ربما لا تكون أسرة المعلمة هاجر المحيسن آخر ضحايا طريق النعيرية، فخلال السنوات الثلاثين الماضية شهد الطريق مئات وربما آلاف الحوادث المميتة. ويشكل طريق النعيرية - السفانية، الذي يبلغ طوله 37 كيلومتراً، خطراً قائماً وشبحاً مخيفاً لمرتاديه، ممن يسلكونه يومياً للوصول إلى أعمالهم، وخصوصاً موظفي"أرامكو السعودية"الذين شقت الطريق من أجلهم. وعلى رغم السنوات الثلاثين التي مضت على إنشائه، إلا أن الاهتمام فيه لا يزال دون المستوى، سواء من"أرامكو"أو من وزارة النقل. ولم يطرأ أي تحسن عليه، بل على العكس ساءت حاله خصوصاً انه بقي طوال السنوات الماضية بلا صيانة. وهذا ما أدى الى ازدياد نسبة الحوادث ما دفع بأهالي النعيرية الى تسميته ب"طريق الموت"، تعبيراً عن خطورته المتأتية أيضاً، من كثرة الارتفاعات والمنخفضات المفاجئة، تعقبها منعطفات مفاجئة، كانت هي السبب في الكثير من الحوادث الأليمة والوفيات، في ظل غياب شبه تام من اللوحات الإرشادية. كما أن عرض الطريق لا يتجاوز ثلاثة أمتار، ودون"أكتاف"جانبية. ويزداد الأمر خطورة مع مرور الشاحنات الكبيرة، التي لا يكاد يتسع لها الطريق الضيق، وهي تعبر الطريق بشكل يومي، وبأعداد كبيرة. وتكمن أهمية الطريق باعتباره طريقاً دولياً، يقصده المسافرون من دول الخليج الأخرى ومنطقة الرياض والأحساء والخرج إلى دولة الكويت. وهذا سبب كاف، لأن يجد الطريق اهتماماً أكبر. كما أن المئات من مواطني النعيرية العاملين في الخفجي والسفانية ورأس تناقيب ومنيفة يسلكون هذا الطريق يومياً للوصول إلى أعمالهم. وتزداد أهمية الطريق في فصل الربيع، مع وجود آلاف المتنزهين الذين ينصبون خيامهم على امتداد الطريق، بحيث يستخدمونه يومياً أكثر من مرة. ويندر ان تجد بيتاً في النعيرية، إلا وله قصة مأساوية مع هذا الطريق، فهناك أم فقدت فلذة كبدها، وزوجة ترملت وأطفال فقدوا حنان وعطف آبائهم إثر وفاتهم في حوادث على هذا الطريق. رجالاً ونساء أطفالاً وشباباً وأولاداً وبناتاً فقدتهم محافظة النعيرية، وبكت على فراقهم بعد أن جنى عليهم"طريق الموت". وقبل أيام استيقظوا على فاجعة وفاة ستة أفراد من عائلة واحدة على هذا الطريق. وقبل ذلك فجعوا في حادث آخر، ذهبت ضحيته ثلاثة عند أحد المنعطفات الخطرة، إثر احتراق السيارة. وأصبح هذا الطريق هاجساً يزيد خوف الأمهات على فلذات أكبادهن. فالأم تعيش يومها وهي في خوف شديد على أولادها. ومع كل صباح تودع الأمهات والزوجات أبناءهن وأزواجهن وقلوبهن تدعو لهم بالسلامة من أخطار هذا الطريق. ويبقين طيلة يومهن ينتظرن وصولهم، ومع رنين الهاتف يزداد خوفهن أن يكون الاتصال يحمل نبأ وفاة الابن أو الزوج.