أكد مفتي السعودية رئيس هيئة كبار العلماء عبدالعزيز آل الشيخ أهمية الوقف بشكل عام، وفي الحرمين الشريفين على وجه الخصوص،"وإن كان الحرمان قد اعتنت بهما الدولة، إلا أن الوقف من السنن المحمودة، والصدقة الجارية التي يستمر أجرها للمسلم بعد مماته". وتطرق أمس في كلمته بمناسبة افتتاح ندوة"الوقف والقضاء"، التي تنظمها وزارة الشؤون الاسلامية، إلى أن منطقة الخليج مستهدفة، مشدداً على أهمية التكاتف وتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات. ومن ناحيته، دعا رئيس مجلس القضاء الأعلى صالح اللحيدان كل من أعطاه الله - جل وعلا - نعمة المال ووسع عليه إلى إقراض الله قرضاً حسناً"تتضاعف له آثار قرضه، فنحن وإن عظم رجاؤنا بالله أن يديم لبلادنا ودولتنا العز والتمكين، إلا أن فعل الخيرات أيضاً مما يحقق للمسلمين الأجر الكثير". وأضاف أنه"مما ينبغي أن يعتني به المسلمون، التسابق في هذا المجال لأن نفعه يستمر بعد ممات الانسان كما في الحديث:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، وولد صالح يدعو له، وصدقة جارية"يبقى له الأمر كما أنه حي يسري له عمله ويسير أثره، ومن شكر الله- جل وعلا- على ما أولاه من مال وأعطاه من نعم فبذله في هذا السبيل، فإن ذلك من أسباب زيادة النعم عنده وشكر الله -جل وعلا - له يقول: وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم". ثم القيت كلمة المشاركين في الندوة ألقاها فضيلة القاضي في المحكمة الكبرى في الأحساء الشيخ عبدالباقي بن الشيخ محمد آل الشيخ مبارك قال فيها:"أحمد الله الذي جمعنا في هذا اليوم المبارك لأجل غاية نبيلة مباركة، هي التعاون على الخير والبر تحقيقاً لقول الله تبارك وتعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان. ووصف هذه المناسبة بأنها محفل علمي من أجل مرفق شرعي داعٍ إلى خير متصل وبر دائم كما أن فيه تعظيماً لشعيرة من شعائر الله تبارك وتعالى، تحقيقاً لقوله سبحانه: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب. وبين أن الوقف في الإسلام من الصدقة الجارية التي تدخل تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، بل إنه من الآثار التي تكتب للمسلم بعد وفاته كما قال سبحانه: إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم. وأشار إلى أن الإمام البخاري رحمه الله تعالى أفرد في صحيحه ثلاثة عشر باباً في الوقف وأحكامه وشروطه ومنافعه، ما يدل على عناية الشريعة الغراء ورعايتها هذا المرفق المهم. وقال:"لأن النفوس قد جبلت على الشح وحب المال فإن الترغيبات الشرعية تجعل من هذه التبرعات عبادة من أفضل العبادات وقربة من أجل القربات، وإن من فضل الله تبارك وتعالى على هذه الأمة أن جعل في الوقف براً وصلة للوالدين بعد مماتهما ولم يقصر برهما في حياتهما... وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسابقون إلى وقف ما يغنمون على رغم رغبتهم فيه وحاجتهم إليه". وأكد أن اهتمام ولاة الأمر في السعودية وعنايتهم الدائبة بهذا الجانب الشرعي المهم ليس بغريب عليهم، إذ ان الشيء من معدنه لا يستغرب، مشيراً إلى ما جرت عليه هذه الدولة المباركة منذ نشأتها في الاهتمام بالجوانب الشرعية الحيوية التي هي اساس من أسس ودعائم هذا البلد المبارك. وألمح الشيخ عبدالباقي إلى ما آلت إليه بعض الأوقاف التي عفا الزمن على كثير منها في مختلف مناطق السعودية بعد ان تخلى عنها أولياؤها. واقترح فضيلته أن تستثمر هذه الاوقاف المهجورة بطريقة شرعية تتناسب ومتطلبات العصر، وتكون في صورة عمل مؤسسي توزع أصوله على أسهم وحصص على أن يكون إخراج معيناتها متفقاً مع نصوص الواقفين، ليتحقق بذلك إحياء هذه الأوقاف المهجورة وحفظها من الضياع، إضافة إلى الاستفادة المثلى من عوائد استثماراتها.