هيئة الأدب تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من معرض المدينة المنورة للكتاب2025    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    "الإحصاء" تنشر الرقم القياسي لتكاليف البناء في المملكة لشهر يونيو 2025    الإبراهيم يجتمع مع وزيرة التخطيط والتنمية في جمهورية إثيوبيا    وزير الخارجية يُجري اتصالًا هاتفيًا بوزير خارجية إريتريا    هدف الهلال.. إيزاك يطلب الرحيل عن نيوكاسل يونايتد    وزارة الرياضة تخصص أندية الأنصار والخلود والزلفي وتفتح المجال لبقية الأندية    أمير حائل يُدشِّن 13 مشروعًا للطرق بالمنطقة    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    رسميًا.. فيرمينو ينضم إلى السد القطري    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    دول ومنظمات إسلامية وعربية تدين مصادقة الكنيست على فرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    أعيان صبيا يهنئون رئيس البلدية الجديد ويناقشون سبل التنمية    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    إدانة عربية إسلامية على مصادقة الكنيست الإسرائيلي بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    برعاية أمير الباحة تنظيم مسابقة الدرمحي لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية    الصندوق العقاري يودع مليارا و51 مليون ريال لمستفيدي برنامج الدعم السكني    أبوظبي تفتتح قريبًا أحد أكبر تجمعات التجارب الثقافية بالعالم    انطلاق فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن    رخصة "موثوق" لعبت دورا كبيرا في حماية السوق من الإعلانات الاحتيالية    اجواء شديدة الحرارة على معظم مناطق المملكة مع رياح مثيرة للاتربة    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين من الغرق أثناء ممارسة السباحة    ترامب يشترط فتح الأسواق الأوروبية أمام الشركات الأمريكية    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    أكدت تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.. "الموارد البشرية": تطوير برنامج الرعاية الاجتماعية المنزلية    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    موجز    328.2 مليار ريال استثمارات الأجانب    الوفد السعودي بدأ زيارته لدمشق.. اتفاقيات اقتصادية لدعم التنمية في سوريا    فرنبخشة يتغلب على الاتحاد برباعية في أولى وديات معسكر البرتغال    انطلاق بطولة الهيئات المفتوحة لرفع الأثقال في الرياض بمشاركة 94 لاعباً ولاعبة    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    الشهري ينال الماجستير بامتياز    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    بين ضغوط ترمب ومواقف متصلبة.. محادثات بين موسكو وكييف في إسطنبول    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    أواصر راسخة    «سلمان للإغاثة» يوزّع (840) حقيبة إيوائية في منطقتين بإقليم جامو وكشمير في باكستان    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    المبعوث الأميركي: المطلوب قرار من حكومة لبنان لحصر السلاح    القيادة تعزي رئيس بنغلاديش    "الشعفي" يُرزق بمولودته الأولى "سما"    تركي آل الشيخ يعلن فعاليات رياضية عالمية ضخمة في موسم الرياض المقبل    «سوار الأمان».. حلول ذكية في المسجد الحرام    هيئة مدينة مكة تُطلق أعمال المسح الاجتماعي الاقتصادي    أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب وأحداث الغوطة الشرقية!
نشر في الحياة يوم 27 - 08 - 2013

مات أهل الغوطة الشرقية بغاز السارين أو غيره، لا يهمّ، فقد قُتلوا غير آبهين بالسلاح الفتّاك الذي أفنى أرواحهم. أما الأحياء فمشغولون منذ انكشاف الجريمة بلغز تحديد السلاح الذي أودى بكل هذه الأرواح! بمعنى أن هناك موتاً معقولاً نوعاً ما وآخر غير معقول. هناك موت مهضوم وموت غير مهضوم. الشكل الذي يحدث فيه الموت يُحدّد للأسف شكل التعامل معه ومع حصوله. ويصير الموضوع شكل الموت وأداته وظروفه وليس الميتين فيه!
هكذا يبيّن لنا السجال المحتدم راهناً حيال مشاهد المجزرة المروّعة في الغوطة الشرقية. مجزرة، يبدو فاعلها مُحكماً، لأنه استطاع أن يقتل كل هؤلاء الناس من دون أن تسيل من دمهم قطرة واحدة. موتى من دون دم مسفوح! موتى من دون بشاعة ظاهرة. هكذا، اعتقدَ أنه موت أسهل وأقلّ وقعاً على العالم. هكذا، اعتقد ليتضح له ولنا أن هذا الموت الهادئ - بضعة صواريخ فقط - أشدّ فتكاً بالبصر والبصيرة من أي موت سبقه. هذه الطوابير من الموتى بالتكنولوجيا النقية أشدّ فتكاً وهولاً.
عندما قضى العشرات في قصف إسرائيلي بالخطأ على قرية قانا اللبنانية، أوقف شمعون بيريز، وكان في حينه رئيس الحكومة في إسرائيل، عمليته العسكرية ضد لبنان والتي سمّيت إسرائيلياً ب"عناقيد الغضب". أمر جيشه بالتوقف عن إطلاق النار! وانكفأ الجيش وسكتت مدافعه! لأنه رأى عاره بأم عينيه ورآه العالم صريحاً سافراً جرّ آلياته وخيبته من وجهه في مرآة قانا وعاد. فهل يوقف طُغاة الشام حربهم ضد الناس بعد هذه المجزرة! سؤال في الهواء لا أستبعد أن يجرّدوا عليه حملة مثلما بدأت حملتهم ضد غرافيتي كتبه فتيان درعا بعفوية الصبا على جدران حارتهم.
قد لا نتوقع شيئاً من طُغاة الشام، لكننا نتوقعه من العرب العائدين من الأندلس ومن العرب الذاهبين إلى الجنّة. وقد لا نتوقع شيئاً يُذكر من الغرب الذي لا يرى حتى الآن أي داع للتدخّل فقط لأن الضحايا غير مسيحيين. وقد درج هذا الغرب قبل اتضاح غربيته بالكامل على التدخل في شؤون الامبراطورية العثمانية كلما تعرض المسيحيون فيها للخطر أو بحجة تعرّضهم للخطر. عدم تدخلهم عنصري في أساسه مثلما هو تدخلهم في الشأن العربي عنصري ونفعي في معظم الأحيان.
لا يعدم العالم آليات تنظم تدخله في سورية لكن تنقصه الإرادة في ذلك. فالفصل السابع من نظام أساس مجلس الأمن ينصّ صراحة وبالتفصيل بنود 39-52 على كيفية القيام بذلك ومراحله وأشكاله وإمكانياته ومسوغاته. وفي الحاصل، في سورية ألف مسوّغ للتدخل المتعدد الأشكال. لكن العالم - محافل دولية ومنظمة الأمم المتحدة والمحاور العظمى ومجلس الأمن - لا يُريد، حتى الآن على الأقلّ، أن يتدخل على نحو يوقف هذا المشهد المروّع القادم من سورية والمرشّح لتوليد المزيد من المجازر بالغاز أو بالنار أو بالسلاح الأبيض. لماذا لا تُقام المناطق الآمنة مثلاً؟ لماذا لا يتم قصف مراكز الحكم ومفاصل القوة التي لا يزال النظام السوري مستحكماً فيها يوجّه ضرباته منها ذات الغوطة وذات الساحل؟ لماذا لا يتمّ تسليح الثوار العلمانيين أصحاب المشروع السياسي الديموقراطي بالسلاح النوعي على منظوماته كلها؟ لماذا لا يمنحون السوريين والسوريات فرصة الدفاع عن أنفسهم أمام الماكينة العسكرية للنظام وحلفائه من العراق وإيران ولبنان ومن غيرها؟ دفاع ممكن بالتسليح والدعم اللوجيستي والتدريب وما إلى ذلك من أشكال؟ لا تتدخلوا مباشرة، لكن زوّدوا الثوار على مزاجكم بالسلاح، وهو أضعف الإيمان!
مواد المحكمة الجنائية الدولية تشكل قاعدة أخرى للضغط على عصب النظام ورموزه. فلماذا لا يتم تفعيلها والاستناد إليها في محاصرة النظام ورموزه وكل جهة مساندة له في الداخل والخارج. أما تعريف أوروبا ل"حزب الله"منظمة إرهابية، فهو خطوة مبكية مُضحكة وجاءت بعد خراب القصير!
يُمكن الغرب بدوله ومنظماته العابرة للقارات أن يفعل شيئاً آخر لكنه لا يفعل، ليس لأنه مقيّد اليدين بمصالح واعتبارات كما يحاول تبرير تقاعسه، بل لأسباب في عمق نظرته وتوجهاته إلى الإنسان العربي وثقافته ومصيره. وهي نظرة استعلائية في أساسها. صحيح أنها ثقافة لا تدعو إلى الفخر أبداً، لكن قصورها الأخلاقي لا يبرّر القبول بالصمت والتواطؤ وحصول المشهد ذاته يوماً بعد يوم من موت رعاياها. موت السوريين في الغوطة الشرقية في هذا الشكل يتجاوز وسط هذا الكلام الفارغ حدود العبث إلى الحقيقة الموجعة بأن الإنسان أحطّ المخلوقات كما أسس فرويد، وليس أشرفها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.