عندما تغيب العاطفة، تبدأ حواس الإنسان ومشاعره تلهثان وراء الحصول عليها بأي ثمن، حتى لم تكن مع الجنس البشري. وفي المجتمع السعودي تحديداً، تكاد تنعدم العلاقة الطيبة بين الإنسان والحيوان، بعكس مجتمعات كثيرة، نظراً إلى عادات وتقاليد وطقوس رسخت في أذهان غالبية من أفراد المجتمع. لكن عدداً من الفتيات السعوديات اللاتي عانين من فقدان هذه العاطفة ومشاعر الحنان، إما لظروف الأسرة أو لحكم البيئة"القاسي"، كسرن القاعدة ووجدن ضالة العاطفة في تربية القطط ورعايتها. علاقة حميمة تصل إلى درجة العشق. وهلع وخوف عند المرض، ومشاركة الإحساس والمناسبة. كلها عوامل جعلت القطط خير"صديق"عاطفي للفتيات. تقول سارة محمد 18 عاماً إنها تربي قطاً من النوع الفارسي، أهدته إليها إحدى صديقاتها:"تعلقتُ به كثيراً، واشترت له جميع مستلزماته الأساسية والكمالية، الأكل والشرب والشامبو والعطر، وأريكة ينام عليها، وألعاباً يتسلى بها". وتضيف:"أصبحت مصاريف قطي العزيز من موازنتي الشهرية، وأحاول في كل مرة مع أهلي زيادتها لمزيد من التدليل لقطي". وتشير سارة إلى أنها تنفق ما يقارب30 ريالاً في اليوم الواحد لشراء طعام للقط."أصحبه إلى طبيب بيطري مرة كل شهر، لأطمئن على صحته، ويتطلب الكشف المبدئي عليه 75 ريالاً، لكن ذلك لا يهمني حتى لو كلف الأمر 200 ريال". وتدخل رانيا 22 عاماً، في خلافات دائمة مع أسرتها بسبب علاقتها مع قطها الوديع، الشيرازي الأصل. تقول:"رفضت أسرتي دخول القط إلى المنزل في بداية الأمر، ومع إلحاحي المتزايد عليهم وافقوا أخيراً، وصرت أعشقه بجنون، وسميته روميو، لأنه يحبني ويشعر بغيابي ويحضنني عندما يراني". أما ندى 19 عاماً فتسخر مصروفها ووقتها من أجل راحة قطها،"اشتريت قطاً من النوع"الهملاي"ب 5 آلاف ريال قبل عام، واحرص على عمل فحوصات دورية له ب250 ريالاً كل شهر، حتى أتأكد من صحة قطي الغالي". وتلفت إلى أنها تخدم قطها بنفسها، ولا توكل مهمة تربيته والعناية به لأي شخص آخر. وتضيف:"يحبني بكل وفاء وصدق، وربما أكثر وفاءً وإخلاصاً من بعض البشر". وتسرد أم نورة قصة خوفها على ابنتها البالغة من العمر 17 عاماً، وتقول"بدأت أخاف على ابنتي من شدة تعلقها بقطها، إذ أصبحت في حال اعتزال بسببه". وتتابع:"ابتكرت طريقة للتخلص من القط، واتفقت مع طبيب بيطري من العائلة على أن يوهم ابنتي بضرورة التخلص من القط، لأنه يعاني من مرض خطر، فنجحت خطتي، على رغم حزن ابنتي الشديد على فراق القط". من جهته، يشير الدكتور البيطري عمر الطيب إلى أن غالبية الذين يأتون إلى العيادة هم من الجنس النسائي متوسط العمر، اللاتي تتراوح أعمارهن بين سن المراهقة و30 عاماً. ويلفت إلى أن غالبيتهن يطلبن منه اهتماماً خاصاً بقططهن، وإعطاءهن الامصال الوقائية. ويقول الدكتور سيد محمد:"تأتي إلينا فتيات مصابات بالانهيار والصدمة بسبب مرض قططهن، ويطلبن علاجاً سريعاً". وتشير إلى أنه يجد صعوبة بالغة في تهدئة الفتيات، والحد من الهلع والخوف الذي يتملكهن. كما يوضح أن أبرز العمليات التي تجرى للقطط هي عمليات التعقيم لدى أنثى وذكر القطط، وتكلف بين 250 و450 ريالاً. ويلفت الطبيب النفسي الدكتور محمد ثابت إلى أن"الفتيات عاطفيات بطبعهن، ونقص العاطفة يكون بسبب معاملة الأهل عادةً، أو عدم الثقة بالمحيطين بهن، ما يجعلهن يتعلقن ببعض الحيوانات". ويشير إلى قابلية حيوانات مثل القطط والكلاب إلى التجاوب مع الإنسان،"تتجاوب هذه الحيوانات مع ملامستها ومداعبتها من البشر، ما يولد علاقة حميمة، تشبع شيئاً من عاطفة الجنس الناعم تحديداً". وتحرص بعض الفتيات، على تهيئة وتجهيز قططهن لمشاركتهن الاحتفال في المناسبات، وتقول هديل عبدالله:"أتيت لمتجر القطط، لشراء ربطة عنق جديدة لقطي الصغير، وجاكيت أحمر اللون استعداداً للعيد". ويوضح أحد البائعين في متجر لبيع الحيوانات الأليفة في الرياض، أن موسم الأعياد يشهد إقبالاً على شراء مستلزمات وكماليات بعض الحيوانات، خصوصاً القطط. ويقول"نشهد ازدحاماً كبيراً في الأعياد، على بيع الكماليات والإكسسوارات الخاصة بالقطط، كالشامبو والعطور الخاصة بتلك الحيوانات التي تصل أسعارها إلى 150 ريالاً، وكذلك بيع الأزياء المفصلة لأجسام القطط، بالألوان المبهجة بجميع ألوانها، بأسعار تراوح بين50 و100 ريال".