وسّع المرشح الديموقراطي باراك أوباما الفارق عن منافسه الجمهوري جون ماكين بنسب غير مسبوقة منذ بداية الحملة الوطنية، مستفيداً من الأزمة الاقتصادية وأخطاء حملة السناتور الجمهوري ونائبته سارة بايلن في مرحلة حاسمة من السباق. وقبل نحو خمسة أسابيع من موعد التصويت، أعطى استطلاع"غالوب"أوباما القفزة الأكبر على ماكين منذ تسميته مرشحاً لحزبه في حزيران يونيو الماضي بنسبة ثماني نقاط، مع تصدر الوضع الاقتصادي همّ الناخبين، وإعطائهم الأفضلية للمرشح الديموقراطي وأدائه خلال مناظرة يوم الجمعة الفائت. وأظهر استطلاع لشبكة"سي أن أن"أن 51 في المئة اعتبروا أن أوباما تفوق في المناظرة مقابل 38 في المئة لماكين، كما انعكس هذا التحول باتجاه المرشح الديموقراطي في استطلاعات الولايات، وتقدم أوباما في سبع ولايات حاسمة، وما مجموعه 301 كلية انتخابية 270 مطلوبة للفوز، مقابل 237 لماكين. وتوجهت حملة أوباما غرباً الى ولاية كولورادو أمس، التي يحتاج اليها المرشح الى جانب ولايات أخرى غير محسوبة تقليدياً للديموقراطيين، مثل فيرجينيا، وبسبب تقدم ماكين في ولايات الحسم المعروفة، مثل فلوريدا وأوهايو. وعقد ماكين تجمعاً انتخابياً ضخماً في أوهايو بمشاركة نائبته. الا أن أخطاء ساره بايلن أخيراً، والتسريبات من تحقيق رسمي حول قبولها هدايا ومعاملة خاصة خلال توليها حاكمية ألاسكا، لم تساعد الحملة الجمهورية. كما أثارت تصريحات المرشحة لشبكة"سي بي أس"عن أن مؤهلاتها في السياسة الخارجية تتضمن موقع ألاسكا على الحدود الروسية، وعجزها عن تسمية انجاز واحد لماكين، وردها على السؤال بالقول:"سأتابع هذا الأمر قبل العودة بجواب"، الريبة في صفوف الناخبين، وأعادت الشكوك حول استعدادها لتولي المنصب أو القيادة في حال حدوث أي طارئ لماكين. وسيكون يوم الخميس المقبل محورياً في السباق، وهو تاريخ عقد مناظرة المرشحين لمنصب نائب الرئيس، ساره بايلن وجوزيف بايدن، في ولاية كنساس. وتعمل حملة أوباما على إخضاع بايدن لتدريبات خاصة للمناظرة من جانب شخصيات ديموقراطية نسائية، مثل حاكمتي ميشيغان وأريزونا، وإعطائه ملاحظات حول كيفية مخاطبة بايلن وتفادي اهانة الشريحة النسائية بين الناخبين. ورأى المعلق دان بالز من صحيفة"واشنطن بوست"أن الأزمة الاقتصادية ساعدت أوباما الى حد بعيد، وأن التحدي اليوم هو أمام ماكين"لتغيير الموضوع"والعودة الى السياسة الخارجية أو الأمن القومي، واللذين يحتل فيهما مكانة أفضل. وسيعتمد كثيراً على ردود الفعل من الخطة الانقاذية التي تم صوغها في الكونغرس وطريقة تعامل الأميركيين مع مضمونها. وشبّه أوباما أمس رد ماكين على الأزمة الاقتصادية برد ادارة الرئيس جورج بوش على اعصار كاترينا. وقال إن المرشح الجمهوري"لم يفهم العاصفة التي ضربت وول ستريت، وأنها ضربت معه بيوت الأميركيين، لهذا، كان رده كرد الادارة على كاترينا". ورفضت حملة ماكين انتقادات أوباما واعتبرت على لسان مناصره السناتور جوزيف ليبرمان، أن أوباما يستخدم الأزمة لأغراض سياسية، وأن المرشح الجمهوري أجرى 17 اتصالاً يوم السبت الماضي مع مشرعين في الكونغرس ووزير الخزانة هنري بولسون، تمهيداً لتسهيل فرص إبرام خطة الانقاذ. ووقع أكثر من مئتي ديبلوماسي أميركي سابق على بيان أعلنوا فيه عن دعمهم أوباما، لأنهم اعتبروا أن انتخابه يوفر مصلحة لأمن أميركا والعالم. وجاء في البيان:"ندعم السناتور باراك أوباما بسبب حكمته وخبرته وقدرته على إلهام الشعب للتوحد حول هدف مشترك، فمواهب السناتور أوباما توفر فرصة تاريخية، ومن أجل مصلحة أمن أميركا والعالم لا بد من اغتنام هذه الفرصة". وورد أيضاً في البيان، الذي وقعه مسؤولون من كلا الحزبين السياسيين الرئيسين، أن السياسات الخارجية التي اعتمدتها إدارة الرئيس الأميركية جورج بوش قلصت من تحالفات أميركا في الخارج. وتخلت صحيفة أميركية، تصدر في مدينة ستوكتون في ولاية كاليفورنيا، عن دعم الجمهوريين حصراً على مدى 72 عاماً، وأعلنت عن دعم أوباما. ففي مقالة افتتاحية، أعلنت صحيفة"ذي ريكورد"الأميركية عن دعمها السناتور أوباما وليس منافسه الجمهوري، لأنه"أثبت أنه سيفكر في الأمور ملياً ويبحث عن المشورة ويستمع إليها". وجاء في الافتتاحية أيضا:ً"أوباما متحدث موهوب، لكن إلى جانب ذكائه وطاقته، فإن موهبته الفضلى هي قدرته على الإلهام". يشار إلى ان"ذي ريكورد"، التي لم تؤيد أي مرشح رئاسي في انتخابات العام 1992، دعمت الجمهوريين في كل الانتخابات الرئاسية منذ العام 1940.