فيما أظهرت الأرقام الأولية لنسب المشاركة في الانتخابات تدني الاقبال العربي مقارنة بالانتخابات الماضية، يتنافس للمرة الأولى خمسة مرشحين من الطائفة الدرزية في مقاعد مضمونة تقريباً، يتوزعون على لوائح أحزاب اسرائيلية مختلفة من"اسرائيل بيتنا"المتطرف المعادي للعرب بقيادة افيغدور ليبرمان الى حزب"التجمع العربي الديموقراطي"المدافع عن الهوية العربية. ويشكل هذا العدد أكبر نسبة تمثيل في اسرائيل نظراً إلى أن الطائفة الدرزية المنتشرة في الجليل الأعلى لا تعد أكثر من مئة ألف نسمة من بين حوالي سبعة مليون اسرائيلي، في حين يبلغ عدد الناخبين الاسرائيليين حوالي خمسة ملايين. ومن أبرز المرشحين الدروز سعيد نفاع، مرشح المقعد الثاني في حزب"التجمع الديموقراطي"الذي اسسه عزمي بشارة، والمطالب بدولة ثنائية القومية. وان كان فوز نفاع متوقف على نسبة مشاركة العرب في الانتخابات، فإن مقعد المرشح الدرزي مجلي وهبي نائب وزيرة الخارجية تسيبي ليفني والمرشح الى المقعد الحادي والعشرين في قائمة"كاديما"، من المقاعد المضمونة. وهناك المرشح أيوب قرا للمقعد الحادي عشر في حزب ليكود بزعامة بنيامين نتانياهو، وانتخابه أيضاً مضمون، وكذلك مقعد شكيب شنان المرشح للمقعد السادس عشر في حزب العمل. وتتوقع الاستطلاعات أن يفوز كل من كاديما وليكود بحوالي 25 مقعداً، في مقابل 17 مقعداً لحزب"العمل". لكن الدرزي الخامس المثير للجدل هو حمد عمار المرشح للمقعد الثاني عشر في حزب"اسرائيل بيتنا"بزعامة افيغدور ليبرمان اليميني المتطرف الذي يطرح أفكاراً معادية للعرب ويصل الى حد تبني فكرة"الترانسفير القومي". وتتوقع الاستطلاعات أن يحقق حزب ليبرمان المتطرف المتحدر من أصول روسية اختراقاً غير مسبوق في الانتخابات في حملة مركزة ضد الأقلية العربية شعارها"لا مواطنة من دون ولاء". وإذا صحت آخر الاستطلاعات، فإن حزبه سيأتي في المرتبة الثالثة لجهة القوة السياسية في البلاد بحصوله على حوالي 20 مقعداً. ويرى معارضوه أنه متطرف"فاشي"و"عنصري"يمثل خطراً على أكثر من مليون ومئتي الف عربي فلسطيني من سكان البلاد. واعتذر المرشح حمد عمار عن الإدلاء بأي تصريح ل"فرانس برس"في شأن تمثيله في حزب يدعو الى ترحيل العرب، طالباً الاتصال بالناطق باسم الحزب. بدوره، قال الناطق باسم الحزب إنه لا يستطيع الحديث الا بعد الانتخابات. وقال سكرتير المبادرة الدرزية الداعية الى الغاء التجنيد الاجباري في الجيش الاسرائيلي والكف عن التدخل في الشؤون القومية والدينية للطائفة، جهاد سعد إن"كل الاحزاب الصهيونية تعمل على فصلنا عن شعبنا والتفرقة بين المسلم والمسيحي والدرزي". وأضاف في تصريح ل"فرانس برس"أن"حزب ليبرمان خطر على الديموقراطية كونه حزباً عنصرياً فاشياً". وتابع أن"الشارع الدرزي لا يقبل حزباً مثل حزب ليبرمان، ولكن ثمة أفراد لهم مصالحهم الفردية يتعاملون معه للحصول على وظائف". وقال إنه"حتى الآن لم يقم أي عضو كنيست مع الأحزاب الصهيونية بفتح مصانع أو تطوير البنية التحتية أو وقف مصادرة الاراضي في القرى الدرزية التي صودرت 90 في المئة من أراضيها". أما رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة تل أبيب أمل جمال فقال لوكالة"فرانس برس"إن"اسرائيل نجحت خلال السنوات الماضية في سلخ الطائفة الدرزية عن محيطها وتاريخها العربي الفلسطيني من خلال فرض التجنيد العسكري على أبنائها عام 1956، والصاقها بمؤسسات العمل الأمنية، ولكنها لم تستطع النجاح في خلق هوية جديدة من خلال فصل جهاز التعليم الدرزي عن العربي عام 1975، بما سموه المنهاج التعليمي الدرزي". ويرى جمال"أن هدف الاحزاب الصهيونية من تمثيل الدروز في صفوفها هو زيادة الشرذمة داخل الطائفة نفسها". وقال إن"التمثيل الدرزي بالنسبة إلى الاحزاب الاسرائيلية يعني كذلك تمثيلاً عربياً يشرع عمل مؤسسات الدولة المختلفة". وقال الصحافي زياد معدي في صحيفة"الصنارة"في الناصرة:"لا شك في أن عدداً من أبناء الطائفة الدرزية لا ينظرون للامور من منظور ايديولوجي، وانما عبر المصالح الشخصية الضيقة، ومن ينجر وراء الاحزاب الصهيونية في شكل عام واليمينية العنصرية في شكل خاص، فلا تهمه طائفة أو مجتمع وانما مصلحته الضيقة". وتابع زياد معدي أن"اسرائيل نجحت في خلق تشويه للهوية الدرزية وجعل الطائفة العربية طوائف، كما نجحوا مع البدو بتجنيدهم". وأشار الى أن"عدد السكان الدروز مئة الف ومن يحق لهم التصويت حوالي 50 الفاً. وهذا العدد لا يؤهل للحصول على مقعد واحد في الكنيست الذي يحتاج الى 70 ألف صوت هي نسبة الحسم، ولكنهم بذلك يؤكدون للاقلية العربية أن تجنيدكم يعطيكم تمثيلاً أكبر". وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية يوم أمس متدنية بين الأقلية العربية داخل اسرائيل، بعد ثلاثة أسابيع من الحرب على غزة. وقال فاتن غطاس رئيس طاقم يوم الانتخابات في"الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة"، احدى القوائم العربية الثلاث المشاركة، إن النسبة بلغت 21 في المئة في الثالثة بعد الظهر بتوقيت اسرائيل. وتقل هذه النسبة كثيراً عن النسبة العامة التي بلغت 34 في المئة، وفقاً للجنة العامة للانتخابات في الساعة الثانية بعد الظهر بالتوقيت المحلي. وتوقعت اللجنة أن ترتفع النسبة العامة الى 68 في المئة مع اقفال الصناديق. وأفادت استطلاعات الرأي أن مشاركة الأقلية العربية ستكون أدنى من السابق بسبب الاستياء من الحرب على غزة التي جعلت العرب يشعرون بأن وجودهم ليس له أي تأثير في السياسة الاسرائيلية. وعادة ما تكون نسبة المشاركة العربية أدنى من النسبة العامة. فقد بلغت 56 في المئة عام 2006، مقابل نسبة عامة من 63.5 في المئة. وكانت استطلاعات الرأي توقعت أن تتدنى المشاركة في الانتخابات البرلمانية الثامنة عشرة في اسرائيل الى مستوى قياسي. ويعتقد بأن أحزاب اليمين المتطرف تستفيد من تدني نسبة المشاركة، مثل حزب"اسرائيل بيتنا"بزعامة افيغدور ليبرمان. نشر في العدد: 16749 ت.م: 11-02-2009 ص: 11 ط: الرياض