى كل أب وكل أم ليعلما أن العقوبات في الأنظمة لا تفرق بين جاهل بالنظام ولا كبير وصغير ولا ذكر أو انثى، فأقول لنحرص جميعاً على ثروة الوطن وهم أبناؤنا وبناتنا. وأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، وان نحرص على من نعول. سعد بن حمدان الوهيبي - الرياض رئيس المركز الاستشاري للدورات القانونية