تضاربت أراء علماء دين حول جواز حج المرأة من دون محرم، إذ يرى البعض منهم إمكان حج المرأة دون محرم في حال اشتراكها في إحدى حملات الحج الآمنة، في حين أجاز البعض الآخر حجها دون محرم بقيود وشروط لابد من توافرها في المرأة ليصح حجها، وقالوا:"لابد أن تكون المرأة بدون محرم يمكنه مرافقتها، وأن تكون ضمن حملة آمنة وبرفقه نساء، وأن تكون حجه فريضتها وليست سنة". وفي المقابل أكد آخرون عدم جواز حجها من دون محرم، مستندين في ذلك إلى"آراء أهل السنة والجماعة"التي تحرم سفر المرأة وحجها من دون محرم. ورأى الخبير في المجمع الفقهي الدكتور محمد النجيمي، جواز حج المرأة بدون محرم، في حال توافر الرفقة النسائية. وقال:"اختلف أهل السنة والجماعة في جواز حج المرأة من دون محرم، إذ اشترط الأئمة مالك وأبو حنيفة النعمان وأحمد بن حنبل وجود المحرم كشرط أساسي لصحة حج المرأة، في حين اختلف معهم الإمام الشافعي الذي أجاز حج المرأة من دون محرم في حال توافرت الرفقة النسائية لها". وأضاف الدكتور النجيمي:"اتفق أهل السنة والجماعة على وجود المحرم كشرط أساسي لإتمام فريضة الحج للمرأة، والأحاديث في هذا الرأي كثيرة، ولكن الإمام الشافعي يرى أنه إذا كانت هنالك مجموعة من النساء يردن أداء فريضة الحج، وكانت الطريق آمنة جاز أن تحج المرأة من دون وجود محرم". وأكد أن الأصل هنا منع المرأة من الحج من دون توافر شرط المحرم، ولكن إذا اقتضى الأمر أن تحج في حملة آمنة وبلد آمن كالسعودية، على شرط أن تكون حجتها فريضة فلا بأس من حجها من دون محرم". واستدرك النجيمي بالقول:"لابد أن تتوافر ثلاثة شروط ليكون حجها مقبولاً"، وحدد تلك الشروط الثلاثة ب"عدم وجود محرم للمرأة، وهنالك نساء كثيرات ليس لديهن محرم، كالمطلقات، والأرامل، ونحو ذلك، كما ينبغي أن تحج المرأة ضمن حملة آمنة، وأن تكون حجتها فريضة للمرة الأولى". وشارك الخبير في المجمع الفقهي الدكتور حسن سفر، الدكتور النجيمي في رأيه السابق، وقال:"إن الله فرض الحج وأوجب الاستطاعة فيه، واشترط فيه شروطاً عدة، ومن تلك الشروط التي تناولها الفقهاء شرط وجود المحرم". وأضاف:"أن شرط وجود المحرم أمر واجب، خصوصاً عندما تكون الدولة أو المدينة التي تسكن فيها المرأة بعيدة من المشاعر المقدسة"، لافتاً إلى أن وجود المحرم واجب لحال السفر التي ستتكبدها المرأة للوصول إلى المشاعر المقدسة. وأوضح الدكتور سفر أن الفقهاء أشاروا إلى أن الحج تسبقه رحلة سفر، ما أوجد شرط المحرم كشرط رئيس لتمام مناسك الحج. واستدرك بالقول:"إن هذا الشرط أسقطه عدد من علماء الأمة، خصوصاً بعدما تغيرت أوضاع وإمكانات السفر التي تتميز حالياً بالسهولة واليسر، إذ يمكن للمرأة أداء مناسك الحج من دون محرم، ولكن مع رفقه طيبة". وأضاف:"أن الرفقة الطيبة تم تحديدها بعدد من الشروط، إذ لابد أن تنضم المرأة لإحدى حملات الحج الموثوق بها، بحيث تكون معها مجموعة من النساء تجلس وتنام معهن، إضافة إلى أن تكون الحملة مضمونة وآمنة". وشدد على أنه لابد للمرأة التي تريد الحج من دون محرم أن تنضم إلى حملة مصادق عليها، وتابعة للجهات الحكومية الممثلة بوزارة الحج السعودية حتى تأمن الرفقة، وتتولى تلك الحملة حمايتها ورعايتها من أي شيء يتعرض لها بأذى. ويختلف معهما الشيخ محمد الحسون بقوله:"لا يجوز للمرأة الحج من دون محرم"، لافتاً إلى قصة الرجل الذي اكتتب مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فأمره الرسول بترك الجهاد والذهاب مع زوجته للحج، وقال:"إذا كان حج المرأة صحيحاً من دون محرم، لم يكن الرسول لينهى الرجل عن الجهاد ويأمره بالذهاب مع زوجته إلى الحج، وهذا دليل قاطع على عدم جواز حج المرأة من دون محرم". وأكد الحسون أن جمهور علماء المسلمين أوضحوا شروط الحج، وزادوا للمرأة شرط المحرم. وحول إجازة بعض الفقهاء لحج المرأة بدون محرم إذا كانت في إحدى حملات الحج الآمنة قال الحسون:"إذا كان ينبغي على المرأة السفر والانتقال من بلدها أو مدينتها إلى المشاعر المقدسة في مكة، فلابد لها من محرم". وأكد أنه لا يجوز للمرأة أن تكون محرماً لرفيقتها"هذا أمر شرعي"، وأضاف:"يجوز للمرأة الانتقال من دون محرم في حال عدم السفر، وقد حددت المسافة التي لا تدخل في نطاق السفر ب80 كيلو متراً"، لافتاً إلى أن أي مسافة تتعدى هذه المسافة تعتبر سفراً، وبالتالي"لا يجوز للمرأة الذهاب إلا بمحرم".