نائب أمير الشرقية يستقبل قائد قوة أمن المنشآت في المنطقة    أمير المدينة المنورة يتفقد ميقات ذي الحليفة    اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية تجمع بالاتحاد الأوروبي    محافظ الخرج يتسلم التقرير السنوي لمكتب إلتزام جنوب الرياض الأول    فيصل بن خالد بن سلطان يكرم أوائل الطلاب والطالبات المتفوقين في تعليم الحدود الشمالية    عشرة آلاف زائر للمعرض الوطني القصيم    جوازات ميناء جدة الإسلامي تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من السودان    السعودية تحافظ على صدارة التصنيف الآسيوي لبطولات الاتحاد الآسيوي    السند: الرئاسة العامة وظفت التوعية الرقمية والوسائل التوعوية الذكية بمختلف اللغات    طريق وحيد للرياض وأبها للبقاء في "روشن"    أنشيلوتي: نستمتع بالأيام التي تسبق نهائي دوري أبطال أوروبا    إطلاق كود الطرق السعودي ليكون مرجعًا لجميع الجهات المنفذة للطرق بالمملكة    موعد مباراة نهائي كأس الملك بين الهلال والنصر    الترفيه يعلن عن إطلاق حملة تصحيحية لتراخيص المدن الترفيهية    المملكة تدين وتستنكر استهداف خيام النازحين الفلسطينيين في رفح    «الأرصاد»: السبت القادم أول أيام الصيف على مناطق المملكة    الذهب يرتد مرتفعاً والنفط والدولار مستقران    استقبال أولى رحلات الحجاج القادمين عبر ميناء جدة الإسلامي    صالات خاصة لحجاج "طريق مكة" بمطاري جدة والمدينة    استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة    إقامة ملتقى "نشر ثقافة الاعتدال وقيم التعايش والتسامح للوقاية من الفكر المتطرف ومعالجة آثاره" بتعليم القريات    التدريب التقني يرصد 38 مخالفة بمنشآت التدريب الأهلية في أبريل    مشاريع تنموية ب14.7 مليار ريال في مكة    إطلاق المسار النقدي لتجربة البدر الثقافية    السعوديات إخلاص وتميُّز بخدمة الحجاج    وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    عبيدالله سالم الخضوري.. 16 عاماً ملكاً على الكونغو    آل الشيخ يعزز التعاون مع البرلمانات العربية    المجفل سفيراً لخادم الحرمين لدى سورية    مملكة الإنسانية وصحة الشعوب    5 من أمراض المخ ترتبط بتغير المناخ    فريق طبي بمستشفى عسير يُنقذ حياة أربعيني تعرّض لطلق ناري في الرقبة    الأمن المدرسي    العمودي والجنيد يحتفلون بناصر    أمير الرياض يرعى الاحتفاء بالذكرى ال 43 لتأسيس مجلس التعاون الخليجي    الغربان تحصي نعيقها    رابطة اللاعبين تزور نادي العروبة    أخضر الشاطئية يتأهل لربع نهائي البطولة العربية    أجيال المملكة والتفوق صنوان    كي تكتب.. عليك أن تجرِّب    "سناب شات" تضيف عدسات الواقع المعزز لكروم    ضريح في جزيرة يابانية لتكريم القطط    ولادة ثلاثة وعول في منطقة مشروع قمم السودة    وصول أولى رحلات مبادرة طريق مكة من المغرب    حلقات تحفيظ جامع الشعلان تكرم 73حافظا    وجهة الابتكار    إدارة تعليم عنيزة تدشن مبادرة التسجيل في النقل المدرسي    12 ألف حاج تلقوا خدمات صحية في المدينة المنورة    عليهم مراجعة الطبيب المشرف على حالتهم.. «روشتة» لحماية المسنين من المشاكل الصحية في الحج    اكتشاف دبابير تحول الفيروسات إلى أسلحة بيولوجية    أفكار للتدوين في دفتر (اتحاد الإعلام الرياضي)    بيت الاتحاد يحتاج «ناظر»    أسرتا السليمان والزعابي تتلقيان التعازي في فقيدهما    أتعمية أم خجل.. يا «متنبي» ؟    الشغف    تعيين أول سفير سعودي لدى سوريا منذ 2012    سمو أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة الثامنة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك    أكد حرص القيادة على راحة الحجاج.. أمير الشمالية يتفقّد الخدمات في« جديدة عرعر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الأردن ... النظام يقوض النظام
نشر في الحياة يوم 15 - 09 - 2012

تتعمق الأزمة السياسية - الاقتصادية في الأردن بعدما كشف الحراك المطالب بإصلاح النظام ومحاكمة الفساد عمق أزمة إدارة الدولة. السؤال الشائع هذه الأيام:"لماذا يصر النظام، رمز وحدة الأردنيين المنقسمين عمودياً وعنوان الأمن والاستقرار في محيط ملتهب، على إيذاء نفسه بنفسه؟".
مظاهر الاحتجاج والإضرابات التي تشل قطاعات حيوية وتكبّد الاقتصاد والخزينة خسائر بالملايين فيما أرتال الدرك المستنفر أضحت سمة يومية تصبغ خريطة البلاد من شمالها إلى جنوبها، على وقع ارتفاع سقف الشعارات المستفزة وتوقيف نشطاء أمام محاكمات مبرمجة.
يتعمق الانطباع السائد بأن الدولة شرعت بتطبيق خطة متكاملة لضرب الحراك ولجم الحريات وكمّ أفواه بقايا الإعلام المستقل مع الميل لتغليظ الأمن ضد المعارضة. تساعدها في ذلك رغبة غالبية الأردنيين في تحاشي مرور بلادهم بتجارب مريرة تعصف بالسلام المجتمعي والأمان على غرار دول التحول المجاورة.
مقابل ذلك، يظهر تساهل مرعب حيال مظاهر قبلية تتحدّى سلطة القانون وتشل قدرة المسؤولين على اتخاذ القرار تحت التهديد أو الضرب وقطع الطرق والاعتداء على مؤسسات وحرق إطارات واستخدام السلاح.
الشارع الأردني يتغير بسرعة، ويزداد تشنجاً تجاه السلطة بعد أن كسر التغيير الذي يعصف بالعالم العربي حاجز الخوف إلى الأبد وأجج مطالب بالعدالة والحرية ومحاكمة رموز الفساد، أقلّه منذ تولي عبدالله الثاني سلطاته الدستورية عقب رحيل والده الملك الحسين بن طلال عام 1999.
إزاء ذلك، يتشبّث أصحاب القرار بالنهج السياسي العتيق في إدارة الأزمات المركبة، وكأنهم منسلخون عن الداخل والإقليم، ومن دون اكتراث بمآلات جهود رسمية وأهلية لتشجيع الأردنيين المشكّكين على التسجيل للانتخابات المقرر إجراؤها مبدئياً أواخر 2012. ويواصلون استخدام الأدوات العرفية ذاتها، بما فيها تمرير قوانين عبر برلمان مطواع آخرها قانون لمحاربة المواقع الإلكترونية يضع الأردن في درك دول معادية للحريات كالصين وسورية. وقبل ذلك فرضوا قانون انتخاب إقصائياً بهدف ضرب نفوذ"الإخوان المسلمين"، ما وسّع دائرة المقاطعة للعملية الانتخابية.
مساء الجمعة 5 أيلول سبتمبر، رفعت الحكومة فجأة أسعار الوقود ليشتعل غليان الشارع مجدداً كاسراً هدوءاً مريباً لبضعة أسابيع، وليطلب 88 نائباً سحب الثقة في الحكومة قبل أن يتدخل الملك لتجميد القرار. وإزاء هذه الفوضى، ترشح تسريبات بأن القصر يفكر في تغيير حكومة د. فايز الطراونة، الرابعة منذ مطلع 2011، وحل مجلس النواب استعداداً لإجراء الانتخابات بإشراف حكومة انتقالية. تغيير قيادات التنفيذية وحل التشريعي قد يساهم قليلاً في لملمة الوضع المنفلت، لكنه لن يوقف مسار الانحدار السريع.
ذلك أن باب الإصلاح السياسي المشرع على نصفه وفق هوى صانع القرار، لن يتحرك ما لم ترافق هذا الرحيل تغييرات نوعية في النهج السياسي وآلية تشكيل الحكومات، سن مشروع قانون انتخاب توافقي وفك التداخل بين السلطات وكف يد السلطة عن الإعلام.
الاكتفاء بتغيير الأشخاص يعني البقاء في مربع الأزمات الداخلية. هذا المسار دفع أحد المتظاهرين لرفع شعار تهكمي:"النظام يريد إسقاط النظام".
إجراء انتخابات على أساس قانون الصوت الواحد وإضافة مكياج القائمة الوطنية مع الإبقاء على تقسيمات الدوائر الانتخابية الضيقة لن يصلحا قواعد اللعبة السياسية البالية، أو يترجما عشرات الوعود الملكية منذ بدء"الربيع الأردني"، ما بات يمس صدقية النظام.
فهل يستمع صاحب القرار الأوحد الآن لأصوات تختلف عن البطانة المحيطة به، وغالبيتها تصر على إنكار الحال وتراهن على فشل الربيع العربي. بل تمعن في استهداف الحراك وتقسيم الناس إلى موالٍ ومعارض، تضرب الوحدة الوطنية، وتتحايل لإغلاق ملفات الفساد وجعل غالبية الأردنيين تدفع ثمن إنقاذ الاقتصاد من ورطة ديون داخلية وخارجية تراكمت بفعل سوء الإدارة والفساد. وهل يقبل"الإخوان المسلمون"بالمشاركة لا المغالبة لتبديد مخاوف أردنيين بأنهم يبطنون مطامح للاستفراد بالسلطة، متى وصلوا إلى مجلس النواب على صهوة قانون يصرون على تفصيله على مقاسهم.
أزمة الإدارة لن تتزحزح طالما بقيت ثلاثة مراكز قوى تتصارع على الولاية العامة: حكومة علنية ضعيفة وحكومتا القصر والاستخبارات. ووفق قواعد اللعبة الحالية، سيخرج مجلس نيابي شبيه بسابقيه في 2007 و2010"محافظ تقليدي وعشائري ناقص التيار الإسلامي، الأكثر تنظيماً ونفوذاً في الشارع وفي غياب كتل جدّية قد تشكّل نواة لمشاريع أحزاب وطنية مستقبلية. مجلس كهذا لا يمثل غالبية مكونات المجتمع سيكون عبئاً على النظام السياسي. وسيظل"الإخوان المسلمون"وشباب الحراك في الشارع لمعارضة كل شاردة وواردة. وسيطعن الناس في شرعية المجلس عند أول أزمة داخلية. هكذا، ستهدر فرصة حقيقية لتشكيل أول حكومة برلمانية مدعومة من الكتل القويّة داخله.
مجلس ضعيف سيعوق أي خطّة حكومية مستقبلاً لاستكمال إصلاحات اقتصادية تماشياً مع معايير صندوق النقد الدولي، تمهيداً لنيل قرض ال2 مليار دولار"وعمادها رفع أسعار الكهرباء والديزل والماء وتغيير النظام الضريبي. وكل ذلك يعني استحالة سنّ تشريع"من أين لك هذا؟"لوقف الفاسدين مستقبلاً.
على أن رحيل الحكومة والنواب قد يوفر"طوق نجاة"للنظام السياسي في حال ترافق مع قرارات جريئة"منها إعادة تعديل قانون الانتخاب على أساس الصوتين وثالث للقائمة الوطنية وتوسيع الدوائر الانتخابية لقطع الطريق على المال السياسي.
والأمل معقود على الملك في أن يقلب الطاولة على رؤوس مستشاريه في ربع الساعة الأخير وينحاز إلى مطالب غالبية شعبه. ويبدو أن عبدالله الثاني قرّر إناطة مهمة صوغ قانون انتخاب واستكمال الإصلاحات بالمجلس المقبل. لكن التجارب من حولنا أثبتت أن الاتكاء على العصا وتخويف الناس لن يجلبا الأمن والاستقرار المنشود. كما أن مشاهد تدوير الزوايا باتت أقرب ما تكون إلى مسرح العبث. فمتى يخرج الأردنيون من الدوائر المغلقة صوب طريق واضحة المعالم؟
* صحافية أردنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.