تعتزم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما طرح خطة لإنعاش الاقتصاد الأميركي، قد تصل قيمتها إلى 850 بليون دولار، منذ الأيام الأولى لتولي أوباما السلطة رسمياً في 20 كانون الثاني يناير، إذ يُعتبر الوضع الاقتصادي أولى أولويات الديموقراطيين في البيت الأبيض والكونغرس. وأعلن زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس النواب ستيني هوير خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، ان خطة الإنعاش ستكون"الأولوية الأولى خلال الأيام المئة الأولى"من عهد الكونغرس الجديد حيث عزز الديموقراطيون غالبيتهم. وحذر أوباما في مؤتمر صحافي من انه"إذا لم نعتمد مقاربة جريئة, فقد يواصل الاقتصاد تراجعه في شكل سريع، وهذا غير مقبول بنظري ولا اعتقد انه مقبول بنظر الشعب الأميركي". ورفض تحديد أرقام لكنه أوضح انه على استعداد لزيادة العجز من اجل إخراج الاقتصاد الأميركي من المأزق, موضحاً انه بعد انتعاش الاقتصاد سيعمد إلى تصحيح المالية العامة. وأوردت الصحف الأميركية ان فريق اوباما الاقتصادي يعد خطة إنعاش تتراوح قيمتها بين 675 و775 بليون دولار، ويمكن ان ترتفع إلى 850 بليوناً, فيما ذكرت بعض الصحف مبلغاً يصل إلى ألف بليون دولار. وقالت الخبيرة الاقتصادية في معهد"بروكينغز للدراسات"مديرة الموازنة في عهد بيل كلينتون آليس ريفلين،"إننا في حاجة إلى خطة إنعاش للنهوض بالاقتصاد، أو على الأقل الحد من الأضرار". وأضافت"سيكون الانكماش شديداً جداً، واعتقد ان افضل ما يمكن ان نأمل به على المدى القريب، هو الا يتفاقم الوضع، ولن تتحسن الأمور سريعاً حتى باعتماد خطة إنعاش واسعة النطاق". وبعد إقرار خطة الإنعاش, يعتزم الديموقراطيون في الكونغرس إنجاز قانون مالية 2009، وإقرار التخفيضات الضريبية للطبقات الوسطى، التي وعد بها المرشح أوباما، والشروع في إصلاح نظام الرعاية الصحية. ولن يدرس أعضاء مجلسي الكونغرس الجديد، الذين سيبدأون دورة جديدة منذ الأسبوع الاول من كانون الثانييناير، فعلياً هذه الملفات الا بعد إحراز تقدم كبير على صعيد إعداد خطة الإنعاش، بهدف طرح مشروع قانون عند انتقال أوباما إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني. غير ان التصويت على مثل هذا المبلغ الطائل قد يحد من الحماسة بما في ذلك في صفوف الديموقراطيين. وقالت ريفلين بهذا الصدد ان"الديموقراطيين المحافظين على الصعيد الضريبي، وأنا منهم سيكونون أكثر ميلاً إلى التفاوض في شأن خطة إنعاش اقل كلفة". ودعت إلى وضع"خطتين, أو حتى ثلاث خطط"، وتضمين شريحة أولى من الخطة النفقات الواجب صرفها على وجه السرعة لإنعاش قطاع الوظائف، كدفع مبالغ إلى الولايات مثلاً، للسماح لها بإصلاح بناها التحتية وشبكات طرقاتها، ما سيوجِد وظائف في شكل فوري. وحذرت من ان البنى التحتية الواجب إنشاؤها ستستغرق المزيد من الوقت. وأصدر الرئيس جورج بوش في مطلع 2008، خطة إنعاش بقيمة 168 بليون دولار اقرها الكونغرس بصعوبة. وطالب القادة الديموقراطيون في الكونغرس في شكل متزايد منذ اندلاع الأزمة المالية في الولاياتالمتحدة في أيلول سبتمبر بإقرار خطة إنعاش اقتصادي ثانية, لكنهم اصطدموا برفض إدارة بوش. بايدن حذّر من ركود تام وحذّر نائب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أمس من أن"الاقتصاد الأميركي يواجه خطر الركود التام". ونقلت شبكة"اي بي سي"الإخبارية الأميركية عنه قوله ان"الاقتصاد الأكبر عالمياً قد يحتاج إلى رزمة حوافز جديدة تراوح قيمتها بين 600 و700 بليون دولار". ورأى أن"أهم عمل تقوم به الإدارة الأميركية المقبلة هو البدء بالحدّ من النزف في الوظائف وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين". وأضاف أن"حال الاقتصاد أسوأ بكثير مما اعتقدنا وليس أمامنا إلا الحؤول دون إصابته بالركود التام، فهذا هو الطريق المختصر الوحيد". وأوضح أنه بحث مع مسؤولين ديموقراطيين وجمهوريين في رزمة حوافز"كبيرة وجريئة". وتابع:"ان كل من تحدثت إليهم في الإدارة الجديدة يوافقون الخبراء الاقتصاديين الكبار آراءهم، وسيكون هناك استثمار كبير ومهم إن بقيمة 600 بليون دولار أو أكثر، وهو رقم لم يخطر على بال أحد قبل سنة". بوش الى ذلك، دافع الرئيس الأميركي جورج بوش عن قراره تقديم مساعدة مالية من الدولة إلى الشركات المنتجة للسيارات، مؤكداً ان إفلاساً غير منضبط لهذه الشركات، يمكن ان يدفع الولاياتالمتحدة إلى ركود أعمق. وقال بوش في خطابه الإذاعي الأسبوعي:"كنا نتمنى كلنا الا تكون الإجراءات التي اتخذتها ضرورية. لكن نظراً للوضع, إنها الطريقة الأكثر فاعلية ومسؤولية لمواجهة التحدي الذي يمثل أمام بلدنا". وأضاف:"نظراً للوضع الحالي لصناعة السيارات, يعتقد مستشارونا الاقتصاديون ان الإفلاس سيؤدي إلى انهيارها، ويدفع اقتصادنا إلى ركود أطول وأعمق". وقد يواجه بوش بإعلانه عن تقديم قروض يمكن ان تصل إلى 17.4 بليون دولار، إلى شركات انتاج السيارات مقابل خطط لإصلاحها في العمق في موعد أقصاه 31 آذار مارس 2009, انتقادات من الذين يعارضون تدخل السلطة العامة في القطاع الخاص، واستخدام أموال دافعي الضرائب لهذه الأهداف. الا ان بوش أكد ان هذه الشركات يجب ان تعيد الأموال وتثبت أنها قادرة على الاستمرار, معتبراً أنها"قادرة على ذلك". وحذر من ان"إعادة الهيكلة هذه تتطلب تنازلات كبيرة من كل المشاركين في صناعة السيارات، الإدارات والنقابات والدائنين والمساهمين". وأشار بوش إلى"انه الوقت المناسب لاتخاذ القرارات الصعبة لتصبح هذه الشركات قادرة على الاستمرار وإلا الخيار الوحيد المتبقي سيكون إعلان إفلاسها". نشر في العدد: 16697 ت.م: 21-12-2008 ص: 24 ط: الرياض